- مقاطعة السلع الغالية وإيجاد بدائل رخيصة لها
- تهيئة الفتاة منذ الصغر على تدبير شئون البيت
- حسن استغلال الموارد المتاحة في المنزل

 

تحقيق- هدى سيد

في زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه اشتكى الناس غلاء السلع، وخاصةً اللحم، فعندما سألوه، قال لهم: أرخصوه أنتم.. فعَجِبوا وقالوا: كيف ونحن لا نملكه؟! فأجابهم: اتركوه لمن يملكه!!.. وفي زمن آخر زاد سعر الزبيب واشتكى الناس أيضًا، فقال لهم الحاكم: أبدلوه بالتمر؛ لوفرته، ورُخص ثمنه، وقيمته الغذائية العالية.

 

إذن كانت هذه بعض الأسلحة التي استخدمها الناس لمواجهة الغلاء؛ كالمقاطعة، ومحاولة إيجاد البدائل الأرخص، وفي زماننا هذا نشتكي من غلاء الأسعار؛ الذي طال كل السلع والخدمات؛ فهل من الممكن أن نقاطع السلع الغالية مهما كانت ضرورية؟! وهل من الممكن أن نتقن ثقافة إيجاد البدائل لها؟!

 

في البداية لا بد أن نعلم أن ما مسَّنا في بلادنا من غلاء الأسعار إنما هو بسبب ذنوبنا ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)﴾ (الشورى)، ونحن في نعمة إذا نظرنا إلى غيرنا ممن ابتُلِي في أمنِهِ بكوارث طبيعية أو سياسية، وأزمة الغلاء والفقر تواجه العالم كله، وأصابت مجتمعاتنا بشكل واضح، وقد تؤدي- إذا استفحلت- إلى كوارث ونتائج سيئة، وتُنهِك ذوي الدخل المنخفض والفقراء، وتؤدي إلى الركود الاقتصادي وعزوف الأفراد عن الشراء.

 

وقد غلت الأسعار في تاريخ الأمة أواخر عهد بني العباس، وعظُم البلاء ببغداد حتى أكلوا الجِيَف، وضرب الغلاء بعض البلاد كمصر، وحصل هلاك كبير، وقد وضعت الشريعة الأحكام التي تقي من هذه الأزمة؛ ففي أوقات الرخاء حثَّ الإسلام على الاقتصاد في المعيشة والتوسط في النفقة، وهذا من شأنه أن يقلِّل الطلب فينخفض السعر، ويقل الطلب على السلع الباهظة الثمن، وشراء المنتجات البديلة معتدلة السعر، وإذا كان هذا في حالة الرخاء فما بالنا في حالة الغلاء؟!

 

وفي الحث على الاقتصاد والتوسط في النفقة يقول الله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)﴾ (الإسراء)، فلا بد من التوازن والاعتدال وعدم التوسع في شراء ما نحتاجه وما لا نحتاجه، وقد أكدت الدراسات أن نسبة الإنفاق على شراء السلع الغذائية في الدول العربية أكبر نسبة في إنفاق الأسرة، وتعد أولى اهتماماتها، أما في اليابان مثلاً فيأتي الإنفاق على التعليم أولاً!.

 

ولا شك أن ما يصيب الناس من فقر وقلة مؤونة وغلاء فاحش؛ بسبب انتشار الذنوب والمعاصي والفتن والفساد والفجور والمحرمات والربا وشرب الخمر وغيرها ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)﴾ (الأعراف).

 

تجارب وحلول

تقول سلوى مشهور (ربة بيت) إن سلامة الأسرة المسلمة وأصالتها تتمثَّل في مدى التزام أفرادها بتعاليم الإسلام؛ في العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق؛ حيث يهيمن الإسلام على جو الأسرة تمامًا، ويظهر ذلك واضحًا في كل صغيرة وكبيرة؛ سواءٌ في المأكل أو المشرب أو الملبس، وفي الأفراح والأتراح والعادات والتقاليد، وما نمر به الآن من أزمة اقتصادية لا بد من توعية أبنائنا به؛ حتى لا يعيشوا حياتهم في بذخ وإسراف، وإخوانهم من حولهم يتضوَّرون جوعًا وفقرًا.

 

ولكي تستطيع الأسرة المسلمة أن تواجه أوقات المحن والغلاء؛ لا بد أن يتأسس البيت على هذه الحال من البداية، وقد كان سمت بيتنا هكذا منذ صغرنا؛ نعيش في توسط واعتدال وتوازن في الإنفاق، مهما كان المستوى المادي، وهذا ما علمتنا إياه أمي رحمها الله؛ فقد كانت تستفيد من موارد المنزل إلى أبعد مدى؛ لدرجة أنها صنعت من ستارة قديمة بالمنزل فستان فرح لأختي الصغرى لتحضر به أحد الأفراح، وقد تُوفيت رحمها الله وبيدها الإبرة.

 

وتضيف سلوى: يجب أن يصاحب كل هذا النية الصالحة؛ فلا يكون الأمر للاقتصاد والتوفير فقط، ولكنها طاعة لله ورسوله أولاً، قال تعالى ﴿... وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)﴾ (الإسراء).

 

فلا بد من حسن استغلال الموارد المتاحة، وإعادة استخدامها من جديد، وتعويد الأولاد على ذلك؛ قال صلى الله عليه وسلم "رحم الله امرأً اكتسب طيبًا، وأنفق قصدًا، وقدم فضلاً ليوم فقره وحاجته"، وعنه أيضًا "اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم".

 

وهذه بعض النصائح التي قد تفيد في مواجهة أوقات الغلاء:

* تقسِّم الزوجة المصروف 4 أجزاء، وتضع كل جزء في ظرف وتخصِّصه لأسبوع في الشهر، ولا تتعدَّى على مصروف الأسبوع الآخر مهما حدث، بالإضافة إلى تخصيص جزء من الراتب لحالة الطوارئ أو المناسبات المختلفة؛ كالعزائم أو الاحتفالات أو التقاء العائلة وغيرها، ومحاولة ادِّخار جزء ولو أمكن مهما كان بسيطًا، وكذلك إعطاء الأولاد مصروفهم بالشهر، وتعويدهم تدبير أمورهم المالية، وهذا تدريب عملي وتربوي لهم.

 

* شراء كمية من اللحم المفروم الذي يعد بديلاً رائعًا للحم العادي ويتم تعصيجه وتقسيمه في أكياس وحفظه بالفريزر واستخدامه في إعداد وجبات مختلفة؛ كالمكرونة البشاميل أو طواجن الخضار أو التورلي أو المسقفة باللحم المفروم أو الأرز بالباذلاء والجزر، وغيرها من الأطباق المفيدة التي تقدَّم بجانب طبق السلطة؛ الذي يجب ألا يختفي من على المائدة أبدًا.

 

* وكذلك شراء عدد من الدجاج حسب ميزانية الأسرة وعدد أفرادها وكمية استهلاكها، ويمكن تقسيم أجزاء الدجاج على الشهر أيضًا، والاستفادة كذلك من المرق؛ لما له من قيمة غذائية عالية في إعداد الأرز أو البشاميل أو الأكلات الأخرى.

 

* إعداد العصير والمربى والحلويات في المنزل، والاستغناء بقدر الإمكان عن المنتجات الجاهزة والمحفوظة.

 

* تجميع أوراق الكراسات والكشاكيل من السنة الماضية وإعادة تنسيقها بشكل جميل والاستفادة منها في عمل آخر؛ كالمذاكرة فيها مثلاً في العام الجديد.

 

* ترشيد استهلاك الماء والغاز والكهرباء؛ فلا أضيء الأنوار إذا لم أحتِج إليها، ولا أترك الأجهزة الكهربائية تعمل طوال اليوم، وأضع الوعاء على النار المناسبة له وتكون هادئةً؛ وذلك أفضل للطعام وترشيدًا للاستهلاك، مع أهمية وضع صندوق الصدقة في مكان بارز بالمنزل لمن ينسى إضاءة غرفته أو أي أمر آخر، وتعويد الأولاد على إصلاح ما يتلف في المنزل؛ من أعمال السباكة والكهرباء وغيرها، وكذلك تعويدهم الاعتماد على أنفسهم في كيِّ ملابسهم.

 

* محاولة التفكير في استغلال كل الموارد المتاحة في المنزل مهما كانت بسيطة؛ فمثلاً فكرت في استخدام قلب الباذنجان بعد تقويره وأضعه في ماء وملح وخل، حتى لا يتغير لونه، ثم أصفيه وأسلقه وأضع عليه بعد ذلك التوابل والطماطم والثوم، ويقدَّم بجانب الطعام.

 

أصول ريفية

وتضيف الحاجة أم خالد: لم يعد هناك شيء رخيص، سواءٌ كان منتجًا نباتيًّا أو حيوانيًّا، حتى الفول والطعمية والخبز فقط؛ فكل شيء غالٍ، ولأن لنا أصولاً ريفيةً فإنني أستفيد من ذلك وأقوم بشراء الخزين في موسمه؛ كالفول والأرز والفاصوليا البيضاء، وكذلك أشتري الجبن القريش والبيض والطيور، وكل ذلك بالجملة، ويظهر فرق السعر ولو بسيطًا، وقد تعلمت التفصيل، وقمت بشراء قماش من المحلة، وعملت ملاءات للأَسِرَّة وستائر وملابس وغيرها.


أما أم أميرة فتعلمت التفصيل أيضًا، واستغنت عن شراء الجاهز، وتقول عن ذلك: هذا توفير لحاجات أساسية بالمنزل بمنتج عالي الجودة وتكلفة بسيطة، وكذلك قد تكون مصدر دخل جيد للزوجة مهما كان مستواها المادي؛ فلا بد من نظرة واقعية للحياة، خاصةً من جانب الزوجة، فلا تظل في اعتماد على زوجها؛ لأن الظروف ليست مستقرةً، وهذه ليست دعوةً للأزواج للتخلي عن الإنفاق، وليست دعوة للزوجات لضرورة المشاركة فيه؛ بقدر ما هي محاولة للتفكير والإبداع من الزوجة كي تواجه الظروف الصعبة مع زوجها، ويشعر البيت بالأمان والاستقرار المادي والمعنوي، فمهما كان راتب الزوج فإنه يتأثر بالغلاء وصعوبة الحالة الاقتصادية.

 

فمن المهم أن تعود المرأة إلى الإنتاج المنزلي، حسب إمكانياتها وقدراتها ومستوى تعليمها، فتقوم بعمل يدوي إذا لم تكن متعلمة، أو إعطاء دروس في الكمبيوتر أو اللغة إذا كانت تتقن ذلك لأولاد الجيران، وغير ذلك، وبلا ضرر على بيتها ووقتها وحاجة زوجها وأبنائها، وأظن أنها أكثر إنتاجيةً من المرأة العاملة؛ التي تعمل على حساب وقتها وجهدها وصحتها وراحتها هي وأبنائها.

 

وقد أفادني التفصيل كثيرًا في تلبية حاجات البيت، والتي تكون أجمل من الجاهز بشهادة من يراها، وتعطي للبيت شكلاً رائعًا ومتجددًا، وبالإضافة إلى إجادتها التفصيل أعطتنا أم أميرة بعض النصائح العملية:

- يمكن تحميص ما يتبقَّى من الخبز الفينو وطحنه ليصبح "بقسماط".

- غلي اللبن جيدًا وتبريده وتجميع القشدة وتحويلها إلى سمن.

وهذه تجارب عملية في المنزل يمكن لربَّات البيوت القيام بها؛ لما فيها من توفير كبير.

 

* عمل البسبوسة

 الصورة غير متاحة
 

- 2 كوب سميط بسبوسة.

- كوب سكر، قطعة قشدة.

- 1/3 كوب لبن.

- ملعقة ممسوحة بيكنج بودر.

- يبس جيِّدًا حتى يتشرب المادة الدهنية ثم نضعها في صينية مقاس 30 مدهونة سمن في فرن متوسط الحرارة، وتسقى بالشربات البارد (كوب ونصف سكر مع 2 كوب ماء)، بعد احمرارها.

يمكن استبدال السمن بـ1/3 كوب زيت ذرة أو عباد.

 

وفي فترة الامتحانات ومع اقتراب موسم الصيف والإجازات؛ يمكن للأم عمل أصناف خفيفة ولذيذة وجديدة تفرح بها أولادها، مثل:

* تورتة البسكويت البارد بالشكولاته

- 5 عبوات بسكويت سادة، 1/2 كوب لبن

- عبوة كريم شانتيه وشيكولاته خام لتذاب في حمام ماء على النار أو قطع شيكولاته عادية ومبشورة.

- أحضري صينية مقاس 30، وضعي طبقةً من البسكويت، ثم ضعي قليلاً من اللبن، ثم طبقة كريم شانتيه، وطبقة مربى أو عسل نحل، ثم ضعي طبقة بسكويت أخرى وقليلاً من اللبن وكريم شانتيه، ثم ضعيها بالفريزر أو الثلاجة كي تجمد ثم نقلبها ونقطعها وتقدم للأكل، (يمكن تمرير الصينية على النار ليسهل قلبها).

 

جدة عصرية

وتنصح الحاجة حميدة عبد الحميد الفتاة أن يكون لديها الرغبة والاستعداد للتدبير والاقتصاد؛ كي تعرف كيف تدير بيتها بعد الزواج وتواجه أوقات الغلاء كالتي نعيشها الآن، فتقوم بإعداد الوجبات في المنزل، وكذلك المواد الأساسية كالصابون وغيره، ولا تجري وراء المواد والسلع الجاهزة التي تنبهر بها في الأسواق وتدمر ميزانية الأسرة، وكذلك على الأم ألا تلبي كل رغبات أبنائها في شراء الأكلات أو اللعب أو الحلوى التي يشاهدون إعلاناتها، وعليها دائمًا أن تذكِّر نفسها وأولادها بالقول الحكيم "أو كلما اشتهيت اشتريت؟!"، وبذكائها تعرف الأم ما الذي يحبه أبناؤها، وتعده لهم؛ كالبيتزا والشطائر والبطاطس الشيبسي وغيرها من الأكلات السريعة التي تجذب الصغار والكبار.

 

وتضيف: هذا ما أفعله مع أحفادي المقيمين معي الآن، ورغم كبر سني فإني أحرص على صنع كل ما ينبهرون به من وجبات جاهزة وتكون تمامًا كما يأكلونها في الخارج، وبذلك أرضيهم وأقدم لهم بديلاً صحيًّا وشهيًّا في نفس الوقت.

 

* طريقة البيتزا

 الصورة غير متاحة
 

- 1 كيلو دقيق، 1 كوب زيت، 3 ملاعق خميرة بيرة.

- ملعقة ملح صغيرة، ملعقة سكر كبيرة.

وتعجن بقليل من اللبن حسب نوع الدقيق حتى تصبح عجينةً لينةً وتقسم إلى كرات على 3 صواني كبيرة أو حسب الموجود، وقومي بدهن الصواني زيتًا ثم قومي بفرد العجينة فيها واتركيها حتى تتخمَّر، ومن الممكن أن تجمديها حتى تجهزي الخلطة وتكون عبارة عن: بصل مبشور ضعيه على النار مع قليل من الزيت مع عصير الطماطم وقليل من الملح والفلفل، وافركي قليلاً من الزعتر وفص ثوم مفري كي يعطيها طعمًا طيبًا، ثم أفرديه بعد نضجه على البيتزا وضعي شرائح الطماطم والفلفل والزيتون مع الجبن والبسطرمة أو بواقي قطع الدجاج أو اللحم المفروم أو الجمبري أو التونة؛ حسب رغبة الأولاد.

 

* شاورمة الدجاج

- 1/2 كيلو صدور دجاج، أغسلها ثم أجمدها حتى أقطعها شرائح صغيرة، ثم أنقعها في قليل من الخل، وقد أبيِّتها فيه، ثم أحضر الخضار (البصل والطماطم والفلفل الأخضر)، أقدح الزيت، وأضع الدجاج حتى تتشرَّب ماءها، ثم أضع قطع البصل وأسوِّيها بعض الشيء قبل أن أضع الطماطم والفلفل والتوابل والملح.

 

* الكبدة الإسكندراني

- 1/2 كيلو كبدة، أجمدها وأقطعها شرائح صغيرة، وأنقعها في الخل، ثم أحضر فصين من الثوم والفلفل الحامي مع الكمون وأضيفها للكبدة، وأقدح الزيت، وأسوِّيها على نار حامية ثم هادئة ثم أضع الملح والفلفل.

 

* حفظ الخضار

حفظ الخضار الطازج يكون أفضل وأكثر إفادةً وأوفر من الخضار المحفوظ الجاهز.. البسلة بالجزر تخزن كما هي.. البامية أقمعها وتوضع في ماء مغلي ثم تصفَّى وتُبستر وتُحفظ في أكياس ومثلها الفاصوليا الخضراء.. السبانخ تغسل وتصفى وتخرط وتعبَّأ في أكياس. وكل الخضروات تخرج من الفريزر وتطبخ مباشرة وهي مجمدة حتى لا تفقد قيمتها الغذائية وعناصرها المفيدة.

 

لا تسرفوا

تقول ميرفت محمد (المستشارة الاجتماعية): يجب أن يكون مرجعنا في كل شيء القران.. قال تعالى ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (الأعراف: من الآية 31)، قال الإمام القرطبي عن هذه الآية: إنها جمعت الطب كله؛ فالغلاء دخل كل البيوت، ولا بد مع ذلك من وجود خزين كما يقال، وهي أشياء لا نستغني عنها مهما زادت أسعارها؛ كالزيت والسكر والسمن والدقيق والمكرونة والبقوليات وغيرها، بالإضافة إلى ما اعتاد عليه الناس في المواسم والمناسبات، سواءٌ الإسلامية أو ما يحتفلون به تبعًا للعادات والتقاليد، فيحتفل بها الناس بأنواع من الطعام كثيرة، وقد يقترض المرء كي تعد الزوجة أكل الاحتفالات؛ مثل كعك العيد أو شراء حلوى المولد وغيرها، فيؤدي ذلك إلى كثرة الضغوط على الرجل، فيهرب مكبَّلاً بقيود العجز عن تحقيق حاجات بيته وطلبات أولاده من مأكل ومشرب وملبس؛ لشعوره بأنه ممول فقط.

 

وإن كان غلاء الأسعار محنةً إلا أنها بداخله منحةً حتى ينتبه الناس، ويتغير نمط حياتهم وعاداتهم الاستهلاكية السيئة، ويحاولوا إيجاد بدائل أقل في التكلفة وبقيمة غذائية مماثلة، وعند شراء لبس العيد مثلاً من الممكن الاستفادة من أوقات التخفيضات وشراء ما يناسب الأبناء، وقد يكون أكبر درجة أو اثنتين إذا لم يتناسب مع الجو في العيد، فيرتديه السنة المقبلة، وهكذا أخرج بهدف تربوي؛ أن أتجنَّب الزحام قبل العيد ولا أنشغل عن أيام العبادة التي تسبق عيدَي الفطر والأضحى، ويتعلَّم الأولاد معنى الاقتصاد وعدم الإسراف والتقليد والجري وراء الموضة.

 

من الممكن شراء الخزين والخضار والفاكهة وحتى الخبز بالجملة وتقسيمه بين الأهل أو الأقارب أو الجارات، حسب حاجة كل بيت، وأحاول استغلال الموارد بشكل صحيح وحفظ الباقي لحين الحاجة إليه، وقد قال أحد الصحابة "إني لأبغض أهل بيت ينفقون رزق أيام في يوم واحد".

 

لا بد من التنوع في الوجبات؛ فبجانب اللحوم والدجاج والسمك هناك الكشري والعدس والبصارة، وما يمكن أن تبدعه المرأة في بيتها كثير، وما يفرق بين أكل وآخر ليس نوعية الطعام بقدر شكل وطريقة تقديمه، وكما يقال "العين تأكل أولاً"، وفي حديث "لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي" ما يشير إلى أن المؤمن هو الذي لا ينظر إلى نوعية الطعام أو حجمه، ولكن سيشكر مضيفه على أي حال، ويدعونا كذلك إلى نبذ التعامل المادي الذي سرى بيننا جميعًا؛ فالمظاهر المادية أخذت الناس، وأصبح الكل ينظر إلى ما عند غيره ويقارن بحاله؛ سواءٌ في المأكل أو الملبس أو حتى كماليات الحياة.

 

فعلى المرأة أن تكون مدبِّرةً في بيتها، وأن تستغل الميزانية بشكل جيد عبر التقليل من طهي المأكولات المرتفعة الأسعار، والاستغناء عن الأطباق والحلويات التي يدخل الحليب في مكوناتها، وتغيير المواد المستخدمة في حشو الفطائر والعجين؛ حيث يمكن وضع البطاطس المسلوقة أو الجبن بالبقدونس بدلاً من اللحم المفروم أو الدجاج، فقاموس البدائل في الأطعمة كبير، ويمكن إعداد وجبات صحية ومتكاملة بأقل الأسعار، ويمكن استبدال البروتينات كاللحوم والأسماك والدجاج بالبيض والحليب ومنتجات الألبان، كما يجب أن تحتوي الوجبات على الفيتامينات والأملاح المعدنية للاستفادة منها؛ أما الأرز والنشويات فتتراكم تحت الجلد، وتتحول إلى دهون تؤدي إلى السمنة.

 

عمل طواجن في الفرن يحافظ على قيمة الطعام، وتزيد القيمة الغذائية في الخبز والعدس والفريك والبرغل، ويمكن عمل التوازن بين البروتين النباتي والحيواني في طبق كشري مع البيض المسلوق والسلطة الخضراء، وتناول اللوبيا والفاصوليا والبقوليات مع الجبن، ويمكن أن يحل الخبز محل الأرز، ويمكن تناول الكبار المواد الغنية بالكالسيوم والأملاح المعدنية؛ مثل الحمّص والخضروات الورقية والفجل والبيض بدلاً من اللبن.

 

أما الصغار فالحليب مهم جدًّا لهم، والبروتين أهم ما في غذاء الإنسان، وتكمن أهميته في قدرته على بناء أنسجة الجسم وتركيب الهرمونات والإنزيمات ونمو العضلات، والمرأة الذكية هي التي تتقن ثقافة إيجاد البدائل في كل شيء، فتوفره لأبنائها بشكل صحي ومتجدد من خلال إعداد وجبات متنوعة وذات قيمة غذائية عالية.

 

* الفول المدمس

 الصورة غير متاحة

 

1 كيلو فول تدميس، أنقعه من المساء إلى الصباح ثم أشطفه وأسلقه في وعاء إستانلس، وأضع بصلة، وحبة طماطم، أو ملعقة صلصة، و1/2 كوب أرز أو عدس أصفر مع 1/2 كوب فول مدشوش حتى يتماسك، وأثناء السلق أضع نصف ليمونة بدون عصر، ولا تكون النار عاليةً حتى لا تنفصل القشرة والتقليب يكون بملعقة خشب.

 

* الطعمية

1 كيلو فول مدشوش جيد، أنقعه ليلة ثم أضع عليه الخضرة (شبت وبقدونس وكزبرة وكرات)، ولا أضيف ماء أو بيكربونات صوديوم ويمكن وضع بصلة واحدة وراس ثوم وفلفل أخضر، ثم أعدها في الكبة أو الخلاَّط وأحفظها في الفريزر وأقليها نصف مجمدة في زيت غزير ساخن.

 

* البسطرمة

قطعة لحم مستطيلة حمراء لا توجد بها أي عروق أو دهون، 2 ملعقة ثوم مفري
1 كوب حلبة مرة ناعمة ومطحونة، 2 ملعقة شطة، ملح.

 

نغسل اللحم ونشطفه بماء بارد، ثم نصنع به شقوق ونضع فيها الملح، وألفّها بعدة طبقات من الورق، وألفّها بخيط قوي مع الضغط عليها وتركها 12 ساعة تتدلَّى في مكان مفتوح متجدد الهواء، ثم أفكها وأغسلها مرةً أخرى واخلط العجينة السابقة (الثوم، الحلبة، الشطة، الملح) ونلفُّ بها اللحم مع الضغط عليها لتدخل في الشقوق ونغطيها بقوة ونعلقها مرة أخرى ونحيطها بقطعة قماش لمدة أسبوع حتى تجف تمامًا وتكون جاهزةً للاستخدام ويمكن حفظها في الفريزر لمدة.

 

* صابون الأطباق

1 كيلو سالفونيك (المادة السوداء)، 750 جرامًا سيليكات صوديوم، 100 جرام صودا كاوية، 10 لترات ماء ذرة صغيرة بولي (من عند العطار أو محل الصابون)، أذوب السالفونيك في 3 لترات ماء في اتجاه واحد وأذوب الصودا في كوب ماء وأضيفها على السالفونيك والبولي وأذوب السيليكات وأضيفها على الخليط، وأخففه وأضع اللون والرائحة حسب الرغبة.

 

* البلسم

500 جرام ماء بلسم من العطار أو الصيدلية، 250 جرامًا شمع نحل، ويضرب في الخلاط، وأتركه في الشمس يجف ثم أصفيه، 1/ 4 ملعقة ملح ليمون، 25 مليجرامًا ملين رائحة، أضع من 3 إلى 6 لترات ماء يضاف الشمع مع ماء البلسم حتى يذوب، وأضع الماء الدافئ لترًا لترًا ثم أضيف الملين والرائحة، أسخن الماء، وأضع الشمع حتى ينصهر ثم أضيف ملعقة ملح الليمون ثم أضعها على ماء البلسم وأرجه وأقلبه في زجاجات ثم أضيف الملح الباقي والملين والرائحة.

 

للاهتمام بالشعر يفرق من المنتصف ولا يصفف للخلف حتى لا يتقصف، والزيوت الطبيعية المخلطة من عند محل الصابون أفضل للشعر من العادية التي تكون نوعًا واحدًا فقط.