قال تعالى: ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35)﴾ (طه).

 

توضح هذه الآية الكريمة معنى الأخوة الصادقة؛ حيث يطلب سيدنا موسى من الله تعالى أخًا يعاونه ويشد به أزره ويكون له شريكًا يشاوره في أمره؛ ليذكرا الله.

 

فمن علامات الإيمان الأخوة الصادقة التي تدفع الأخت إلى أن تحب لأختها كل ما تتمناه لنفسها.

 

فبالحب الخالص لوجه الله تستطيع المربية استيعاب كثير من النفسيات، ولن أنسى توجيهات الوالد- عليه رحمة الله- حين كان يوصينا قائلاً: "حافظي على بضاعتك الدعوية (يقصد بها المدعو) وتحمليها أيًّا كانت طبيعتها لتفوزي في التجارة الرابحة بأجر عظيم"، إشارةً إلى حديث رسول الله "لأن يهدي الله بك رجلاً خيرٌ لك من الدنيا وما فيها".

 

فبالفهم الصحيح لمهمتك وبالإخلاص في أدائك إخلاصًا ربانيَّ المصدر والوجهة، وبالإخوة الصادقة والتجرد من هوى النفس والتضحية بالوقت والجهد والمال لخدمة أخواتك، وبالثبات والصبر على المدعو والجهاد بهمة عالية من أجل إعداد لبنة صالحة لبناء أسرة مسلمة فمجتمع مسلم.. بهذه الأعمدة والأركان تحصلين على جودة عالية في أدائك كمربية فتستوعبين وتربين وتفهمين كل النفسيات وتحسنين التعامل معها.

 

ومع ذلك فإننا سوف نعرض بعض الأنماط وكيفية التعامل معها:

1- الإيجابية:

وهي التي تتفاعل وتُصغي وتسأل وتقدِّم اقتراحات بنَّاءة واعتراضات مقبولة.. المتحمسة.. ذات الطبيعة الجادة الهادئة والحاسمة.

 

* أسلوب التعامل:

الاستماع لاقتراحاتها.. تشجيعها.. استشارتها في بعض الأشياء.. ومناقشتها في آرائها واعتماد الجيد منها.

 

 الصورة غير متاحة

استشيريها في بعض الأمور الشخصية لتعميق ثقتها في نفسها، ثم كلِّفيها ببعض المهام التجريبية، وادفعيها، وتذكري دائمًا أننا في حاجة إلى ردائف ذات تدريب جيد.

 

2- المشاغبة:

وهي التي تعترض دائمًا ولا تتنازل عن رأيها.

 

* أسلوب التعامل:

اشغليها عن المشاغبة بأعمالٍ لتمتصي طاقاتها.. ردي على اعتراضاتها بصبر وقناعات تخفف من الاعتراض.. تحدثي معها على انفراد لتتعرفي على ما بداخلها؛ لعل شيئًا ما يضايقها.

 

3- الانطوائية أو الخجولة:

وهي التي لا تشارك.. تفتقد الثقة في النفس.. المترددة في إبداء الرأي.. لا تبدأ الحوار.

 

* أسلوب التعامل:

تقرَّبي إليها وشجِّعيها.. تعرَّفي على الأسباب.. ذلِّلي لها العقبات.. كلِّفيها بالأعمال المناسبة وادفعيها وأعطيها ثقة في نفسها.

 

4- الثرثارة:

كثيرة الكلام.. غير المنظَّمة في عرض أو مناقشة موضوع، التي تحكي القصة بالتفصيل ولا تكتم سرًّا.

 

* أسلوب التعامل:

توعية مباشرة لأهمية الحفاظ على الأسرار، ولكن لا تصدميها في عواطفها.

 

5- المتعصبة لرأي (مناكفة):

السريعة الغضب، التي لا يعجبها شيء وترفض الأفكار الجديدة عليها.

 

* أسلوب التعامل:

حافظي على هدوئك في التعامل معها، ولا تتعصَّبي مثلها، وكوني ناصحة صبورة.. ذكريها بأن هذه الجلسة هي لله، وتحفها الملائكة التي تهرب من الصياح.. كوني إيجابية معها وحازمة في نفس الوقت.. تعاملي بأسلوب الحوار والنقاش في حل المشكلات من منطلق (ما الحل؟).

 

6- المتكلفة:

صعبة التعامل، التي تمتص المعلومات ولا تعطي ولا تتفاعل، وتغلق على نفسها ولا تتعرف عن قرب مع أحد.

 

* أسلوب التعامل:

التودد إليها لتذوق جمال وثمار الأخوة في الله.. قدمي لها نماذج عملية في التعارف عن قرب والتكافل الأخوي، وضِّحي لها فضل من يتعلم ويعلم.. أيقظي إيمانها.

 

7- المغرورة:

القوية المعتدة بنفسها المعتزة برأيها المتسلطة الرأي، التي تنافس حتى ولو خارج الموضوع، ولا تثق في الناس، وتقاطع كثيرًا، وتعترض كثيرًا وتدَّعي المعرفة.

 

* أسلوب التعامل:

احتويها، ولا تسخري منها حتى لا تتمادى.. استعملي معها عبارات "نعم ولكن".. اجلسي معها ثنائيًّا ليسهل عليك غرس بعض القيم التي تحتاجها، وأظهري لها أهمية العمل الذي تقوم به.

 

8- المُدَّعية ما ليس فيها:

التي تجدينها مسيطرةً، تفتخر وتمدح نفسها، ساخرةً من غيرها، تعترض بسهولة على ما تشارك فيه.

 

* أسلوب التعامل:

 الصورة غير متاحة
إيقاظ الإيمان.. وتعويدها بوسائل عملية دائمًا على تجديد النية وحسن التوجه إلى الله.. كلِّفيها بأعمال خيرية، وأوصيها ألا تتحدث عنها مع أحد.. أعطيها اهتمامًا عاطفيًّا؛ لعلها تحب أن توجَّه العواطف نحوها، ولكن في نفس الوقت علِّميها أن الذي يربط أخوتنا هو القرآن والسنة.

 

9- الحساسة والمتقلبة عاطفيًّا:

السطحية الانفعال في كل الأحوال، التي تعجز عن إقامة علاقات لمدة طويلة، وتأخذ الأمور على أنها شخصية، ولا تلتمس الأعذار بسهولة.

 

* أسلوب التعامل:

تعميق معنى الإخوة بوسائل عملية وكثرة المعايشة.. لا تنقديها أمام الآخرين.. وجِّهيها ثنائيًّا وتجنَّبي إثارتها أمام الجميع.. كوني معها صبورة وحاسمة في نفس الوقت.

 

10- الأكبر سنًا من المربية:

الأصل ألا نعتبرها مشكلة، وبما إنها أكبر سنًا فبالتأكيد لديها خبرات مختلفة، فحاولي أن تُشعريها بأهمية ما عندها، حتى ولو كانت خبرات منزلية.. تعاملي معها باحترام.. لا تحقِّري لها اقتراحًا.. استشيريها في بعض أمورك الشخصية.. سهِّلي عليها عملية التلقي.

 

لا تنسي أن العلاقة الثنائية مع كل فرد تساعد على استكمال الدور التربوي وتوثيق العلاقة والانفتاح الكامل لمعالجة العيوب السلوكية والنفسية والفكرية واكتشاف الطاقات.

 

وهذه وسائل عملية تُعين على ذلك:

- رحلة خلوية معًا والجلوس في مكان هادئ.

- الاتصال الهاتفي والرسائل التي تحمل معانيَ جميلة.

- الدعوة إلى طعام وتبادل الخبرات النسائية المفيدة.

- اصطحاب بعضهن وزيارة ذوات الخبرات المختلفة.

وإلى لقاء آخر في حلقة قادمة حول أهداف الحلقة التربوية وكيفية إدارتها.