- محضر الجلسة يكتب ردود الدفاع بالقلم الرصاص ومضايقات شديدة داخل القاعة

- رئيس المحكمة يرفع الجلسة مرتين وفي الثالثة يصدر حكمه لصالح الحكومة

- هيئة الدفاع تصف الحكم بالصدمة وتعلن استمرارها في دعوى المخاصمة

 

كتبت- سالي مشالي

في جلسةٍ ساخنة ووسط شعور عام بالترقب والتوتر قبلت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة اليوم الإثنين الطعن الذي تقدَّمت به هيئة قضايا الدولة ضد حكم محكمة القضاء الإداري بوقف قرار رئيس الجمهورية بإحالة 32 من قيادات الإخوان المسلمين إلى القضاء العسكري، وقد أصدرت المحكمة الحكم دون الاستماع إلى الدفاع، وعدم الالتفات لطلبه برد المحكمة بسبب شغل بعض أعضائها لمناصب مستشارين لبعض الوزراء وبرئاسة الجمهورية، وهو طلب مقدم لهيئة قضائية مستقلة إلا أن المحكمة رفضت طلب الرد، وهو ما لا يحق لها أن تقوم به وأصدرت حكمها بقبول طعن الحكومة!!

 

وقد عقدت الجلسة برئاسة المستشار عصام الدين عبد العزيز، وعضوية المستشار أحمد عبود، والمستشار محمد كمال منير، والمستشار محمد محمود، واتسمت الجلسة بالتوتر من جانب هيئة الدفاع وأسر المعتقلين وحتى الصحفيين والإعلاميين، حتى إنها شهدت مشادة بين هيئة الدفاع ومنظمي القاعة قبل أن تبدأ الجلسة بسبب سوء تعاملهم مع هيئة الدفاع والذين طلبوا منهم التراجع من أمام المنصة رغم حقهم في التواجد أمامها.

 

وبمجرد أن بدأت الجلسة حتى بدأ محامي هيئة قضايا الدولة بطرح أسباب الطعن، وهو ما رد عليه الدفاع وفنَّدوه إلا أن هيئة الدفاع اكتشفت أن سكرتير الجلسة يسجل محضر الجلسة بـ"قلم رصاص"؛ مما أثار أعضاء هيئة الدفاع واعترضوا عليه بشدة، واعتبروا أن الكتابة بالرصاص تعني قبول المسح والكشط والتعديل وهو ما لا يصح في جلسة محكمة.

 

وقد ركَّز الدفاع في كلمته على طلب رد المحكمة، والذي تقدَّم به الدفاع ضد هيئة المحكمة بسبب شغل بعض أعضائها لمناصب لدى السلطة التنفيذية ممثلة في الوزارات ورئاسة الجمهورية، مؤكدًا استحالة أن يشعر المواطن بالارتياح إذا كانت جهة الحكم هي ذاتها جهة الاختصام، والقضاة يُعتبرون مرؤوسين لدى رئيس الجمهورية، وقال المحامي ناصر الحافي:

"كنت أتمنى ألا تلدني أمي وألا أعمل بالمحاماة قبل أن أشهد هذا اليوم".

 

 الصورة غير متاحة

أهالي المعتقلين يعلو وجوههم الغضب بعد النطق بالحكم

وأكد أن طلب الرد يعني أنه مانع من موانع عدم الصلاحية للمحكمة لتقوم بالتصدي بالفصل في هذه الدعوى بضوابط التطبيق الصحيح، وبالتالي فإن المحكمة إذا تصدت للفصل في هذا الطعن يعتبر حكمها باطلاً، وطالب بوقف الدعوى الرئيسية إلى أن يُحكم في طلب الرد، مشيرًا إلى أنه لا يجوز أن تُصدر هذه المحكمة حكمًا قبل أن تفصل المحكمة المختصة في طلب الرد وتقرير صلاحية هيئة هذه المحكمة بالفصل من عدمه.

 

وطلب الدفاع تأجيل الجلسة لتمكين المطعون ضدهم (الإخوان) من توكيل محامين، أو تمكينهم من حضور الجلسة بأنفسهم لتقرير ردهم للمحكمة، وهو الطلب الذي واجهه رئيس المحكمة برفع الجلسة في استراحة امتدت إلى ما يزيد على الساعة، وطاردت الهتافات القضاة "اتقوا الله فينا"، "يا قضاة يا قضاة لا تخشون إلا الله".

 

وأثناء الاستراحة طلب منظمو القاعة من الأهالي والإعلاميين الخروج من القاعة، وهو ما رفضته هيئة الدفاع، مؤكدين أن الجلسة علنية، ثم انعقدت الجلسة مرةً أخرى ولم يعطِ القاضي فرصةً لأيٍّ من أعضاء هيئة الدفاع لتقديم دفوعهم ثم قام برفع الجلسة للمرة الثانية بعبارة "الحكم آخر الجلسة" وبعد أكثر من ساعتين انعقدت الجلسة للمرة الثالثة ليرفض القاضي طلب رد المحكمة، وهو الطلب الذي لم يُقدم إليه أصلاً، ويقبل طعن الحكومة ضد القرار.

 

بيان هيئة الدفاع

 الصورة غير متاحة

هيئة الدفاع أعربت عن دهشتها من الحكم

وقد عقدت هيئة الدفاع مؤتمرًا صحفيًّا بعد الحكم مباشرةً أصدرت فيه بيانًا أكدت فيه أنه حرصًا منها على بقاء ثوب القضاء ناصع البياض فقد تقدَّمت هيئة الدفاع بطعنين أمام محكمة القضاء الإداري لوقف قرار ندب أعضاء الدائرة الأولى (فحص طعون) التي ثبت أنها ستنظر في الحكم في طعن الحكومة على حكم القضاء الإداري التاريخي الذي قضى بوقف قرار رئيس الجمهورية بإحالة بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين إلى القضاء العسكري؛ لأن رئيس الجمهورية الذي أصدر قرار الإحالة محل الطعن وكذلك الوزراء التابعين له بحكم القانون، وكان الغرض من هذين الطعنين هو حرص هيئة الدفاع الحفاظ على استقلال القضاء وحيدته وحصانته، إلا أنه وفي جلسة اليوم التي حُددت بسرعةٍ غير مسبوقة تمَّ اتخاذ إجراءات رد الهيئة التي تصدت لنظر هذا الطعن، وفوجئت هيئة الدفاع وكل الحاضرين بحكم خالف المبادئ المستقرة وأحكام القانون التي تعهَّد بالاختصاص بنظر أمر الرد لهيئة مغايرة؛ وذلك بأن تصدت بالحكم في طلب الرد في سابقة لم تحدث من قبل بأن جمعت المحكمة بين الخصم والحكم بمخالفة الأصول وهو ما يُشكِّل خطأً مهنيًّا جسيمًا يقيم الحق لهيئة الدفاع في مخاصمة الهيئة التي أصدرت هذا القرار ثم كان أن تغوَّلت الهيئة على قواعد الإجراءات المستقرة أمام مجلس الدولة والمقررة بموجب قانون المرافعات بأن تصدَّت للفصل في موضوع الدعوى وطلب الرد في قرارٍ واحدٍ ودون أن تُتيح لهيئة الدفاع حقها في بسط دفاعها الموضوعي في اختلال واضحٍ وجسيم بحق الدفاع ومبدأ المواجهة بين الخصوم، لكن لا زال أمر الخصومة منعقدًا أمام محكمة القضاء الإداري في الموضوع، أكد عبد المنعم عبد المقصود- منسق هيئة الدفاع- أن الهيئة ستواصل نضالها القانوني في موضوع الدعوى أمامها وكذلك مباشرة كل إجراءات دعوى المخاصمة، وكلنا ثقة في القضاء المصري ونزاهته إلى آخر الحدود.

 

 الصورة غير متاحة

صالح أثناء المؤتمر الصحفي

من جانبه انتقد صبحي صالح إجراءات المحكمة بداية من تحديد موعد الجلسة في سرعة خارقة بمجرد تقدم الحكومة بطلب الطعن، مؤكدًا أن عددَ المطعون ضدهم (الإخوان) يقارب الخمسين ما يعني احتياجهم إلى أسبوع فقط لإعلانهم بموعد الجلسة!

 

وأضاف: أن الطعن أُحيل إلى الدائرة الأولى والتي طلب الدفاع ردها للأسباب سابقة الذكر، والأكثر إثارةً للدهشة هو عقد الجلسة في يوم "مخصوص" حتى إن القاعةَ والدائرة لم تشهد أي قضايا أخرى إلا هذه القضية، مشيرًا إلى أن هذا التخصيص يُثير الشبهات، وأكد أن الطعن المقدم ضد هيئة المحكمة هو حق قانوني للدفاع، موضحًا أن استقلال القاضي ليس ميزة للقضاة وإنما هو حق للمواطنين، وقيام المحكمة برفض طلب الرد ليس من حقها لأنها بهذا أصبحت خصمًا وحكمًا في الوقت ذاته، وانتقد الإخلال بحقِّ الدفاع في الدفاع عن موكليهم؛ حيث إن القاضي لم يسمع كلمةً واحدةً من الدفاع في موضوع القضية، وإنما دار الجدل في البداية حول رد المحكمة ليخرج القاضي في النهاية ليحكم في موضوع القضية، وهو ما لن يتناوله أي من أعضاء هيئة الدفاع في دفاعهم.