الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛ فقد قال تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ (النساء: من الآية 83).

 

أيها الإخوان الكرام.. أصحاب دعوة الحق، وحملة رسالة النور، ورافعي مشاعل الهداية، يا أمل الأمة.. في أجواء من التربص والكيد والتآمر على جماعة الإخوان؛ نجح الإخوان بفضل الله أولاً وأخيرًا، ثم ببركة وعيهم وحرصهم وإيمانهم بدعوتهم، نجحوا في إجراء انتخابات مكتب الإرشاد على أنزه ما تكون الانتخابات، وشهد لهم بذلك القريب والبعيد، فاحمدوا الله أن خصَّكم بهذه الأخلاق العظيمة التي ميَّزت تعاملكم مع الأحداث الأخيرة ومع قضية الانتخابات، والذي كشف عن قوة جماعتكم وسلامة نظمها ولوائحها وصدق الالتزام بها.

 

أيها الإخوان الكرام.. لقد كان من نتائج وعيكم وحرصكم هذا الاستقرار الطيب في مؤسسات الجماعة، ولقد اطمأن قلبي تمامًا لمستقبل هذه الجماعة بما رأيت من جموع الإخوان كبارًا وصغارًا من صدق مع الله ومع النفس، ومن أخوة رائعة، ومن استمرار ودأب في العمل الجاد والمثمر لخدمة دينهم وأمتهم ووطنهم.

 

ولكم أن تفرحوا بما منَّ الله عليكم من هذا الرشد والثبات والبعد عن لغو لا خير فيه لأحد، فشكر الله لكم، وأدام الله توفيقكم، وزادكم ثباتًا وتأييدًا.

 

أما الذين يريدون أن ينالوا من الجماعة فأقول لهم: استغفروا الله وراجعوا أنفسكم، فهذه الجماعة المباركة المنتشرة في أقطار الأرض، والمستقرة في قلب ووعي الشارع الإسلامي والعربي والعالمي تحمل مشروعًا إسلاميًّا إصلاحيًّا نهضويًّا حضاريًّا، يقف بقوة في وجه المشروع الصهيوأمريكي الاستعماري.

 

وأولى بكل مخلص لهذه الأمة ولهذا الوطن أن يتعاون معها وأن يكون من جنودها، أو على الأقل يعمل على دفع الأذى عنها؛ لأن في بقائها نامية متطورة قوة لأمتنا وحفظًا لأمنها القومي.

 

وأما رجال الإعلام الذين وقفوا وقفة موضوعية حيال الجماعة فإنني أتقدم لهم بخالص الشكر، وأؤكد تقدير الجماعة للإعلام والإعلاميين وإيمانها بالرسالة الإعلامية الجادة لتبصير الأمة وتزكية وعيها.

 

وأما إخواننا الذين يعتبون علينا في بعض ما غابت حقائقه عنهم؛ فنسأل اللهَ أن يغفر لنا ولهم، وأن يجمع قلوبنا جميعًا على الحق المبين، ونقول لهم: إن جماعتنا المباركة ودعوتنا الطاهرة في حاجة لكل الجهود والآراء والنصائح، وإنها لن تألو جهدًا في تطوير لوائحها وتجديد نظمها وهياكلها بما يعينها على تحقيق أهدافها، ولا ريب أن الجميع يدرك أننا نمر بمراحل مختلفة في مسيرتنا الطويلة، ولكل مرحلة متطلباتها، وما دمنا ننشد الحق ونسعى للكمال؛ فإننا مطمئنون لتوفيق الله إن شاء الله، وليتذكر كل من ألقى الشيطان على لسانه كلمة غاضبة أو عتابًا مرًّا قول الإمام الشافعي "الحر من راعى وداد لحظة، وانتمى لمن أفاده ولو بلفظة".

 

واطمئنوا أيها الأحبة إلى أن التطوير والتجديد في اللوائح مستمر؛ حتى نبلغ أفضل ما تحبون لدعوتكم وما ترجون لجماعتكم، وأسأل اللهَ أن يتولى توفيقنا وإياكم لما يحب ويرضى... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محمد مهدي عاكف

المرشد العام للإخوان المسلمين

 

شاهد البيان