أسقط الصحفيون المصريون نقيبهم ضياء رشوان بعد فترة هي الأمر والأسوأ فى تاريخ الصحافة المصرية كلها، قرار الصحفيين بالاطاحة بنقيب أسهم فى جعل مهنة الصحافة جحيما، مؤشر قوي ومهم على أن هناك من بدأ يفطن فى مصر إلى الوضع الفاضح الذي يعيشه المجتمع على كافة الأصعدة.


سقوط ضياء ليس سقوطا لنقيب فشل فى تقديم خدمات للجمعية العامة للنقابة، أو عجز عن توفير جو مهني سليم بين الصحفيين العاملين فى مؤسسات تعاملهم بالسخرة، وبين أصحابها، وهم فى معظمهم رجال أعمال متورطون فى قضايا فساد، أو ممثلون لمال خارجي يتدخل بقوة فى المشهد المصري، وإنما سقوطا لمجلس نقابة الانقلاب العسكري التى جعلت النقابة مأمورة من نظام عسكري  وحشي، قضي على الحريات، وقتل الصحفيين، وأحال مصر لدولة أشبه بكوريا الشمالية، لكنها دولة بلا مشروع ولا هدف.

رغبة الصحفيين فى التغيير، وهم فى عمومهم كانوا سندا للانقلاب وعملية اغتيال الديموقراطية والحريات التى جرت فى 30 يونيو وماتلاها من أفعال وحشية بحق المصريين ككل، وصلت ببعضهم لأن يكون مخططا للانقلاب، تؤكد أن الجماعة الصحفية باعتبارها نسقا مهما فى المجتمع، باتت رافضة لسلطة لم تقدم شيئا يذكر لا للصحافة والحريات ولا للمجتمع.

فى عهد ضياء رشوان ومجلسه "العسكري" الفاشي، قتل العديد من الصحفيين لمجرد مواقفهم السياسية، سواء كانوا أعضاء للنقابة أم لا ، وسجن واعتقل أكثر من 100 ، وطورد واقتحمت منازل العديدن ومنهم كاتب هذه السطور، ناهيك عن جملة من الانتهاكات التى تتراوح بين الاهانة، و الضرب، والتوقيف لفترات تصل لأيام ثم الافراج، دون أن يرمش للنقيب ولا لمجلسه رمش.

فى عهد ضياء رشوان ومجلسه" العسكري" الفاشي، أغلقت القنوات والصحف ووصلت ذروة العداء للحريات من قبل النقيب ومجلسه لأن تنظم تظاهرة فى نقابة الصحفيين، قلعة الحريات، يندد فيها بقناة الجزيرة ويطالب فيها المتظاهرون ومنهم النقيب بأن يتم التحرك من قبل أجهزة الدولة ضد الضيوف الذين يظهرون بها أو يتعاملون معها باعتبارها قناة راعية للارهاب، التظاهرة شارك فيها النقيب شخصيا وعدد من أعضاء مجلسه، فى صورة تؤكد أن الصحافة المصرية فى طريق إلى مجاهل السلطة وعتمة ما قبل التاريخ التى أعادها نظام 30 يونيو منذ قدومه.

انبطاح مجلس النقابة السابق ازاء ارهاب النظام العسكري وقتله للصحفيين واعتقالهم ومداهمة منازلهم، لا تجعلنا جميعا كجماعة صحفية أن ننسي كيف تعامل النقابة ومجلسها مع قصية مقتل الصحفي الحسيني أبوضيف، فى أحداث البلطجة التى قادتها ما سميت وقتها بجبهة الانقاذ أمام قصر الاتحادية، وقت الرئيس محمد مرسي، حيث تاجر الصحفيون بالقضية وجعلوا الصحفي أبوضيف أيقونة لحرية الصحافة، ثم تجاهلوا كل من قتل بعده برصاص العسكر، لا لشيئ الا لأنهم يعارضون نظام عسكري وحشي، معلنين بذلك عنصرية فجة وبغيضة، تفرق بين الدماء، وتخضع لسطوة صاحب الجبروت.

نقابة الصحفيين المصريين التى أصبحت مؤخرا مرتعا لفئات تتسم فى معظمها بنزعة أمنية ويسعى أعضاء كثر منها للتقرب من أجهزة الأمن فى محاولات للوصول والصعود الاجتماعي، بالاضافة لعدم وضع قواعد وشروط صارمة فى من يتقدم بأوراق قيده بها، ناهيك عن دخول فئات لا علاقة لها بالصحافة مثل الموظفين وسكرتارية المديرين ورؤساء التحرير، وغيرهم، جعلت المجلس الجديد برئاسة نقيبه يحي قلاش، أمام اختبار حقيقي سيضع تاريخه النقابي على المحك.

فالنقيب الجديد، ينتمي لتيار فكري لا يختلف كثيرا عن سابقه، وان كان يحظي بسمعة طيبة فى أوساط الصحفيين، ولديه تاريخ نقابي يسعي لجعل مهنة الصحافة حرة ومستقلة ويعمل على مناصرة حقوق الصحفيين خاصة الشباب منهم، بالاضافة إلى تصريحاته، الجيدة، قبيل الانتخابات بأيام بأنه يرفض فصل الأعضاء المنتمين لجماعة الاخوان المسلمين من النقابة، والا سيعد ذلك مجالا فى المستقبل لفصل غيرهم من المنتمين لتيارات أخرى.

أمام قلاش فرصة تاريخية، للحفاظ على كيان النقابة وإحالتها إلى نقابة رأي صاحبة قضية، لا للصحفيين فقط وانما المجتمع المصري ككل، اذ لا مجتمع سوي بدون صحافة حرة وقوية، ولا صحافة حرة بدون نقابة قوية، تقود الصحفيين لمواجهتة بطش السلطة، وتحرير الزملاء المعتقلين وعددهم يصل إلي 100 ، والوقوف ضد التجاوز غي المسبوق من السلطة العسكرية فى حق الصحافة والصحفيين.