تحقيق- الزهراء عامر:

تتعالى أصوات الجماهير في مصر رفضًا لاحتيال وخداع الحكومة لتمديد حالة الطوارئ عامين إضافيين، بعد 29 عامًا طوارئ، شهدت فيها البلاد أسوأ الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الخلقية.

 

وكانت الحكومة قد وعدت سابقًا بعدم تمديد قانون الطوارئ أثناء مناقشة مده عامين بمجلس الشعب، وتعهَّدت بإصدار قانون خاص بمكافحة الإرهاب، إلا أنها تنصَّلت من التزامها وطالبت بتمديد القانون، وكأن مصر تعيش تحت ظل الاحتلال البريطاني، وتظهر الحاجة الماسة إلى قانون الأحكام العرفية لضمان استقرارها.

 

ومن المعلوم أنه في جميع دول العالم لا تزيد فرض حالة الطوارئ عن 5 سنوات، وتزيد في حالات الحروب فقط، ليبقى تساؤل الجماهير عن حاجة بلدهم لمد حالة الطوارئ مرةً أخرى؟ ومتى يتحقق أملهم في إنهاء عهدها؟

 

احتيال وخداع

يؤكد سالم أحمد "مهندس اتصالات" أنه أصابته حالة من اليأس؛ بسبب كثرة خداع الحكومة للشعب المصري، حتى أصبح أسهل شعب تستطيع أن تضحك عليه وتخدعه؛ ومن المفترض بعد إثبات 30 عامًا من الفشل أن يرحل هذا النظام ويرحم الشعب من فساده.

 

ويتساءل هاني عادل قائلاً: "إلى متى سيظل الشعب المصري يعيش في ذُل، ويُحرم من كافة حقوقه القانونية والدستورية"، مشيرًا إلى أنه ترك مصر بسبب قهر النظام، وعدم احترام آدمية المصريين، وذهب مهاجرًا بعيدًا عن وطنه ليعمل بإحدى دول الخليج، فوجد نفس المعاملة السيئة للمصريين، وأيقن حينها أن مَن يُهان في بلده كيف تكون له كرامة خارج بلده، قائلاً: "حسبنا الله.. ارحمونا يرحمكم الله".

 

وتقول سهير فهمي "مهندسة": إن قانون الطوارئ هو حالة تخدم ظروف استثنائية، وغرضه الحفاظ على نظام مصيره الزوال مهما أحاط نفسه بكافة الاحتياطات الاستثنائية؛ لأن الشعب سينفجر، فلم يتبقَّ له شيء يخاف عليه بعد عهد طارئ طال وطال فساده وإفساده.

 

دولة بوليسية

 الصورة غير متاحة

جموع المصريين طالبوا بإنهاء فوري لحالة الطوارئ

وترى أسماء عبد المنعم "طبيبة بشرية" أن حالة الطوارئ التي تظلل المجتمع المصري لا تخدم مصلحة مصر، ولا يوجد لها فائدة الآن؛ لأن الحكومة تفعل ما تريد سواء كان بقانون أو بغير قانون، فنحن في دولة الشرطة ولا شيء غيرها له اليد العليا في كل شيء.

 

ويوضح طارق سليمان أن غرض قانون الطوارئ أو قانون مصادرة الحريات هو حماية الأغنياء وحماية نهبهم على حساب الديمقراطية وحقوق الإنسان.

 

ويدين عبد الرحمن حسين "طبيب بيطري" تمديد حالة الطوارئ مرَّة أخرى لمدة عامين، فهو قرارٌ ظالم لكل المصريين سواء مَن تمَّ اعتقاله في طريقه لذلك؛ حيث يتيح هذا القانون لضبَّاط الشرطة ووزارة الداخلية اعتقال أي شخص- دون أي تهمة- بداعي قانون الطوارئ، بالإضافةِ إلى إحالة بعض المعتقلين إلى المحاكم العسكرية دون اقتراف أي ذنب.

 

وتؤكد إيمان صبري "موظفة" أن قانون الطوارئ كما يسميه الديكتاتوريون لا يخدم سوى مصالحهم، وتضييق الخناق على الشعب المغلوب عن أمره, فهذه الطريقة تدل على أن هؤلاء الطاغين وأمثالهم من الحكام يحكمون شعوبهم بالحديد والنار.

 

مصالح مشتركة

ويقول رضا سعيد "إداري": إن فرض قانون الطوارئ يخدم أصحاب رءوس الأموال والسلطة في مصر وإذلال عامة الشعب، متسائلاً: "إلى متى سيظل الحزب الحاكم يحاصر المعارضة داخل وخارج البرلمان، ويحتكر المواقع واللجان، ويقر القوانين الظالمة، ويفرض الأجندة دون اعتبارٍ للرأي الآخر.

 

أما أحمد منصور "مدرس كيمياء" يقول: ولدت في بداية عام 1982م ومنذ وعيت على الدنيا أتجرع كئوس الذل والمهانة بقانون الطوارئ، ويبدو أننا سنعيش حياتنا كلها نُحكَم بهذا القانون، لا نتنفس نسيم الحرية إذا ما تم توريث الحكم.

 

ويضيف محمد عليوة "مدرس": في الحقيقة قانون الطوارئ لا يخدم إلا النظام المصري؛ لأنه كما قال أحد مسئوليه: لا تستطيع مصر أن تعيش بلا طوارئ شهرًا واحدًا، وقد صدق؛ فاستمرار النظام وبقاؤه في الحكم مرتهن ببقاء حالة الطوارئ التي لا تسمح حتى بمجرد التعبير عن الرأي ولو من خلال الإنترنت الذي ربما لا يهتم به كثير من الناس، وما حدث مع المدونين المصريين ليس عنا ببعيد.

 

تكميم الأفواه

ويبين صفوت الشافعي أن استمرار العمل بحالة الطوارئ هدفها حفاظ الأسرة الحاكمة على مكانها، ولهم مصالح مشتركة في ذلك، ولا يخدم الشعب الصامد المسكين قدر أنملة؛ لذا يجب عليهم السعي جاهدين إلى تمديده؛ ليضمن لهم أمنهم الخاص، ويضمن بقاء فم المصري البسيط دائمًا صائمًا عن الكلام ومفتوحًا ينتظر أن يلقوا فيه أية كسرة خبز.

 

ويلفت هشام عبد الكريم النظر إلى أن تمديد حالة الطوارئ لا يعكس فقط فشل الحكومة على مدى 30 عامًا في التقدم بالبلد وإصلاحها، وإنما يعكس أيضًا عدم وجود أي نية مستقبلية للإصلاح بسبب انتشار الفساد على كافة المستويات، وأن كل الانعكاسات الشعبية للمشاكل الاقتصادية والسياسية ستحل باستخدام قوى الأمن فقط.

 

تدوين التاريخ

وتستشهد إسراء عاطف "مدونة" بمقولة علي عزت بيجوفيتش "هكذا تصنعون الطغاة" عندما رأى كل مَن حوله يمجدونه ويعظمونه، وتقول: "إننا الذين صنعنا الديكتاتوريين في بلادنا؛ لأننا ارتضينا الهوان والسكوت، فضلاً عن تمجيدهم بالباطل.

 

وتضيف أن صناعة القرار ليست بأيدي النظام ولا حزبه الحاكم، إن القرار نحن صانعوه إن أخذنا على عاتقنا أن نحترم ذواتنا، ونعترض ونكافح لأجل مصلحة أمتنا، وأن نكون أكثر إيجابيةً، وننزع الخوف من قلوبنا ونتمنى الموت؛ لأجل مبدأ ولو في ساحات السجون أفضل من الموت على الفراش كالبعير.

 

ضعف

وتوضح سوسن رضا "ربة منزل" أنه من العار الذي لا يُمحى أن يذكر التاريخ للأجيال القادمة أن كل فترة حكم النظام الحالي كانت تحت قانون الطوارئ، وهذا إن دلَّ فإنه يدل على قمة الضعف، مشيرًا إلى أنه في أكثر الدول تخلفًا إذا أعلنوا فرض حالة طوارئ تكون لمدة شهر يعلنون ذلك على استحياء شديد، ولكن يبدو أن النظام فقد كلَّ الإحساس لضمان بقائه في منصبه حتى بعد نهايته.

 

 الصورة غير متاحة

تعديل الدستور بات مطلبًا شعبيًا

ويشير حسين طه إلى أن الطوارئ هي عصا الضعيف الذي يشعر أنه يحكم بلا شرعية من حب للشعب أو انتخاب صحيح؛ لذا فهو يضيف ضعفًا إلى ضعفه، ولو كان منهم رجل رشيد لسلَّم الأمر كله لله يفعل ما يشاء، فإما أن يختاره الشعب وتعود له شرعيته عبر انتخابات حرة من أول المحليات حتى البرلمان، وحينها لن يستطيع أحد أن يرهبه أو يخيفه، وإما أن يختار غيره.

 

ويضيف أن المشكلة تكمن في أصحاب القرار من ذوي النفوذ والمصالح التي تتقاطع مصالحهم مع فرض الطوارئ، وأن الانحياز لمصلحة الشعب، وفتح باب الحرِّيات على مصراعيه، وإلغاء حالة الطوارئ؛ سيكون قوةً للنظام الحاكم.

 

وتطالب أسماء محمد "طالبة" بإلغاء مواد الدستور التي تسمح بوجود أعداد كثيفة من حرَّاس أمن الجامعة الذين يمارسون سياسة التضييق على الطلاب، والتي تعطي لهم الحق في اعتقال الطلاب من على أبواب الجامعة حتى تحوَّلت الجامعة إلى قسم للشرطة، يتم التحقيق فيه مع الطلاب، وأيضًا تسمح بوجود عربات الأمن داخل أسوار الجامعة، حتى أصبح الأمن في يده مفاتيح الجامعة، وهذا لم نره من قبل.

 

وتتساءل شيماء محمد "ربة منزل" لماذا لا يستخدم قانون الطوارئ في محاربة البطالة وارتفاع الأسعار والخصخصة وبيع أراضٍ مصرية للمستثمرين، ومحاربة الفساد الحكومي والأخلاقي، وقتل المصريين وإهانتهم في كلِّ مكان بلا ثمن، أو أن يصدر ويحاسب الوزراء على استغلال الثروة ووضع المكاسب في غير وطنها.

 

تمديد للبلطجة

ويقول سعد محمد: إن تمديد قانون الطوارئ ما هو إلا تمديد لإرهاب الشعب المصري ممن تسول لهو نفسه التعبير عن رأيه، بجانب تمديد لبلطجة الشرطة المصرية التي من المفترض أن تدافع عن أمن المواطن، فالعالم يرى ماذا يفعل رجال الشرطة في شعب مصر من أبشع عمليات التعذيب في العالم.

 

ويستشهد أحمد بدر بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا منها جندًا كثيفًا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض"، قال أبو بكر: لِمَ يا رسول الله؟ قال: "لأنهم وأزواجهم في رباطٍ إلى يوم القيامة"، وأنه مهما فعل فرعون هذا الزمان بشعب مصر من اتباع سياسة التجويع والتخويف فلن يقضي على رباط هذا الشعب؛ لأنهم في رباط إلى يوم الدين.