هو من الشخصيات التي تأثَّرت بالدعوة وأثَّرت فيها وتركت بصمات عظيمة منذ التحق بركبها وهو في المرحلة الجامعية حتى توفاه الله، غير أن المصادر عن فترة طفولته ومرحلة الثانوي تكاد تكون غير معروفة أو غير متوفرة، لكن من الواضح أنه نشأ في طنطا محافظة الغربية فيقول الدكتور حسان حتحوت: "أن مما أذكره أنه كان سعيد رمضان وهو في نظري من خطباء القرن العشرين منذ كان طالبًا، فقد جاء من طنطا لكي يدخل كلية الحقوق، فكان خطيبًا مفوهًا، وكثر الطلبة عليه، وأصبح يلقي الخطب والمحاضرات، فذهبتُ إلى الأستاذ البنا وقلت له سعيد رمضان يستقر في بيته حتى يأخذ الليسانس والماجستير والدكتوراه ثم يخلي بينه وبين الناس، وكانت الجملة التي قلتها له: "إن مفكرًا واحدًا خيرٌ للدعوة من ألف جندي".

 

التحق بكلية الحقوق جامعة الملك فؤاد وبرز بها بعد التحاقه بجماعة الإخوان المسلمين، يقول الأستاذ جمعة أمين عبد العزيز عن فترة دراسته: "في عام 1942م تشكَّلت جمعية الثقافة بكلية الحقوق، وكان المشرف على نشاطها الدكتور عثمان خليل عثمان، وفي عام 1944م نشطت الجمعية بجهود بعض الإخوان الذين اشتركوا في أنشطتها، وقاموا بتفعيلها، لا سيما لجنتي الخطابة التي يتولى أمرها الأخ سعيد رمضان، ومعه الإخوة السيد طه أبو النجا، وحسن علام، وحسن عبد الحليم، وعماد الدين عسكر.

 

وقد تكون مجلس إدارة الجمعية من: محسن سامي سراج الدين سكرتيرًا، سعيد محمد العيسوي أمينًا للصندوق، سعيد علام عضو ورائد لجنة المجلس، إسماعيل صبري عضو ورائد لجنة المجلس، السيد طه أبو النجا عضو ورائد لجنة الخطابة والمحاضرة، سعيد رمضان عضو ورائد لجنة البحث والمناظرة وسكرتير المجلس، والجدير بالذكر أن الأخ سعيد رمضان كان مندوب الإخوان المسلمين بالجامعة في تلك الفترة.

 

لقد كان موضع ثقة الإمام البنا منذ أن كان طالبًا، وما إن حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة في 1946م عن عمرٍ يناهز العشرين، حتى اختاره حسن البنا ليكون سكرتيره الشخصي وهو ما يزال شابًّا يانعًا، توسمًا لصفاته وإعجابًا بحماسه وإخلاصه، ثم تولى إدارة مجلة (الشهاب) الشهرية التي أصدرها الإمام الشهيد في غرة المحرم 1367ﻫ الموافق 14 من نوفمبر 1947م لتكون مجلة شرعية على منوال مجلة المنار، تهتم بالبحوث والقضايا الإسلامية، وكانت شهرية جامعة تصدر مع غرة كل شهر عربي، وقد رأس الإمام البنا تحريرها، وكان صاحب امتيازها، أما مدير الإدارة فكان الأستاذ سعيد رمضان.

 

بعد قليل، أرسله الإمام البنا في مهمة إلى فلسطين بهدف إنشاء فرع للإخوان فيها، فقام الملك عبد الله بتعيينه، بناءً على توصيةٍ من الحاج أمين الحسيني، رئيسًا للفرقة العسكرية في القدس لكنه استقال بعد شهرين بسبب أنه جاء للقيام برسالة لا لتولي المناصب.

 

يقول عنه المستشار عبد الله العقيل: "والأستاذ سعيد رمضان من المقرّبين للإمام الشهيد حسن البنا؛ حيث زوَّجه كبرى بناته، وهو داعية موفّق، وخطيب مفوَّه، وسياسي محنك، يشد قلوب الجماهير وهو يخطب، ويأخذ بمجامع القلوب في أحاديثه الروحية بالكتائب والأُسر، كما كان له دور فاعل ومؤثر في أوساط الفلسطينيين، الذين وجدوا فيه الصورة الصادقة للأخ المسلم، الذي تسمو عنده رابطة العقيدة والدين على رابطة الجنس والطين، ويعيش للإسلام جندياً من الجنود في أي موقع كان.

 

وكان إلى جانب كونه داعية موفقاً وخطيباً مصقعاً، ومحاضراً ناجحاً، يغوص في أمهات المسائل العلمية  للكون والإنسان والحياة، لقد كان الأستاذ "أبو أيمن" رحمه الله محبوباً من جماهير الإخوان المسلمين، وبخاصة الشباب، وله في كل قطر إخوان وخلان يذكرونه بخير، ويحبونه غاية الحب، ويدعون له لأنه من أسباب هدايتهم إلى طريق الحق والخير.

 

إن الأستاذ سعيد رمضان داعية مرهف الإحساس، كريم الطباع، جياش العاطفة، غزير الدمعة، تغلب عليه الروحانية، وتأسره الكلمة الطيبة، ويتفانى في الأخوَّة الروحية، يَبكي ويُبكي إذا تحدَّث أو خطب، أو حاضر، أو ناظر، ويرجع عن الخطأ إذا عوتب، ويستسمح إخوانه، ولا يحمل الحقد ولا الضغينة لمسلم، بل يُؤثر الاعتزال إذا ما أخطأ معه أحد ولا يعاتبه أو يحاسبه على إساءته له".

 

ويقول العلامة السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي في كتابه القيم: "مذكرات سائح في الشرق العربي:

 

"وكان الإخوان أخبروني بوجود سعيد رمضان في القاهرة وأخبروني بنشاطه في العاصمة والأرياف، وتنقلاته واتصالاته بزملائه أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وكنت حريصًا على الاجتماع به وبإخوانه، لأنني أعتبر الاجتماع برجال الدعوة والحركة الإسلامية من أكبر حسنات هذه الرحلة وأطيب ثمراتها.

 

وقد كتبتُ للأستاذ صالح عشماوي أخبره بسفري إلى مصر، ورغبتي بالاجتماع به وبإخوانه، وحين علمت بوجود الأستاذ سعيد رمضان، أبديتُ رغبتي بالاتصال به، حيث شرَّفني بزيارته مع رهطٍ من الإخوان الشبان من طلبة الكليات، وأعجبني من نشاطه وخفة روحه التي كانت تبدو في حركات يده وأسارير وجهه وإقباله على الجالسين كلهم بالفكاهة والخطاب، وأعجبني ذهنه المتوقد، وقلبه المتفتح، ثم غادرنا على أن نجتمع غدًا بعد زيارتنا للأستاذ صالح عشماوي، وفي الصباح جاءنا الأخ يوسف القرضاوي والأخ محمد الدمرداشي، ثم جاء بعدهما الأخ عبدالله العقيل ليأخذنا إلى مكتب الأستاذ صالح عشماوي الذي قابلنا بعناق حار، فكلانا مشتاق إلى صاحبه، ثم خرجنا منه إلى منزل الأستاذ سعيد رمضان الذي كان في انتظارنا؛ حيث كان الحديث عن الهند وحركة الدعوة الدينية والجماعة الإسلامية فيها.

 

وفي مساء الغد حضرنا محاضرة للأستاذ سعيد رمضان في قاعة عبد الحميد سعيد بدار الشبان المسلمين بالقاهرة.. وكانت محاضرة طويلة استغرقت ساعتين وكان موضوعها "الجامعة الإسلامية" وكان الحضور كبيرًا ومعظمهم وقوف رغم سعة القاعة، وكانت الخطبة تُقاطع بالهتاف والتكبير والتحميد من الجماهير الغفيرة المتحمسة".

 

سعيد رمضان وفلسطين

وعن دور الأستاذ سعيد رمضان في القضية الفلسطينية وجهاد الإخوان المسلمين البطولي فيها منذ سنوات طويلة، يقول الأستاذ كامل الشريف في كتابه القيم "الإخوان المسلمون في حرب فلسطين: "لا يزال أهل فلسطين الأوفياء يحمدون للداعية الإسلامي سعيد رمضان مواقفه الكريمة وأثره البالغ في توجيه الشباب العربي وجهة صالحة".

 

شارك الإخوان المسلمين مشاركةً فعالةً في حركة التطوع للجهاد في فلسطين عام 1948م، وكان من قادتها في منطقة صور باهر والقدس، ثم عُيِّن حاكمًا عسكريًّا للقدس أثناء الحرب بتكليفٍ من الملك عبد الله.

 

ثم غادرها بعد الهدنة حين أجبرت الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا الجيوش العربية على إلقاء السلاح وإيقاف الحرب والانسحاب من فلسطين، واعتقال الإخوان؛ حيث قام الجيش المصري بأوامر من فاروق باعتقال المجاهدين من الإخوان المسلمين المصريين في فلسطين وإرسالهم إلى معتقل الطور بمصر؛ تنفيذًا لأوامر المستعمرين واليهود.

 

يقول المستشار العقيل: "سعدتُ بلقائه في بغداد عام 1948م، حين توجه إليها عائدًا من فلسطين، حيث كانت الحكومة العميلة بمصر تطالب باعتقاله، وقد استقبله الإخوان المسلمون في العراق أحسن استقبال بما يجب نحوه، كأخ مسلم مجاهد، وداعية من دعاة الإخوان المسلمين، حيث تصدوا للحكومة العراقية التي كانت تريد تسليمه لمصر بناءً على طلب حكومتها، واستقرَّ الرأي على أن يُغادر العراق إلى باكستان، حيث وافقت حكومة العراق على عدم تسليمه لمصر، على أن يغادرها بأقرب وقت فقرر الإخوان المسلمون في العراق تأمين سفره، وسافرتُ معه من بغداد إلى البصرة بالقطار، وكان السفر إلى باكستان من مطار البصرة الدولي آنذاك، وكان برفقتنا حارس ليضمن مغادرته العراق وعدم تخلفه، وكانت رحلة ممتعة عرفتُ فيها سعيد رمضان جيدًا، وحدثني عن الإخوان المسلمين حديث العارف البصير.

 

بعد قيام الكيان الصهيوني في 1948م رحل سعيد رمضان إلى باكستان، باعتباره سفيرًا للإمام البنا؛ حيث تنتظره مهمة أخرى ذات أهمية خاصة: تمثيل الإخوان في المؤتمر الإسلامي العالمي المنعقد في كراتشي. بل إن اسمه طُرح ليصبح أول أمين عام للمؤتمر.

 

وبعد اغتيال معلمه الأستاذ حسن البنا في 1949م بدأ سعيد رمضان يدرك الدرس، ألا وهو ضرورة التضحية بكل شيء في سبيل نشر "دعوة الإسلام" في كل مكان، فيعود لمصر في سنة 1950 عندما رفع الحظر عن الجماعة بعد حكم المحكمة التي حكمت بعودة جماعة الإخوان المسلمين وإلغاء قرار الحل الذي أصدر النقراشي باشا، ويقوم سعيد بتحرير جريدة (المسلمون) الشهرية بالعربية والإنجليزية، وهي التي تصبح عمودًا فقريًّا لبثِّ فكرة الإخوان في العالم: من المغرب إلى إندونيسيا مرورًا بفلسطين والسودان والأردن ولبنان والجزائر.

 

يقول طارق سعيد رمضان عن والده وعلاقته بجده: "كل الناس كانوا يسمون أبي في مصر حسن البنا الأصغر؛ فقد كان جدي يرسله للتحدث في أبعد أقاليم مصر مع أنه لم يكن يجاوز آنذاك السادسة عشرة من عمره.

 

ولقد تأثَّر باغتيال معلمه الأول الإمام البنا فكتب يقول: "آه.. قتل حسن البنا بعد عشرين عامًا قضاها في جهاد مرير متصل الأيام والليالي، لن أنسى جولاته في الأقاليم لا ينام إلا ساعتين أو ثلاثًا كل يوم وليلة، ولن أنسى سهره الليل عاكفًا في المركز العام أو في منزله أو في (الشهاب) على أعمال الدعوة، ولن أنسى دموعه التي طالما هتفت في غفلةٍ من الناس على الإسلام والمسلمين.. لم تمت يا فضيلة المرشد!، لا والله خلقك! لا والذي أنعم علينا بك!! ومتعنا بصحبتك لقد فتحت قلوبنا على النور، ووضعت أيدينا على أول الصراط وجمعتنا يا حبيب من شتات، سنمضي إلى حيث كنت تدعو وتربي وتحترق بالليل والنهار".

 

سعيد رمضان وثورة 23 يوليو

عاد سعيد رمضان مرةً أخرى بعد عودة الجماعة ودافع عن إخوانه المتهمين في عدة قضايا، ومنها السيارة الجيب، والتي يصف موقفه أبو الحسن الندوي فيقول: "وفي يوم الأحد 27/4/1370هـ الموافـــق 4/2/ 1951م، حضر إلينا الأخ عبدالله العقيل للذهاب إلى محكمة الجنايات لحضور مرافعة الأستاذ المحامي سعيد رمضان عن المتهمين من الإخوان المسلمين في قضية السيارة الجيب، وحين وصلنا المحكمة فتَّش الحراس جيوبنا، وأذنوا لنا بالدخول، ووقف الأستاذ سعيد رمضان المحامي موقف المرافع، وأدلى بقضيته في خطابةٍ مؤثرة، وشجاعة نادرة، وذكر قصة استخلاف آدم وخروجه من الجنة، والصراع القديم بين الحق والباطل، والخير والشر، وتعاليم النبوة، ونزغات الشياطين، ثم ذكر الخلافة الإسلامية وشبابها، ثم وهنها وشيبها، والزحف التتاري والغارة الصليبية، ثم ذكر الصليبية الأوروبية في القرن التاسع عشر والاحتلال الأوروبي، ثم تدرج إلى ذكر الصليبية اليهودية ونواياها وخطرها على العالم الإسلامي، وأشار إلى نهضة الإخوان المسلمين ورباطهم أمام هذا الخطر الداهم ووقوفهم موقف المجاهدين، معززًا ذلك كله بالآيات والأحاديث الكثيرة، التي كان يستشهد بها، فيتحول الجو القضائي إلى الجو الديني، وترق القلوب، وتخشع وينسى الخطيب وينسى الناس أنهم في محكمة، ويتصورون وكأنهم في وعظٍ ديني، أو حفلة سياسية.

 

 

سعيد رمضان في شبابه

وذلك يدل على قوة المحامي وإيمانه، وتقلب الجو، وتأثره بحركةِ الإخوان المسلمين، ولما خاطب المحامي العدل والرحمة في نفوس حضرات المستشارين وأراد أن يُحرِّك الإيمان والشعور الديني فيهم- وهم طبعًا مسلمون- تأثَّر الناس وتحرَّكت النفوس، حتى إذا وجه خطابه إلى المتهمين وأوصاهم بالاستقامة والصبر وتلا عليهم الآيات والأحاديث في هذا المعنى، فاضت العيون، وعلا النشيج في بعض الجوانب، خصوصًا السيدات، وقد خرجنا من المحكمة متأثرين مما رأينا وسمعنا.

 

أصبح سعيد رمضان شخصيةً بارزةً وسط الجماعة؛ حيث كان يعتمد عليه المستشار الهضيبي كثيرًا خاصةً في الأوقات الحرجة التي أعقبت قيام ثورة 23 يوليو 1952م غير أن عبد الناصر لم يحفظ فضله فاضطهده وأثناء وجوده مع المستشار الهضيبي أثناء رحلته للشام عام 1954م رفض العودة مرةً أخرى لمصر لاستشعاره بما يحدث في مصر وما كاد المستشار يعود في أغسطس 1954م وتمر الأيام حتى حدثت حادثة المنشية، ويقدم الإخوان للمحاكمات ويُحكم على بعضهم بالإعدام وعلى آخرين بالأشغال الشاقة، ويصدر عبد الناصر قرارًا بإسقاط الجنسية عن أربعة من قادة الإخوان على رأسهم سعيد رمضان، وقد حاول عبد الناصر اغتياله هو وإخوانه الثلاثة غير أن يقظة إخوان سوريا استطاعت أن تكتشف هذا المخطط.

 

يقول طارق رمضان عن ظروف وجود الأسرة في سويسرا: "كان أبي قد غادر مصر في أبريل عام 1954 بعد 3 شهور من الاعتقالات الأولى، في لحظة تغير إستراتيجية جمال عبد الناصر.. وكان أبي قد اختير للتو أمينًا عامًّا للمؤتمر الإسلامي حول القدس، وفي لحظةِ استعداده للسفر لأداء مهمته علم باستئناف الاعتقالات الجماعية، فأخذ والدتي وأخي الأكبر، وغادر مصر التي لم يعد بإمكانه العودة إليها.

 

وقد أقام أولاً في سوريا حيث بقي سنتين، ثم رحل إلى لبنان، ومن ثَمَّ وصل إلى سويسرا في عام 1958، فاستقرَّ بها، وأسس المركز الإسلامي بجنيف عام 1961م، وقد اختير أبي مسئولاً عن الإخوان المسلمين في المنفى".

 

سعيد رمضان وحياة داعية

يقول المستشار العقيل: "لقد ساهم سعيد رمضان في تأسيس رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، كما كان الأمين العام للمؤتمر الإسلامي للقدس، وأسّس المركز الإسلامي في جنيف، وواصل إصدار مجلة (المسلمون) كبديل لمجلة (الشهاب) واستمرار لها، وشارك في العمل الإسلامي على الساحة الإسلامية الواسعة، واستقطب الكثير من العلماء والمفكرين من أنحاء العالم أمثال د. محمد ناصر، وأبو الحسن الندوي، وأبو الأعلى المودودي، ود. مصطفى السباعي، ومصطفى الزرقا، ومحمد المبارك، ومعروف الدواليبي، وعليم الله الصديقي، ود. زكي علي، وعلال الفاسي، وكامل الشريف، وعبد الله كنون، ومحمد أبو زهرة، ومحمد يوسف موسى، وغيرهم.

 

حتى كانت مجلة (المسلمون) أرقى مجلة إسلامية شهرية في الخمسينيات والستينيات، تستقطب جماهير المسلمين في جميع أنحاء العالم، ويكتب فيها أساطين العلم وقادة الفكر، وكبار الدعاة والزعماء المصلحين، وينتظر المسلمون صدورها بفارغ الصبر، وقد صدرت بسوريا فترةً من الزمن بإشراف الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان المسلمين بسوريا، ثم في جنيف بإشراف د. سعيد رمضان".

 

ومع نهاية الخمسينيات، نجح سعيد رمضان في تأسيس سلسلة من المراكز الإسلامية في العواصم الرئيسية بأوروبا بهدف أسلمتها.

 

وهكذا رحل إلى جنيف ليجعل منها في 1958 مقرًّا له، ثم حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة كولونيا بألمانيا حول الشريعة، وكوَّن المركز الإسلامي بجنيف في 1961، على بعد خطواتٍ من المقر الأوروبي للأمم المتحدة؛ حيث يصبح مقرًّا للإخوان المبعدين من مصر، وبعدها فتح في 1964 مراكز لندن وميونيخ، وصار مسئول الإخوان في الخارج، ثم نُزعت عنه الجنسية المصرية بعد ثلاثة أحكام مؤبد بتهمة الخيانة العظمى.

 

عاش سعيد رمضان معظم حياته في المهجر، وأبى العودة إلى وطنه مصر؛ لأنه وجد في الحكام المتعاقبين نسخًا مكررة للطغاة، وإن تفاوتت مراتب طغيانهم، وآثر العيش في ديار الغرب أواخر أيامه مع زوجه وأولاده، وتفرَّغ للقراءة والكتابة، ووجد من زوجته "أم أيمن" ابنة الإمام الشهيد حسن البنا، خير السند والمعين- بعد الله-؛ مما خفَّف عنه غربته، وأعانته على تنشئة أولاده، وواجه فيها محنة الجحود والنكران من بعض من أحسن إليهم، ووقف إلى جانبهم وساعدهم.

 

وفاته

تُوفي سعيد رمضان في أغسطس 1995، ودُفن بمصر، إذ رفضت السعودية دفنه بالمدينة كرغبته.

-------

* المراجع:

1- عبد الله العقيل، أعلام الحركة الإسلامية، دار التوزيع والنشر الإسلامية.

2- كامل الشريف، الإخوان المسلمون وحرب فلسطين.

3- قالوا عن الإمام البنا، شركة البصائر للبحوث والدراسات، در النشر للجامعات.

4- أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، جمعة أمين عبد العزيز، دار التوزيع والنشر الإسلامية، الجزء الخامس.

5- مقال د. مجدي سعيد بعنوان "طارق رمضان.. حادي قافلة الإسلام الأوروبي" يوم 4/8/2003م.