في بداية مبكرة لحصد نتائج المؤامرة التي رسمها الغرب ضد السودان من خلال مؤامرة ما يسمى استفتاء لفصل الجنوب عن الشمال، أعلن القنصل الأمريكي في جوبا، اليوم، أن بلاده تشرع الآن في عمل طريق بري سريع يربط بين جوبا عاصمة الجنوب المتوقعة ومدينة كمبالا عاصمة أوغندا، وأشار القنصل في تصريحات للصحفيين خلال متابعته سير الاستفتاء إلى أن بلاده لن تترك الجنوب، وسوف تعمل على تنميته بشكلٍ سريع، وأنها بدأت بالطريق السريع بين جوبا وكمبالا؛ لأنه طريق رئيسي لنقل البضائع إلى جنوب السودان، موضحًا أن حكومته سوف تقدم ما بين 300 إلى 350 مليون دولار سنويًّا للحكومة في حال الانفصال.

 

كلام المسئول الأمريكي كشف نتيجة مؤامرة الاستفتاء لصالح مؤامرة الانفصال، وفضح أيضًا جانبًا آخر من المصالح الأمريكية في جنوب السودان.

 

وهو ما أشار إليه لومان آدم أحد قيادات العمل الإغاثي في جنوب السودان أن الولايات المتحدة حاضرة في الجنوب من خلال منظمات الإغاثة وبعض المشروعات المشتركة مع الحكومة الخاصة بالتدريب والتنمية، موضحًا أن الولايات المتحدة يهمُّها الانفصال حتى تستولي على إمكانيات الجنوب وأهمها البترول، مشيرًا إلى أن منطقة أبيي ليست وحدها التي بها بترول، فهناك مناطق أخرى لم يتم اكتشافها بعد، بالإضافة إلى منظمات الإغاثة الأمريكية التي تستفيد من الانفصال؛ لأن الجنوب بالنسبة لها كنز، فهي تحصل على مليارات الدولارات لإحداث التنمية في الجنوب، إلا أن هذه المعونات يتم إنفاقها على المرتبات والبدلات والرحلات الخاصة بموظفي هذه الهيئات والمنظمات.

 

ويتفق المواطن سليان بون مع الرأي السابق، موضحًا أنه يسكن في قرية تابعة لمدينة جومبة شرق الاستوائية، ورغم أن قريته تبعد عن جوبا حوالي 45 دقيقةً بالسيارة، لكن كلَّ معالم التنمية تغيب عنها، فليس هناك مياه نظيفة أو كهرباء أو مستشفيات، وحتى المواصلات غير متوفرة، وفي المقابل هم يسمعون عن معونات كثيرة تأتي الجنوب من أجلهم، ولكن للأسف لا يرون منها شيئًا.

 

 الصورة غير متاحة

مساكن جنوب السودان كما رصدتها عدسة إخوان أون لاين

وعن الدور الذي يلعبه الأمريكان في الجنوب قال بون: إن أمريكا تريد التقسيم؛ لأن بلادنا غنية بالمواد الطبيعية، وهم يريدون السيطرة عليها؛ لأن هذا الأمر صعبٌ جدًّا في ظلِّ حكومة السودان المركزية.

 

ويضيف "لولو سو"، وهو من منطقة "ياي" التي تبعد عن جوبا بحوالي 100 كيلو متر، أن الانفصال سوف يخلف احتلالاً أجنبيًّا بجنوب السودان، فالانفصال معناه إطلاق يد الولايات المتحدة في الجنوب لتسيطر على كل شيء، وسوف يتحول أبناء الجنوب إلى "عبيد" عند الأمريكان الذين يؤيدون سيطرة الصهاينة على الجنوب؛ لتهديد الوطن كله، وأضاف سو أنه كان مع الانفصال في البداية لكن بعد أن سمع عن المخططات الأمريكية تحوَّل لصالح الوحدة.

 

من جانبه، أكد البروفيسور آدم أكوك، وهو خبير اقتصاد وأستاذ بجامعة جوبا، أن الوجود الأمريكي بدأ مبكرًا في جنوب السودان، سواء على الصعيد الأمني أو الاقتصادي، فعلى الصعيد الأمني قامت شركة "بلاك ووتر"، التي تولت مهامًّا أمنية مشبوهة في العراق، بدخول الجنوب بعد تغيير اسمها إلى "إكس إي"، وتعمل على التعاقد مع حكومة الجنوب؛ لتدريب الجيش الشعبي، وتوفير الحماية الأمنية لمسئولي الحركة وحكومة الجنوب بوساطة من ديك تشيني نائب الرئيس السابق، وعرضت الشركة عدم الحصول على مقابل لعقد قيمته 100 مليون دولار مقابل حق الانتفاع بـ50% من مناجم حديد وذهب في الجنوب، وخاصةً في إقليم بحر الغزال، وقد قامت شركات أمنية تحت إشراف كريستوفر تايلور- نائب رئيس شركة بلاك ووتر- بإجراء مفاوضات مباشرة مع رئيس حكومة السودان، وكان برفقة تايلور كل من هاورد فيليب وإيدجار برنس، وهما من كبار حركات اليمين المسيحي المتطرف.

 

وعلى الصعيد الاقتصادي أضاف أكوك أن هناك العديد من رجال الأعمال الأمريكيين قاموا بالفعل بشراء مساحات كبيرة من الأراضي في جنوب السودان بدعوى الاستثمار، وأبرزهم رجل الأعمال فيليب هلبيرج- وهو مصرفي متقاعد- والذي اشترى 400 ألف فدان لمصلحة شركة جيرش التي يمتلكها.

 

 الصورة غير متاحة

 هكذا يبدو الوضع المعيشي في جنوب السودان

ويشير أكوك أن هناك أيضًا مراكز أبحاث متعددة منتشرة في الإقليم، ويركز عددٌ كبيرٌ من تلك المراكز الأمريكية على كل شئون الجنوب، منها معهد السلام الأمريكي، ومعهد وودرو ويلسون، ومركز التقدم الأمريكي، وتهتم بتناول أوضاع الصحة والتعليم والحكم، وأوضاع الحريات الدينية وغيرها.

 

وطبقًا لدراسات اقتصادية متعددة فإن منطقة جنوب السودان غنية جدًّا بثرواتها الطبيعية، كما أنها واحة واعدة للاستثمار؛ حيث يحتوي الجنوب على أكبر مخزون يورانيوم في العالم من النوعية العالية النقاوة، وفي جنوب السودان ثروات معدنية كبيرة من الحديد والنحاس والذهب والكروم والمانجنيز والماس، وتحتوي منطقة جنوب السودان على آبار نفطية تختزن نحو 6 مليارات برميل، كما أن هناك منطقة نفطية تقع في أبيي بين الشمال والجنوب غير مستثمرة بعد، وعلى المستوى الصناعي تنتج منطقة جنوب السودان النسيج والغزل اليدوي، ودباغة جلود الحيوانات، والفخار.

 

وعلى المستوى الزراعي تمتلك منطقة جنوب السودان 70 ألف كم مربع من الأراضي الصالحة للزراعة، وغابات تمتد على 23% من أراضيها؛ ما يعني ثروة خشبية كبيرة، ومراعٍ على امتداد 40% من أراضيها تزيد عن حاجتها لأعداد المواشي التي تمتلكها، ومسطحات مائية تزيد على ما نسبته 7% من الأراضي؛ ما يعني غناءً كبيرًا بالثروة السمكية، يُضاف إلى ذلك عبور نهر النيل بأراضيها، ولكن لا وجود لمشاريع مهمة للاستفادة من ثروته المائية.