- أحراز مدسوسة وأخرى مفقودة لمعظم المتهمين

- الجلسة استمرت 8 ساعات والمحكمة ترفض علاج زلط

- حشيش يتعرض لأزمة قلبية والأمن يعتقل شمسيات الحرية

- الشاطر أبكى القاعة وبشر أمَّ المعتقلين داخل القفص

- كتاب قانوني حِرْز جلبط ونتائج ورقة لمحمد حافظ

 

كتبت- روضة عبد الحميد

في جلسة مريبة تواصلت المهازل في قضية الإخوان المحالين للمحكمة العسكرية، وقد بدأت وقائع المهزلة الجديدة في الجلسة الثالثة للمحاكمة العسكرية بعد صلاة الظهر... مباشرة وانتهت مع أذان مغرب الأحد 15/7/2007 ثم التأجيل ليوم 5/8/2007م.

 

وقد استمرت المحكمة ما يقرب من ثماني ساعات، على مدار جلستين تخللتهما استراحة واحدة، بدأها رئيس المحكمة بطلب تحديد محام واحد لكل متهم، ثم تجاهلت المحكمة طلبات هيئة الدفاع بخصوص عدم دستورية محاكمة مدنيين أمام المحكمة العسكرية، كما رفض القاضي مناقشة "تنازع الاختصاص" والذي يقضي بوقف نظر القضية لحين فصل المحكمة الدستورية العليا في الطعن المُقدَّم من المعتقلين بعدم جواز محاكمتهم أمام قاضٍ عسكري.

 

وقال رئيس المحكمة العسكرية في محاولةٍ منه للالتفاف حول هذا المأزق بأنه سوف يدرسه بعد انتهاء القضية، وعندما أصرَّت هيئة الدفاع- المكونة من ما يزيد عن 150 محاميًّا فضلاً عن الذين تم منعهم من الدخول- على هذا الحق القانوني، أصرَّ رئيس المحكمة بالبدء في فض الأحراز متجاهلاً تكرار طلب هيئة الدفاع ونداءاتها؛ وهو ما دفع هيئة الدفاع عن المعتقلين للمطالبة بإثبات اعتراضهم.

 

 الصورة غير متاحة

أهالي المعتقلين يحتمون بالمظلات من الشمس الحارقة

وهنا قاطعهم المهندس خيرت الشاطر موجهًا كلماته إلى هيئة المحكمة العسكرية، والتي خاطب فيها البعد الإنساني لهيئة المحكمة بعد أن استنفدت هيئة الدفاع البعد القانوني، وقال في كلمته: "إنه تم اعتقاله وآخرين عام 95 وحُوكم أمام محاكمة عسكرية وسُجن بعضهم مدة خمس سنوات وسُجن البعض الآخر مدة ثلاث سنوات، وقام المحامون بالطعن في تلك المحكمة العسكرية أمام الدستورية العليا والتي إلى اليوم لم تبت في تلك القضية رغم قضاء الجميع لمددهم!!.

 

وسأل الشاطر رئيس المحكمة: حتى لو حكمت المحكمة الدستورية العليا لصالحنا الآن في تلك القضية من سيرد لنا ما أمضيناه من عمرنا ظلمًا وبهتانًا خلف الأسوار؟!، وأضاف أن مجمل أعداد من تعرضوا للمحكمة العسكرية من الإخوان حوالي 150 فردًا، ولو فرضنا أن إجمالي عدد السنوات التي قضاها المتهمون ظلمًا في حدود الخمسمائة سنة، فهي في رقبة من ظلموهم إلى يوم الدين، محذرًا هيئة المحكمة بأن تتقي دعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب والمعتقلون لا يتوقفون عنها.

 

وأكد الشاطر أن تلك المحاكمات ما هي إلا مسرحيات هزلية يقوم بها أمن الدولة، والجميع يعلم بمن فيهم هيئة المحكمة أن الهدف الأساسي من تلك القضية هو تصفية لخصومة سياسية ولكن بطريقة غير شريفة، وصاح قائلاً: "نربأ بالقضاء العسكري أن يلوث نفسه بها". وهنا ضجت القاعة بالتصفيق الشديد وارتفعت هتافات التكبير.

 

فض الأحراز

بعد ذلك تم البدء في فض الأحراز فطلبت هيئة الدفاع خروج كل متهم ليعاين حرزه مع محاميه، وقبلت هيئة المحكمة طلب هيئة الدفاع ولكن بعد ربع ساعة من البدء في فض أحراز خيرت الشاطر، إلا أنه أثناء خروج المتهم الأول وهو خيرت الشاطر أصرَّ الضابط على وضع القيد الحديدي في يديه، فرفض الشاطر مفضلاً عدم الخروج، فأمرت المحكمة بخروج المتهمين جميعًا دون قيد حديدي، وكان الشاطر أول من يخرج من القفص تعلو وجهه ابتسامة الرضا والنصر؛ فنال تصفيقًا حارًا استمر مع جميع المتهمين في لحظات خروجهم من القفص.

 

 الصورة غير متاحة

سيارات الأمن المركزي داخل المنطقة العسكرية

وأمرت المحكمة كل متهم أن يدون ملاحظاته مع محاميه في ورقة، وكان من أشد من اعترضوا على أحرازهم رجل الأعمال حسن مالك الذي فوجئ بأحراز لا تخصه من الأساس، وأثبت مالك اختفاء خزينة استولى الأمن عليها من منزله وكان بها مجوهرات ومشغولات ذهبية وماسية تخص زوجته، وهنا صاح الشاطر ساخرًا: "فيما يبدو أن وكيل النيابة لم يكن منتبهًا كفاية أثناء تلفيقه الأحراز وطبخ القضية"، وطالب بإثبات ذلك في القضية وهو ما أكد عليه محامي مالك الذي أكمل ساخرًا هو الآخر: "أخشى أن تكون تلك الأحراز تخص قضية أخرى ومتهمًا آخر"، في حين كان من بين الأحراز 5 نتائج ورقية مكتوبًا عليها آيات وأدعية للدكتور محمد حافظ، كما كان من بين أحراز الدكتور فريد جلبط -الأستاذ بجامعة الأزهر- كتاب الشريعة والحياة مما دفعه لتوجيه ملحوظة ساخرة لهيئة المحكمة بأن أي محام لا بد أن يكون لديه هذا الكتاب!!، وأثبت معظم المتهمين الباقين وجود الكثير من المدسوسات على أحرازهم.

 

حسن زلط

 الصورة غير متاحة

حسن زلط

وكان المطلب الأخير لهيئة الدفاع والذي عرضه المحامي كامل مندور، هو النظر بعين العدالة والرأفة للمتهم حسن زلط الذي لم يقدر الأمن على إجباره على حضور الجلسة- رغم أنه محبوس احتياطيًّا- وذلك بسبب سوء حالته؛ وعرض مندور التقارير الطبية التي تشير إلى حاجته لعمليات تتكلف قيمتها 18 ألف جنيه على الأقل؛ وهو ما رفضته اللجنة الطبية التي انتدبت في شهر إبريل الماضي- رغم حالة المتهم الحرجة- وأصدرت قرارها مؤخرًا بأن أقصى ما يمكن منحه لمريض هو ستة آلاف جنيه.

 

وطالب مندور هيئة المحكمة أن تسمح بعلاجه على نفقته الشخصية في مستشفى القصر العيني الفرنساوي طالما أن المسئولين لن يقدروا على توفير العلاج المناسب له، مؤكدًا أنه كما نحرص على حياة أي متهم من خلال تقديم الطعام والشراب المناسبين لبقائه حيًّا؛ فينبغي تقديم العلاج المناسب للمرضى لنفس الغرض.

 

 الصورة غير متاحة

عدد من أعضاء هيئة الدفاع في طريقهم للمحكمة

ثم بدأ المحامي في عرض التقرير الطبي لحالة الدكتور عصام حشيش، والذي أحضره الأمن من مستشفى الليمان لحضور المحكمة بعد إجرائه عملية قسطرة بالقلب في نهاية الشهر الماضي بعد أن أُصيب بذبحة صدرية داخل الزنزانة، وأثناء عرض التقرير الخاص به سقط مغشيًّا عليه وارتفعت الأصوات من داخل القفص، إلا أن القاضي تجاهل الصيحات الكثيرة المتكررة، وفي نهاية الأمر سمح لزوجته- طبيبة- وابنه محمد وابنته زينب بالدخول إلى القفص.

 

وبعد ذلك المشهد المأساوي تعلقت الأعين بالقاضي الذي ردد طوال الجلسة أن "المحكمة حريصة على المتهمين، وأن المحكمة حريصة على مصلحتهم"؛ آملين أن يصدر حكمًا يسمح للمرضى على الأقل بالعلاج المناسب إلا أن القاضي ضرب بقوانين العدل والرحمة عرض الحائط وقرر تأجيل الجلسة إلى يوم 5 أغسطس مع استمرار حبس جميع المتهمين بما فيهم زلط وحشيش؛ وهو ما تسبب في ارتفاع الأصوات قائلةً: "حسبنا الله ونعم الوكيل ".

 

على هامش الجلسة

 الصورة غير متاحة

إيفون ريدلي وحديث مع زهراء الشاطر

- في بداية الجلسة طالبت هيئة الدفاع بإدخال الأسر المحتجزة خارج القاعة وبالفعل أمر رئيس المحكمة فورًا بإدخالهم، وفور دخولهم أعلن عدد منهم أن الأمن برر احتجازهم بالخارج بأنه بناء على أمر مباشر من رئيس المحكمة وهو ما نفاه رئيس المحكمة.

 

- تعرض الأهالي لتفتيش دقيق ككل مرة، إلا أنه في هذه الجلسة وبعد دخولهم القاعة دخل ضباط الشرطة العسكرية وأخذوا الشمسيات التي كانت مع الأهالي لأنه مطبوع عليها "الحرية للشرفاء، مش هنبطل مش هنسافر مش هنسيب"!!.

 

- تم منع رامزي كلارك وزير العدل الأمريكي الأسبق وسميح خوريس مندوب منظمة العفو الدولية، والصحفية البريطانية إيفون ريدلي من حضور الجلسة، إلى جانب العديد من المحامين الذين ملّوا من الانتظار فعادوا أدراجهم.

 

 الصورة غير متاحة

 رامزي كلارك يرد على أسئلة الصحفيين

- أثناء الانتظار الطويل قبل بداية الجلسة، قام المهندس أحمد النحاس برفع أذان الظهر من داخل القاعة بصوتٍ رخيم، ثم أدى المعتقلون صلاة الظهر وأمَّهم الدكتور محمد علي بشر، وبعد الصلاة قام محمود عبد الجواد بترديد دعاء مؤثر أبكى الحاضرين جميعًا، دعا فيه على الظالمين وأن يسقيهم الله من نفس الكأس ويحرمهم من أهلهم كما حرموهم.

 

- ألقى الدكتور خالد عبد القادر عودة قصيدة "ارتجالية" قال فيها:

يا رب كل العبــاد               يا دايم بعد العدم

ارحم أمة رفعت رايتك            أعلى من أي علم

لكن غلب فيها السفيه              واتغلب أهل الكرم

وحكم عليها الغريب               اللي ميعرف قيم

يا رب كل العباد                   يا دايم بعد العدم

اكتب لنا النجاة                   والنصر على من ظلم

 

- لوحظ أثناء الجلسة أن الضباط لا ينفذون أي أمر لرئيس المحكمة إلا بعد الرجوع لأمن الدولة والحصول على إذن منهم!!، ظهر ذلك حين أمر رئيس المحكمة بإحضار عدد من المراوح لأهالي المعتقلين نظرًا لسخونة الجو، وتظاهر الضباط بسعيهم لتنفيذ الأمر ثم تلاشى ذلك بعد أن رفض أمن الدولة طلب رئيس المحكمة، وبعد ساعة ونصف أعاد رئيس المحكمة الأمر وكان له نفس المصير.

 

- أحد القضاة أمر الحارس بإدخال طعام للمعتقلين داخل القفص أحضره نجل أحدهم، فرفض الضابط ولم يوافق إلا بعد أن طالبه القاضي بالصعود للمنصة وتحدث معه في أذنه، ثم سمح بعدها بإدخال كل ما تريده الأسر إلى ذويهم.