الاحترار العالمي ظاهرة كونية
 
 

د. خالد عودة

من المعروف أن أحداثًا بركانيةً رئيسيةً قد ألقت طوال التاريخ الجيولوجي للأرض آلاف الكيلومترات المربعة من الحمم على اليابسة أو في قيعان البحار، وكناتجٍ ثانوي لهذا النشاط البركاني فإن حجومًا ضخمةً من غازي ثاني أكسيد الكربون والميثان ارتفعت إلى الغلاف الجوي وسببت الاحترار العالم السريع؛ حتى إن كثيرًا من الانقراضات الجماعية لأنواع الحياة على الأرض كان مرجعها الغازات المنبعثة من البراكين.

 

ومن أهم هذه الانقراضات الانقراض الحراري الذي حدث في نهاية عهد الباليوسين، والذي تم اكتشافه حديثًا في التتابع الرسوبي المطل من ناحية الشرق على قرية الدبابية جنوب الأقصر.

 

فقد ثبت من خلال دراسة هذا التتابع بمعرفة الفريق الجيولوجي الدولي أن فترةً من الاحترار العالمي قد انتابت الكرة الأرضية نحو 150000(مائة وخمسين ألف) سنة بسبب زيادة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون نتيجة زيادة النشاط البركاني في قيعان البحار الشمالية، مما أدَّى إلى سخونة مياه البحار والمحيطات؛ الأمر الذي قلل من قدرتها على امتصاص الأكسجين؛ مما ترتب عنه انقراض الكائنات الحية التي تتنفس الأكسجين.

 

والفرق بين الاحترار العالمي الناشئ من انبعاث كمياتٍ كبيرةٍ من غازات ثاني أكسيد الكربون والميثان من البراكين الموجودة في قيعان البحار، وتلك الموجودة على اليابسة- أن تركيز مستويات الأكسجين في الحالة الأولى يقل في الماء من أسفل إلى أعلى يقابله زيادة ثاني أكسيد الكربون والميثان في نفس الاتجاه، ثم تنتقل دورة ثاني أكسيد الكربون والميثان من الماء إلى الهواء.

 

وهذه هي الحالة المُسجَّلة في تتابع الدبابية؛ حيث استدل عليها بانقراض الأحياء القاعية أولاً ثم الأحياء الهائمة العميقة ثم الأحياء الهائمة الضحلة المنتشرة فوق سطح الماء، ثم الأحياء الأرضية؛ حيث تم تسجيل الاحترار العالمي في كل التتابعات الصخرية المميزة لهذه  الفترة الزمنية سواء تم ترسيبها في قيعان المحيطات والبحار أو في قيعان الأنهار أو بواسطة الرياح على اليابسة؛ مما يؤكد أن الاحترار العالمي شمل الأرض كلها.

 

أما في حالة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان من اليابسة سواء أكان ذلك يفعل الإنسان أو من جرَّاء الأنشطة البركانية السطحية أو نتيجة حرائق الغابات المدارية، فإن نحو40% من غاز ثاني أكسيد الكربون يتبقى في الغلاف الهوائي؛ أما الباقي فتمتصه النباتات على اليابسة أو مياه المحيطات بنسبٍ متساوية تقريبًا، ونظرًا لأن غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان وبخار الماء لهم القدرة على امتصاص الأشعة التحت الحمراء ثم إعادة توزيعها مرة ثانية إلى سطح الأرض- لذا فإنها تعد بمثابة مصايد للحرارة في الغلاف الجوي؛ حيث ترفع بدورها درجة حرارة الغلاف الهوائي ثم تقوم كوسيطٍ بإعادة توزيع الأشعة تحت الحمراء من المناطق الساخنة من سطح الأرض بالقرب من خطوط العرض المنخفضة إلى المناطق الباردة عند خطوط العرض العالية.

 

وبازدياد حجم الانبعاثات من هذه الغازات ترتفع درجة حرارة البحار والمحيطات عند خط الاستواء أولاً ثم يعاد توزيع الطاقة الاستوائية نحو القطبين.

 

 الصورة غير متاحة

 وكنتيجة لارتفاع درجة حرارة مياه البحار والمحيطات، فإن ال