5 مليارات دولار وتقديرات أخرى بـ15 مليار دولار هي قيمة الحسابات البنكية والشخصية فقط للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، خلاف الأموال الأخرى والشركات والأراضي التي قام بجمعها، بالإضافة إلى الأموال التي قامت عائلة زوجته بنهبها والاستيلاء عليها، وقدّرت بأكثر من تلك المليارات الخمسة طوال فترة توليه حكم البلاد.

 

تلك الممتلكات تنوَّعت بين مصانع سيارات ووكالة توزيع سيارات "فورد"، ومحطات راديو، وشركات طيران، وعقارات وأراضٍ، قام بجمعها طاغية تونس المخلوع وعائلته المكونة من زوجته وعائلتها والملقَّبين بـ"عائلة المافيا"، وما خفي كان أعظم!.

 

وقالت صحيفة (نيويورك تايمز) إن أقارب الرئيس المخلوع وأقارب قرينته استفادوا من سنوات حكمه الـ23، وتمكَّنوا خلالها من تحقيق مليارات الدولارات، تمَّ الكشف عنها في برقية تفصيلية أرسلها السفير الأمريكي في تونس إلى وزارة الخارجية في واشنطن، وتمَّ نشرها على موقع (ويكيليكس).

 

وأوضحت وثائق (ويكيليكس) أن عائلة زوجة الرئيس المخلوع تورَّطت في عمليات اعتداء على أملاك الآخرين، وحيازة شركات مشبوهة التمويل، بالإضافة إلى اغتصاب شركات من أصحابها.

 

وتحدَّثت الوثائق الأمريكية المسرَّبة على موقع (ويكيليكس) عن مظاهر الثروة التي بدت على زوجة الرئيس المخلوع وعائلتها التي كانت لا تملك شيئًا، وأصبحت خلال فترة زواجها من الطاغية تتحكَّم في كبرى الشركات التونسية واستثماراتها.

 

وطبقًا لكتاب "حاكمة قرطاج.. الاستيلاء على تونس" لكاتبين فرنسيين، فإن السنوات الأولى من حكم "بن علي"، كدَّس المقربون من النظام فيها ثروات هائلة، وبعد زواجه من زوجته الحالية استحوذ أخوها الأكبر بلحسن على شركة الطيران "كورتاجو إيرلاينز"، ثم سيطر أقاربها على قطاعات الاقتصاد، وهناك اتهامات أيضًا يسوقها الكتَّاب ضد عماد الطرابلسي صهر بن علي باختلاس يخت قيمته مليون ونصف المليون يورو، كما لعبت زوجة الطاغية أدوارًا سياسية مهمة جدًّا، وذلك بتعيين أفراد عائلتها في مناصب الدولة الحساسة؛ للسيطرة على الشركات والممتلكات والثروات، واستحوذت أسرتها على ثروات اقتصادية وامتيازات متعددة؛ حيث كانت سلطاتها تفوق سلطات الوزير الأول، وتقيل الوزراء وتعيّن السفراء كيفما شاءت.

 

وتمكّن اقتصاديو موقع (نقودي)- عن طريق تعقب تحويلات البنك المركزي التونسي إلى البنوك الخارجية- من تقدير الأموال المودعة قي الحسابات البنكية الخاصة بـ"بن علي" وحده بحوالي 1.5 مليار دولار، مؤكدين أن تلك المبالغ النقدية موجودة في حسابات الرئيس السابق فقط، ولا تتضمن الأصول والممتلكات الأخرى، والمقدَّرة بمليارات الدولارات الأخرى.

 

وكشفت مجلة (لوموند) الفرنسية عن هروب زوجة الرئيس المخلوع بأكثر من طن ونصف الطن سبائك ذهب، تُقدر بحوالي 45 مليون يورو، بعد أن قامت بسحبها من البنك المركزي بتونس، كما أشارت جريدة (الخبر) إلى قيام آل "بن علي" بتفريغ بنكين جزائريين من العملة الصعبة؛ حيث تحولت بنوك تساهم فيها عائلة بن علي وأصهاره جزئيًّا أو كليًّا إلى معبر لتحويل ملايين من عائدات لاستثمارات مشبوهة وأموال مجهولة المصدر، تحت غطاء التصدير والاستيراد، وأخرى محصلة عن طريق التهريب، وذلك عن طريق استخدام أسماء مستعارة.

 

الشبكة الأخطبوطية للعائلة التونسية الحاكمة سابقًا لم تقف عند حد اتخاذ شركات وهمية لتحويل ملايين الاستثمارات، بل تعدَّتها لتصل إلى تحويل ميناء عنابة إلى ما يشبه الملكية الخاصة، وتجنيد بعض العاملين في الميناء لتمكينهم على مدار ثلاث سنوات من استيراد مئات الحاويات المعبأة بالتجهيزات الكهرومنزلية نصف المصنعة وكاملة الصنع عبر الميناء، بتقديم تصاريح في القيمة للواردات بأقل من ربع قيمتها الحقيقية، وتكبيد الخزينة خسائر بالملايين، والتهرب من دفع رسومها.

 

العائدات المالية في تلك التعاملات تلزم بدفع المقابل المالي في الحساب البنكي الذي تحدده شركة التصدير التي هي نفسها المستوردة، أي نفس الشركة التي تستورد لنفسها من بلد وتصدر لنفسها من بلد آخر، وتحول أموالها إلى المكان الذي تختاره، وكان الدفع يتم بتحويل العائدات في الحسابات البنكية لتلك الشركات في تونس، والتي تخضع لسيطرة عائلة "بن علي" وأصهاره، وهي بنوك تتواطأ في ستر مخالفات التحويلات، كما تسهل تحويل أموال عائدات الشركات إلى الخارج، على غرار الشركات التي تفرض عليها عائلة "بن علي" شراكة إجبارية مباشرة وغير مباشرة بأسماء مستعارة في رأس المال والأرباح، مقابل تسهيل التحويلات المالية.

 

ومن بين أهم تلك البنوك في تونس البنك المركزي "بنك تونس" الذي يعدُّ بلحسن طرابلسي عضوًا في مجلس إدارته، وتترأسه زوجة وزير الخارجية، وهو الذراع اليمنى لـ"بن علي" قبل خلعه، كما تمت تعاملات أخرى عبر "التجاري بنك" الذي يملك فيه مروان مبروك، صهر الرئيس "بن علي"، نسبة 17 من مجموع الحصص، بعد عملية الخصخصة التي مست 35% من رأسماله، والبنك الدولي العربي التونسي الذي تحكمه جماعة الطرابلسي، إلى جانب بنك آخر "البنك الوطني الفلاحي".

 

وقالت صحيفة (التليجراف) إن زوجة بن علي استغلت زواجها من حاكم تونس؛ للسيطرة هي وعائلتها الطرابلسيون على مقاليد الحكم في تونس والنفوذ السياسي ومجال الأعمال، مشيرة إلى ما قاله سعد جبار، محلل سياسي عربي: "كانت سلطة بن علي وثروته تتركز في أيدي عائلته، وخاصةً زوجته"، بالإضافة إلى الإسراف في شراء التحف الثمينة وامتلاك الحيوانات الأليفة والفيلات الفاخرة بمنتجع مدينة الحمامات الذي تملكه عائلة الطاغية على ساحل البحر المتوسط، فضلاً عن البذخ المذهل الذي كانت تحياه العائلة، في الوقت الذي كان يعانِي فيه الشعب التونسي للعثور فقط على الوظائف ولقمة العيش، وقدَّرت الصحيفة ثروة الطاغية الشخصية بـ3.5 مليارات دولار أمريكي.

 

وكشف تقرير جروس- الذي نشرته صحيفة (صنداي تليجراف) البريطانية- أن ثروة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي تجاوزت ٥ مليارات دولار، في حين قدَّرها البعض الآخر بـ15 مليار دولار.