وهم جديد ومكذوب يُروِّج له إعلام الفتنة وشق الصف، وهم خبيث تروج له أجهزة المخابرات والشئون المعنوية التي تخلَّت عن الواجب الوطني وباتت تعمل لصالح بعض الجنرالات، وهم يتمناه المربع الكرتوني الهش المسمى بالمدني، وهم يسعى إليه وينفق عليه المليارات بعض دول النفط بالتنسيق مع الكيان الصهيوني، أن الجماعة قد انتهت أو أنها تحتضر أو أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، وأن الشباب قد كفر بالقيادات العليا التي أضاعت فرص النجاح والتفاوض وفرضت على الوطن هذا المشهد الكارثي وهذه الفتن والاختبارات القاسية؛ لذا من باب توضيح الرؤية في هذا المناخ الملبد بغيوم الكذب والافتراء أطرح عدة نقاط منها:

 

** اختزال الأزمة الحالية أنها صراع بين الإخوان والجيش على السلطة مغالطة مقصودة لفرض واقع الانقلاب العسكري، الأزمة الحالية هي أن بعض الجنرالات قاموا بعملية قرصنة وسطو مسلح على المشهد السياسي في مصر وأهدروا إرادة الشعب وأزاحوا صندوق الانتخاب وفرضوا صندوق الذخيرة.

 

** كل ما يُطرح الآن في الإعلام الحكومي والخاص يخرج من غرف عمليات المخابرات والشئون المعنوية، وبالتالي يفتقد المهنية والحيادية وهو متهم بالانحياز والانتقائية البغيضة.

 

** الإصرار على وضع جماعة الإخوان بصفة خاصة في مربعات العدو واتهامها بالإرهاب مرفوض شكلاً ومضمونًا، والذين يسوقون لهذه الفكرة على المستوى الإعلامي والسياسي والحقوقي مشكوك في أهليتهم وأمانتهم، بل ووطنيتهم، وهم الذين جلسوا على كل المقاعد وأكلوا على كل الموائد ومتهمون بتصفية حساباتهم مع الإخوان عن طريق العسكر.

 

** جماعة الإخوان كانت ومازالت تمتلك كل مقومات الوجود ولم تخسر منها شيئًا، بل على العكس فالتاريخ يؤكد أنها في حالة الأزمات تكون أكثر تماسكًا وترابطًا وتلاحمًا، وكل ما يعلن من وهم الانشقاقات تحت لافتات أمنية أو مخابراتية لا يصدقه حتى الذين يخترعونه.

 

** ما يسمى بالمصالحة الوطنية وهم إعلامي تناولته سلطة الانقلاب للتسويق الخارجي فقط، والواقع يؤكد أنه لم يوجه للجماعة أو التحالف الوطني لدعم الشرعية أي دعوة جادة من أي جهة ثم كانت الكوارث بالقتل والجرح والاعتقال ما قطع كل الطرق المؤدية للمصالحة لفقدان الثقة في سلطة الانقلاب ووجود دم وشهداء.

 

** إصرار سلطة الانقلاب العسكري على الحل الأمني القاتل ظنًّا منهم أن مَن يملك السلاح يملك فرض القرار ما ترتب عليه الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين، زاد الطين بلة "راجع تصريحات أوباما راعي الانقلاب الدموي حين قال: لقد طرحنا حلولاً سياسية وسلمية كثيرة لكن العسكر لم يستغلوا الفرص".

 

** من الطبيعي أن تنحسر شعبية الجماعة وتشوه صورتها وتحاصر حدوديًا في ظلِّ هذه الحملات الإعلامية غير الأخلاقية المستعرة طوال 24 ساعة، والتي لو وٌجهت لكتابٍ مقدس لتحول الناس ملاحدة، من الطبيعي أن يحاصر أفراد الجماعة بالأكاذيب والتعليقات السخيفة والاتهامات الباطلة من أقرب الناس إليهم، لكن تعلَّم وتعوَّد أعضاء الجماعة كيفية التعامل مع مثل هذه الأزمات.

 

وأخيرًا.. المحنة الحالية ليست محنة الجماعة وحدها، بل هي محنة كل الأحرار والشرفاء في مصر الذين بذلوا وضحوا في ثورة 25 يناير ثم كان الانقلاب الدموي القاتل الذي أجهض الثورة وأطاح بحق الشهداء وجاء برموز وبقايا عهد مبارك ليركبوا الموجة من جديد، لكن هيهات فالشعوب الحرة لا تستسلم لكنها تستشهد في الوضع واقفًا لا راكعًا مقبلاً لا مدبرًا.. 

 

ك الله يا مصر.

--------

* كاتب مصري