انطلقت في قطاع غزة مسيرات الغضب الحاشدة، ردًّا على افتتاح المستوطنين الصهاينة "كنيس الخراب" في مدينة القدس أمس الإثنين، وانتصارًا للمسجد الأقصى المبارك الذي يتعرَّض لعمليات تهويد مستمرة.

 

ففي شمال القطاع، خرج المئات من طلبة المدارس في مسيرات احتجاجية على الانتهاكات الصهيونية المتواصلة بالقدس المحتلة, بينما أوقفت حركة السيارات والمارة لدقائق معدودة في وقفة احتجاجية تضامنية؛ نصرة للمسجد الأقصى والقدس المحتلة.

 

وعمَّ الحداد العام والغضب الشامل، صباح اليوم، كافة المدارس الفلسطينية شمال غزة على اعتداء الجيش الصهيوني، وقطعان المستوطنين على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس، وخاصة افتتاح "كنيس الخراب"؛ استنكارًا لهذه الاعتداءات.

 

وانطلقت مسيرات طلابية حاشدة، خرجت في مناطق عدة من محافظة شمال غزة؛ حيث رفع الأطفال المشاركون الأعلام الفلسطينية واللافتات المكتوب عليها عبارات تندِّد بالهمجية الاحتلالية بحق المقدسات الإسلامية في القدس، وبالصمت العالمي الذي لا يحرك ساكنًا، وأغلقوا الشوارع، وأشعلوا الإطارات.

 

ولم يقتصر الأمر على طلاب المدارس بل شمل مدارس الطالبات أيضًا، فلقد نظم العشرات من طالبات مدارس الشمال الثانوية مسيرة تضامنية للاحتجاج على الاعتداءات الصهيونية بحق القدس.

 

وجابت الطالبات شوارع المحافظة حاملات الأعلام الفلسطينية، ومرددات شعارات تدعو للتضامن مع المقدسات وللوحدة الوطنية.

 

وكانت مواجهات عنيفة قد تفجرت منذ الساعات الأولى، صباح اليوم، في مدينة القدس، بعد منع الاحتلال للمصلين أن يدخلوا المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر.

 

وانطلقت في مدينة بيت لاهيا وبلدات وقرى المحافظة المحيطة مسيرات عفوية عارمة، شارك فيها المئات من المواطنين؛ لاسيما طلبة المدارس رافعين الأعلام الفلسطينية، وصورًا للمسجد الأقصى الذي دنسته قطعان المستوطنين، ورددوا هتافات غاضبة منددةً بهذه الاعتداءات، وأخرى تطالب المجتمع الدولي والعربي والإسلامي الخروج عن صمتها، والتدخل العاجل لوقف هذه الاعتداءات، فيما انعقدت العديد من المهرجانات الخطابية في الميادين المختلفة من المحافظة والعديد من منابر المدارس.

 الصورة غير متاحة

 طالبات غزة خرجن تأييدًا للأقصى

 

كما سادت بين الطلبة مشاعر الغضب، والسخط الشديدين استنكارًا لاعتداءات الاحتلال الصهيوني، فيما من المزمع أن ينطلق المئات من طلاب الجامعات الفلسطينية شمال غزة، بعد قليل، في مسيرات احتجاجية غاضبة، تنطلق من أمام جامعة القدس المفتوحة شمال غزة.

 

وفي المحافظة الوسطى، عمت مسيرات طلابية حاشدة اليوم الثلاثاء 16/3/2010م تنديدًا بالعدوان المتجدد على المسجد الأقصى، ومدينة القدس.

 

وانطلقت أولى المسيرات في مخيم النصيرات؛ حيث خرج آلاف الطلاب تنديدًا بالعدوان، وتجمعوا في مركز المخيم حاملين الأعلام الفلسطينية.

 

وكانت الكتلة الإسلامية دعت صباح اليوم الطلاب للخروج في مسيرات حاشدة، فيما نادت مكبرات الصوت في مختلف المساجد بالمحافظة للنفير العام ونصرة الأقصى.

 

كما انطلقت مسيرة طلابية ثانية من مختلف مدارس مدينة ومخيم دير البلح؛ تنديدًا بالعدوان، وسط هتافات التنديد بالعدوان في القدس.

 

وانتهت مسيرة دير البلح بوقفة تضامنية مع الأقصى أمام مدرسة عبد الكريم العكلوك في المدينة بمشاركة آلاف الطلاب.

 

وفي مخيم البريج، خرج طلاب المدارس في احتجاجات متفرقة؛ غضبًا لما يحدث في القدس والأقصى، مرددين الهتافات المنددة بالعدوان.

 

وبدت حالة من الحزن والغضب الشديد في الشارع الفلسطيني بالمحافظة؛ استنكارًا لما يحدث بالمسجد الأقصى والمدينة المقدسة.

 

كما انطلقت مسيرات حاشدة من كافة مدارس وجامعات مدينة غزة باتجاه ساحة المجلس التشريعي، بمشاركة الآلاف من الطلبة، والطالبات، والمدرسين، والأكاديميين، والمثقفين، ونواب المجلس التشريعي، وشخصيات وطنية ودينية.

 

هبة واحدة

 الصورة غير متاحة

د. أحمد بحر

   ودعا د. أحمد بحر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي المقاومة الفلسطينية إلى الانتفاض في وجه الاحتلال، والرد على العدوان المتواصل، مطالبًا علماء الأمة العربية والإسلامية بمن فيهم علماء الأزهر بوقفة وهبة واحدة نصرة للمسجد الأقصى المبارك.

 

وأكد بحر أمام آلاف الطلبة والمتظاهرين المحتشدين في ساحة المجلس التشريعي أن استمرار بناء المستوطنات والإعلان عن 50 ألف وحدة استيطانية جديدة في القدس تحدٍّ للمجتمع الدولي وواشنطن، مطالبًا الجيوش العربية بهبة موحدة نصرة للقدس.

 

وناشد الدول العربية المجتمعة في قمة ليبيا نهاية شهر مارس الجاري لوضع قضية افتتاح كنيس الخراب اليهودي على جدول أعمالهم، قائلاً: "القدس عربية إسلامية، وهي أمانة في أعناقكم، فلا نريد عبارات شجب، واستنكار، ولا بيانات، إنما نريد قرارات صارمة لدعم شعبنا".

 

ووجه بحر رسالة لوزراء الدفاع العرب قال فيها: "ما أنتم صانعون أمام هذا التحدي؟.. ألا تتحملون مسئولياتكم أمام التاريخ وأمام شعبكم؟".

 

من جانبه، قال النائب مشير المصري: "أي مساس من قِبل الاحتلال بالمسجد الأقصى لن يوقفنا في غزة حصار ولا حدود ولا سدود، بل سنزحف لتحرير الأقصى من براثن اليهود، كما تم تحريرها سابقًا من براثن الصليبيين".

 

وأكد المصري خلال وقفة طلابية نظمها مجلس طلاب الجامعة الإسلامية في ساحة الجامعة أن أي مساس بالأقصى سيشعل المقاومة في كل مكان، مطالبًا فصائل المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام للبقاء على أهبة الاستعداد لمواجهة الغطرسة الصهيونية المتواصلة.

 

وشدد على أن كل الخيارات أمام فصائل المقاومة مفتوحة على مصراعيها لمواجهة الاحتلال، مطالبًا بإطلاق سراح المقاومين من سجون سلطة فتح في الضفة المحتلة.

 

وأضاف المصري: "آن الأوان لانتفاضة شعبية عارمة لا تبقي ولا تذر خاصة في القدس والضفة، وآن الأوان لإطلاق يد المقاومة في الضفة لتقول كلمتها بطريقتها الخاصة، مشيرًا إلى أن العدو يلعب بالنار، وأنهم لن يفرطوا بمقدسات ولن يتخلوا عنها.

 

وتابع النائب المصري أمام جموع طلاب وطالبات الجامعة الإسلامية الغاضبين: "رسالتنا اليوم رسالة كل مسلم أيهد المسجد الأقصى وأنا حي.. جئنا لنقول فداءك يا أقصى أرواحنا ودماؤنا وكل ما نملك من أموالنا وأبنائنا".

 

من جهته، دعا الدكتور خليل الحية القيادي في حركة حماس خلال كلمة له قادة الفصائل الفلسطينية وقوى المقاومة العالمية إلى الانتفاضة في وجه الصهاينة؛ حتى يعتبر الاحتلال لما يقوم به من تدنيس واقتحام يومي لباحات الأقصي".

 

ووجه الحية نداءً إلى قادة الأجهزة الأمنية في الدول العربية لتحريك بنادقهم في وجه الاحتلال الذي يمكث في أراضيهم، مستغربًا من صمتهم على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في أراضيهم، والتي كان آخرها جريمة اغتيال الشهيد محمود المبحوح.

 

وقال: "ما يحصل اليوم في فلسطين من مسيرات غاضبة هو رد طبيعي وأولي على العدوان الصهيوني على المقدسات الإسلامية، وعدوانه على سكان المدينة المقدسة، داعيًا إلى المزيد المقاومة الشعبية في كل أرجاء الوطن".

 

وتساءل خلال رسالة وجهها إلى قادة الأمة: "ماذا تنتظرون أيها العرب؟ هل تنظرون لأن يعلن الاحتلال يهودية فلسطين؟"، استيقظوا أيها المسلمون لترفع الراية الإسلامية، ولتدافعوا عن الأقصى بعزة، وكرامة، وكفى سباتًا، وصمتًا، وخذلانًا".

 

وثمن الحية الدور الذي يقوم به المحاصرون في المسجد الأقصى من دفاع عن المقدسات بصدور عارية، داعيًا إلى حشد المزيد لصد العدوان، كما دعا فصائل المقاومة الفلسطينية في الضفة المحتلة إلى رجم الاحتلال الصهيوني بالبنادق، والحجارة، واللجوء إلى العمليات الاستشهادية لإيقاف الاحتلال عند حده.

 

مقاومة رغم القيد

بدوره قال ناجح بكيرات متحدثًا باسم الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948م خلال كلمة له عبر الاتصال الهاتفي أن مدينة القدس امتلئت بالسياح والمغتصبين الصهاينة منذ يومين، وأن ذلك لم يمنع دخول الشباب المقدسي إلى ساحات الأقصى للدفاع عنه رغم وجود 4500 جندي حول بوابته.

 

وأضاف بكيرات: "رغم ما نتعرض له من طعن في الخلف من قِبل البعض الفلسطيني في سلطة رام الله، فإننا سنبقى صامدين صابرين وسندافع عن الأقصى، وشبابنا سينجحون في طرد المحتل الصهيوني وإفشال اقتحامه".

 

وتساءل بكيرات عن ما قامت به حكومة رام الله من استئناف المفاوضات لمدة أربعة أشهر، قائلاً: "لقد أعطيتموهم الفرصة لممارسة العدوان واقتحام الأقصى، ها هم احتلوا أرضنا أين أنتم؟، وكفى عبثًا بمصير المقدسات والشعب".

 

وجود لا حدود

 الصورة غير متاحة

فتيات غزة انطلقن يدافعن عن الأقصى ضد الهجمة الصهيونية

   وبين بكيرات أن المعركة في الأقصى هي معركة وجود لا حدود، وأن مخطط الاحتلال بات واضحًا لبناء هيكلهم المزعوم، وأن الرؤية اتضحت، وأنه آن الأوان للنفير العام في كل أرجاء العالم لتحرير الأقصى.

 

ودعا وزير الأوقاف والشئون الدينية طالب أبو شعر العرب والمسلمين إلى تحمل المسئولية عما يحصل في الأقصى وما سيحصل بعد الهجمة المسعورة عليه.

 

ودعا أبو شعر خلال كلمته في المسيرة الحاشدة إلى توجيه ضربات عسكرية في صميم الكيان المغتصب ليذوق الألم ويتوقف عن جرائمه.

 

ووجَّه رسالته أيضًا إلى العدو الصهيوني قائلاً: "إنكم اليوم بافتتاحكم لكنيس الخراب تحفرون قبوركم بأيديكم، وستنتصر فلسطين وشعبها عليكم"، داعيًا علماء الأمة إلى النفير العام لنصرة الأقصى.

 

من جهتها، أكدت كتائب "الشهيد عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة حماس أن ما يجري في مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك سيدفع الوضع للانفجار من جديد في وجه الاحتلال الصهيوني، مبينةً أن ما يجري في القدس يثبت أنها ستبقى الشعلة التي توقد الثورات والانتفاضات حتى تحريرها، وتحرير كل أرض فلسطين المحتلة.

 

وقال أبو عبيدة الناطق باسم كتائب "القسام": "إننا في كتائب القسام ننظر بخطورة بالغة، ونراقب ما يجري في القدس المحتلة عن كثب، وندرس سبل الردّ على ذلك بما يحقق النصرة للأقصى ويؤلم الاحتلال".

 

وأوضح أن ما يجري في القدس المحتلة من إنشاء لكنيس الخراب اليهودي سيكون بداية خراب هذا الكيان اللقيط، مشيرًا إلى أن المساس بالأقصى هو نذير فناءٍ لدولة الباطل الصهيونية.

 

وشدد أبو عبيدة على أن ما يحدث في القدس خير دليل على استخدام الاحتلال لورقة التنسيق الأمني؛ للإقدام على مخططات خطيرة وإستراتيجية غير مسبوقة، مضيفًا: "ما كان هذا الإجرام ليحدث لولا هذه الهجمة الصهيوفتحاوية على المقاومة والمجاهدين، والتي تواصلت منذ سنوات، في محاولة للقضاء على فكرة المقاومة".

 

وأكد أن المقاومة الفلسطينية والمجاهدين في الضفة الغربية المحتلة هم الأقدر على تحديد سبل الردّ من هناك على هذا العدوان السافر على المقدّسات، مستبعدًا وقوف أبناء الشعب الفلسطيني مكتوفي الأيدي أمام هذا الإجرام المقيت.

 

وتابع أبو عبيدة: "آن الأوان لسلطة فتح المصنوعة على عين الاحتلال أن ترفع يدها عن المقاومة، وعن الشعب الفلسطيني في الضفة التوّاق للدفاع عن الأقصى والمقدّسات"، داعيًا الأمتين العربية والإسلامية؛ للردّ على هذا الانتهاك الخطير لمقدساتهم عبر الانتفاض إلى جانب الشعب الفلسطيني.