سيد نزيلي

 

بقلم: سيد نزيلي

نرصد في هذه الأيام هجومًا شرسًا على الإخوان المسلمين.. وادعاءات باطلة عليهم ورميهم باتهامات وأقاويل يعلم الله وحده براءتهم منها.. وترفعهم عنها، وارتفاعهم فوق السفاسف، وانشغالهم بمعالي الأمور وانصرافهم تمامًا للعمل لدعوتهم وتمكينها من نفوس الناس.. وإصلاح هذه النفوس واستقامتها وفق مقتضيات شرع الله عز وجل وكثيرًا ما نرى الإخوان يبتعدون عن اللجاجةِ في الحديث.. والرد على كلِّ مَن هبَّ ودبَّ.. وتفنيد حجج المهاجمين.. الذين لا يتورعون عن اختلاقِ الأكاذيب وتلفيق التهم وبث الفتن ومحاولة إعاقة مسيرة الإخوان الإصلاحية والأخذ بيد الأمة نحو رفعةِ شأنها وعلو قدرها واستقامة مسيرتها.. لتأخذ مكانها اللائق بها بين الأمم الناهضة.. والدول القوية التي سبقتنا بمراحل بعيدة.. وصرنا في ذيل القافلة كما يقولون.. وما ذلك إلا بسبب بعدنا وابتعادنا عن ديننا وسر قوتنا ومنبع عزنا.. وهو دين الإسلام.. الذي لا يرضى إطلاقًا عندما نرجع إليه وننزل على أحكامه إلا أن نكون في الصدارة ذلك أن ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (المنافقون: من الآية8)، ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ (آل عمران: من الآية 139).

 

وإذا كنا نسمع اليوم تهمًا غريبةً تكال للإخوان المسلمين.. وبذاءاتٍ لا تصدر من أسوياء.. وشتائم لا تحركها إلا مصالح مادية وقتية ومنافع عاجلة وانفلات من القيم العالية والمبادئ السامية.. إذا كنا نسمع كل ذلك ونشاهده.. فإن الإخوان قد يؤثرون ترك الرد على هذه المهاترات وعدم الخوض في معارك جانبية.. والانشغال بالردِّ على كلِّ صغيرةٍ وكبيرة؛ لأنهم يرون أنهم بذلك إنما يجعلون للمتطاولين عليهم قيمةً ووزنًا.

 

ومنذ بدء دعوة الإخوان المسلمين.. وهي تواجه بسيل من الادعاءات الباطلة والشتائم الفجة.. والشبهات والأكاذيب.. فقد رُمي مؤسس الجماعة- رحمه الله وتقبله في الصالحين- بأنه شيوعي.. وكانت الشيوعية في ذلك الوقت وفي كل وقت سبة.. وعارًا يلحق بمَن يتصف بها وكانت وما زالت تعني الإلحاد والخروج عن الدين.. كما رماه معاصروه كذلك بأنه "وفدي" ويجمع الأموال.. ويأخذ مبالغ من الأجانب الكفرة ليقيم المساجد والمدارس والمؤسسات الخيرية.. وأنه ينحرف بالدين إلى السياسةِ وأنَّ الإخوانَ متعصبون.. وأن الإمام البنا إرهابي وليس عنده برنامج محدد.. إلى غير ذلك من التهم والتلفيقات والافتراءات.

 

والآن.. وبعد أكثر من نصف قرن على استشهادِ الأستاذ البنا.. نرى هذه المزاعم هي هي والاتهامات هي هي.. وكأنه لا جديدَ تحت الشمس كما يقولون.. وكأنَّ ما يدور في الساحة قوالب محفوظة وأسطوانات مشروخة.. كلها تلتقي عند غايةٍ محددةٍ وهي الصد عن سبيل الله وإعاقة الدعوة عن أن تحقق غاياتها وتصل إلى أهدافها.. وهذا هو دأب دعوات الإصلاح والخير ﴿مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ (فصلت: 43).

 

ونأخذ الآن بعض النماذج العملية للكتابات التي تتجنى على دعوة الإخوان.. وخاصةً فيما ثار من جدل ومراء حول قضية "الحجاب" الأخيرة.. وليس هدفنا مناقشة القضية وإثارتها من كلِّ جوانبها أو الدخول في معارك جانبية أراد لها مثيروها أن ينشغل الرأي العام بها بعيدًا عن قضايا الأمة الحقيقية والإصلاحات الدستورية وإنما هدفنا أن نتبين الآتي:

 

1. أن أغلب الكُتَّاب الكبار على الساحة الإعلامية والفكرية إنما يجهلون حقائق الإسلام وأصوله العامة.

 

2. وأنهم لا يحبون المعيشةَ في ظل النموذج الإسلامي في كلِّ جوانبه الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية، ويفضلون عليه "الن