تعودنا نستمع لفوازير عبر برامج تبث من القنوات الفضائية، ولم نتعود أن نستمع لفوازير سياسية، ولكننا في هذه الأيام مللنا ونحن نستمع لفوازير سياسية يُطلقها بعض قادة فتح في حواراتهم مع الفصائل الفلسطينية في القاهرة.

 

وأول هذه الفوازير حكومة وطنية أو حكومة توافق وطني، والفزورة تقول الحكومة وطنية ويجب أن تعترف بالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية (أوسلو وأنابوليس وخارطة الطريق ومستلزماتها)، وتستجيب لشروط الرباعية الدولية.

 

والمطلوب حل الفزورة؛ أي كيف ستكون الحكومة وطنية وهي تستجيب لإملاءات أجنبية معادية للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني؟!!، وهؤلاء الأجانب هم الذين أسسوا وأقاموا لليهود دولةً في أرض فلسطين، ففي الاستجابة لشروط الرباعية الدولية (الاعتراف بدولة الكيان ونبذ المقاومة) تفريطٌ بالحقوق الوطنية، فمن الحقوق الوطنية أن كلَّ أرض فلسطين للفلسطينيين ثم للمسلمين، وأن من حقوقِ الشعب الفلسطيني أن يعودَ المشرد منه إلى أرضه وممتلكاته الذي شُرِّد منها، فكيف تكون وطنية ومطلوبٌ منها أن تعترف بشرعية دولة الاحتلال المقامة على حقوقنا الوطنية؟!.

 

والفزورة الثانية: يقول قادة حركة فتح نريد من الحكومة أن تعترف بدولة الكيان الصهيوني ولا نريد من الفصائل والقوى الفلسطينية أن تعترف بذلك، وأن حركة فتح لم تعترف بإسرائيل ولا بشروط الرباعية الدولية.

 

أريد حل الفزورة السابقة مع الانتباه بأن الفصائل المتحاورة في القاهرة هي التي ستختار تشكيلة الحكومة وبرنامجها الذي يتضمن الاعترف بدولة الكيان الصهيوني وشروط الرباعية كما تريد حركة فتح، وبعض أعضاء هذه الفصائل سيكونون ضمن وزراء الحكومة، فمثلاً حركة حماس ستوافق على برنامج الحكومة وسيكون منها وزراء في الحكومة ثم ستعرض الحكومة وبرنامجها على المجلس التشريعي لتأخذ الثقة، والمجلس التشريعي معظم أعضائه من حركة حماس الذين يصوتون للحكومة وبرنامجها؛ أي هم موافقون على اعتراف الحكومة الفلسطينية الوطنية بدولة الكيان الصهيوني وشروط الرباعية، ثم ما حدود هذه الدولة الذي يطالبون الاعتراف بها؟!! أتحدى أن يُبين أصحاب الفزورة ذلك.. فالمحتل اليهودي كل يومٍ يسرق من أراضي الضفة الغربية، وأقام الجدار الذي نهب أكثر من 48% من أراضي الضفة العربية و80% من مائها.

 

وأذكر هنا أنَّ محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية السابق قد أطلع الرئيس الأمريكي بوش- أثناء زيارة الأولى- على خارطة الجدار العازل، وقد تعجَّب بوش وقذف بالخارطة إلى نائبه ديك تشيني قائلا: "ما هذا؟ أين الدولة الفلسطينية؟"، وأحمد قريع رئيس وزراء السلطة الفلسطينية السابق قد صرَّح لقناة (العربية) الفضائية يوم الأحد 26/10/2003م بأنّ الجدار يجعل إقامة دولة فلسطينية مجرد نكته؛ لأنه يبلع الأراضي الفلسطينية.

 

يقول أصحاب الفزورة الثالثة: نريد حكومة تفك الحصار عن الشعب الفلسطيني، وأريد أن أسأل أصحاب الفزورة لقد شكَّلت فتح حكوماتٍ متعددة قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، كلها تعترف بدولة الكيان وشروط الرباعية الدولية.. فهل أوقفت اغتصاب وسرقة أراضي الضفة وتهويدها بما فيها شرق القدس؟ وهل أوقفت بناء جدار الفصل العنصري؟ وهل أوقفت الاجتياحات الصهيونية المتكررة والمستمرة لمدن وقرى الضفة الغربية؟ وهل أوقفت قيام القوات اليهودية باعتقال وأُسر مَن تريد من أبناء شعبنا بل أحيانًا قتل ما يزعم الصهاينة أنه مطلوب لهم؟، وهل رفعت أيًّا من الحواجز العسكرية التي قسَّمت الضفة الغربية لمئاتِ الأقسام المنفصلة عن بعضها، وفي نفس الوقت تُذيق الناس- أثناء تنقلاتهم- هناك كل أصناف الأذى والظلم والاضطهاد؟.

 

ثم إن حكومة فياض قدَّمت للمحتل الصهيوني ما لم يحلم به من محاربةِ المقاومة ونزع سلاحها واعتقال أبنائها وتعذيبهم، وحل وتفكيك ما يسمونه البنية التحتية لحركة حماس، بل تكميم خطباء المساجد والدعاة ومنعهم من الحديث عن مقاومة المحتل....إلخ.

 

فهل استطاعت هذه الحكومة رفع الحواجز العسكرية التي تقطع الضفة الغربية وتفك الحصار عن أهلنا في الضفة الغربية وإيقاف هدم البيوت في شرق القدس وإيقاف الحفريات تحت المسجد الأقصى؟، أليست حكومة فياض مرضي عنها بامتياز من الرباعية وحكومة الاحتلال؟.

 

ربما فك الحصار هو قيام الدول الغربية بإرسال الأموال كرواتبٍ للموظفين، ولتذهب الأرض الفلسطينية لليهود الناهبين ما دام المانحون يرسلون للسلطة المال.

 

وأخيرًا.. صدق الله تعالى إذ يقول: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (120)﴾ (البقرة).

-----------

* القيادي في حركة حماس