- الحقوقيون يصفون حكمه بالحديد والنار

- مسلمو تونس طالبوا بمساواتهم باليهود

- قمَع الأحزاب وحارَب حقوق الإنسان والحريات

- ناهض الفضيلة والحجاب وشعائر الإسلام

 

كتب- حمدي عبد العال:

23 عامًا، خطَّ فيها الديكتاتور زين العابدين بن علي بالحديد والنار والقهر والاستبداد نهايته الدرامية في 14 يناير 2011م، مخلوعًا، فارًّا بنفسه إلى عدد من الدول الأوروبية، التي رفضت استقباله!! ليعود إلى السعودية لاجئًا، في نفس المكان الذي لجأ إليه سلفه الطاغية بورقيبة، تاركًا وراءه ملفًّا أسود من الجرائم ضد حقوق التونسيين!!.

 

حُكْم "زين العابدين بن علي" اشتهر لدى الحقوقيين والمراقبين بأنه حكم "الحديد والنار"، بعد أن استلب الحكم من سابقه بورقيبة، وذلك بعد فترة شبيهة من الاستبداد والقهر والقمع لكل معارضيه، حتى حانت لحظة طرده من الحكم، وبدأ أول انتخابات تعدُّ قانونيةً تعدديةً سنة 1999م، بعد ما يربو على 12 سنةً من استلامه للحكم، وصفها البعض بأنها انتخاباتٌ تعدديةٌ مخلصةٌ للأحادية؛ حيث إن نتائجها كانت قد اعتُبرت محسومةً سلفًا لصالحه، وقد أجرى تعديلاً دستوريًّا بالفصلين 39 و40 من الدستور لإزالة الحد الأقصى لتقلُّد المنصب الرئاسي، ومنحه الحق في الترشح لانتخابات 2009م، ومنح تراخيص عمل لعدة أحزاب غير فاعلة، ونشاطها السياسي ضئيل، كحزبَي "الخضر" و"الاتحاد" الديمقراطيين الاشتراكيين.

 

كما قرر مواصلة حصار "حركة النهضة الإسلامية" وحزب العمال الشيوعي التونسي؛ نظرًا لشعبيتهما العالية لدى الأوساط الدينية، وخاصةً العمالية، وقام بمنع صحيفة "الموقع"، التي يديرها الحزب التقدمي والمعارض الأبرز أحمد نجيب الشابي، من النشر عدة مرات، وكذلك اغتال شابًّا تونسيًّا تمكَّن من اختراق الشبكة المعلوماتية لقصر قرطاج، واكتشف أسماء عملاء صهاينة بالموساد يعملون للتجسس على قادة منظمة التحرير الفلسطينية بتونس في الثمانينيات، وادَّعت السلطات التونسية أنه قتل في حادث سيارة.

 

وقمع "بن علي" مطالبات حقوق الإنسان، بحسب تقرير المنظمات الحقوقية، التي أكدت تصاعد اعتقال المعارضين وتزايد أعداد سجناء الرأي، كما أصبحت البلاد في عهده دولةً رأس مالية يتحكَّم فيها الذين يتحكمون في البلاد، وهم 3 عائلات: "الطرابلسي" وبن عياد" وبشكل ضئيل "بن بدر"، وجميعها متصاهرة، ولديها ميليشيا خاصة، وسمح "بن علي" لشركات الاتصالات والإنترنت بالتجسس على المواطنين، وكذلك المقاهي ومكتبات الجامعات، وكانت شركات الاتصالات والإنترنت والسياحة ومساحات زراعية شاسعة يملكها أصهار الرئيس؛ وذلك لحكم البلاد اقتصاديًّا بقبضة من حديد.

 

وواصل "بن علي" قمعه الحريات، فقام بإغلاق جميع الأبواب التي يمكن للشعب التونسي من خلالها معرفة حجم الفساد والجرائم التي يرتكبها هو وذووه، فقام بإغلاق مكتب قناة "الجزيرة" بتونس، وحجب موقعَي "youtube" و"dailymotion".

 

ومنذ أن تولَّى "بن علي" الحكم بدأت مرحلة الحرب العظمى على الهويَّة المسلمة من جديد وبأسلوب استخباري أكثر صرامةً وأكثر ضراوةً على عشرات الآلاف من المساجين؛ بتهمة التعاطف مع الإسلام أو تدريس الدين!!؛ ما جعل كثيرًا منهم يخرجون إلى الدول الأخرى هربًا، كما منع الحجاب، وفصل كل طالبة أو معلمة في مراحل التعليم العام والعالي ترتدي الحجاب بقوة القانون 108، وقام بتوحيد الأذان عن طريق المسجّل، وتوحيد خطبة الجمعة.

 

وكان "بن علي"- بحسب المراقبين- شديد الاستهتار بشعائر الدين علنًا، وترك الساحة لكل من يريد سب الإسلام والمسلمين، وألغى إجازة الجمعة، معتبرًا أنه يوم عمل، والصلاة لا تكون إلا بعد نهاية الدوام قبل صلاة العصر بقليل، ومنع صلاة الفجر للشباب إلا ببطاقة ممغنطة وتصريح من الحكومة.

 

وكانت الحكومة التونسية تمنع وتشدِّد على الحجاج عدم سماع مواعظ الخطباء في موسم الحج في مكة، وتجنّد الاستخبارات لذلك، وتمنع دخول الواعظين إلى مخيمات الحج التونسية، وتمنع نشر أي كتاب أو نشرة إرشادية لهم، مهما كان عنوانها أو موضوعها.

 

 
ومن الطرائف أن "بن علي" شنَّ حربًا تستهدف دميةً محجبةً تشتهر باسم "فلة"، ودهمت قوات الأمن عددًا كبيرًا من المحالِّ، وصادرت كل الأدوات المدرسية التي تحمل صورها، بزعم أنها تحمل "دعوة للباس الطائفي".

 

وقالت منظمة العفو الدولية- في بيان لها- إن استطلاعًا أجرته في تونس يظهر أن سلطات هذا البلد لم تنجز وعدها بتحسين سجل حقوق الإنسان؛ فـ"وراء الواجهة، هناك جوٌّ من القمع مستحكم"، وتحدثت عن استعمال قوانين محاربة الإرهاب لضرب النقابات والمحتجِّين والشباب ممن يشتبه في تأييدهم للتيار الإسلامي.

 

وأكدت أن "بن علي" كبَّل الأحزاب التي تجهر بانتقاده وانتقاد سياساته وأسلوبه القمعي المستبد وفرض على تلك الأحزاب ما يسمَّى "الرقابة الخانقة والتهديدات والعنف الجسدي"؛ الذي يطال أيًّا من المعارضين، كما منع الصحفيين والمراسلين من أداء عملهم خلال الانتخابات؛ فـ"التعددية في الأخبار ليست واقعًا في تونس" والسطوة الكبرى للشرطة لعرقلة رجال الإعلام.

 

وأكدت منظمة العفو الدولية- في أول تقرير رئيسي لها عن تونس منذ العام 1998م- أن سلطات الأمن التونسية تواصل انتهاك القوانين والمعايير الدولية لحقوق الإنسان عبر الاعتقال التعسفي والتعذيب والسجن الانفرادي.

 

وأوضح التقرير أن المعتقلين "يُحرمون حق الرعاية الطبية، ويُمنعون من الاتصال بعوائلهم، ويظلون معرَّضين لخطر التعذيب لعدة أسابيع، كما أن السلطات تنتزع الاعترافات من المتهمين بواسطة تعذيب المعتقلين الذين يُحرمون حقَّ المحاكمة العادلة في أغلب الأحيان".

 

وقالت تقارير حقوقية أخرى إن اليهود يتمتعون بحرية في تونس لا يتمتع بها المسلمون، فمعابدهم محترمة، ولا أحد يدري ماذا يفعلون داخلها، بينما المساجد في تونس فعلى من يرتادها تُمارَس التضييقات، مشيرةً إلى وجود مطالب للمسلمين بمساواتهم باليهود.