إنها لمجاهدة تلك التي تعطي كل ذي حق حقه، فتؤدي ما عليها من واجبات كزوجة وكأم.. وواجباتها في بيتها ودورها تجاه دعوة الله، ثم دورها تجاه مجتمعها.. كل هذا دون أن يطغى جانب على آخر.

 

ولكن أين هي الأخت المتميزة في كل هذه الجوانب؟ بل أين هي الأخت التي استطاعت أن تحقق إسلامها في ذاتها فتؤدي ما عليها من تكاليف ربانية، واستطاعت كزوجة أن تفهم جيدًا دورها نحو زوجها؛ لتحقق السكينة والمودة والرحمة، واستطاعت كأم أن تتعرف على أسس التربية الإسلامية في تربية أبنائها، ونجحت كداعية فأثرت على من حولها؟!

 

إن أساس نجاح الأخت في أداء ما عليها من واجبات وحسن قيامها بدورها كزوجة وأم داخل بيتها، مما يسهل بعد ذلك قيامها بدورها خارج البيت.

 

ولهذا وجب علينا أن نوضح التأصيل الشرعي لدور المرأة داخل البيت؛ مما يدفعها إلى التفاعل مع واجباتها بروح إيمانية دعوية جيدة.

 

لقد أمرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بطاعة الزوج، فعندما ذهبت إليه وافدة النساء لتسأله: لماذا لا تجاهد المرأة مثل الرجل؟ فأوضح لها أن جهادها في بيتها بحسن تبعُّلها لزوجها، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها".

 

ولهذا عليكِ أن تفهمي أيتها الأخت المسلمة أن الزواج وسيلة نتقرب بها إلى الله تعالى، وبحسن أدائك تدخلين الجنة، وبحسن قيامك بدورك كزوجة وكأم تحققين المرتبة الثانية من مراتب الدعوة وهي إقامة بيت مسلم يكون أنموذجًا طيبًا يقتدي به أخواتك ومن حولك.

 

ومن ناحية أخرى لنا وقفة معًا، هل معنى أن زوجك رجل دعوة وعقيدة ومشغول بعديد من الأعمال، وقد لا يتفقَّد، ويطالب بحقوقه.. هل معنى ذلك أن تتركي الإبداع في تقديم هذه الواجبات، وكفانا أن نقدمها بأي شكل؟ هل هذا جزاؤه لأنه شُغِلَ بدعوة الله وصان حصن نفسه؛ ولأنه وهب حياته في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله؟ أم أننا نتصور أنه طالما كان رجل دعوة فمن الزهد وعدم إضاعة الوقت في التافه من الأشياء أن لا إبداع في تقديم حقوقه وواجباته.. لا أيتها الأخت المسلمة الملتزمة الجادة الواعية، يا من تبتغين مرضاة الله عند قيامك بواجباتك.. "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" والإبداع من الإتقان، فزوجك- وهذا شأنه- هو أولى من أي رجل آخر لأن تقدمي له حقوقه وواجباته في أجمل وأبدع صورة.

 

وها هي مجموعة وصايا تعينك على القيام بدورك كزوجة وأم وداعية، وهي ستون وصيةً كنت قد كتبتها لابنتي بعد خطبتها لتحقق التوازن في جوانب حياتها المختلفة، سبق نشر 28 وصيةً منها على الموقع بعنوان: (طاعة الزوج.. الطريق إلى الجنة):

1- أنتِ ريحانة بيتك، فأشعري زوجك بعطر هذه الريحانة منذ لحظة دخوله البيت.

2- تفقدي مواطن راحته، سواءٌ بالحركة أو الكلمة، واسعَي إليها بروح جميلة متفاعلة.

3- كوني سلسةً في الحوار والنقاش، وابتعدي عن الجدال والإصرار على الرأي.

4- افهمي القوامة بمفهومها الشعري الذي تحتاجه الطبيعة الأنثوية، ولا تفهميها على أنها ظلم وإهدار لرأي المرأة.

5- لا ترفعي صوتك في وجوده خاصة.

6- احرصي أن تجتمعا سويًّا على صلاة قيام الليل بين الحين والآخر؛ فإنها تضفي عليكما نورًا وسعادةً ومودةً وسكينةً ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُ القُلُوبُ﴾ (الرعد: من الآية 28).

7- عليكِ بالهدوء الشديد لحظة غضبه، ولا تنامي إلا وهو راضٍ عنك "زوجك جنتك ونارك".

8- الوقوف بين يديه لحظة ارتداء ملابسه وخروجه.

9- أشعريه بالرغبة في ارتداء ملابس معينة، واختاري له ملابسه.

10- كوني دقيقةً في فهم احتياجاته ليسهل عليك المعاشرة الطيبة دون إضاعة وقت.

11- لا تنتظري أو تتوقعي منه كلمة أسفٍ أو اعتذارٍ، بل لا تضعيه في هذا الموضع إلا إذا جاءت منه وحده، ولا شيء يحتاج اعتذارًا فعلاً.

12- اهتمي بمظهره وملبسه، حتى ولو كان هو لا يهتم به ويتباسط في الملبس، إلا أنه يشرفه أمام زملائه أن يلبس ما يثنون عليه.

13- لا تعتمدي على أنه هو الذي يبادرك دائمًا ويبدي رغبته لك.

14- كوني كل ليلة عروسًا، ولا تسبقيه إلى النوم إلا للضرورة.

15- لا تنتظري مقابلاً لحسن معاملتك له؛ فإن كثيرًا من الأزواج ما ينشغل فلا يعبِّر عن مشاعره بدون قصد.

16- كوني متفاعلةً مع أحواله، ولكن ابتعدي عن التكلف.

17- البشاشة المغمورة بالحب والمشاعر الفيَّاضة لحظة استقباله عند العودة من السفر.

18- تذكري دائمًا أن الزواج وسيلةٌ نتقرب بها إلى الله تعالى.

19- احرصي على التجديد الدائم في كل شيء في المظهر والكلمة واستقبالك إياه.

20- دم التردد أو التباطؤ عندما يطلب منك شيئًا، بل احرصي على تقديمه بحيوية ونشاط.

21- جدِّدي في موضع أثاث البيت، خاصةً قبل عودته من السفر، وأشعريه بأنك تقومين بهذا من أجل إسعاده.

22-  احرصي على حسن إدارة البيت وتنظيم الوقت وترتيب أولوياتك.

23- تعلمي بعض المهارات النسائية بإتقان؛ فإنك تحتاجينها لبيتك ولدعوتك، وأداؤها يذكرك بأنوثتك.

24- استقبلي كل ما يأتي به إلى البيت من مأكل وأشياء أخرى بشكر وثناء عليه.

25- احرصي على أناقة البيت ونظافته وترتيبه، حتى ولو لم يطلب منك ذلك مع الجمع بين الأناقة والبساطة.

26- اضبطي مناخ البيت وفق مواعيده هو، ولا تُشعريه بالارتباك في أدائك للأمور المنزلية.

27- كوني قانعةً، واحرصي على عدم الإسراف بحيث لا تتجاوز المصروفات الواردات.

28- مفاجأته بحفل أسري جميل، مع حسن اختيار الوقت الذي يناسبه هو.

29- إشعاره باحتياجك دائمًا لأخذ رأيه في الأشياء المهمة، التي تخصك وتخص الأولاد والبيت، دون اللجوء إلى عرض الأمور التافهة.

30- تذكري دائمًا أنوثتك، وحافظي عليها وعلى إظهارها له بالشكل المناسب والوقت المناسب دون تكلفٍ.

31- عند عودته من الخارج وبعد غياب فترة طويلة خارج البيت لا تقابليه بالشكوى والألم، مهما كان الأمر صعبًا.

32- أشركي الأولاد في استقبال الأب عند العودة من الخارج أو السفر حسب المرحلة السنية للأولاد.

33- لا تقدمي الشكوى للزوج من الأولاد لحظة عودته من الخارج أو قيامه من النوم أو على الطعام؛ لأن لها آثارًا سيئة على الأولاد والوالد.

34- لا تتدخلي عند توجيهه أو عقابه للأولاد على شيء.

35- احرصي على إيجاد علاقة طيبة بين الأبناء والأب مهما كانت مشاغله، ولكن بحكمة دون تعطيل لأعماله.

36- أشعريه رغم انشغاله عن البيت بالدعوة بأنك تتحمَّلين رعاية الأولاد بفضل دعائه لك، وباستشارته فيما يخصهم.

37- لا تتعجلي النتائج أثناء تطبيق أي أسلوب تربوي مع أبنائك؛ لأنه إن لم يأخذ مداه والوقت الكافي الذي يتناسب مع سن الطفل، يترتب عليه يأس وعدم استمرار في العملية التربوية.

38- اجعلي أسلوبك عند توجيه الأبناء شيقًا جميلاً، يخاطب العقل والوجدان معًا، ولا تعتمدي على التنبيه فقط، حتى تكوني قريبةً إلى قلوب أبنائك.

39- أبدعي في شغل وقت فراغهم، خاصةً في الإجازات وتنمية مهاراتهم وتوظيف طاقاتهم في الأشياء المفيدة.

40- كوني صديقةً لبناتك، وأدركي التغيُّرات النفسية التي تمر بها الفتاة في كل مرحلة.

41- ساعدي الصبية على إثبات الذات بوسائل عملية تربوية.

42- احرصي على إيجاد روح التوازن بين واجباتك تجاه الزوج والأولاد والبيت والعمل.

43- احترام وتقدير والديه، وعدم التفريق في المعاملة بين والديه ووالديك؛ فهما أهديا إليك أغلى هدية وهي زوجك الغالي.

44- استقبلي أهل الزوج بالترحيب والكرم وتقديم الهدايا لهم في المناسبات، وحثّه على زيارتهم، حتى وإن كان لا يهتم بذلك.

45- الاهتمام بضيوفه وعدم الامتعاض من كثرة تردُّدهم على البيت أو مفاجأتهم لك بالحضور، بل احرصي على إكرامهم؛ لأن هذا شيء يشرفه.

46- اهتمي بأوراقه وأدواته الخاصة وحافظي عليها.

47- اجعلي البيت مهيأً لأن يستقبل أي زائر في أي وقت، ونسِّقي كتبه وأوراقه بدقة وبشكل طبيعي دون أن تتفقدي ما يخصه طالما لا يسمح لك.

48- لا تعتبي عليه تأخره وغيابه عن البيت، بل اجمعي بين إشعاره بانتظاره شوقًا والتقدير لأعبائه فخرًا.

49- لا تضطريه إلى أن يعبر عن ضيقه من الشيء بالعبارات، ولكن يكفي التلميح، فتبادري بأخذ خطوة سريعة.

50- أشعريه دائمًا أن واجباته هي الأولوية الأولى مهما كانت مسئولياتك وأعمالك.

51- لا تكثري نقل شكوى العمل الدعوي أو المهني لزوجك.

52- اعلمي أن من حقه أن يعرف ما يحتاجه عن طبيعة ما تقومين به من عمل دون التعرض لتفاصيل ما يدور بينك وبين أخواتك.

53- أشعريه باهتمامك الشخصي، فالزوجة الداعية الماهرة هي التي تثبت وجودها في بيتها، ويشعر بها زوجها طالما وُجدت، حتى وإن كان وقتها ضيقًا.

54- انتبهي أن يؤثر على طبيعتك الأنثوية كثرة إدارة الأعمال الدعوية والمهنية.

55- حافظي على أسرار بيتك، وأعينيه على تأمين عمله بوعيك وإدراكك لطبيعة عمله.

56- لا تضعيه أبدًا في موضع مقارنة بينه وبين آخرين، بل تذكَّري الصفات الجميلة التي توجد فيه.

57- تعرَّفي على الفقه الدعوي الذي يساعدك على التحرك بسهولة وحكمة في الوسط النسائي؛ حتى تحققي الأهداف المطلوبة في الوقت المطلوب دون إضاعة وقت.

58- تعرَّفي على المقاييس المادية التي تشغل عموم النساء؛ ليسهل عليك إخراجهن منها، وتخيَّري مداخل الحديث المناسب لهن.

59- احرصي عند متابعة عملك مع أخواتك أن تخاطبي القلب قبل العقل؛ لمناسبة ذلك الطبيعة النسائية.

60- احرصي على التوريث والتفويض وإيجاد الردائف حتى لا تكبري وتكبر معك أعباؤك ومسئولياتك، فيتوفر من يقوم بها بدلاً منك.

 

وأخيرًا.. لا تعتمدي على الجهد البشري كليةً ولا تنسي أننا نحتاج دائمًا إلى توفيق الله عز وجل، وإلى لقاء في حلقة قادمة مع الأخ الزوج والأب والداعية.