- المواطنون: "الرشوة.. الفساد.. الفقر.. البطالة.. والبلطجة" سمات برامج الوطني

- صالح: الحزب لا يملك برنامجًا سياسيًّا ولا يؤمن بالتعددية السياسية

- العيسوي: برنامج "من أجلك أنت" مخرِّب للبنية التعليمية ويدفعها للأسوأ

- د. خليل: أوضاع الصحة متدهورة والبرنامج لصالح رجال الأعمال

- د. المصري: أرقامهم الاقتصادية كذب وتجميل لصورتهم في الانتخابات

 

تحقيق- شيماء جلال:

في الوقت الذي يتباهى فيه الحزب الوطني الحاكم ببرنامجه الانتخابي في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، المقرر إجراؤها في الأول من يونيو المقبل، ويزعم فيه طرح فرص عمل جديدة وزيادة الأجور وخلق فرص استثمار جديدة وحماية الطبقات الفقيرة.. يشهد الشارع المصري حالة من الاحتقان السياسي والاجتماعي لم يعهدها من قبل، فلا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن اعتصام أو إضراب أو انتحار بسبب الفقر أو ضعف الأجر أو عمليات نهب أو سرقة وفساد، وتخطت معدلات الفقر بحسب تقرير التنمية البشرية لعام 2009م حاجز الـ41%.

 

المثير للضحك، ما صرَّح به صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي بأن الحزب يخوض انتخابات الشورى ببرنامج يعطي الأولوية لقضايا الحياة اليومية للمواطنين، في حين أن رغيف العيش يشهد طوابير يومية ومشادات لا تنتهي، وكذلك أزمة أنابيب البوتاجاز التي تسببت في وفاة أكثر من 5 أشخاص بحثًا عن أنبوبة بوتاجاز لطهي الطعام!

 

وإذا نظرنا للأحوال الصحية للمواطنين فسنجد أن هناك مائة ألف مريض يُصابون بمرض السرطان سنويًّا، علاوة على أن مصر أصبحت الأولى عالميًّا في الإصابة بفيروس الكبد الوبائي، وحدِّث ولا حرج عن أمراض الضغط والسكري والقلب التي لا يخلو منها بيت في مصر بفضل حكومات الوطني.

 

(إخوان أون لاين) يستطلع في التحقيق التالي آراء المواطنين والخبراء عن برنامج الحزب الوطني في انتخابات التجديد النصفي لمجس الشورى لعام 2010م الذي طرحه تحت شعار "من أجلك أنت"...

 

يقول مصطفى سيد- سائق أجرة- إنه يتبع سياسة "ودن من طين وأخرى من عجين" مع ما يقوله الحزب الوطني أو يعلن عنه من خدمات للمواطنين، معربًا عن ضيقه وغيظه من أن يقول الحزب أحاديث براقة ورائعة على الأوراق في الانتخابات والمؤتمرات، وفي المقابل على أرض الواقع لا يوجد له واقع ملموس يشعر به.

 

وبشأن ما تضمنه برنامج الحزب عن المشاركة الشعبية للمواطنين في الانتخابات، يؤكد سيد أنه لن يذهب للمشاركة في الانتخابات بالرغم من أنه يمتلك بطاقةً انتخابية قائلاً: "ما أصلها هتزور هتزور، هنشارك ليه، الوطني معاه نتائج الصناديق من الآن والأمر محسوم".

 

ويضيف متسائلاً: "إزاي عايزين من المواطنين أن يصدقوهم ويقبلوا إنجازاتهم، في حين أن هناك مسئولاً كبيرًا في الحزب ويمتلك منصبًا متحكمًا في انتخابات الشورى يقوم بعمليات نهب وسرقة لأموال البلد والشعب".

 

 المرار

 الصورة غير متاحة
   "أنا مش عارفة أدفع الإيجار والأقساط وبناتي مش بيشتغلوا، برنامج إيه وحزب إيه، استحالة نصدقه، ما إحنا شايفين المر قدام أعيننا".. بهذه الكلمات أجابتنا موظفة بالضرائب العقارية حينما سألناها عن رأيها في شعار "من أجلك أنت" الذي يتخذه الحزب الوطني في الانتخابات، ولكنها رفضت ذكر اسمها خشية أن يحاسبها أحد أو يتعرض لها قائلة: "إحنا كأننا في عصر المماليك".

 

وتضيف: إذا كان كلام الحزب حقيقيًّا عن القضاء على البطالة، فلماذا لم تجد بناتي فرص عمل حتى الآن بالرغم من أنهن حاصلات على مؤهلات عليا؟!

 

وتقول مني فوزي- موظفة- إنها لا ترى جديدًا، وأن الوضع في مصر يسير من سيئ إلى أسوأ، مشيرةً إلى أن من يتكلم ويقول الحق يحاسب وكأنه مجرم، في حين أن المجرمين لا يحاسبهم أحد.

 

ويشير محمد راضي- موظف بهيئة النقل- إلى أن رجال الأعمال الحزب أصبحوا الطبقة المسيطرة على السلطة؛ سواء في الحكومة أو مجلس الشعب أو الشورى، ما يترتب عليه أنهم ينفقون آلاف الجنيهات في الحملات الانتخابية والدعائية لهم؛ رغبةً منهم في السيطرة على المنصب والكرسي الذي يوفر لهم الحماية، في حين أن المواطن البسيط المصري يجد لقمة عيشه بالكاد بعد عمل وجهد طوال النهار والليل.

 

ويرى أن شعار الحزب الوطني "من أجلك أنت" شعار زائف اختلقه الحزب ليمارس الزيف والكذب على المواطنين، في حين أنه في الحقيقة لا يهتم بالشعب ولا يرى همومه ولا يعرف كم يموت من الشعب كل يوم بسبب الأمراض وارتفاع الأسعار.

 

ولم يكن فراج جابر رئيس اللجنة النقابية بشركة "بونبون سيما" الذي تم فصله لمطالبته بحقوق العمال بالأحسن حالاً عن سابقيه؛ حيث أكد لنا أنه لن ينتخب الحزب الوطني، معربًا عن أمله في أن يشهد المواطن المصري رياحًا من التغيير والتجديد.

 

ويشير إلى النكبات التي عاشها المواطن المصري في ظل برامج الحزب الوطني بدءًا من "مصر بتتقدم بينا" مرورًا بشعار "من أجلك أنت"، موضحًا أن المستشفيات الحكومية مكتظة بالمرضى الذين لا يجدون أَسرّة فاخرة وأموالاً باهظة ليعالجوا في الخارج كما يعالج وزير المالية، علاوة على أن رصيف مجلس الشعب لا يكاد يخلو من وقفة احتجاجية أو اعتصام يومي من العمال ضد ظلم الحكومة، وكذلك الشباب الذي يأخذ الشهادات من الجامعات ويضعها طي الأدراج لعدم توافر فرص عمل.

 

ويجدد رفضه لسياسات الحزب الوطني وبرامجه المزيفة، موجهًا رسالة له فحواها أنه يلتزم المصداقية مع الشعب والمواطنين، وكفى تزييفًا وكذبًا؛ لأن الشعب المصري بات مدركًا لجميع الأمور وليس معصوب العينين.

 

برنامج هزلي

ويصف محمد علي- طالب- برنامج الحزب الوطني بمسرحية هزلية أبطالها مرشحو ومسئولو الحزب، مطالبًا إياهم بأن يخلعوا الأقنعة التي يرتدونها لإقناع لمواطنين بأنهم يعملون من أجلهم.

 

ولا يرى خيرًا من ممارسات الحزب، معربًا عن فقدان الثقة الكاملة في أحاديث وأقاويل الحزب الوطني، مؤكدًا أن هناك حقيقة واضحة وضوح الشمس باتت ملتصقة باسم الحزب الوطني ألا وهي "التزوير ثم التزوير".

 

ويستنكر الملايين التي يصرفها الحزب في الرشاوى والدعاوى الانتخابية، متسائلاً: "أليس من الأحرى به أن ينفق تلك الأموال على المواطنين الفقراء والشعب المريض حتى يثق فيه الشعب وينتخبه؟!"

 

قابلنا محاميًا عضوًا من أعضاء الحزب الوطني، فطرحنا عليه سؤالاً بشكل آخر وهو "لماذا لا يصدق المواطنون برنامج الحزب؟ ولماذا لا يتفاعلون معه؟" فأجابنا قائلاً: "الشعب عنده إحباط من اللي شايفه أمامه من فساد، علشان كده مش بيصدق، ومش هقدر أقول أكتر من كده أنتم عارفين".

 

كذب وخداع

وبلهجة يشوبها الاستنكار، يسأل محمد حمزة- محاسب- حكومة الوطني ومخترعي شعاره في برنامجه الانتخابي، أي تغيير تقصدونه من هذا الشعار؟ وهل هذا التغيير المنشود لصالحكم أم لصالح الشعب؟ قائلاً "لو كان للشعب فنحن متأكدون أنه كذب وخداع وليس حقيقيًّا بدليل الفشل الذي نراه في ترتيب الجامعات المصرية على مستوى العالم والاعتقالات المستمرة للمصلحين في مصر وقانون الطوارئ الذي يحاكم به كل صاحب ضمير".

 

وطالب الحزب بأن يتخلى عن الشعارات المنمقة في برنامجه الانتخابي وعن سلطاته التي يسيطر بها، وأن ينزل انتخابات حرة نزيهة حتى يثق فيه الشعب.

 

ويقول أحمد متولي- بائع متجول- إن الشعب أصبح مخنوقًا من كثرة الأحاديث والشعارات، موضحًا أنه بحكم عمله متجولاً في الشارع طوال النهار يشاهد مناظر تدحض ما يقوله الحزب بأنه يسعى للمواطن لكي يحيا حياة كريمة، لا سيما وأنه يظل طوال النهار يمر بين الأتوبيسات ليبيع بعض الأدوات الصغيرة كالصمغ وما إلى ذلك، وحينما يلح على المواطنين لكي يشتروا منه يقولون له إحنا المرتب خلص من أول الشهر، مفيش فلوس نشتري حاجة.

 

كامب ديفيد

 الصورة غير متاحة

 صبحي صالح

   من جانبه، أكد صبحي صالح الأمين العام المساعد للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين أن الحزب الوطني لا يملك أي برنامج سياسي، ومشروعه السياسي ينحصر في الولاء لـ"كامب ديفيد"، مشيرًا إلى أن الواقع السياسي الذي تشهده مصر صعب للغاية ومشهد الاعتقالات والاعتداءات المستمرة في الشارع المصري خير شاهد ودليل على ذلك.

 

ويستبعد أن يكون الحزب الوطني يسعى للتغيير من خلال برنامجه في انتخابات الشورى، موضحًا أن الحديث عن التغيير والإصلاح السياسي لم يتغير منذ أن تولى الحكم في مصر.

 

ويرى أن الحزب الوطني يزيف الحقائق، لا سيما وأن المرشحين من جماعة الإخوان شهدوا معاناة كبيرة في التقدم بأوراقهم للترشح لانتخابات الشورى، فضلاً عن قبولهم لأعداد قليلة رغبة من أن يحسن الحزب صورته أمام الشعب بأن يؤمن بالتعددية، في حين أنه لا يسمع سوى صوته فقط.

 

ويؤكد أن جميع المؤشرات الأولية تكشف أن الانتخابات المقبلة ستشهد تزويرًا حتميًا في ظل استبعاد الحزب الوطني الإشراف القضائي عن لجان الانتخابات، علاوة على إدخال سلطة المجالس المحلية في اللجان الفرعية.

 

تخريب التعليم

 الصورة غير متاحة

حسن العيسوي

   وعلى الجانب التعليمي، أكد حسن العيسوي منسق حركة "معلمون بلا نقابة" أن الحزب الوطني يمارس سياسة تخريبية في التعليم، مشيرًا إلى أن جميع الدراسات التي أجريت على التعليم بدت عشوائية بدرجة كبيرة، علاوة على أن القرارات تتسم جميعها بالتسرع والتخبط الذي أساء للعملية التعليمية.

 

وأضاف أن القرارات التي يتخذها بشأن العملية التعليمية لا تضيف جديدًا لأنها تعبِّر عن مصالح أصحاب الثروة والسلطة وليس الشعب، ما يترتب عليه بأن يكون المواطن منذ صغره في المراحل التعليمية ضحيةً لنظام كامل يتحكم في مصير المواطنين.

 

ووصف برنامج الحزب الوطني بشأن تطوير التعليم والارتفاع بمستوى المعلمين بأنه أضحوكة وكذبة كبيرة لا يمكن تصديقها، مؤكدًا أن الحزب دائمًا ما يقول كلامًا جيدًا وجميلاً؛ ولكن ما يطبق على أرض الواقع يكون على النقيض من ذلك.

 

وحول نظم تطوير التعليم المقترحة وزيادة أعداد المدارس، أوضح العيسوي أن الحزب لا يضع التعليم ضمن أولوياته وحديثه عن التطوير لا ينتهي، بل ما نجده أن التعليم يزداد سوءًا وتدهورًا.

 

وحول محاربة الحزب للدروس الخصوصية، يبين أن الحزب هو الذي يروج للدروس الخصوصية نتيجة لما يقدمه من مبالغ ضئيلة وفتات للمعلم لا يكاد يذكر؛ حيث لا يزيد راتبه عن 104 جنيهات، مضيفًا أن الحزب الوطني هو الذي أدخل الخصخصة في التعليم متعمدًا تخريب البيئة التعليمية.

 

وتساءل العيسوي: كيف يتطور التعليم ويسير للأفضل والحزب من يديره ويفكر له مجموعة من رجال الأعمال السلطويين أصحاب النفوذ؟ وما الذي سيقدمه برنامج الحزب وسيغيره؟ ومن هو في الأساس الحزب الوطني الذي يريد منا أن ننتخبه ونصدقه؟

 

أحوال متدهورة

 الصورة غير متاحة

د. محمد حسن خليل

   وعلى الجانب الصحي، يتهكم الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة على ما أشار له برنامج الحزب الوطني بشأن سعيه لتحسين الجودة والرعاية الصحية للمواطنين، مشيرًا إلى أن حديثه لا يتغير عن تطوير وتحسين الوضع الصحي منذ سنوات، وفي الواقع الوضع الصحي يسير من سيئ إلى أسوأ.

 

واستنكر أن يخصص الحزب 4.6% فقط كمخصصات للإنفاق الصحي، في حين أن العالم كله يضع ما لا يقل عن 15% كمخصصات للإنفاق على الجانب الصحي، موضحًا أن الوضع الصحي يتدهور في ظل عهود الحزب الوطني المتتالية، وأنه يزيد من وتيرة الإصلاح كلما قربت الانتخابات، في حين أن الحقائق والمستندات على أرض الواقع تدحض هذا الأمر.

 

وأوضح أن الحزب الوطني وحكومته يسعيان لتحسينات شكلية من خلال برنامجها الصحي، فضلاً عن أنهم يسعون سعيًا حثيثًا لتطبيق الخصخصة في الصحة لتصب في نهاية المطاف لصالح المستثمرين من أبناء رجال الأعمال وليس للمواطنين والمرضى.

 

وانتقد الشعار الذي يرفعه الحزب بشأن تحسين الجودة في المجال الصحي، مبينًا أن الحزب لا يسعى لتحسين الجودة بأي شكل من الأشكال، وأن كل ما يسعى إليه هو إغلاق المستشفيات لصالح عدد من المستثمرين.

 

أرقام مضللة

ويعلِّق الدكتور إبراهيم المصري أستاذ الاقتصاد جامعة القاهرة على الأرقام التي أوردها برنامج الحزب بشأن تحقيق معدلات نمو واقتصاد مرتفعة بأنها أرقام مضللة، مشيرًا إلى أنها أرقام وضعها الحزب ضمن برنامجه؛ رغبةً منه في تجميل صورته أمام المواطنين في الانتخابات.

 

ويؤكد أن معدلات الفقر في ارتفاع متزايد قائلاًً: "إن نصف المصريين فقراء بالفعل في عهد حكومة الحزب الوطني".

 

ويعلِّق على ما طرحه برنامج الحزب بشأن توفير 100 ألف فرصة عمل في المشاريع الصغيرة و150 ألف فرصة أخرى في المشروعات المتوسطة بأنه أمر غير واقعي وغير حقيقي؛ لأننا بحاجة إلى ملايين من فرص العمل في ظل تزايد الفقر ونقص المرتبات.

 

ودحض د. المصري أرقام معدلات النمو والاستثمار التي تحدَّث عنها الحزب، مشيرًا إلى أن الحزب يقيسه تبعًا لحساباته الخاصة وليس تبعًا لحسابات الأرقام والتحليلات الاقتصادية، لا سيما أن الحزب وحكومته زعموا أن الأزمة المالية العالمية قد انتهت، في حين أنها ما زالت موجودة على أرض الواقع ويعاني الاقتصاد من آثارها.