بالرغم من مُضي نحو 26 عامًا على بيانه الذي وجَّهه إلى الأمة في الانتخابات البرلمانية في عام 1984م، والتي تحالف فيه الإخوان والوفد، إلا أن كلماته لا يزال صداها يدوي في أعماقنا، ولا تزال توجيهاته حاضرة بيننا، تدل على وعي نافذ وبصيرة ثاقبة.

 

لقد وجَّه الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله هذا البيان إلى المواطن؛ ليحرِّك فيه الشعور بالمسئولية تجاه وطنه وأمته، ويحثُّه على إبداء رأيه وإعطاء صوته الانتخابي لمن يستحقَّه، بعدما بيَّن للناس أن دخول الإخوان البرلمان ليس هدفًا من أهداف الإخوان المسلمين، إنما هو وسيلة من وسائلنا لنشر دعوتنا، ويوم أن يتحقَّق هذا الأمل الذي يحتل مكانه الأسنى في عقولنا وجهودنا، نستطيع أن نقول لقد بلغنا ما نهدف إليه، ووصلنا إلى الغاية التي ما بعدها غاية، وحينذاك لا يهمنا مَن يحكم، ولا يهمنا أن تبقى الجماعة أو لا تبقى، فالأمر عندنا لا علاقة له بالشخصيات على الإطلاق، ولكنه أمر عقيدة، إن عمل بعض المسلمين لها فقد نجوا جميعًا، وإن تركها الجميع فقد أثموا جميعًا.

 

كما بيَّن أن دخول الإخوان المجلس ليس حرصًا على مكانة أو زعامة أو مظهر، ولكن لإعلاء كلمة الله في مجلس الشعب، بعد أن حيل بيننا وبين كل وسائل الإعلام المتاحة لكل مصري مستوفٍ شروط الانتخابات والترشح.

 

وإليك نص بيانه:

أيها المواطن: حفظ كرامة الوطن والمواطن، جانب من جوانب المحافظة على العرض، ومن يهمه عرضه تهمه كرامة وطنه ومواطنيه، فبادر إلى صندوق الانتخاب.

 

أيها المواطن: مَن لا يغار على شرف قومه، لا يغار على شرف نفسه، احذر أن تنسى هذه العبرة يوم الانتخاب.

 

أيها المواطن: الانتخاب شهادة، ومن يكتمها فإنه آثم قلبه، وعدم إبداء رأيك في مرشحيك كتمان للشهادة، فلا تنس أن تبدي رأيك، وتؤدِّي شهادتك يوم الانتخاب.

 

أيها المواطن: الانتخاب واجب، وتارك الواجب مقصِّر في حق نفسه ووطنه، فلا تكن في زمرة المقصرين.

 

أيها المواطن: إبداء رأيك حق من حقوقك العامة، فلا تضيع هذا الحق، وإلا ضاعت عليك حقوق لا حصرَ لها.

 

أيها المواطن: أنت حر والحر لا يُساوم على حريته، ولا يفرِّط فيها لرغبة أو رهبة، فحافظ على حريتك، وإلا طوتك قيود العبيد.

 

أيها المواطن: أنت صاحب السيادة، إذا حافظت على الإسراع إلى صندوق الانتخاب، فإن قعدت، وسلمت قيادتك لغيرك، فلا تلومنَّ إلا نفسك.

 

أيها المواطن: لقد هيَّأ الله لك فرصة تثبت فيها وجودك الإنساني، فهل يرضيك أن تظل بعيدًا عن تسيير الأحداث في وطنك الغالي عليك وعليَّ، فادلِ بصوتك.

 

أيها المواطن: ما دمت أهملت حقَّك الانتخابي، فقاسيت ما قاسيت، ألا تريد أن تنقذ نفسك مما أنت فيه من معاناة، جرَّها عليك إهمالك لصوتك الانتخابي.

 

أيها المواطن: الحياة الكريمة كفاح، وأقوى أسلحة هذا الكفاح صوتك الانتخابي، فاشحنه واصقله ليوم الانتخاب.

 

أيها المواطن: ألا تبغض القوانين الاستثنائية، وواقعها وقسوتها؟! لن ينجيك من مرارتها إلا صوتك الانتخابي، فهلم.

 

أيها المواطن: الحرية عذبة المورد، شهية المذاق، سامية، نبيلة، صوتك الانتخابي كفيل بأن يسعدك بهذا الجلال وذاك الجمال.

 

أيها المواطن: أعط صوتك لمن تعرف فيه نبالة القصد، وشرف الغاية، وطهارة الذمة وكمال الخلق، والتمسك بدينه، أيًّا كان ما يدين به، وثق بالمتدين ولو على غير دينك.

 

أيها المواطن: لا تهن فيسهل الهوان عليك، ولا تطع من يحاول منعك من الإدلاء بصوتك، أو تزييفه، فأنت سيد الموقف فكن حرًّا أبيًّا.

 

أيها المواطن: حريتك في يديك، إياك إياك أن تفرِّط فيها، وإلا فالخسارة عليك.

 

أيها المواطن: ما أتعس من تأتيه كرامته إلى بابه، فيردها مفرِّطًا، ويرضى بالهوان.

 

أيها المواطن: هل تصدِّق أن الحزب الوطني سيطبق شرع الله؟! لقد قضى في الحكم سنوات دون أن يخرج شرع الله إلى حيِّز التنفيذ، فحذارِ أن تخدعك الوعود.

 

أيها المواطن: سيد الأنظمة كتاب الله، فاضمن لنفسك عزَّ الدنيا وسعادة الآخرة بانتخاب من عرفتهم بالصدق والتضحية في المطالبة بشرع الله.