- زكريا عبد العزيز: الحل في الإشراف القضائي الكامل

- محمود الخضيري: رفض أحكام القضاء منهج حكومي

- أحمد أبو بركة: سنلاحق اللجنة العليا للانتخابات بالقضايا

- عصام الإسلامبولي: الاستجابة لتنفيذ الحكم ضرورة قانونية

 

تحقيق- يارا نجاتي:

حصل مرشحو جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى 2010م، على العديد من الأحكام القضائية في مختلف الدوائر الانتخابية التي تقدَّم فيها الإخوان بالترشيح، ومنها 5 أحكام قضائية بوقف الانتخابات في دوائر انتخابية بمحافظات الجيزة وحلوان وإسكندرية والشرقية وكفر الشيخ، بالإضافة إلى الحكم القضائي الشهير باستبعاد مرشحة الحزب الوطني "السوابق" من خوض الانتخابات بسبب صدور أحكام قضائية واجبة التنفيذ بحبسها في جرائم مخلة بالشرف، إلى جانب العديد من الأحكام القضائية الخاصة بإدراج أسماء مرشحي الإخوان في عدد من الدوائر الانتخابية المختلفة، والتي تجاهلتها جميعًا اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات برئاسة المستشار إنتصار نسيم في تحدٍّ صارخ للقانون.

 الصورة غير متاحة

 المستشار زكريا عبد العزيز

 

ويؤكد المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي قضاة مصر السابق والرئيس بمحكمة الاستئناف أن عدم تنفيذ أحكام القضاء يؤدي إلى تقويض دعائم نظام الحكم، قائلاً: حين يقرر كل فرد أن يأخذ حقه بمفرده سنكون بذلك نطبق شريعة الغابة، وفي حالة إعلان نتائج انتخابات الشورى بالدوائر التي أوقف فيها القضاء الانتخابات؛ سيجعل شرعية المجلس مشكوكًا بها، فوقتها سيكون المرشح الفاقد للمشروعية في الداخل والمرشح الشرعي في الخارج.

 

ويوضح أنه بمجرد صدور الحكم تعلم اللجنة العليا بصورة منه وعليها أن تبدأ في تنفيذه، قائلاً: إن اللجنة العليا للانتخابات مكونة من كبار رجال القضاء والقانون، وعليهم أن ينصاعوا لأحكام القضاء والعمل السريع على تنفيذها، حتى تعطي المثل وتكون القدوة أمام المواطنين.

 

ويضيف أن كثرة عدد الأحكام الصادرة بوقف انتخابات الشورى في عدد من الدوائر مؤشر سيئ، يدل على عدم احترام تطبيق القانون من قبل المرشحين واللجنة العليا، والدليل عليها وجود مثل هذه الثغرات التي أقنعت القضاة بإصدار الأحكام، بالإضافة إلى أنها صفعة لقانون مباشرة الحقوق السياسية، كما تعطي انطباعًا سيئًا في المرحلة التي نحن مقبلون عليها من انتخابات مجلس الشعب.

 

ويوضح أنه حتى مع وجود الإشراف القضائي على الانتخابات فإن التزوير قد حدث، وكان هناك عدد كبير أيضًا من الطعون على نزاهة الانتخابات، مطالبًا بضرورة وجود قاضٍ على كل صندوق إلى جانب توفير الإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية، وليس المنقوص؛ بحيث يبدأ القضاة إشرافهم- منذ عملية تحديد قوائم الناخبين- مرورًا بعملية التصويت وانتهاءً بقبول الطعون، ثم الفرز وإعلان النتائج، ويشدد على أن غياب الإشراف القضائي يجعل مصير سير عملية الانتخابات في قبضة الدولة، فإذا أرادتها انتخابات نزيهة كانت كذلك، وإذا لم تردها صارت مزورة.

 

ويشير إلى أن التزوير لا يكون فقط في تقفيل صناديق الاقتراع وتسويد البطاقات بل له صور أخرى، مثل إحجام الناخبين عن التصويت وشراء الأصوات، ومنع الناخب من الوصول إلى اللجنة، فالمنع يعني منع المواطنين من التعبير عن إرادتهم، فمثلاً- والكلام لعبد العزيز- شراء الأصوات يفقدها الشرعية، وعدم قبول الأحكام القضائية أيضًا، وكل هذا يصب في النهاية على نزاهة العملية الانتخابية.

 

انتخابات باطلة

 الصورة غير متاحة

المستشار محمود الخضيري

ويعلِّق المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض المستقيل على كثرة عدد الأحكام الصادرة بوقف انتخابات مجلس الشورى في هذه الدورة قائلاً: إنها دليل على سير الانتخابات بشكل غير نزيه خارج عن تطبيق القانون، مضيفًا أن هذا هو المنهج الذي اعتاد الشعب المصري عليه من الحكومة، وهو اتباع مصالحها وكل ما يهمها بأي طريقة كانت، وإن كانت مخالفة للقانون والدستور.

 

وينتقد المستشار الخضيري أعضاء اللجنة العليا للانتخابات الذي كان الجميع يأمل منهم ألا يحذوا حذو الحكومة المصرية في عدم الاعتداد بالأحكام القضائية، على الرغم من كونهم من كبار رجال القضاء؛ مما يكرِّس لدى الشعب بكامله ثقافة عدم احترام القانون، فلن يلقي أحدهم بالاً بالأحكام القضائية، وتصبح مجرد شعارات، ويرى أن سير الانتخابات على هذه الشاكلة واكتمال عملية الانتخاب وفرز الأصوات على الرغم من صدور حكم الوقف؛ هو إبطال لمشروعية المجلس؛ حيث يكون الأعضاء الفائزون غير شرعيين، وليسوا في مكانهم الصحيح.

 

ويضيف بالطبع ستثور المشكلة في المحاكم، وتكثر الطعون على النتائج، وسيتم الحكم ببطلان الانتخابات، لكن الحكومة لن تلقي بالاً بالأحكام الجديدة، ولن تشرع في تنفيذها، ويشير إلى أن المرشح المهدر حقه في عدم تنفيذ حكم الوقف قد يتمكن من الحصول على تعويضات مدنية من الدولة، لكنه يوضح أنها ليست محددة المقدار، وتترك لتقدير كل قاضٍ.

 

وحول غياب الإشراف القضائي عن مراقبة الانتخابات يقول: إن المشكلات التي حدثت وأدت إلى وقف الانتخابات كانت ستقل بالطبع لو كان القضاء يراقب الصناديق، ويرى أنها كانت ستشبه انتخابات مجلس الشعب الماضية 2005م، حين وجود القضاة؛ حيث فاز فيها الكثير من المعارضين والمستقلين من كافة التيارات السياسية؛ نتيجة للنزاهة التي شهدتها الانتخابات.

 

ملاحقة قضائية

 الصورة غير متاحة

أحمد أبو بركة

ويقول النائب أحمد أبو بركة عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشعب ووكيل مرشحي الإخوان المسلمين في انتخابات الشورى: إن كافة القضايا التي تقدَّم بها مرشحو الإخوان المسلمين لوقف انتخابات الشورى في دوائرهم كان لها العديد من الأسباب، من أهمها عدم نزاهة الانتخابات التي تحكَّم فيها الحزب الوطني كيفما شاء، بالإضافة إلى ثبوت تقاعس اللجنة العليا للانتخابات عن القيام بدورها وخروجها عن تنفيذ القانون؛ حيث لم تشرف على عملية الانتخابات، بل تركتها لوزارة الداخلية لتديرها، مما جعلها تشكِّل عبئًا على الانتخابات، ولم تضف لها جديدًا.

 

ويشير إلى أن الأدلة التي قدمها مرشحو الإخوان ارتأت المحكمة أنها كافية ومؤكدة لعدم النزاهة، وكان من أولها أن اللجنة لم تنفذ الكثير من الأحكام الصادرة بخصوص المرشحين، إلى جانب طرد عدد من مندوبي المرشحين من اللجان الانتخابية وعدم السماح لهم بمتابعة عملية الإدلاء بالأصوات، والاستيلاء على التوكيلات الخاصة بهم وتمزيقها أمامهم، واعتقال واختطاف عدد منهم، كما امتنعت اللجنة عن تحرير التوكيلات للمندوبين، وشطبت اللجان أسماء المندوبين من محاضر اللجان، وقطعت الكثير من المحاضر أيضًا.

 

ويوضح أنهم سلموا للجنة العليا مخالفات خطيرة ونتائج جسيمة للتزوير، كما قدَّموا عددًا ضخمًا من الانتهاكات التي تمت في العملية الانتخابية، فمنها إلقاء القبض على أنصار المرشحين دون ارتكاب جريمة، وكان المرشحون قد أرسلوا للجان الفرعية صورًا من الطعون المقدمة أمام القضاء؛ مما يجعل اللجنة العليا في موقف حرج وصعب إذا لم تلتزم بأحكام القضاء.

 

ويستطرد: إن انتخابات الشورى كانت مليئة بالعوار التي لا ترضي أي متابع أو أحد من المواطنين العاديين؛ حيث إنها فقدت شرعيتها، مشيرًا إلى أن كل من شارك في متابعة الانتخابات وصل إلى القناعة بعدم سلامتها، ابتدءًا من سلامة إجراءات تقديم المرشحين لأوراقهم ورفض الطعون المقدمة، وانتهاءً بمرحلة التصويت والفرز.

 

ويقول: إن جملة المخالفات المسجلة ضخمة، سواء ضد اللجنة العليا أو ضد قوات الأمن أو ضد الحزب الوطني ومرشحيه، مما يفقد الثقة في نزاهة الانتخابات.

 

ويشير إلى أن مقاضاة اللجنة العليا للانتخابات وملاحقة رئيس اللجنة وكافة أعضائها هي الخطوة التي  يقوم بها بعد إعلان النتائج، بالرغم من صدور أحكام بوقف الانتخابات في بعض الدوائر.

 

مصالح شخصية

 الصورة غير متاحة

عصام الإسلامبولي

ويرى عصام الإسلامبولي الفقيه القانوني أن النظام المصري لا يحترم القانون أو الدستور المصري، بل يقوم بعمل كل ما يتوافق مع المصالح الشخصية لأعضاء الحزب الوطني، وبالتالي لن تلتزم الحكومة بتنفيذ أي أحكام أصدرها القضاء الإداري بشأن وقف انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، ويقول: إنها ستعلن النتائج ضاربًا بأحكام القضاء عرض الحائط.

 

وحول سرعة صدور الأحكام بعد ساعات قلائل من إقامة الدعوى أمام المحاكم الإدارية يقول: لقد تمَّ الحكم في الدعاوى المرفوعة سريعًا نظرًا لأنها دخلت شقًا مستعجلاً أمام القضاة، فعرضت عليهم مباشرة وكان عليهم الحكم فيها سريعًا، وأكد أن هذه الخطوة ضرورية حتى يتسنى للمرشحين المحكوم لصالحهم اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف العملية الانتخابية في دوائرهم، وتقوم السلطات المسئولة بتغيير أوضاع العملية الانتخابية؛ بحيث تقوم بوقفها تمامًا وإلغاء فرز الأصوات.

 

ويوضح أن اللجنة العليا للإشرف على الانتخابات هي المنوط بها قانونًا تنفيذ هذه الأحكام فور صدورها، وإذا ما رفضت تنفيذها فعلى المرشح في هذه الحالة اللجوء إلى القضاء مرة أخرى، والتقدم بدعوى جنح؛ لعدم تنفيذ الأحكام القضائية، وتصدر المحكمة فيها قرارات بالحبس والغرامة، ويكمل، إذا ما قامت اللجنة العليا على الرغم من هذا بإعلان النتيجة في الدوائر الصادر بخصوصها أحكام مخالفة للقانون سيعتبر وقتها النائب الفائز على مقعد مجلس الشورى في موضع غير شرعي، ويذكر أن هذا ليس جديدًا على الحزب الوطني الذي صدر ضد ثلث نوابه في مجلس الشعب أحكامًا، ومن المفترض أن وجودهم باطل في المجلس، لكن الحزب لم يحرك ساكنًا لتغييرهم وإثنائهم من مواقعهم.