بسم الله الرحمن الرحيم

إن الإخوان المسلمين وهم جزءٌ من الأمة العربية والإسلامية يدركون حقيقةَ ما يجري في العالم من مكر وكيد وعدوان من أصحاب المشروع الصهيوني/ الأمريكي ضد أبناء هذه الأمة.

 

ويؤكدون أن قدرةَ العالمين العربي والإسلامي على استثمار طاقاتهما وإمكاناتهما في التنمية والنهضة هي الحقيقة التي يجب أن يُعوَّل عليها، وهي وحدها التي تستجلب تقدير واحترام العالم.

 

ولقد استمعنا- كما استمع الناس في العالم- إلى الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي أوباما من جامعة القاهرة، متوجهًا به إلى العالم الإسلامي، فلم نرَ فيه- كما توقعنا من قبل- جديدًا يُذكر بالنسبة إلى الإستراتيجية الأمريكية.

 

ونحب أن نلفت الأنظار إلى ما يلي:

1- أن المبادئ العامة التي ذكرها الرئيس أوباما في خطابه من حقوق الإنسان والعدل وضرورة الحوار على أساس الاحترام والثقة المتبادلة، وغير ذلك لا يختلف عليها أحد.

 

2- أن العبارات العاطفية واللغة واللباقة التي استخدمها أوباما في خطابه، وحاول بها كسب مشاعر المسلمين لا تحقق عدلاً ولا تسترد حقًّا للمسلمين سواء في فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو باكستان أو غيرها من بلاد العالم الإسلامي التي يراق فيها الدم المسلم ليلَ نهار بتخطيطٍ ومكرٍ من قِبل الإدارات الأمريكية المتتابعة.

 

3- أن إعلانَ الرئيس أوباما عن استمرارِ دعم أمريكا للصهاينة في فلسطين لتحقيق أمنهم وتأكيده ذلك، وعدم حق المقاومة الفلسطينية ضد المحتل الصهيوني الغاصب ومساواة الغاصب بالمُطالب والقاتل بالقتيل.. ليؤكد أنه يسير على دربِ أسلافه، حكام أمريكا في سياسة الكيل بمكيالين والانحياز الكامل غير المحدود للكيان الصهيوني، بل والتماس كل الأعذار له فيما يفعل ضد الفلسطينيين، ويظهر ذلك واضحًا في تركيزه على أسطورة المحرقة النازية التي وقعت لليهود، وبصرف النظر عما ذكره الرئيس أوباما في هذا الصدد فإن هذا لا يُعطي مبررًا لأحدٍ على أي نحو لاحتلال أرض فلسطين، بل وارتكاب جرائم إبادة وتطهير عرقي ومجازر وحشية للشعب الفلسطيني، وحصار خانق وقاتل لقطاع غزة حتى الآن؛ الأمر الذي تجاهله الرئيس أوباما تمامًا، ولا يُعطيه حق وصف مقاومة الفلسطينيين بالعنف، ومطالبة الشعب الفلسطيني بنبذه، واتخاذ الوسائل السلمية؛ ليفرض بذلك الاستسلام على الشعب الفلسطيني، وسلبه حقَّه المشروع في تحرير أرضه وتطهير مقدساته.

 

وبهذه المناسبة يؤكد الإخوان المسلمون موقفهم من القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المحورية للعرب والمسلمين، ويؤكدون دعم المقاومة حتى يسترد الفلسطينيون حقوقهم المشروعة.

 

4- أن الحديثَ بإسهابٍ عن المشكلات الاقتصادية، وعن البطالة، وضرورة توفير فرص عمل للشباب، وما إلى غير ذلك هو حديث عام مرسل يحتاج إلى إصلاحٍ سياسي حقيقي، أما الحديث عن حقوقِ المرأة والتعليم فهي أمور يعرفها المسلمون جيدًا من قيم ومبادئ الإسلام العظيم.

 

5- أن محاولةَ دغدغة مشاعر وعواطف العرب والمسلمين من خلال استشهاده بالآيات القرآنية والأحداث التاريخية الإسلامية والحديث عن قيم التسامح وإسهامات الحضارة الإسلامية في نهضة وتقدم البشرية لم ولن تنجح في تحقيقِ أهدافها، ولن تنطلي على العرب والمسلمين؛ لأنه بالمقابل كان واضحًا أن ذلك مجرد تغير في الأسلوب والتكتيك في بعض القضايا؛ بما يؤكد سياسة التدخل الناعم للإدارة الأمريكية، بدلاً من استخدام الآلة العسكرية التي ما زالت تقوم بجرائمها في أفغانستان وباكستان، فضلاً عن الاحتلال الذي ما زال جاثمًا على صدر العراق وآثاره وتداعياته مستمرة.

 

6- الحديث المقتضب والسطحي عن الديمقراطية ولمز الشعوب التي تطالب بها في العالم العربي والإسلامي، في الوقت الذي غضَّ فيه الطرف عن الديكتاتوريات القائمة والأنظمة الفاسدة الظالمة التي تقهر شعوبها وتهمش دورها.

 

ولذلك فإن الإخوان المسلمين يعتبرون هذا الخطاب مجرَّد حملة علاقات عامة؛ لتضييع الفرص، وإضاعة الوقت، ومحاولة لتجميل صورة أمريكا التي تلطخت بالظلم والغزو وجرائم العدوان وإراقة دماء العرب والمسلمين في كل مكان، وخاصةً في فلسطين.

 

ونُوجِّه الأنظارَ إلى أنه ما لم تتوقف الحملة التي تقودها أمريكا ضد المسلمين فإن التوترَ سيستمر ويشتد والمقاومة ستزداد، وتقوى، وسوف يظل عدم الاستقرار في العالم على حالته ما لم تتدارك أمريكا وقيادتها مواقفها الظالمة الداعمة للصهاينة وللظالمين الذين يأتمرون بأمرها ويسيرون في طريقها.. ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: من الآية 21)

الإخوان المسلمون

القاهرة في: 13 من جمادى الآخرة 1430هـ= 6 من يونيو 2009م