نور الدين لشهب
كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن حقوق الأقليات في الشرق الأوسط، والذي يقصد به الوطن العربي على وجه التحديد، إلى درجة أن تحوَّل الكلام حول هذه الأقليات وغدا بمثابة "دين العصر"، حتى أصبح لا يستقيم الحديث عن حقوق الإنسان دون تكرار هذه الأزمة، أي حقوق الأقليات، وتناسلت الندوات والمؤتمرات، وتكاثرت المنظمات والجمعيات الحقوقية ومراكز البحث المرتبطة بأجندة خارجية مركزةً همَّها على الأقليات الدينية والطائفية والعرقية والثقافية.
لكنَّ هذه الدعوات غالبًا ما تقاوم بانتقادات حادَّة في بعض الأحيان، بزعم أنها غير بريئة لأنها تستهدف تكريس الانقسام وإشعال خلافات مفتعلة قد تؤدي في النهاية إلى تمزيق لُحمة الاجتماع العربي الإسلامي داخل الدولة الواحدة وتقسيمها إلى دويلات وكانتونات عرقية وطائفية مستجيبة للأجندة الأمريكية في المنطقة.
إن الحديث عن حقوق الأقليات- برأي البعض منا- مغلوط لأنه يرمي إلى زعزعة الاستقرار واختراق المنطقة العربية لتفكيكها وتجزيئها وحسب، فالقومية العربية لم تقم على أساس عرضي، وإنما على أساس ثقافي وتاريخي، فالوطن العربي يربطه بالإسلام كعقيدة والعروبة كقومية.
وإذا عدنا إلى التاريخ ألفينا أن صلاح الدين بطل العروبة والإسلام من أصل كردي، وطارق بن زياد فاتح الأندلس التي عُرفت حضارةً عربيةً وإسلاميةً عريقةً هو من أصل أمازيغي، أما الأقباط في مصر فليست لهم طرائق في العيش تميِّزهم، ولا سمات عرقية تختلف عن باقي السكان، إن التخمة الكلامية عن حقوق الأقباط تقوم على أساس فكرة الانفصال ليس إلا، وللسياسي المصري الكبير مكرم عبيد مقولة ذهبية لا زالت ترددها الأجيال من بعده: "أنا مسيحي الدين ومسلم الوطن".
وإذا تحدثنا بمنطق دعاة الدفاع عن الأقليات مثل سعد الدين إبراهيم لانقسمت الدول الأوروبية إلى دويلات عديدة، والاستعمار الغربي حين يركز عن حقوق الأقليات يتطلَّع إلى نشر ثقافة يريد بها خلع هذه الأقليات ونزعها عن نسيجها العربي والإسلامي لإلحاقها بسياسة الآخر الاستعماري عبر بوابة حقوق الإنسان.
إن هذه الحجج التي يسوقها المثقفون والفضلاء داخل الوطن العربي لا يختلف عليها مواطنان اثنان، والتجربة ماثلةٌ أمامنا كما وقع في إندونيسيا في السنوات الماضية، فالمسألة تهدف إلى تجزيء المجزَّأ وتقسيم المقسَّم بعبارة منير شفيق، لكن السؤال الذي يثور هنا والآن يا سادة: وماذا عن حقوق الأغلبيات في الوطن العربي؟!
إن الأغلبيات في الوطن العربي تتشكَّل من قوى المعارضة ولا شك.. هذه القوى إن أردنا تصنيفها حضاريًّا وليس فكرانيًّا (أي إيديولوجيًّا) كما يحلو للبعض فهي تيار الأصالة المكوِّن الرئيس للأمة وهو التيار القومي والإسلامي، لكن البعد الفكراني لا زال متحكمًا- وللأسف الشديد- لدى البعض منا في التعاطي مع التظلمات التي تلحق البعض منا، وأستثني البعض، لكنَّ استثنائي لا يلغي القاعدة، سأوضح..
في مغرب الأمة
لا أحد يجادل في كون جماعة العدل والإحسان بالمغرب تشكِّل الأغلبية بالنظر إلى قاعدتها الشعبية وتغلغلها في أوساط الشعب المغربي، ولا أحد يجادل أيضًا في أن دعوتها سلمية لا تجنح إلى العنف بشتى ألوانه، كما ينبغي أن نعترف أنها تتعرض لحملة مخزنية مسعورة ما يربو على العام، أي منذ 24 مايو 2006م، ولا زالت مستمرةً إلى الآن.. كل هذه المدة الزمنية والمخزن يجرب هوايته المفضلة في الترهيب للآمنين وتشميع البيوت، ولا أحد شجب أو استنكر، بل لا نستغرب حين نسمع أصواتًا تبارك هذه الحملة بل وتشارك فيها، تارةً بالصمت وتارةً بالتغطية الإعلامية، عبر إشاعة الكذب والبهتان، مستندةً إلى مغالطات غير مقنعة قائمة على البعد ا