إن الإخوان المسلمين انطلاقًا من حرصهم على تحقيق مصالح الشعب كاملة، وحرصهم على وحدة القوى الوطنية كلها، واعترافًا منهم بالدور العظيم الذي قام به شباب الأمة وتضحياته الجليلة في تفجير واستمرار الثورة المباركة، ورغبةً منهم في الحفاظ على مصالح الأمة ومؤسساتها ومرافقها، ومن حرصهم على استقلال وطننا ورفضهم أي تدخل دولي أو إقليمي في شئونه الداخلية؛ فقد قرَّرنا الدخول في جولة حوار، نتعرف فيها على جدية المسئولين إزاء مطالب الشعب، ومدى استعدادهم للاستجابة لها، وهذا ما يتسق مع مبدئنا في الحوار الجاد المخلص البنَّاء.

 

ولهذا فنحن نلتزم بأن يكون هذا الحوار شاملاً يستوعب كل القوى الوطنية والجماعات السياسية والأحزاب، وعلى رأسهم وفي مقدمتهم ممثلون حقيقيون للشباب، صاحب الفضل في هذه الثورة؛ حتى نُسمع صوتنا وصوت الأمة للمسئولين، ونحدِّد لهم مطالبنا المشروعة العادلة.

 

ونحن نرى أن هذا الحوار لا بد أن يتم في مناخ مختلف عن المناخ الذي نعيش فيه ويشعر به الجميع، وذلك يقتضي تأكيد احترام الحريات العامة، والتنفيذ الفوري لأحكام القضاء المعطلة بواسطة السلطة، ووقف الحملات الإعلامية الحكومية التي ترمي لتشويه ثورة الشعب، وإتاحة فرص متكافئة في جميع وسائل الإعلام القومية، والإفراج الفوري عن المسجونين السياسيين والمعتقلين، ولا سيما الذين اعتقلوا في أحداث المظاهرات الأخيرة.

 

كما يؤكد الإخوان المسلمون إصرارهم على التمسك بمطالب الشعب، والتي أعلنها الملايين في مظاهراتهم العديدة المستمرة في مصر والعالم أجمع، وعلى رأسها تنحي رئيس الدولة، ومحاكمة المسئولين عن إراقة الدماء في المظاهرات السلمية، وحل المجالس النيابية المزوَّرة، والإلغاء الفوري لحالة الطوارئ، وتشكيل حكومة وطنية انتقالية تتولَّى السلطة التنفيذية؛ حتى تتمَّ الانتخابات النيابية بطريقة نزيهة حرة تحت إشراف قضائي كامل، وضرورة الفصل التام بين السلطات، وإطلاق حرية تشكيل الأحزاب السياسية والجمعيات، وحرية إصدار الصحف والمجلات وضمان حرية الإعلام.

 

كما يؤكد الإخوان المسلمون ضرورة تأمين المتظاهرين وكفالة حريتهم في التظاهر السلمي؛ حتى تتحقق مطالبهم المشروعة.

 

والإخوان المسلمون إذ يشاركون كل القوى السياسية والوطنية والشبابية في هذا الحوار؛ لَيأملون أن يسمع المحاورون لهم نداءهم، وأن يتفهَّموا مطالبهم، ويضعون المسئولين أمام واجبهم لتنفيذ تلك المطالب التي أجمعت عليها الأمة؛ حفاظًا على مصلحة مصر والمصريين جميعًا.

 

حفظ الله مصر من كل سوء، وبلَّغها آمالها، وحفظ أهلها وشبابها، ورفع في العالم قدرها.. (وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ورَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ وسَتُرَدُّونَ إلَى عَالِمِ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)

أ. د. محمد بديع

المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة في: 2 من ربيع الأول 1432هـ= الموافق 5 فبراير 2011م.