د. توفيق الواعي

 

 

يحتفل العالم في مطلع كل عام ميلادي جديد بما قدَّموا فيه من ضرٍّ لأمتهم، وبما استمتعوا فيه بأعمالٍ وأفعالٍ تزيد من سعادتهم، ويرفع من عزيمتهم، ويثري قوتهم؛ فهذه هي الأمم التي تعيش حياتها وتسمو بأفعالها وترقى بأعمالها!!.

 

ويا ترى.. أترانا نعيش أعيادنا كما يعيشون ونبهج كما يفرحون؟!، أم ترانا نعيش الكوارث والمآسي والمآثم، والضنك العظيم والضياع الأليم، والاستعمار الذميم؟!.

 

هذا، وقد أجهد الباحثون والمراقبون أنفسهم في جمع ما تيسر لهم من أعمال بئيسة وأحوال عصيبة، وأخذت كل بلدة نصيبها من هذا الضنك وذاك الإثم وتلك المصائب بما يلوِّن مياه البحار، وينجس أمواج المحيطات، ويسمم طبقات الهواء!!

 

فمثلاً في أقطارنا الحبيبة نرى المواقع والقنوات الفضائية تتحدَّث عما ينكشف من أحوالنا وأعمالنا، ويظهر من أفعالنا وأقوالنا؛ مما يندى له الجبين، فتتحدث عن:

- التعديلات الدستورية التي تكرِّس الدكتاتورية.

- القوى الوطنية والإسلامية والسلطة.

- إهدار أحكام القضاء واستبدالها بالمحاكم العسكرية.

- قوانين منع الأحزاب السياسية.

- اعتقالات ومحاكمات بالألوف بغير سبب ولا جرائم.

- الاستهتار بالأرواح، والاستهانة بحقوق الإنسان، والتعذيب في السجون السياسية.

- تصفية الحسابات مع المعارضين؛ لاحتكار السلطة وقمع الحريات.

- ضياع هيبة دور العلم بالتدخلات الأمنية، واستعمال البلطجة لإرهاب الطلاب، وإقامة المحاكمات لمن يستعصي على هذه الإجراءات التعسفية!!.

- تفصيل القضايا "ودبلجة" التهم لطلاب العلم، واتخاذهم وسيلةً لاتهام الأساتذة!!.

- تزوير الانتخابات، وضياع الثقة بين السلطة والشعب، وانعدام القدوة في الأمة.

- محاربة الطاقات المتميزة، وسحقهم بشتى الوسائل، والاستيلاء على أموالهم ومقدَّراتهم!!.

- ذيوع الرشاوى السياسية، وتبديد أموال الدولة، وحماية الفساد في الأشخاص والمؤسسات.

- إرهاب النواب المعارضين وسجن بعضهم، والعمل على إرهاب السلطة التشريعية، وتغوُّل السلطة التنفيذية!!.

- استمرار مهزلة الحزب الواحد، وضرب النخب السياسية الفاعلة، وكبت نشاطها الحيوي.
هذا وغيره الكثير في السياسية فقط.

أما إذا تطرَّقت للناحية الاجتماعية، فحدِّثْ ولا حرج عن الفقر والعوز، والإهمال والفساد، والاستهتار بأرواح الناس؛ مما اضطر بعض الناس إلى ترك البلاد ولو إلى الجحيم أو الغرق في المحيطات والبحار، أو الذهاب حتى إلى إسرائيل وخدمة الأعداء؛ لما يلاقوه من إهمال وعدم رعاية لمصالحهم، حتى إنك تجد الوزراء في المجلس التشريعي بين نائمٍ، ومنصرفٍ بذهنه منشغلٍ بـ"مكسَّرات" يأكلها!!.

 

هذ،ا وقد زاد من الكوارث وفاةُ كثير من الرواد، ورحيل ثُلَّةٍ من العلماء الأجلاَّء، وقد يكون هذا من بعض ما ينزل بالأمة من نوازل وتعجيلاً للصالحين، وانتشالاً لهم من هذا الهم الكبير.

 

- فكانت وفاة الشيخ خيري ركوة: المتحدث الرسمي لجبهة علماء الأزهر، ومسئول قسم نشر الدعوة في جماعة الإخوان المسلمين، وأحد علماء الأزهر الشريف الأجلاَّء.

- وفاة العالم الجليل د. السيد محمد نوح: أستاذ علوم الحديث بجامعة الأزهر، وأستاذ مساعد بجامعة الإمارات، وأستاذ الثقافة وأصول الدين بدبي، وأستاذ الحديث وعلومه بكلية الشريعة جامعة الكويت.

- وفاة محمد جمعة حامد: من الرعيل الأول للإخوان المسلمين، وقد تحمَّل في سبيل الله وفي سبيل دعوته السجن والقهر والتعذيب، رحمه الله رحمة واسعة.

- وفاة الحاج يوسف قتة: من الرعيل الأول للإخوان المسلمين المساهمين في نشر الدعوة.

- وفاة الحاج محمود الغندور: من الرعيل الأول للإخوان المسلمين، وأستاذ دكتور الجلدية بطب عين شمس.

- وفاة الحاج أحمد حسانين: من الرعيل الأول والمجاهدين الكرام.

- وفاة المجاهد الطيار محمد الشناوي.

- وفاة الأستاذ محمود أبو رية من الدقهلية.

- وفاة المحامي فتحي البوز: أحد الرعيل الأول للإخوان المسلمين.

- وفاة المجاهد الأردني الكبير، الشاعر يوسف العظم، شاعر الأقصى وعضو مجلس النواب الأردني.

- وفاة الدكتور حسن الحيوان بعد خروجه من السجن الذي دخله ظلمًا وعدوانًا.

 

هذا، وقد فارقنا الكثيرُ من الإخوة غير هؤلاء بعد أن أدوا ما عليهم وسلَّمونا الأمانة من بعدهم.

 

وقد أرادت بعض المواقع أن تكتشف ما عند الناس من توجهات في ذلك الظلام الدامس، وتبحث عن واحد فقط لتخرجه الأمة في ناحية معينة، فطرحت الأسئلة الآتية:

1- أفضل حاكم في العالم الإسلامي؟.

2- أفضل انتخابات (رئاسية أو تشريعية) أجريت في بلد مسلم (تركيا- باكستان- مصر- الأردن- الجزائر- المغرب- موريتانيا)؟.

3- أكثر فتوى تأثيرًا في العالم الإسلامي؟.

4- أبرز فقيه حظيت فتاواه بالقبول والثقة لدى المسلمين؟.

5- أكثر (فيلم- عمل درامي- كتاب) تأثيرًا في العالم الإسلامي؟.

6- أفضل (فضائية- موقع إنترنت) في العالم الإسلامي؟.

7- أبرز شخصية غير مسلمة أثَّرت في العالم الإسلامي؟.

8- الظاهرة الاجتماعية الأكثر بروزًا في العالم الإسلامي؟.

9- أبرز حدث (أساء- أحسن) لصورة الإسلام والمسلمين؟.

10- أكثر حدث (أفرح – أحزن) المسلمين؟.

 

وجاءت النتائج كالآتي:

أفضل حاكم إسماعيل هنية، وبعده أردوغان التركي.

 

وجاءت أغرب فتوى؛ فتوى إرضاع الكبير، والتبرك ببول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

 

وأبرز فقيه هو الدكتور يوسف القرضاوي.

 

وأبرز شخصية غير مسلمة شافيز.

 

والظاهرة الأكثر تأثيرًا: الغلاء والعنوسة، والزواج العرفي والفساد، والتحرش وتدهور الأخلاق.

 

كان أكثر ما أهمَّ المسلمين: الهم الفلسطيني والاقتتال في قطاع غزة، والحصار والعجز العربي.. إلخ، وكذلك فساد الحاكم، وإساءة معاملة الإسلاميين.

 

وأهم الأحداث: التفجيرات وقتل بي نظير بوتو، وأحداث العراق المؤسفة.. إلخ.

 

وتضييق الصفحات عن المآسي والنكبات التي تحيط بنا!!.

 

ويسأل الإنسان: متى سنرحم أنفسنا، وذلك كله بما تكسب أيدينا ويعفو الله عن كثير؟!.
نسأل الله السلامة.. آمين.