أحمد أشرف

 

حوار- سالي مشالي

المهندس أحمد أشرف من الشخصيات التي تتسم بالهدوء والطيبة، ومنذ أن تشاهده حتى ولو كان ذلك لأول مرة فلا بد وأن ترتاح إليه، فله ابتسامة جميلة كفيلة بجذب أي إنسانٍ إليه، إلا أن هذه الابتسامة غيَّبها المعتقل؛ حيث اعتقلته قوات الأمن ضمن المجموعة الأخيرة للإخوان والتي عُرفت برجال الأعمال، وأحمد أشرف يعمل مديرًا لدار التوزيع والنشر الإسلامية، ويبلغ من العمر خمسين عامًا، وهو حاصل على بكالوريوس زراعة، قضى أكثر حياته العملية في العمل في دور النشر الإسلامية، بدءًا من مجلة الدعوة، ومرورًا بشركة سفير وانتهاءً بدار التوزيع والنشر الإسلامية، والتي استمرَّ في العمل بها لعدة سنوات.

 

وله سبعة من الأبناء، وهم على الترتيب: هبة الله الحاصلة على ليسانس أصول الدين وتدرس حاليًا بتمهيدي ماجستير، ثم إسماعيل في نهاية تعليمه الجامعي، ويحيى في المرحلة الجامعية أيضًا، أما مريم فهي في المرحلة الثانوية بينما شقيقتها روضة في المرحلة الإعدادية، وأخيرًا التوأم إيمان وولاء بالصف الثالث الابتدائي.

 

وعندما ذهبتُ لأسرته كان يدور في ذهني طوال الطريق محاور عديدة وأسئلة متنوعة لأقوم بطرحها على زوجته وأبنائه، خاصةً أنَّ الاعتقالات جاءت قبل أيامٍ قليلة من عيد الأضحي المبارك، كما أنه حتى الآن لا نجد مبررًا حقيقيًّا لهذه الاعتقالات، إلا أنني عندما التقيتُ بأسرته وجدتُ معاني أخرى ربما استفدتُ ببعضها، وعلى خلاف ما كنتُ متوقعةً فقد وجدتُ صبرًا وثباتًا ليس من الزوجة فقط، وإنما من الأبناء أيضًا، وهذا لا يمنع بالطبع أنَّ الحزن والتأثر بغيابِ ربِّ الأسرة كان واضحًا على كل أفراد الأسرة، وعندما سألتُ زوجته عمَّا حدث قالت لي إنها ليست المرة الأولى الذي يتم فيها اعتقال زوجها؛ حيث تمَّ اعتقاله العام الماضي ولمدة ثلاثة شهور إثر أحداث الاستفتاء والتي لم يكن له أدنى علاقة بها.

 

وعندما سألت ابنه الأكبر إسماعيل عمَّا حدث، أخذ يروي لنا بانفعالٍ وقائع الاعتقال قائلاً: اتصل بنا أحد الجيران المقابلين لأحد فروع دار التوزيع في الساعة الثانية بعد منتصف الليل وأبلغونا بوجود عددٍ من الأشخاص الذين يحاولون اقتحام مقرِّ الدار ويعملون على كسر الباب، وأنهم حاولوا أن يستفهموا منهم مَن هم؟ ولماذا يفعلون هذا؟ فتلقوا الإجابة بأنهم "أمن دولة"، فقرر الوالد الذهاب فورًا إليهم ولكن قبل أن يتم ارتداء ملابسه تلاحقت الاتصالات من أكثر من فرعٍ في أكثر من منطقة، حتى اتضح أنها حملةٌ متكاملةٌ على كلِّ الفروع، وتقريبًا في نفس التوقيت، حتى إنَّ الوالدَ لم يعد يعرف أي فرعٍ من هذه الفروع عليه أن يذهب إليه!!

 

أبناء أحمد أشرف

 

ويستطرد: في حدود الثالثة صباحًا كانت قوات الأمن قد وصلت إلى المركز الرئيسي في السيدة زينب، ورأى الوالد أنَّ الأفضل أن يذهب هناك بنفسه لإعطائهم المفاتيح حتى لا يقوموا بالكسر والتخريب.

 

وهنا تدخلت زوجة المهندس أشرف قائلةً: إنَّ أكثرَ ما كان يهمه هو تقليل الخسائر نتيجة هذا الاقتحام قدر الإمكان، والحفاظ على مقرِّ عمله، وأصابه الحزن عندما علم بإغلاق الفروع بالشمع الأحمر؛ خوفًا على مستقبلِ العاملين، وخاصةً أنَّ مرتبات الشهر وحوافز العيد كانت قد أُودعت بخزينة المقرِّ الرئيسي بالأمس فقط، وذهب مصطحبًا حقيبته وهو يتوقع ألا يعود.

 

وتكمل هبة الله: إن المرتبات والتزامات الشرك