دعوتنا؛ دعوة حبيبة، جميلة، دافئة، حانية، زاكية، راقية، من أحبها امتزجت بها نفسه، وحلَّقت به إلى أفق رحبة يحار في وصفها الواصفون، وفي بيانها أصحاب البيان.

 

الله أكبر بسم الله مجريها

تكاد تختال عجبًا في مجاريها

قرت بها أعين ظلت ترقبها

واستبشرت أنفس باتت ترجيها

ولاح جند المعالي في جوانبها

بكل ما ملكت أيديه يفديها

 

إنها يا أحباب: دعوة الإخوان المسلمين التي في رحابها عرفنا حب الله سبحانه، وحب رسوله وإخوانه من الرسل قبله صلوات الله عليهم وسلامه، وحب هذا الركب عالي الهمة من الصحب الكرام، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

هذه دعوتنا التي أطلقت عقولنا وأفكارنا من عقالها، وارتقت بعواطفنا ومشاعرنا من وهداتها، ومهدت لنا طريق العمل الصالح لنهضة أمتنا، إنها- يا أحباب- دعوة الإخوان المسلمين التي أخذت بأيدينا لترتقي بنا إلى جنات عرضها السماوات والأرض.

 

((إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة بريئة نزيهة، وقد تسامت في نزاهتها حتى جاوزت المطامع الشخصية، واحتقرت المنافع المادية وخلفت وراءها الأهواء والأغراض، ومضت قدمًا في الطريق التي رسمها الحق تبارك وتعالى للداعين إليه)).

[دعوتنا: أ/ البنا عليه رحمة الله]

﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108]

 

تعلمنا في جماعة الإخوان المسلمين:

إن جماعة الإخوان مدرسة دعوية تربوية عظيمة، تدعو إلى الإسلام وتُربي عليه، كما أنزل على سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، ولقد تعلمنا وتربينا في هذه المدرسة على معاني عظيمة كثيرة:

* فقد تعلمنا فيها حقيقة التوحيد وحقيقة العبودية، وتعلمنا القيام بين يدي الله عز وجل نتلوا آيات الله آناء الليل وأطراف النهار، تعلمنا أن ذل العبودية بين يديه سبحانه وتعالى عز المؤمن وكرامته في الحياة الدنيا والآخرة.

* تعلمنا تزكية النفس وتخليتها من أمراض القلوب من كبر وعجب وحسد وبغض وظلم و... والتحلي بكل ما هو سامي من صدق وتواضع ورحمة ورأفة ووفاء.

* تعلمنا في هذه الدعوة الطيبة المباركة الآداب والأخلاق، وأن هذه الفضائل إنما نؤديها عبودية لله عز وجل، فلا يحق لنا أن نتخلق بها مع خلْق دون خلْق؛ حتى ولو كانوا على غير ديننا أو بلا دين.

* تعلمنا وعشنا فيها معاني الأخوة الإيمانية الصادقة والحب في الله وكيف يصير الكل في واحد كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى وعشنا معنى الأخوة الإسلامية العامة بل والأخوة الإنسانية للناس جميعًا مؤمنهم وكافرهم.

* تعلمنا في دعوتنا المباركة أن النبوغ في تخصصاتنا المهنية والتعامل الواعي مع ثقافة عصرنا أمر في غاية الأهمية، تعلمنا التوافق بين العقل والدين، بين التقدم المادي، وأشواق الروح؛ بين ثقافة العصر وعلومه ومبادئ الإسلام وشريعته دون تصادم أو تعارض أو إقصاء ولكن في توافق وتكامل وانسجام، بل ويأمرنا ديننا أن نكون في أول ركب الحضارة الإنسانية نقودها لخير البشر جميعًا بهذا التوازن الرباني بين المادة والروح.

* تعلمنا في هذه الدعوة الطيبة التفاعل الإيجابي مع الحياة والإنطلاق في رحابها نتدبر جمال الكون ونتعرف على قدرته سبحانه في الخلق فتسمو الأرواح، وتعلمنا بناء الأجساد على الفتوة والرياضة وتكوين الأسر الصالحة وتربية الأبناء على الفضيلة دون تعارض بين تطلعات النفس وأشواق الروح.

* تعلمنا في هذه الدعوة المباركة حب الوطن والعمل لنهضته ورفعته، دون انتظار أجر أو مثوبة من أحد، وتعلمنا العمل الصالح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

* تعلمنا أن استعادة حقوق الأمة الإسلامية ومقدساتها وتحرير أوطانها فريضة علينا، وأن الطريق لذلك وحدة الأمة تحت راية دينها الإسلام، وتعلمنا أن الثبات على دعوة الحق هو طريق هذه الوحدة المباركة.

* تعلمنا أن العالم في حاجة إلى السلام، وأن الإسلام هو منهاج سعادة البشرية، وأن ديننا يفرض علينا تقديم هذا المنهاج للبشرية لعلها تهتدي بهديه وتسعد في تطبيقه؛ فيعم الرخاء والازدهار والأخوة والوفاق والسلام.

 

((إن السعادة التي ينشدها الناس جميعًا إنما تفيض من نفوسهم وقلوبهم ولا تأتيهم من خارج هذه القلوب أبدًا، وإن الشقاء الذي يحيط بهم ويهربون منه إنما يصيبهم بهذه النفوس والقلوب، وإن القرآن يؤيد هذا المعنى ويوضحه ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11] وما رأيت كلامًا أعمق في فلسفه الاجتماع منه قول ذلك الشاعر:

لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها              ولكن أخلاق الرجال تضيق

 

اعتقدت هذا واعتقدت إلى جانبه أنه ليست هناك نظم ولا تعاليم تكفل سعادة هذه النفوس البشرية، وتهدي الناس إلى الطريق العملية الواضحة لهذه السعادة كتعاليم الإسلام الحنيف الفطرية الواضحة العملية.

[المؤتمر الخامس: البنا عليه رحمة الله]

 

عاطفة:

أيها الأحباب: إن هذا السلام النفسي الذي يعيشه الأخ من الإخوان المسلمين هو ثمرة هذه التربية التي تمزج القلب بالحب، فلا يعرف غيره فيفيض على من حوله حبًا وعطفًا ودفئًا ورقيًا وسموًا وعملاً صالحًا، لا يبغي من ورائه منفعة زائلة، وإنما غفران من الله عز وجل ومقام كريم في جنة النعيم.

 

((ونحب أن يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداءً لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنًا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الفداء، وما أوقفنا هذا الموقف منهم إلا هذه العاطفة التي استبدت بقلوبنا، وملكت عيلنا مشاعرنا، فأقضت مضاجعنا، وأسالت مدامعنا. وإنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل أو نرضى بالهوان أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب ولن نكون عليكم يومًا من الأيام)).

[دعوتنا: أ/ البنا عليه رحمة الله]

 

ستعرف الأرض عنا كيف نسعدها

والمكرمات ستدري كيف نحميها

الدين غايتنا والله وجهتنا

ومصر كالشام نردي من يعاديها

والمسلمون برغم الظلم إخوتنا

أخوة سوف تغني من يفانيها

لا نستطيع هناء ليس يشملهم

ولا نهش لنُعمى لم ينالوها

قد وثّق الدين في الدنيا وشائجنا

فمفلس فائل من قام يوهيها

والله أكبر قد بعنا لنرضيه

أرواحنا وفناء فيه يرضيها

 

طبيعة الطريق:

هذه يا أحباب بعض مبادئ وملامح مدرسة الإخوان المسلمين التي تربَّى عليها الإخوان، وصاروا بها أعلامًا تتحرك في بقاع الأرض قاطبة، يلتف حولهم الناس يسمعون لهم ويسترشدون بهم، ولكن هيهات أن يتركنا الشيطان اللعين دون أن يصد عنا الناس ويمنعهم- إن استطاع- من التواصل مع هذه الدعوة المباركة؛ ولذلك عمل نفثه في النفوس الضعيفة ليصدهم عن سبيل الله عز وجل.

 

﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ* قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ* إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ* لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ* إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَّعُيُونٍ* ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ* وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ* لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ* نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ﴾ [الحجر: 39- 50].

 

كلمات ثلاث:

ولذلك فهنا كلمات ثلاث واجبة إلى أصناف من الناس ثلاث: واحدة للمتحاملين علينا، وأخرى للغيورين من أبناء الإسلام، وثالثة للإخوان العاملين المجاهدين.

 

* كلمة للمتحاملين علينا:

لقد أوضح الأستاذ البنا- عليه رحمة الله- أن الناس أمام دعوتنا أربعة: إما مؤمن بدعوتنا فهذا ندعوه أن يبادر إلينا وينضم لنا، وإما متردد فندعوه للاتصال بنا والتعرف علينا فسيطمئن بعد ذلك لنا إن شاء الله تعالى، وإما نفعي فنقول له: حنانيك ليس عندنا من جزاء إلا ثواب الله إن أخلصت، أما الصنف الرابع فهو المتحامل علينا وله يوجه الأستاذ البنا هذه الكلمات:

((وإما شخص ساء فينا ظنه وأحاطت بنا شكوكه وريبة، فهو لا يرانا إلا بالمنظار الأسود القاتم، ولا يتحدث عنا إلا بلسان المتحرج المتشكك، ويأبى إلا أن يلج في غروره ويسدد في شكوكه ويظل مع أوهامه، فهذا ندعو الله لنا وله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يلهمنا وإياه الرشد، وندعوه إن قبل الدعاء، ونناديه إن أجاب النداء، وندعو الله فيه سبحانه أهل الرجاء، ولقد أنزل الله على نبيه الكريم في صنف من الناس ﴿إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾ [القصص: 56] وهذا سنظل نحبه ونرجو فيئه إلينا واقتناعه بدعوتنا، وإنما شعارنا معه ما أرشدنا إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم من قبل: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".

[دعوتنا: أ/ البنا عليه رحمة الله].

 

* وكلمة للغيورين من أبناء الإسلام:

يتحدث الأستاذ البنا عليه رحمه فيقول: لقد أعجبني من صديق دعوته إلى جماعتنا أنه كان يراجعني في كل كلمة، ويقف أمام كل عبارة ويناقش كل وسيلة حتى إذا اقتنعت نفسه قال كلمته فما زالت مرعية الجانب، محققة المعنى، واضحة الأثر، وما زال هو العامل المجدد إلى الآن وأرجو أن يزل كذلك بحول الله تعالى، ولكنا مع هذا نسوق لمثل هذا الأخ الكريم هذه الملاحظات.

 

ثم يتحدث الأستاذ البنا- عليه رحمة الله- عن عدة ملاحظات حتى يقول في ملاحظته الأخيرة:

((... ألا يرى الأخ- أيده الله وأيد به- أن عليه أن يدخل الجماعة التي ندعوه، فإن وجدها عملية كما يجب قرت عنيه وفرحت نفسه، وإن لم يجدها كذلك حملها بوضوح شخصية وقوة تأثيره على ما يجب من وسائل العمل، فإن لم تستقم له كان قد أعذر إلى ربه ونفسه ولعلهم يتقون، ولا سيما إذا كان الذي يوجهون إليه هذه الدعوة قوم يعلمون أن لكل ذي رأي حقًا في إبداء رأيه، وأن المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو أصح الناس رأيًا، وأنصحهم فكرة، وأكبرهم عقلاً أخذ برأي الخباب في بدر وبرأي سلمان في الخندق، وهم يفرحون بكل من يأخذ بفكرهم إلى العمل الصالح.

 

وألا يرى الأخ كذلك أنه إن كان قد جرب مرة أو مرتين أو فوق ذلك فإن ذلك لا ييئسه، ومن واجبه أن يعاود الكرَّة مرات؛ حتى يظفر بأمنيته ويصادف بغيته، فإنه إن قنط فاته بذلك خير كثير)).

[هل نحن قوم عمليون (بتصرف): أ/ البنا عليه رحمة الله].

 

* وكلمة للإخوان العاملين المجاهدين:

يقول الأستاذ البنا عليه رحمة الله في أول رسالة التعاليم:

((فهذه رسالتي إلى الإخوان المجاهدين من الإخوان المسلمين، الذين آمنوا بسمو دعوتهم وقدسية فكرتهم، وعزموا صادقين على أن يعيشوا بها أو يموتوا في سبيلها إلى هؤلاء الإخوان فقط أوجه هذه الكلمات الموجزة، وهي ليست دروسًا تحفظ لكنها تعليمات تنفذ، فإلى العمل أيها الأخوة الصدقون)).

 

﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: 105].

 

﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153]

 

أما غير هؤلاء فلهم دروس ومحاضرات، وكتب ومقالات، ومظاهر وإدرايات ولكل وجهة هو موليها، فاستبقوا الخيرات، وكلاً وعد الله الحسنى.

[التعاليم: أ/ البنا عليه رحمة الله]

 

ثم يستعرض الأستاذ البنا عليه رحمة الله أركان البيعة العشرة فيقول:

أركان بيعتنا عشرة فاحفظوها:

((الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والطاعة والثبات والتجرد والإخوة والثقة)).

 

ثم يأخذ الأستاذ البنا عليه رحمة الله في شرح تلك الأركان حتى يصل إلى ركن الثقة فيقول:

(وأريد بالثقة: اطمئنان الجندي إلى القائد في كفاءته وإخلاصه اطمئنانًا عميقًا ينتج الحب والتقدير والاحترام والطاعة ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65].

 

والقائد جزء من الدعوة ولا دعوة بغير قيادة، وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون قوة نظام الجماعة، وإحكام خططها، ونجاحها في الوصول إلى غايتها وتعلمها على ما يعترضها من عقبات وصعاب. ﴿فَأَوْلَى لَهُمْ* طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ﴾ [محمد: 20- 21].

 

وللقيادة في دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القلبية، والأستاذ بالإفادة العلمية، والشيخ بالتربية الروحية، والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة، ودعوتنا بجمع هذه المعاني جميعًا.

 

والثقة بالقيادة هي كل شيء في نجاح الدعوات، لهذا يجب أن يسأل الأخ الصادق نفسه هذه الأسئلة ليتعرف مدى ثقته بقيادته:

1-هل تعرف إلى قائده من قبل ودرس ظروف حياته؟

2-هل اطمأن إلى كفايته وإخلاصه؟

3-هل هو مستعد لاعتبار الأوامر التي تصدر إليه من القيادة في غير معصية طبعًا قاطعة لا مجال فيها للجدل ولا للتردد ولا للانتقاص ولا للتحوير؟ مع إبداء النصيحة والتنبيه إلى الصواب؟

4-هل هو مستعد لأن يفترض في نفسه الخطأ وفي القيادة الصواب، إذا تعارض ما أمر به مع ما تعلم في المسائل الاجتهادية التي لم يرد فيها نص شرعي؟

5- هل هو مستعد لوضع ظروفه الحيوية تحت تصرف الدعوة؟ وهل تملك القيادة في نظره حق الترجيح بين مصلحته الخاصة ومصلحة الدعوة العامة.

 

وبالإجابة على هذه الأمثلة وأشباهها يستطيع الأخ أن يطمئن على مدى صلته بالقائد، وثقته به، والقلوب بيد الله يصرفها كيف يشاء.

 

﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال: 63].

[التعاليم: أ/ البنا عليه رحمة الله]

 

أحبابنا:

هذه الدعوة المباركة، دعوة حبيبة تعلمنا فيها كل الفضائل وعشنا في ظلها في رغد السلام مع النفس والناس أجمعين نعمل لنهضتهم وسعادتهم، وقد تحامل علينا بعض قومنا يسفهوننا ولا نملك إلا حبهم ودعوتهم؛ لأن يراجعوا مواقفهم ويعودوا إلى الحق.

 

أما إخواننا فنقول لهم: صبرًا جميلاً ولنتضرع إلى الله العزيز الحميد أن يرزقنا الثبات حتى نلقاه سبحانه عاملين مجاهدين غير مبدلين أو مغيرين.

 

﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ* وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ* يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ﴾ [إبراهيم: 24- 27].

-----------

* كاتب المقال من الإخوة المسجونين في القضية العسكرية رقم 2 لسنة 2007م.