تمر في هذه الأيام الذكرى الرابعة والستون لرحيل الإمام الشهيد حسن البنا، رحل إثر مؤامرة حيكت بدقة، اشترك فيها كل الأطراف الذين خافوا من نفوذ هذا الرجل، الذي تغلغلت دعوته في داخل مصر وخارجها، وهددت مستعمرات وعروش واهية؛ لأنه استخدم منهجًا بسيطًا وعميقًا في الوقت ذاته؛ ألا وهو الإخلاص وحب الجماعة والتأثير فيهم متكئًا على ميراث هذه الأمة.

 

نقدمه نموذجًا للداعية المثالي الذي تحدى الزوابع والأعاصير، وأبحر بدعوته إلى شاطئ الإخلاص، وقد كتب عنه المئات من الباحثين، إلا أن الدراسة التي نقدمها ضرورية؛ لأنها جاءت من كاتب منصف عرف عنه الحيدة والإخلاص و..

 

ولقد نمت وازدهرت جماعته التي أسسها وهو لم يبلغ الاثنين والعشرين ربيعًا.. كان معه صفوة العلماء، جلسوا يتدراسون هموم أمتهم والاستعمار على بعد أمتار منهم فى مدينة الإسماعيلية، يستفز هذا الاستعمار هويتهم، ويستهزئ بكرامتهم، بعد أن جند أذنابًا يدافعون عنه وعن وجوده في بلادنا، واستعرت الحمية في قلب هذا الشاب التقي، فيبكي الشيوخ الذين اجتمع بهم، وعملوا على وجود منبر يعبرون من خلاله عن هموم أمتهم وبذل الجهد في حلها، فكان ميلاد جماعة الإخوان المسلمين، دعوة سلفية وصوفية ودعوية واجتماعية وسياسية.

 

وكان للنجاح الذي أنجزه الإمام صداه في الشرق والغرب، الكل يعمل له حسابًا، فيقلق الاستعمار منه، ويأمر أحد جنوده وهو رئيس الوزراء حسين سري بنفيه إلى قنا في أقصى الصعيد أثناء الحرب العالمية الثانية، فلم يستسلم فتقبل الغرم قبولاً حسنًا، وصار يحث الناس ويرشدهم إلى سبل الرشاد، وكوّن هناك رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ويضطر الاستعمار ويأمر بعودته إلى القاهرة بعد أن شاهد ما حققه من نجاحات، فينتقل من نجاح لآخر حتى تندلع شرارة حرب فلسطين، فكان الإخوان أول الرجال مشاركة في هذه الحرب وحققوا انتصارات باهرة، جعلت العصابات الصهيونية تتقهقر وتستنجد بالغرب الصليبي الذي يؤازرها، فتحاك المؤامرات بليل في مؤتمر فايد وضرب المتآمرون ضربتهم بحل الجماعة ومعظم رجالها يناضلون في فلسطين، وكان العائد منهم يجد قرار الاعتقال في انتظاره، وبهذا نجح الأعداء في عزل الإمام البنا عن رجاله، واغتالوه في يوم عاصف في الحادي عشر من فبراير 1949، واستمر التضييق على الإخوان بعد رحيله من الحكام الذين جاءوا بعد ذلك، وخر آخرهم (مبارك) مخلوعًا من الشعب في الذكرى الثانية والستين لاستشهاد الإمام في 11 فبراير 2011م.

 

وقد كتب عن البنا الكثيرون من أتباعه ومريديه وأصدقائه وأعدائه، كما كتبت الأطروحات الجامعية عنه، وأشهرها رسالة الباحث الأمريكي الدكتور "ريتشارد ميتشيل" الشهيرة التي أنصف فيها الإمام، ورسالة الدكتور زكريا سليمان بيومي، ورسالة إسحق موسى الحسيني وغيرها الكثير..

 

واليوم نستعرض رسالة صغيرة الحجم، جليلة القدر، سجلها الكاتب الأمريكي "روبير جاكسون"، وترجمها المفكر الإسلامي الكبير أنور الجندي بعنوان "حسن البنا الرجل القرآني"، وصدرت الطبعة الأولى منها عن دار "المختار الإسلامي" سنة 1397هـ (1977م).

 

في فبراير 1946 كان الكاتب في زيارة للقاهرة، وقصد أن يتعرف على كل الأطياف السياسية وكان الصراع بينها على أشده منها ما يخدع الشعب زاعمًا أنه الأغلبية، ويتآمر على هذا الوطن ويعمل لمصلحته الشخصية، ومنهم من كان يجاهر بعداء الشعب ويتعاون مع أعدائه، واحتار الرجل من مظاهر هذا الصراع  وقد رأى في النهاية أن يقابل الإمام حسن البنا الذي يتبعه نصف المليون شخص فكتب في "النيويورك كرونيكل" بالنص:

 

"زرت هذا الأسبوع رجلاً قد يصبح من أبرز الرجال في التاريخ المعاصر، وقد يختفي اسمه إذا كانت الحوادث أكبر منه، ذلك هو الشيخ حسن البنا زعيم الإخوان".

 

ويستطرد المؤلف قائلاً ومعلقًا: "هذا ما كتبته منذ خمس سنوات، وقد صدقتني الأحداث فيما ذهبت إليه، فقد ذهب الرجل مكرًا.. وكان أمل الشرق في صراعه مع المستعمر، وأنا أفهم أن الشرق يطمح إلى مصلح يضم في صفوفه، ويرد له كيانه، غير أنه في اليوم الذي بات فيه مثل هذا الأمل قاب قوسين أو أدنى، انتهت حياة الرجل على وضع غير مألوف وبطريقة شاذة"، ويقول في مفتتح كتابه أيضًا: "هكذا الشرق لا يستطيع أن يحتفظ طويلاً بالكنز الذي يقع في يده.. ولقد لفت هذا الرجل نظري بصورته الفذة، عندما كنت أزور القاهرة بعد أن التقيت بطائفة كبرى من زعماء مصر ورؤساء الأحزاب".

 

وسعى الرجل إلى لقاء البنا الذي كان كما يصفه "خلاب المظهر، دقيق العبارة، بالرغم من أنه لا يعرف لغة أجنبية"، وظل البنا صامتًا عند قابل الرجل حتى بدت الحيرة في وجهه فقال لمترجمه: قولوا له شيئًا واحدًا: هل قرأت عن محمد؟


فقال: نعم.

 قال: وهل عرفت ما دعا إليه وصنعه؟ 

 فقال: نعم.

 فقال الإمام: هذا هو ما نريده.

استطاع الرجل أن يجمع معلومات كافية عن الإمام وتاريخه، وأهدافه، وحياته، وأخذ يقارن بينه، وبين جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ومحمد أحمد المهدي، والسيد السنوسي، ومحمد بن عبد الوهاب، واستفاد البنا من تجارب هؤلاء وتدارك أخطاءهم، واستطاع المؤلف متابعة الإمام وفكره وقرر أن البنا قد افلت من غوائل المرأة والمال والجاه وهي المغريات الثلاثة التي سلطها المحتل الأجنبي على المجاهدين، وقد فشلت كل المحاولات التي بذلت في سبيل إغرائه، ويعلل هذا "وقد أعانه على ذلك صوفيته الصادقة وزهده الطبيعي، فقد تزوج مبكرًا وعاش فقيرًا، وجعل جاهه في ثقة أولئك الذين التفوا حوله، وأمضى حياته القصيرة العريضة مجانبًا لميادين الشهرة الكاذبة، وأسباب الترف الرخيص".

 

ويعدد المؤلف خصال هذا الإمام الرباني الذي استقى من رحيق النبوة كل الفضائل والصفات وأورثها أصدقاءه وطلابه وتلاميذه الذين صانوها من كل دنس، "وكان الرجل عجيبًا في معاملة خصومه وأنصاره على السواء، كان لا يهاجم خصومه ولا يصارعهم بقدر ما يحاول إقناعهم وكسبهم إلى صفه، وكان يرى أن الصراع بين هيئتين لا يأتي بالنتائج المرجوة.. كان يؤمن بالخصومة الفكرية، ولا يحولها إلى خصومة شخصية، ولكنه مع ذلك لم يسلم من إيذاء معاصريه ومنافسيه، فقد أعلنت عليه الأحزاب حربًا عنيفة.. لقد سمعت من خصومه، وكان هذا طبيعيًّا بل كان من الضروري أن يختلف الناس في رجل استطاع أن يجمع حوله هذا الحشد الضخم من الناس بسحر حديثه وجمال منطقه، وقد انصرف هؤلاء من حول الأحزاب والجماعات والفرق الصوفية والمقاهي ودور اللهو".

 

ثم يتحدث جاكسون عن نشأة الإمام حسن البنا: "في الأزقة الضيقة في أحشاء القاهرة، في حارة الروم، وسوق السلاح، وعطفة نافع، وحارة الشماشرجي، بدأ الرجل العمل وتجمع حوله نفر قليل، وكان حسن البنا الداعية الأول في الشرق الذي قدم للناس برنامجًا مدروسًا كاملاً لم يفعل ذلك أحد قبله، لم يفعله جمال الدين الأفغاني، ولا محمد عبده، ولم يفعله زعماء الأحزاب والجماعات الذين لمعت أسماؤهم بعد الحرب العالمية الأولى، وأستطيع بناءً على دراساتي الواسعة أن أقول إن حياة الرجل وتصرفاته كانت تطبيقًا صادقًا للمبادئ التي نادى بها، وقد منحه الإسلام كما كان يفهمه ويدعو إليه حلة متألقة، قوية الأثر في النفوس، لم تتح لزعماء السياسة، ولا لرجال الدين".

 

"كان مذهبه السياسي أن يرجع مادة الأخلاق إلى صميم السياسة بعد أن نزعت منها، وبعد أن قيل أن السياسة والأخلاق لا تجتمعان، كان يريد أن يكذب قول تاليران "إن اللغة لا تستخدم إلا لإخفاء آرائنا الحقيقية"، فقد كان ينكر أن يضلل السياسي سامعيه أو أتباعه، أو أمته، كان يعمل على أن يسمو بالجماهير، ورجل الشارع فوق خداع السياسة وتضليل رجال الأحزاب".

 

ثم يستطرد الكلام عن مثابرة الإمام وشدة عزمه فى ضرورة بلوغ أهدافه وأفكاره ودعوته، كان الأمل يحدوه دومًا، لم يمل السفر ومشاقه واستخدم كل الوسائل المتاحة: "وكان أعجب ما في الرجل صبره على الرحلات في الصعيد.. هذه الرحلات التي لا تبدأ إلا في فصل الصيف؛ حيث تكون بلاد الوجه القبلي في حالة غليان، في أحشائها ينتقل الرجل بالقطار والسيارة والدابة وفي القوارب وعلى الأقدام.. وقد أمدته هذه الرحلات في خمسة عشر عامًا، زار خلالها أكثر من ألفي قرية، وزار كل قرية بضع مرات يلتقي الناس بفيض غزير من العلم والفهم للتاريخ، يزور الأسر ويلتقي الغنى والفقير.. وكنت إذا قلت له فلان.. الحسيني مثلاً أو الحديدي أو الحمصاني، قال لك: إن هذا الاسم تحمله خمس أسر أو أربع إحداهما في الزقازيق، والثانية في دمنهور، والثالثة في الزقازيق، والرابعة في.. فأيهما تقصد؟.. كان ينام في الأكواخ وبيوت الفقراء، تعرف على كل الأطياف".

 

ويختم جاكسون فصله هذا قائلاً: "كان لا بد أن يموت هذا الرجل الذي صنع التاريخ وحول مجرى التاريخ شهيدًا كما مات عمر وعلي والحسين، فقد كان الرجل يقتفي خطواتهم.. مات في عمر الزهر النضر، وفي نفس السن التي مات فيها كثير من العباقرة ورجال الفكر والفن وقضى وهو يسطع ويتألق".

 

ثم أفرد المؤلف فصلاً للحديث عن (زهده وبساطته)، وأثبت أن الرجل في بيته كان مثالاً للزهادة وفي ملبسه مثالاً للبساطة، "وكنت تلقاه في تلك الحجرة المتواضعة الفرش ذات السجادة العتيقة والمكتبة الضخمة، فلا تراه يختلف عن أي إنسان عادي، إلا ذلك الإشعاع القوي، والبريق اللامع الذي تبعثه عيناه، والذي لا يقوى الكثيرون على مواجهته، فإذا تحدث سمعت من الكلمات القليلة المعدودة موجزًا واضحًا للقضايا المطولة التي تحتويها المجلدات، وكان بجانب هذه الثقافة الواسعة الضخمة، قديرًا على فهم الأشخاص، لا يفاجئك بالرأئ المعارض ولا يصدمك بما يخالف مذهبك، وإنما يحتال عليك حتى يصل إلى قلبك ويتصل بك بما يتفق معك عليه، ويعذرك فيما تختلفان فيه، وهو واسع الأفق إلى أبعد حد، فلا يكره حرية الرأي ولا يضيق بالرأي المعارض، وقد استطاع أن يحمل الرأي الجديد دون أن يصطدم بهم، وكان له من صفات الزعماء، صوته الذي تتمثل فيه القوة والعاطفة، وبيانه الذي يصل إلى نفوس الجماهير ولا تنبو عنه أذواق المثقفين، وتلك اللباقة والحنكة والمهارة في إدارة الحديث والإقناع، وبهذه الصفات جميعها استطاع كسب هذه الطائفة الضخمة من الأنصار في هذا الوقت القصير من الزمن، فحول وجهة نظرها، ونقلها نقلة واسعة دون ارتطام أو صراع.

 

ويختم هذا الفصل قائلاً: "لم يكن الغرب ليقف مكتوف اليدين، أمام مثل هذا الرجل.. الذى أعلى كلمة الإسلام على نحو جديد.. وكشف لرجل الشارع حقيقة وجوده ومصيره وجمع الناس على كلمة الله.. وخفت بدعوته ريح التغريب والجنس ونزعات القوميات الضيقة واعتدلت لهجات الكتاب، وبدأ بعضهم يجرى فى ركب الريح الإسلامية".

 

ثم تحدث الكاتب عن (ثقافة البنا) فصدر هذا الفصل قائلاً: "ولم تكن هناك دعوة ولا نزعة ولا رسالة، مما عرف العالم فى الشرق أو الغرب، أو في القديم أو في الحديث.. لم يبحثها أو يقرأها أو يدرس أبطالها، وحظوظهم من النجاح أو الفشل، أو يحمل منها ما يصلح لتجاربه وأعماله.. كان قديرًا على أن يحدث كلاًّ بلغته وفي ميدانه وعلى طريقته، في حدود هواه وعلى الوتر الذي يحس به وعلى الجرح الذي يثيره.. ويعرف لغات الأزهريين والجامعيين والأطباء والمهندسين والصوفية وأهل السنة، ويعرف لهجات الأقاليم في الدلتا وفي الصحراء وفي مصر الوسطى والعليا وتقاليدها"، وفي المجمل أوضح المؤلف أن البنا امتلك كل أدوات الإصلاح والدعوة ، ولم يغادر صغيرة أو كبيرة في المجتمع إلا أحصاها وعلم بباطن أمرها وسرها وعلنها، كان موسوعيًّا طرق كل المجالات وعلم أصحابه ومريدوه هذه الطريقة التى أتت ثمارها بعد بضع سنين، وانتشرت تعاليمها في الآفاق ودوت فىي كل أرجاء البسيطة.

 

ثم كتب تحت عنوان (السماحة والتقشف والتنظيم) فقال: "لم يكن الرجل القرآني، فيما علمت يسعى إلى فتنة أو يؤمن بالطفرة ولكنه كان يريد أن يقيم مجتمعًا صالحًا قويًّا حرًّا، وينشئ جيلاً فيه كل خصائص الأصالة الشرقية".

 

ثم يقارن بينه وبين الحركات الإسلامية الأخرى ومقدار النجاح التي وصلت إليه مقارنة بحركته فيقول: "لقد ظهرت حركات إصلاحية كثيرة خلال هذا القرن.. في الهند ومصر والسودان وشمال إفريقيا، وقد أحدثت هزات لا بأس بها، ولكنها لم تنتج آثارًا إيجابية ثابتة.. وقد جاء هذا نتيجة لعجز بعض المصلحين عن ضبط أعصابهم عند مواجهة الأحداث واندفاعهم إلى الحد الذي وصل بهم إلى مرتبة الجرح قبل أن يتم البناء، كما جاء أثرًا من أثار عزوفهم عن الاتصال بالشعب وتكوين رأي عام مثقف.. اختفت هذه الدعوات، وبقيت عبارات على الألسن وكلمات فى بطون الكتب، حتى قيض لها أن تبعث من جديد، وأن تستوفي شرائطها ومعالمها وأن تأخذ فترة الحضانة الكافية لنضجها، وأفاد الرجل من تجارب من سبقوه، ومن تاريخ القادة والمفكرين والزعماء.. الذين حملوا لواء دعوة الإسلام، ولم يقنع بأن يكون مثلهم.. ولكنه ذهب إلى آخر الشوط".

 

نقد الحضارة الغربية

في عصر البنا بلغ الخطب مداه، وعم البلاء واشتدت الحملة الشرسة على الفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية، من أناس عرفوا بتبعيتهم الكاملة للفكر الغربي، فعملوا بكل ما أتوا من قوة لتمكينه في التربة الإسلامية، ولكن البنا وعى ذلك وعمل على زيادة الوعي بالفهم لموروثنا الحضاري، فقال المؤلف عن ذلك: "لقد حمل حسن البنا المصحف ووقف به في طريق رجال الفكر الحديث الذين كانوا يسخرون من ثلاث كلمات (شرق، وإسلام، وقرآن) كان الرجل يريد أن يقول: آن للشرق أن يمحص أفكار الغرب قبل أن يعتنقها، بعد أن غدت الحضارة الغربية في نظر أصحابها لا توفي بما يطلب منها، وكان يقول: علينا أن نزن هذه القيم، وأن نعتقد أن ما عندنا لا يقل عما عند الغرب أو على الأقل لا يقل عما عند الغرب، أو على الأقل لا يستحق الإهمال، وأن على الشرق أن ينشئ للدنيا حضارة جديدة، تكون أصلح من حضارة الغرب، قوامها امتزاج الروح بالمادة واتصال السماء بالأرض وما كنت تعرض لأمر من أمور الحضارة الغربية إلا رده إلى مصادره الأولى في الحضارة الإسلامية، أو في القرآن والسنة والتاريخ.. كان يؤمن أن الشرق وحدة قائمة كاملة".

 

هكذا كان البنا أمة وحده ولديه صبر وإرادة وعزيمة جبارة لا تلين، وكم حاول الاستعمار ترويضه ولكن الرجل المخلص الأمين لم ينحدر كما انحدر ممن صدعوننا بالأفكار والمصطلحات الرنانة الذين عندما يصدمون بالواقع تراهم يخالفون ما ينادون به، ولم يخف الموت وظل وفيا لمبادئه حتى لقي ربه شهيدًا، ولقد أبان المؤلف عن كثير من الجوانب، ولقد احترت خلال هذا الاستعراض على الاستشهاد بالفقرات والأقوال.

 

وأخيرًا نقرر أنه لجدير بالقراءة والطبع مرة أخرى؛ حتى يستحيي من يفتري على الإمام، من مروجي الإشاعات والضلالات من حزب "توتو"، الذين كانوا يحيون في ظل النظام البائد آمنين على أنفسهم، يستفيدون منه، برغم ادعائهم معارضة النظام، ومنهم رفعت السعيد؛ الذي بلغ من العمر عتيًّا وبرغم هذا ما زال يكذب ويفتري وهو على حافة القبر، فقد كال للبنا التهم والافتراءات في كتابه الهش "حسن البنا.. كيف ومتى ولماذا؟!!"، وكان كذلك في كتبه ومقالاته وأحاديثه، فهو كان يعمل محللاً للنظام البائد يتسول منه الفتات.. يعينه الرئيس السابق محمد حسني مبارك عضوًا معينًا بمجلس الشورى لأكثر من دورة...

 

   وأخيرًا نرد عليه وعلى أمثاله، ونقول: "الفضل ما شهدت به الأعداء".

رحم الله الإمام البنا...