السيد نزيلي

 

الحديث عن الشهيد كمال السنانيري يفرض نفسه في هذه الأيام، والكلام عن خصائصه النفسية وصفاته وشمائله الخلقية يصبح واجبًا لازمًا على كل من خالطه وعاش معه أن يكشف عن بعض جوانب شخصية هذا الرجل الفريد المتميز.

 

وربما يغيب عن الكثيرين حتى من العاملين في إطار الحركة الإسلامية خاصة الشباب منهم.. أقول يغيب عنهم إبراز الصفات العامة لشخصية بعض مَن سبقونا في طريق الدعوة، وقد يكون ذلك ناتجًا عن زهدنا في الحديث عن الأشخاص، وما قد يكون في ذلك من عجب ربما يؤدي إلى عدم قبول الأعمال وإحباطها.

 

وإذا كان النهي عن ذلك يكون للأحياء فإن الأحياء لا تؤمن عليهم الفتنة، ولكن هذا الحذر يجب أن يُرفع بالنسبة للذين لقوا الله وهم على الحق ثابتون، غير مفرطين ولا مبدلين ولا مضيِّعين، ومع ذلك فإن أدبيات الجماعة تفتقد الكتابةَ في التراجم الشخصية أو السير الذاتية للسابقين على طريق الدعوة، ممن يحقُّ أن يكونوا قدوةً حسنةً وأسوةً طيبةً للأجيال المتعاقبة.

 

ولعل الشهيد كمال السنانيري يُعتبر في ذاته ظاهرةً فريدةً متميزةً، في جيله الفريد الذي تربَّى على يد الشهيد حسن البنا.. كل هذا الجيل كان مباركًا، مستمسكًا بالحق، يحب الله ورسوله وعباده الصالحين، يأخذ نفسَه بالعزيمة، ويصلح نفسه قبل أن يدعو غيره، يعلم أن مدار التغيير الحقيقي للواقع البائس للمسلمين اليوم إنما يبدأ بتغيير النفوس؛ وفقًا لمقتضى مراد الله سبحانه، ووفقًا لمنهجه والنزول على شرعه.

 

كما أن السنانيري تربَّى في هذه المدرسة العظيمة، وشرب من منهلها العذب، وظهرت آثارها على أخلاقه وتصرفاته وسلوكه.

 

ويمكننا أن نشير إلى المرتكزات الأساسية التي تحدد معالم شخصية الشهيد السنانيري في النقاط الآتية:

- أنه رحمه الله كان ربانيًّا، محبًّا للإسلام في صورته الشاملة التي تعلمها في مدرسة البنا، كان كثير العبادة كثير الذكر، يلزم نفسه بأخلاق الإسلام في كل شأن من شئونه، يذكِّرك بالله عز وجل إذا نظرتَ إليه، ما بينه وبين الله عامر، وحبله موصول بالله..

 

- ولقد أسعدني القدر أن أعايشَه مع مجموعة من جيلي في قضية 1965، عندما تم نقلُنا من سجن طرة إلى سجن قنا في عام 68؛ حيث كان هناك البقية الباقية من قضايا الإخوان منذ عام 54، 1955 الذين لم يُفرَج عنهم، ومر عليهم ثلاثة عشر عامًا في السجون، وعلى رأسهم الأستاذ عمر التلمساني، والشيخ أحمد شريت، والأستاذ السيد حامد أبو النصر، واللواء صلاح شادي، والأستاذ محمد العدوي، والمهندس محمد شاكر خليل، وغيرهم ممن لقوا الله.. نسأل الله أن يلحقنا بهم في الصالحين.. كما كان معهم كذلك الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام الحالي للإخوان المسلمين، والأستاذ الفنان التشكيلي علي نويتو، والأستاذ أبو الفتوح عفيفي، والأستاذ عبد السميع عفيفي، والأستاذ عباس عبد السميع، وغيرهم.. نسأل الله أن يبارك في أعمارهم، وينفع بهم الإسلام والمسلمين.

 

أقول كان المرحوم كمال السنانيري من هذا الجيل العظيم الذين ﴿صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ (الأحزاب: من الآية 23).

 

- ولكل من هؤلاء سمات وخصائص تميِّزه عن غيره، وقد يلتقون جميعًا في صفات عامة تميِّز مجتمع الإخوان عن غيرهم، مثل الجدية والعزيمة الماضية والصدق في القول والإخلاص في العمل، والحب الذي يلف كل جوانب حياتهم، والبذل والتضحية والإيثار..

 

- وإذا قلنا إن من أبرز سمات شهيدنا كمال السنانيري الربانية فإن ذلك كان واضحًا في جميع مجريات حياته.. في أقواله وأفعاله.. في