- د. عبد الله الأشعل: النظام يستهدف تأليب أقطار أخرى على الجماعة

- السفير محمد شاكر: محاولة للقضاء على النشاط الإسلامي في العالم

- ضياء رشوان: الدول المذكورة في التحقيقات لن تُلقي اهتمامًا بالقضية

- عبد الله خليل: الحملة على الإخوان ترفع شعار "عليَّ وعلى أعدائي"

 

تحقيق- إسلام توفيق وهبة مصطفى:

"اتهامات مفبركة.. محاولات إقصاء وتشويه متواصلة.. سوء نوايا وسمعة نظام تزداد سوءًا" هذه هي محصلة آراء خبراء القانون والعلاقات الدولية في التهم الموجهة إلى مجموعة الـ13 من قيادات الإخوان المسلمين التي اعتقلتهم قوات الأمن فجر الخميس الماضي، ووجَّهت إليهم تهمًا بإنشاء لجنة اتصالٍ داخل الجماعة، لوضع خططٍ لمساعدة التنظيم الدولي للإخوان.

 

وزعمت تحقيقات نيابة أمن الدولة أن هناك العديدَ من المنظمات والأسماء البارزة في دولٍ مثل قطر والسعودية وأمريكا وألمانيا وإيطاليا تتعاون مع تنظيم الإخوان الدولي لنشر أفكار الجماعة.

 

(إخوان أون لاين) استطلع آراء خبراء القانون والعلاقات الدولية والمتخصصين في شئون الجماعات الإسلامية حول تلفيق تلك الاتهامات المستجدة لقيادات ورموز جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وما إذا كانت تلك الاتهامات المفبركة تهدف إلى تأليب الأقطار الأخرى على جماعة الإخوان المسلمين، وتأثير ذلك على سمعة مصر في الخارج؟!

 

الخبراء والمحللون أكدوا أن النظام طغت عصبيته على المنطق والعقل، واعتبروا كلَّ هذه الاتهامات "مفبركة"، ولا أساسَ لها من الصحة، خاصةً أنها يصعب التأكد منها.. تفاصيل التحقيق في السطور التالية:

 

 الصورة غير متاحة

 د. عبد الله الأشعل

بدايةً.. يؤكد الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق وأستاذ القانون الدولي بالجامعة الأمريكية أن النظام يهدف بمثل هذه الاتهامات إلى تأليب الدول الموجود بها منظمات أو شخصيات إخوانية عليهم وتشويه صورتهم باتهامهم بالانضمام إلى الإخوان، وأنهم يسيرون بأجندتهم، وهو الأمر غير الحقيقي وغير المنطقي؛ حيث إنَّ لكل منظمةٍ أو شخصٍ رؤيته الخاصة وسياسته ونهجه الذي يتواءم مع سياساتِ البلاد التي يُقيم فيها.

 

ويضيف أن هذه الاتهامات تتمثل في رؤيةِ النظام السياسية لإغلاق كل الطرق على الإخوان، مشيرًا إلى أنَّ اتهامات الحكومة للإخوان تُسيء إلى سمعة الحكومة نفسها، وتُثبت أنها كانت ترعى سياسة الإخوان منذ سنوات طويلة، وعندما "قلبت عليهم" الآن بدأت في "فضحهم".

 

ويصف الاتهامات المُوجَّهة إلى الإخوان المسلمين بالتحامل، مشيرًا إلى أنها تُظهر نظرة سياسة النظام المصري القصيرة التي لا تُجيد التعامل مع الأحداث، مؤكدًا أن سياسة القمع الذي يتبعها النظام المصري ضد الإخوان والعصبية الشديدة التي تظهر في التهم الغريبة الموجَّهة إليهم؛ تُشير إلى أن القضيةَ سياسية في المقام الأول والأخير، وأن الخطوات الأولى لمعالجتها من قِبل النظام الفاشل باتت خاطئةً وليس لها ثقل أو سند قانوني.

 

واستنكر قائلاً: "منذ متى يوصف الإخوان بالإرهابيين والعملاء؟ ومنذ متى يُشكك في وطنية الإخوان المسلمين وهم الفئة التي تسعى لخدمة هذا الوطن منذ عقودٍ طويلة؟"، مشيرًا إلى أن النظامَ أصبح بمثل هذه الاتهامات أكثر تطرفًا وإرهابًا ممن تُلفَّق الاتهاماتُ لهم.

 

اتهامات جزافية

ويصف السفير محمد شاكر نائب رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية وسفير مصر الأسبق في الولايات المتحدة الأمريكية الاتهاماتِ الموجَّهة إلى الإخوان بتكوين بؤر إرهابية خارج البلاد بأنها اتهامات جزافية.

 

 الصورة غير متاحة

السفير محمد إبراهيم شاكر

وأضاف أن الإخوان تنظيم موجود في أقطار ودول كثيرة، ومنهم مشاركون في الحكومات، وأنه لكي يتم إثبات مثل هذه الاتهامات فإنه يجب التأكد منها جيدًا والتحقيق فيها، من خلال لجنة تحقيق دولية حيادية، تتولى شأن التحقيق في تلك التهم، تستند فيها إلى الدساتير والقوانين الدولية، وتسعى إلى التوفيق بين القوانين الدولية وقوانين الدول محل إلقاء التهم.

 

وأعرب شاكر عن تخوفه الشديد من التذرع بتلك الاتهامات لمحاولة القضاء على أي نشاطٍ إسلامي بتلك الدول، مشيرًا إلى أن بعض المنظمات الإسلامية في الدول العربية والأمريكية والأوروبية لها أنشطة متعددة وجيدة، وليس لها أية علاقة بالإخوان كبعض المنظمات الخيرية في أمريكا، والتي يرأسها "إليجا محمد" ومنظمة ماس الأمريكية، والندوة العالمية للشباب الإسلامي بالسعودية، مشيرًا إلى صدمته من اتهام الحكومة المصرية إياها في ظلِّ تنفيذها أجندتها الخاصة، بل إنها تخالف الإخوان في بعض النقاط، موضحًا خشيته من تخطي الاتهامات لتطال الدعاة والنشطاء الإسلاميين بتلك الدول.

 

وحول الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي أوباما وعلاقتها بالقضية يقول شاكر: إن هناك تخوفًا واضحًا من السلطات المصرية من وجود تعاطفٍ للإدارة الأمريكية مع الإخوان في ظل القمع الذي يمارسه النظام ضدها، فضلاً عن حالة التشكك التي تسود بين المحللين السياسيين المصريين عن النوايا الأمريكية الحقيقية من زيارة الرئيس الأمريكي ورغبته في مخاطبة العالم الإسلامي من القاهرة، وإبداء رغبته في مخاطبة الإخوان.

 

سيناريوهات التعامل

 الصورة غير متاحة

ضياء رشوان

ويقول ضياء رشوان الخبير بمركز (الأهرام) للدراسات السياسية والإستراتيجية والمتخصص في شئون الحركات الإسلامية: إن التهم الموجهة للإخوان لا ترقى إلى كونها اتهاماتٍ مرسلةً لا يمكن التحقق منها إلا بمخاطبة هذه البلاد بالتحقيق فيها مع المنظمات أو الأشخاص المذكورة، والتأكد من صحة هذه الاتهامات.

 

ويؤكد أن الاتهامات التي وجَّهها النظام للإخوان مغلوطة، وبها العديد من الشبهات، خاصةً أنها تمس كيانات ومؤسسات وأشخاصًا لها قدرها الكبير في الدول الموجودة بها كمؤسسة "ماس" الأمريكية أو كعائض القرني في السعودية.

 

ووضع رشوان سيناريوهات للتعامل مع هذه الاتهامات، قائلاً: "إما أن تتجاهل الحكومة المصرية مخاطبة هذه الدول للتحقيق فيما هو منسوب ضد مؤسساتها، وهو الأمر الذي سيؤكد حتمًا عدم جدية وقيمة هذه الاتهامات، أو أن تخاطب الدول وتقوم هذه الدول بالتحقيق وتثبت صحة هذه الاتهامات أو فشلها".

 

مشيرًا إلى أن مخاطبة مصر أكثر من الدول العشرة المذكورة في التحقيقات أمرٌ يصعب تحقيقه بسهولة، بل ويحتاج العديدَ من الإجراءات والمراسلات ومزيدًا من الوقت، فضلاً عن أن هذه الدول لها أجهزتها التي لن تتعامل ببساطة مع هذه التحريات والاتهامات.

 

ويضيف أنه في حال عدم مشاركة باقي الدول في القضية وعدم التفاعل معها وإجراء تحقيقات فعلية مع هذه المؤسسات والشخصيات؛ فإن هذه الاتهامات كأن لم تكن، مشيرًا إلى أن المنوطَ به حفظ الأمن في كل دولة هي الحكومة المسئولة عن هذه الدولة، ولا يجوز أن يتم تداول هذه المعلومات، خاصةً أنها تتحدث عن اختراق للدول التي تم ذكرها في التحقيقات.

 

وطالب رشوان بضرورة ألا تخرج هذه القضية من حيِّز القضاء الجنائي، ولا تخرج إلى المحاكم الاستثنائية التي تُعتبر إحدى وسائل التدخل السياسي في القضايا الجنائية.

 

صورة مصر

ويضيف عبد الله خليل الخبير القانوني بالأمم المتحدة أن الحملة الشرسة الأخيرة التي أطلقتها الحكومة المصرية على الإخوان تأتي ضمن حملة منظمة وممنهجة ضد كل الكيانات المناهضة للوبي الصهيوني الأمريكي، والتي تتابع حركات الإسلام السياسي وتحاول إلصاق تهم الإرهاب به.

 

وأشار إلى أن أسباب هذه الهجمة تأتي ضمن ملاحقة الجماعات الإسلامية داخل الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت في شنِّ حملات ضد السلطة المصرية؛ الأمر الذي تحاول مضاهاته بمثل هذه الضربات التي يمكن تسميتها بـ(المقاصة) بين جماعات الداخل لمواجهة جماعات الداخل ومحاولة إلصاق التهم بها ومحاصرتها لتقويض حركتها بتوجيه هذه التهم.

 

ويوضح أن التكييف الجديد والصورة الجديدة للاتهامات الموجهة للإخوان مقصودة بهذه الصيغة كي يفهمها الغرب وأمريكا، والتي تصنَّف تحت الجرائم الدولية والعمليات غير المشروعة، والتي تزعم- حسب القانون الدولي- أن الإخوان المسلمين إرهابيون يستحقون الإقصاء.

 

وقال: "النظام بدأ في أسلوب (عليَّ وعلى أعدائي) دون النظر لصورة مصر داخليًّا أو خارجيًّا"، مشيرًا إلى أنه يشبِّه صراعه مع الإخوان بالعمليات الانتحارية والصراع الوجودي؛ حيث يقوم بملاحقتهم وهو يقول في نفسه (أكون أو لا أكون).

 

هواجس النظام

أما الدكتور بشير عبد الفتاح الباحث بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام فيرى أن تصاعد الاتهامات ووصولها إلى هذا الحدِّ الخطير يكمن في تصعيد الإخوان ضد النظام خلال الفترة السابقة سواء باستجوابات مجلس الشعب أو بهواجس النظام من الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي أوباما للقاهرة، وتصاعد الأصوات بوجود اتصالات بينه وبين الإخوان.

 

وأضاف: "أحد أهم أسباب هذه الهجمة الشرسة ضد الإخوان هو معاتبة بعض الدول الأوروبية لمصر في قرارها بإعدام وذبح الخنازير، وهو الأمر الذي كان أحد أسبابه الإخوان بحملتهم داخل البرلمان"، مشيرًا إلى أن التوتر والغضب الذي شهده الأسبوع الماضي تسبب في مثل هذه الاتهامات الفجَّة والكبيرة.

 

ويرى أن النظام يتعامل بصورةٍ همجيةٍ مع الإخوان دون النظر في عواقب ما يقوم به، ووجد في تهمة التنظيم الدولي بابًا يدخل منه ليرفع تصعيده ويُظهر للرئيس الأمريكي والدول الغربية التي تعتبر الإخوان نموذجًا يمكن فتح حوار معها بأنها منظمة إرهابية تهدف إلى التخريب والفساد.

 

ويشير إلى أن مثل هذه الاتهامات يمكن أن ينظر إليها المجتمع الغربي بنظرتين؛ الأولى هي أن مصر تحافظ على أمنها القومي وأمن الدول المذكورة من هؤلاء الإرهابيين، وهي النظرة غير المنطقية والضعيفة، أما النظرة الثانية فتكمن في رؤية الغرب أن مصر تضطهد أكبر الجماعات المعارضة في البلاد وأحد أكبر المنافسين لها على السلطة؛ مما يشوه الصورة المصرية في الخارج.

 

ويؤكد أن اتهامات النظام التي يوجهها للإخوان لا يمكن تحقيقها، خاصةً أن المنظمات أو الشخصيات المذكورة في مذكرة الاتهام تُعتبر ذات صيتٍ قوي وقوة في بلادها؛ مما يُصعِّب مهام تحقيق هذه الأهداف.