بقلم: حبيب أبو محفوظ

حينما كانت الطائرات الصهيونية تقصف جسد الشيخ أحمد ياسين المتهالك، وهو خارجٌ من أداء صلاة الفجر قبل ثلاثة أعوام، كانت فكرة اندثار نهج حركته المقاوم تقصف عقول وأذهان الكثير من السياسيين والمتابعين والمحللين؛ حيث إن مسألة وجود الشيخ ياسين على قيد الحياة- لا سيما أنه الزعيم الروحي للحركة- مهمةٌ، لدرجة أنه بات في السنوات الأخيرة الملهم والموجّه لها، بالرغم مما نعلم جميعًا عن مرضه الشديد ووضعه الصحي السيِّئ.

 

كما أن هناك مَن راهن على أن بقاء حركة حماس مرهونٌ ببقاء قادتها السياسيين والعكسريين أحياءً، وهو الرهان الذي ثبت فشله بعد مرور سنوات على اغتيال العدو الصهيوني أغلبَ القادة السياسيين والعسكريين للحركة وهي اليوم- كما نراها- تتنقَّل من مرحلة إلى أخرى بروحٍ وعزمٍ لا يلين.

 

مرةً أخرى نقول إن العدوّ الصهيوني بحماقته المعهودة، وسرعة تصرُّفه غير المدروس، وغياب النهج السياسي لقادته- فضلاً عن العسكري- وقسوة غطرسته وعنجهيته.. كل هذه الأمور تسبَّبت في التفاف الجماهير الفلسطينية بل والأمة العربية والإسلامية خلف الحركة الأكثر قبولاً والأوسع انتشارًا، بدليل النتائج التي حقَّقتها حماس في الانتخابات البلدية والتشريعية، والتي اعتُبرت بمثابة البيعة التي جدَّدها الشعب الفلسطيني لحركة حماس.

 

ليس هذا فقط، بل تمثَّل هذا أيضًا في وقوف غالبية الفلسطينيين خلف حكومة حماس رغم الشدة وقلة الحيلة، وهي تواجه المطالب الظالمة من الأمريكيين والصهاينة والغرب والعرب للاعتراف بالعدوِّ الصهيوني ونبذ المقاومة، وهو ما لم ولن يتحقق، خاصةً بعد الإعلان عن حكومة الوحدة الوطنية.

 

 الصورة غير متاحة

 الشهيد عبد العزيز الرنتيسي

بالتأكيد العدوّ الصهيوني غير مسرور إطلاقًا بالنجاحات التي حقَّقتها حركة حماس خلال السنوات الثلاث الماضية، وهي الفترة التي كانت فاصلةً بين استهداف أبرز قادتها العسكريين والسياسيين، أمثال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، والدكتور إبراهيم المقادمة، والمهندس إسماعيل أبو شنب، والمهندس عدنان الغول، وغيرهم الكثير من القادة، وبين تحوُّل حركة حماس إلى مشروع فلسطيني مقاوم، يتبنَّى أفكارَها الشعبُ الفلسطينيُّ بأكمله، فضلاً عن ملايين البشر من العرب والمسلمين في أصقاع المعمورة.

 

فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية لم يأتِ من فراغٍ، وحصولُها على ثقة المجلس التشريعي وبالأغلبية لتشكيل الحكومة وتربُّعها على قمة الدبلوماسية الفلسطينية أيضًا لم يأتِ بدون مقدِّمات، هذه المقدِّمات كانت في ثبات حماس على موقفها غير القابل للتغيير ولا التجديد، وذلك منذ لحظة تأسيسها قبل 19 عامًا وحتى اليوم، فضلاً عن مئات الشهداء وآلاف الجرحى والأسرى الذين قدمتهم الحركة ولا زالت مستمرةً.

 

المطلوب من حماس اليوم أن تبقى متمسكةً بوجودها المعبِّر عن آمال وطموحات الفلسطينيين من خلال حكومتها، بدعم المقاومة بجميع أشكالها، وأن تبقى أيضًا الصوت الصادق المعبِّر عن آمال ملايين اللاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين، والذين يتشوَّقون للعودة سريعًا إلى أرضِهم وديارِهم، وأن تعطي هذا الملف ما يستحقُّ من الأهمية والاحترام.

 

كما أنه يجب على حماس أن تبقى "النافذة الأمينة" للأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية، وألا يكون خطابُها أقلَّ من المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع أسرانا الأحد عشر ألفًا، قبل أن يتم طرح أي قضية أخرى، فقضية الأسرى والأسيرات يجب أن تأخذ حقَّها من الأهمية والمتابعة الدقيقة والدائمة.

 

وتمامًا كما كان الشيخ أحمد ياسين مجمِّعًا للفرقاء، حريصًا على الحقوق والدماء.. فإن لحماس الحق في أن ت