- أمريكا والصهاينة أول المستفيدين من تفجيرات "القديسين"

- لماذا لا نتساءل عن تزامن تفجيرات الإسكندرية مع مولد أبو حصيرة؟

- على الفاتيكان أن يطالب بحماية مسيحيِّي فلسطين قبل المصريين

- نرفض بشكل قاطع أي تدخل أجنبي في الشأن المصري الداخلي

- الحساسية من المادة الثانية في الدستور غير مبررة في بلد غالبيته مسلمة

- الحرب على الحركة الإسلامية قديمة وترتبط باستهداف الإسلام

- لم نخسر في الانتخابات الأخيرة.. والأدلة على ذلك كثيرة

- العمل السياسي جزء صغير من مجالات الدعوة التي لا تتجزأ

- تصنيف البشر ليس قضيتنا وتكفير الناس يخالف عقيدتنا

- تاريخ الإخوان والأقباط قديم والعلاقة فترت من طرفهم مؤخرًا

 

أجرى الحديث: عبد الجليل الشرنوبي

فجَّرت الأحداث الدامية التي شهدتها كنيسة القديسين بالإسكندرية العديد من الملفات، بدايةً من علاقة المسلمين بالأقباط في مصر، مرورًا بتوزيع الاتهامات على القاعدة ثم التيار السلفي، ومن بعده الحركات الإسلامية خاصةً والإسلام والمسلمين عامة!.

 

غير أن توابع حادثة "القديسين" اتسعت، خاصةً بعد خروج أصوات قبطية بالمئات إلى الشوارع رافعةً شعاراتٍ طائفيةً بالتزامن مع تصريحات لبعض القيادات الكنسية تجاوزت حدَّ العقل، ودعمت- بطريق غير مباشر- اعتداء بعض المتطرفين الأقباط على رموز الدين الإسلامي أثناء زيارتهم للكاتدرائية تحت سمع وبصر قياداتها.

 

وتوالت التوابع بسقوط أول ضحية للتعذيب أثناء تحقيقات أمن الدولة التي لا تعرف غير لغة التعذيب في مثل هذه القضايا، وفي الوقت ذاته اختلط الأمر على بعض النخب، فانسابت تصريحاتهم لتخلط بين الدولة المدنية وهويَّة الدولة الإسلامية؛ لتصل إلى حدِّ المطالبة بإلغاء المادة الثانية من الدستور، وإعلاء مبدأ العلمانية!.

 

تلك النقاط طرحها (إخوان أون لاين) على الدكتور رشاد البيومي، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، يستعرض فيها موقف جماعة الإخوان من القضايا التي تشهدها الساحة المصرية، ويحاول من خلالها إعطاء توضيح للصورة، وسط ضبابية الواقع التي تُنذر بشيوع حالة الفوضى والتخبُّط.

 

* لتكن البداية من خلال الأحداث التي شهدت تصاعدًا على مستويات عدة، اختلط فيها ما هو سياسي بما هو ديني واجتماعي واقتصادي، فالأحداث على المستوى الداخلي والخارجي تحتاج إلى تعليق، خاصةً أن جماعة الإخوان المسلمين خلال الفترة الأخيرة استطاعت أن تؤكد أنها تمتلك مشروعًا إصلاحيًّا قادرًا على إحداث تغيير منشود في المجتمع المصري بصفة خاصة والمجتمع العربي والإسلامي بصورة عامة.. ولكن حالة الخصومة السياسية للجماعة في داخل مصر أو خارجها جعلت بعض الأصوات- الرسمية خاصة- تقول بأن هناك رفضًا من رجل الشارع للخطاب الإسلامي، وأن المسافة بينهما تتسع يومًا بعد يوم، كيف يقيِّم نائب المرشد العام هذا الرأي؟!

** ما يحدث الآن هو حصادٌ لسنوات طوال تبدأ من أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، فلا يجب أن نغفل عن وثيقة كامبل 1907م والتي نصَّت بنودها على أنه لا بد من مواجهة الإسلام، وبعدما فشل الغرب في مواجهة الإسلام بدأ يبحث عن مداخل ووسائل أخرى، فكانت التوصيات التي طمست التاريخ الإسلامي، كمحاولة إذاعة النعرات القومية والطائفية، والتعامل مع الحدود الجغرافية بما يسبِّب العديد من المشكلات، وهو الحصاد الذي نجني ثماره الآن، فعندما ننتقل إلى أوائل القرن العشرين نجد قضايا التغريب التي غلبت على كل المجتمع العربي والإسلامي، ظنًّا بأن المجتمع الإسلامي لا بد له من اللجوء إلى الغرب، وبُعث من بُعث إلى الخارج ليعودوا مفتونين بالحضارة الغربية، وكان على رأسهم المجموعة التي أشير إليها بالتنوير فيما بعد، أمثال علي مبارك، وسلامة موسى.

 

 الصورة غير متاحة

 رئيس التحرير يحاور د. رشاد البيومي

وفي سنة 21 أُسِّس أول حزب شيوعي في مصر، وكان في مقدمته سلامة موسى، لكن عام 1928م ظهرت جماعة الإخوان المسلمين، وكانت من أهم الجماعات التي تسعى لعرقلة أهداف الحركات الشيوعية، أمثال منظمة "حدتو"، والتي كان يرأسها ويحرِّكها الصهيوني هنري كورييل، وجمعية التغيير، ومنظمة "أسكرا" وغيرها، وكانت كلها تدار بأيدٍ صهيونية، ومع ذلك استطاعت الحركة الإسلامية أن تغزو العالم، وبدأت النفوس تهفو للعودة إلى الأصل وما يصلح به مجتمعنا ويتفق مع قيمنا واقتصادنا وسياساتنا، ففي بداية العقد الخامس كانت أعداد الطالبات المحجَّبات تعدُّ على الإصبع الواحدة في جامعة القاهرة، وكان هناك مسجد واحد لإقامة الصلاة، وعندما جاءت قضية 54 وما واكبها من تشريد وتعطيل وتلتها قضية 65 ثم عاد الإخوان للسير على طريق الصحوة لتستردَّ قوتها من جديد، ولتقدم من الحلول ما يساعد على حل الكثير من المشكلات في النقابات والاتحادات والجمعيات والبرلمان.. في هذه الفترة قامت حكوماتنا بتجريب كلٍّ من النظم "الاشتراكية والرأسمالية والليبرالية"، وكانت المحصلة فساد المجتمعات العربية والإسلامية بالتخطيط الموجَّه نحو ضرب المجتمع العربي والإسلامي وإفقاره.

 

وهناك نقطة لا بد من الإشارة إليها في هذه المرحلة، وهي موقف الحكومة تجاه الشيوعيين؛ فمثلاً عندما أعلن خروشوف زيارته لمصر اشترط العفو عن جميع الشيوعيين بمصر، وبالفعل استجابت الحكومة المصرية لرغبته، وقامت الحكومة بتسليم هؤلاء الناس زمام الأمر الإعلامي والثقافي للبلد؛ لتعتلي هذه الفئة قمة الهرم الإعلامي، جاعلةً همَّها الأصلي محاربة الإسلام، وخرج من عباءتها جيل يحمل الفكرة ويؤمن بها، ومن أمثال هؤلاء لويس عوض وغالي شاكر، وتستطيع القول بأن كل النظم التي جرَّبناها كانت تتنافى مع الصورة التي يعكسها الفكر الإسلامي، والذي كان ينبثق من ثلاثة مبادئ مهمة لبناء مجتمع مستقر: "الحفاظ على المال، والعرض، والنفس".

 

* معنى حديثكم أن ما يتردَّد عن تراجع المشروع الإسلامي لدى رجل الشارع كلامٌ لا أصل له، وإنما هو قائم!.

** هو كذلك؛ ولكنه يحارَب من قبل الدولة، ومن خلال المنظمات العالمية، ومن الفكر الشيوعي، ومن المنظمات الأمريكية الصهيونية التي تحاول- عابثةً- هدم الفكر الإسلامي الذي هو قائم، ما دامت فيه نفوس قادرة على حمل اللواء، وتحتمل من أجله الكثير، فالأفكار العامة والنظريات لا بد لها من واقع تاريخي، وهذا التاريخ لا بد أن ينبع ممن يحملون هذه الأفكار رافعين اللواء ومقدمين لأفكارهم نماذج واقعية.

 

 الصورة غير متاحة
* هناك من يرى أن شعار "الإسلام في خطر" لافتة يرفعها الإسلاميون كلما تم توجيه انتقاد لهم، فيسارعون برفع هذه اللافتة، على الرغم من أن الإسلام موجود وقائم، وله مؤسساته في الشرق والغرب، هنا وهناك، هل هذا ادِّعاء أم هو واقع؟

** الحرب على الإسلام قضية واقعية، والمسلمون مطالبون بالوقوف أمام هذه الهجمة الشرسة؛ لأن فيه الصلاح للأمة الإسلامية بأكملها والعالم أجمع، ومن يحمل هذا اللواء عليه أن يتجرد ويعمل لأجله، وليكن الهدف منه أولاً أنه عبادة لله، ثم صيانة للنفس البشرية، وصياغة لمشروعها الحضاري الذي يكفل سعادة البشرية دونما تفريق بين لون أو جنس أو عرق أو دين.

 

* الانتخابات البرلمانية الأخيرة أعقبتها تصريحات لمسئولين رسميين؛ مفادها أن الإخوان فقدوا رصيدهم في الشارع المصري، هل ترى أن حالة الإقصاء السياسي أثَّرت سلبًا في حركة الإخوان؟

** إطلاقًا.. الانتخابات جزء صغير من العمل السياسي، والعمل السياسي جزء بسيط من عمل الإخوان المسلمين، ولكن يكفينا شرفًا أن ما حدث في الانتخابات هو انتشارٌ للإخوان في المجتمع المصري، وهو أمر على المراقبين أن يلتفتوا إليه، ففي بعض الدوائر كانت ردود الأفعال عجيبة؛ حيث كان الناس يهنئون مرشحي الإخوان الذين تمَّ إسقاطهم بدوائرهم، مؤكدين أن الإخوان لم يكسبوا مقاعد في البرلمان، ولكنهم احتلوا مقاعد في قلوب الأهالي، ومثال آخر لما كسبه الإخوان بعد خوض الانتخابات عندما حاول أحد إخواننا تعليق "بنر" لمرشح الإخوان، وبنفس المكان كانت لافتة معلقة لأحد الأطباء ويُدعى فاروق أخنوخ، وبعد مشاورة الإخوان بعضهم بعضًا توجَّهوا إلى منزل الطبيب يسألونه تعليق لافتة المرشَّح، فابتسم ونادى زوجته أنَّ هؤلاء شباب الإخوان الذين يزعمون أن بيننا وبينهم عداءً!!، وسمح لهم بالدخول وتعليق "البنر".

 

إن القاصي والداني يشهدان بأن هذه الانتخابات مزوَّرة، وكيف أديرت المعركة بطفولية، وبمستوى لا يليق بأي مفكر أو سياسي، وكانت المسألة برمَّتها متروكة للمخبرين ومباحث أمن الدولة، فالأحداث الجسيمة التي تعرَّض لها الإخوان على مدار تاريخهم ما أقعدتهم، فأدَّوا واجبهم على الوجه الأكمل، وسنظل نؤديه إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولاً.

 

* الفعل السياسي هو سبب كل ما يعود على الإخوان من اعتقالات وتضييقات، وهو- كما أشرتم- جزء بسيط من مشروعكم الإصلاحي، فلماذا لا تُرجئون الفعل السياسي حاليًّا وتهتمون بالفعل التربوي؟

 

 الصورة غير متاحة

** الإسلام لا يجزَّأ على الإطلاق، وإن كان هناك مفهوم بشري يخالف ذلك فهو خطأ، ولا يجب الانسياق وراءه، حتى وإن تمَّ التضييق علينا في مجال سنبحث عن وسائل أخرى تتسق مع مشروعنا السامي، وإن لجأ الكثير إلى أساليب تخالف الفكر الإسلامي فلسنا منهم، ولن نتوقف أو نتوانى، ولن نتخلَّى عن الميدان، سنطرق أبواب المجتمع، ونصحِّح المفاهيم، ونوضِّح الرؤية لإحداث إصلاح في كل المجالات، وإن استجاب لنا قومنا فأهلاً وسهلاً، وإن لم يستجيبوا فقط علينا أن نؤدي.

 

* قد يفهم البعض أن من يخالفكم الرأي أو يعارضكم فيه يصبح عاصيًا وليس معارضًا!.

** ليس من قضايانا تصنيف البشر، نحن دعاة ولسنا قضاة، وإنما نتحدث للمجتمع حبًّا منا له بالخير، وليست مهمتنا أن نكفِّر أو نُعَصِّي أحدًا.

 

* بعد انتخابات 2005 وفوز الإخوان بـ88 مقعدًا في البرلمان تمَّت إحالة الإخوان إلى المحاكمات العسكرية، وصدرت أحكام قضائية مجحفة على قيادات الإخوان، ومنهم نائب المرشد م. خيرت الشاطر، ومع انتخابات 2010 وعدم حصول مرشح على مقعد برلماني بعد عمليات التزوير الشاملة، أصدر النظام أحكامًا قاسيةً ضد الإخوان فيما عُرف إعلاميًّا بقضية "التنظيم الدولي"، كيف تقيِّمون هذه الأحكام؟ وما قدرة الإخوان على تحمُّل ذلك؟

** إذا رجعنا بالتاريخ سنجد أن ما يحدث الآن امتداد لما لاقاه الإخوان على مدار تاريخهم، وليس منفصلاً عما واجهناه عام 1954 حينما تمَّ إعدام وقتل وسحل الإخوان، وتسجليهم في الكشوف على أنهم هاربون، نحن اعتدنا هذا الظلم واعتدنا احتساب الأجر، ولكن على شباب وشيوخ ورجال الأمة أن يعلموا أنه منذ بدء البشرية ما من مصلح إلا وُوجه من أهله وعشيرته ومجتمعه، ولسنا بأكرم من الأنبياء والرسل؛ لأن تكليفنا رباني، هذا هو طريقنا؛ إحدى الحسنيين: إما النصر أو الشهادة.

 

* المعارضة المصرية ترى أن الإخوان عادةً ما يرفعون راية الصبر عندما يواجهون كل فعل قمعي أو استبدادي ويسألون: إلى متى سيظل الإخوان يواجهون الضربات بالصبر والجلد وضبط النفس دون أن يعبِّروا عن غضبهم أو يهدِّدوا بعصيان مدني أو ما شابه ذلك؟

** نحن نحرص على مجتمعنا المصري بكل ما أوتينا من قوة، ولن نكون طرفًا في فتنة أو معركة محلية؛ لأن الخاسر فيها سيكون البلد، فكم يتنمَّى أعداء الأمة أن يحدث ذلك ولكننا نتحسب لهذا الأمر؛ لأننا نريد الإصلاح وليس الفوضى، نحن موجودون بالفعل في الساحة الاحتجاجية، ولكن من المؤسف أن تتبدل الأدوار، وبدلاً من أن تقوم أجهزة الأمن المعنية بدورها في حماية الأمة والأفراد، لا تُبالي فينا إلاًّ ولا ذمة.. أين العدل؟ أين الفهم؟ أين الإدراك؟

 

 الصورة غير متاحة

الأمريكان والصهاينة أكثر المستفيدين من الحادث

* فور وقوع جريمة القديسين أشارت أصابع الاتهام إلى القاعدة، ثم اتسعت لتشمل الإسلاميين، ثم صارت أكثر اتساعًا لتوجه إلى الإسلام عمومًا، كيف يرى الإخوان هذه الصورة؟

** شيء مؤسف ما يحدث "ضربني وبكى وسبقني واشتكى".. شيء موسف عندما ننسى أو نتعمَّد تجاهل ما يخطط له الموساد والأمريكان. اليوم قرأت في إحدى الجرائد أن المادة التي جُمعت من التفجيرات تدل على أن قوة تفجير المادة تعادل عشرة أضعاف الـ"TNT"، وهي من أخطر أنواع المتفجرات التي يعملها الصهاينة، ولكننا تسرَّعنا ونسبنا التهم إلى إخواننا الآسيويين دون تدبُّر، عندما نمعن النظر فيما حدث في أمريكا وحادث تفجير البرج؛ سنجد أن في هذا الحادث المروع لم يكن هناك وجود لرجل يهودي واحد بالمبنى وأثبتت التحقيقات أن الطريقه التي دمِّر بها البرج ليست بالأمر السهل، بل هو نوع من التخطيط العلمي ذي تقنية عالية الجودة، وهذا ما لا تمتلكه القاعدة، لكن حرصنا على إرضاء أمريكا و"إسرائيل"، جعلت منا كائنات معدومة الفكر، لماذ لم نفكر من هو المستفيد من إثارة فتن وقلاقل طائفية بمصر، أنا أقولها قولها بملء فمي: "الموساد.. الموساد.. الموساد وراء هذه الأحداث الخطيرة".

 

* قد يكون الموساد له يد أو دور وقام باستخدام بعض أبناء مصر، هل تعتقد أن عشرات المعتقلين من التيار السلفي بالإسكندرية أول خيوط الوصول للجاني الحقيقي؟

** لا أعتقد... ولكن عندما نرى الملابسات الأخيرة من زيارة المخابرات الصهيونية لمصر في مولد أبو حصيرة، مع نوعية السلاح المستخدم في التفجيرات؛ نجد أن أصابع الاتهام موجهة صوب شخص واحد، الصهاينة، مع احتمال وجود جواسيس تمَّ تجنيدهم لهذا الفعل.

 

* كل مصر بعد الانفجار أدانت وحزنت وغضبت، لكن شحنات الغضب تصاعدت وانتقلت من خانة التعبير عن الحزن على الشهداء إلى خانة رفع شعارات طائفية ومظاهرات، لماذا لم يعلق الإخوان؟

** للأسف هناك بعض الناس تجازوا وكسروا واجهات لمساجد، فقضية الفتنة الطائفية ملعوبة من الخارج، وبعض مسئولي الكنيسة للأسف كانوا يرفضون مقابلة إخوانهم المسلمين عندما كانوا يتقدمون إلى الكنائيس لمواساتهم، وتلفَّظ أحدهم بأننا ضيوف عليهم، ويبقى السؤال: من الذي حمى البطريرك بنيامين؟ من الذي خلَّص الأقباط من جور الرومان، أعتقد أن الإجابة هم المسلمون، أصحاب الفضل في هذا، وحياتنا على مدار 1400 سنة من المعايشة الطيبة أكبر دليل على حماية حقوقهم وما يصدر من بعضهم أمر غير مقبول ولا يجب أن يصدر من إنسان عاقل فقد وصل الأمر إلى محاولة الاعتداء على شيخ الأزهر ووزير الأوقاف، وهذا أمر لا يليق بمكانة وقيمة كلا الرجلين.

 

* بابا الفاتيكان طالب بحماية أقباط مصر وتوفير حماية دولية!!

** بصفته رجل سلام- كما يدعي- كان يجب عليه المطالبة بحماية للأقليات المسلمة في بلاد العالم كله، ماذا يقول عن المسلمين في البوسنة والهرسك وغزة.. لم نسمع صوته، تاريخه المشين وغير المشرف يدل على موقفه تجاه مسلمي العالم، ولا يستحق مني حتى الرد على ادعاءاته.

 

* هل أقباط مصر في حاجة إلى حماية؟

** مِن منْ؟

 

* من مسلمي مصر!!

** المسلمون هم من في حاجة إلى حماية من دولتهم.. حقوقنا مسلوبة، غير مسموح لنا بالترحل، مساجدنا تغلق عقب الصلاة، والكنائس لديهم مفتوحة ليل نهار يمارسون شعائرهم بكل حرية وفي أي وقت، إخواننا في المعتقلات بدون سبب، وتنسب إليهم تهم تنظيم دولي دون وجه حق، من الذي يحتاج إلى حماية هم أم نحن؟!,

 

 الصورة غير متاحة
* ما حقيقة علاقة الإخوان بالأقباط؟

** الإمام حسن البنا كان له مستشارون مسيحيون، وعلى رأسهم كمال أخنوخ واستيفان بسيلي، وشهدوا الكثير من معسكرات الجامعة، وأتذكر أحدهم يسمَّى "جورج"، وكنا نحرص على دعوة الكنيسة لإفطاراتنا، وظلت نسبة تمثيلهم لدعواتنا تتناقص حتى وصلت لحدِّ الانقطاع دون تقديم رسالة اعتذار أو شكر، ولا نعلم ما سبب هذه المعاملة، ونضع عليها علامة استفهام غير مبررة!!.

 

* حالة الجفاء.. رغم وجود قاعدة من المحبة من أيام البنا حتى التاريخ القريب لماذا؟ هل هي قلق تجاهكم كجماعة؟

** هم من يجب أن تسألهم.

 

* إذا كانت علاقة الإخوان بالأقباط ليست محل مزايدة، لماذا لم يصدر الإخوان بيانًا يعلقون من خلاله على تصريحات بابا الفاتيكان؟!


** لأننا أصدرنا مكتوبًا عن الحادث عمومًا، ثم كان رد فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر على ما حدث في الكاتدرائية، وهو ما زكَّيناه واعتبرناه الرد الرسمي للمسلمين.

 

* الإخوان أعلنوا أنهم سيدوِّلون قضية التزوير في الانتخابات ومن قبلها خاطبوا جمعيات حقوق إنسان دولية حول المحاكمات الاستثنائية، لماذا عندما تمَّ تدويل القضية القبطية انزعجتم من التدويل؟

** عندما طالبنا بالتدويل قلنا إننا سنلجأ إليه كحل أخير عندما تسدُّ أمامنا المحاكم المصرية، فإنا نحرص على عدم تدخل أي عنصر أجنبي في شئوننا، وضربنا مثالاً تاريخيًّا عندما احتلت غزة، كان الأستاذ مأمون الهضيبي، رئيس محكمة غزة، وكان اللواء دجوي، حاكم غزة، وتمَّ القبض عليهما، وعندما طلبوا إليه التحدث عن الرئيس جمال عبد الناصر ومساوئه، قال أواجَه في بلدي ولكن بره بلادي هو مواطن مصري لا أنال منه، وخالفه دجوي بسرد مساوئه، هكذا نحن لا نشجِّع على التدخل الأجنبي أيًّا ما كان، أما بالنسبة لقضية الاستقواء بالخارج وأقباط المهجر وتدخُّل بابا الفاتيكان والقلق في البيت الأبيض والمجتمع الأوروبي فمسألة تمس السيادة المصرية، شتان بين الصورتين، ونحن نحذِّر من التدخل في شئون مصر الداخلية وتدخل بابا الفاتيكان.

 

 الصورة غير متاحة

وقف الإخوان مع شهيد التعذيب نصرة للحق

* أسفرت العقلية الأمنية التي تدير تداعيات تفجير الكنيسة عن سقوط شهيد من جرَّاء التعذيب، الإخوان ظهروا في الصورة، وبدأ محاميهم بالحركة والتصعيد، هل تحرك الإخوان جاء مغازلةً للتيار السلفي المخالف لمواقفهم أم أنها محاولة للثأر للإخوان الذين سقطعوا ضحايا للتعذيب في مواقف مشابهة؟!

 

** لم نعتَدْ معازلة أحد، وإنما نقف مع الحق وإن كان الشهيد من أية مجموعة أخرى فموقفنا سيكون موحدًا، مثلما حدث مع الشاب خالد سعيد، وإن كانت مسألة ثأر فلم الصمت عليهم وهم حولنا وبين أيدينا، فلا أنسى مشاهد تعذيب فؤاد علام أو أحمد رشدي لي على مستواي الشخصي، ولكننا نستنكر التعذيب في كل حال، وللأسف جعل مفاتيح البلاد في يد هؤلاء أودى بنا إلى هذا الدرك الأسفل الذي نحياه.

 

* بعض الأطياف المسيحية طرحت العديد من الآراء لحل الأزمة أهمها "الدولة المدنية في مواجهة الدولة الدينية، كيف يقيَّم الإخوان مصطلح الدولة المدنية؟

** وهل يوجد دولة غير مدنية، هذا مفهوم مستحدث من أعداء الفكر الإسلامي، نحن نطالب بدولة مدنية مرجعيتها الإسلام، دولة نرتقي من خلالها لإحداث نهضة في جميع مناحي الحياة، وأن ندرك أن وراء هذه الفتن الطائفية من يخطط بممارساته بإثارة نعرة بين السلف والشيعة بلبنان وإثارة مشكلات في الجنوب السوداني بين الشمال والجنوب.

 

* على مستوى حل الأزمة الداخلية نحتاج إلى دولة مدنية بمرجعية شعبية يحدد الشعب أولوياته ويتساوى فيها المسلم والمسيحي في صناعة القرار.

** لم نقل غير ذلك، فالمرجعية الإسلامية معناها أن الشعب هو الذي يقرر ويختار وينتخب، ولا يوجد بإسلامنا تناقض مع هذه المبادئ، بل ديننا من يدعو إليها، فالحقوق متساوية تحت مظلة الإسلام ومن حق الجميع حرية التعبير عن آرائهم.

 

* حرية التعبير عندما تمنح للإخوان تكون صادمة للآخر، ويرى آراءهم إثارة للفتنة، فعندما قيل إن المرشد الراحل مصطفى مشهور طالب بأن يدفع الأقباط جزية؟ آراؤه أثارت العديد من الجدل.

** لم يكن الأمر كذلك، لقد قال رحمه الله إن الاقباط لا يشاركون في حماية البلاد، فكانوا في المقابل يدفعون الجزية، ولكن الآن الوضع اختلف، وأوضح ذلك في الكثير من وسائل الإعلام. ولكن يبدو أن هناك من يجلس وينتقي من الألفاظ ليوجهها بغرض إثارة القلاقل.

 

 الصورة غير متاحة
* قاعدة: "لهم ما لنا وعليهم ما علينا" تساوي المواطنة، لماذا لا نلغي المادة الثانية من الدستور ونتكلم عن واقع المواطنة؟

** ولماذا هذه الحساسية المفرطة من المادة 2 والبلد بها 95% من المسلمين، وبالمقابل كل دول العالم المسيحي في دستورها تعتمد على المرجعية المسيحية البحتة، فارق أن يكون المتحدث صاحب فكر أو عصبية جاهلية؛ لذلك قال الإمام الشافعي: "حاجني ألف عالم فغلبتهم، وحاجني جاهل فغلبني".

 

* الأزمات التي تعايشها الأمة صنعت حالة من حالات الانهزام النفسي بين الناس، كيف يواجه الإخوان حالة التيئيس التي يسعى إليها النظام الاستبدادي داخليًّا وخارجيًّا؟ وكيف تواجهونه على مستوى الصف الإخواني وعلى مستوى الشارع المصري وعلى مستوى النخبة السياسية التي لا بد أن تتوحد لمواجهة المستبد؟

** الإصرار على الثبات أمر مهم، فاستقراء التاريخ يؤكد بان الفجر لا بد وان يشرق مجددا فالنوصل السعي ونطالب بحقوقنا ولا نيأس. فتاريخ الإخوان يشهد من المحن ما لم يثبط عزيمته ولا يحول بينه وبين مداومه عمله، وتاريخ ألمانيا يشهد بذلك بعدما استطاعت إعادة دولتها بعد عام 45، واستطاعت بجهد شعبها إلى إحياء دولتها مجددًا، وبالمثل ما حدث بالاتحاد السوفيتي ليس ببعيد، وتلك الأيام نداولها بين الناس، يدًا بيد نستطيع المواجهة، وعلى أصحاب الفكر والنخبة أن نتَّحد على قلب رجل واحد، وأن نتجرد من ذواتنا؛ لنحقق ما نريد، فنحن لسنا بأقل من المجتمعات التي استطاعت أن تحصل على حرياتها بالبذل، ووقفت على قدميها من جديد، وإن لهؤلاء الشرذمة "المجموعة الحاكمة" الزوال، فلا بد من الأمل، وتونس أكبر مثال لتقدم لنا مؤشرًا للنحاج، علينا أن نلتقي جميعًا على معنى عالٍ، مهمته الإصلاح.. الإصلاح.
 

شاهد فيديو الحوار