شدّد خبراء وسياسيّون وأساتذة قانون دولي على أن رحيل النظام الديكتاتوري الليبي عن الحكم ليس كافيًا, بل تجب محاكمته على ما اقترفه بحقّ الليبيين، وعلى رأسه الديكتاتور معمر القذافي وأعوانه؛ لارتكابهم مجازر دموية وجرائم ضدّ الإنسانية في حقّ الشعب الليبي خلال الأيام القليلة الماضية, والتي أدّت إلى سقوط مئات من القتلى والجرحى, من خلال استعانتهم بالمرتزقة والأجانب, فضلاً عن الأسلحة الثقيلة والرشاشات والقصف لقتل المتظاهرين وقمعهم.

 

وأكدوا لـ(إخوان أون لاين) أن النظام الليبي فقد عقله عندما استعان بالمرتزقة ضدّ الشعب الليبي الأعزل, لمواجهة الاحتجاجات التي سادت البلاد نتيجة الحكم الديكتاتوري الذي أذاق الليبيين الويلات طوال أكثر من 40 عامًا, وعانى فيها الليبيون من نهب خيرات البلاد، وخسارتها مليارات الدولارات وسرقة أموال الشعب, مؤكدين أن القذافي ونظامه سوف يُهزم في النهاية.

 

وقال د. عبدالله الأشعل, أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية الأسبق, إنه يجب ملاحقة ومحاكمة النظام الليبي, جراء ما اقترفه من مجازر دموية ومواجهات وحشية ضدّ الشعب الليبي؛ حيث إن مجرد رحيل النظم الديكتاتورية التي أفسدت وقتلت وأعاقت حركات النمو والتطور في البلاد العربية ليس كافيًا.

 

وأضاف د. الأشعل أن سياسة العنف والقمع التي تتبعها النظم العربية الديكتاتورية والفاسدة هي طبيعة بها, حيث لا يمكنها مواجهة الشعوب العربية إلا من خلال استعبادها وممارسة العنف والقمع ضدّها لحماية أنفسها, خوفًا من انفلات زمام الأمور والحكم من يدها.

 

وأضاف أن النظام الليبي برئاسة القذافي يعتقد أن الشعب الليبي عبارة عن مجموعة من "الخراف" التي يسوقها النظام, كما يعتبر أن ما يحدث الآن فى ليبيا مجموعة من المؤامرات الأجنبية التي تحيكها الدول ضدّ ليبيا, الغرض منها ضرب الاستقرار ومحاولة الاستيلاء على البلاد, وليس ثورة شعبية ضدّ الظلم والطغيان والديكتاتورية.

 

واتفق معه د. عبد الحليم قنديل، المنسق العام السابق لحركة "كفاية", أن لجوء الأنظمة العربية إلى العنف والوحشية ضدّ شعوبها هو سلوك طبيعي لأنظمة تحكم قبضتها على الشعوب، من خلال قواعد أمنية متضخمة تعمل لصالحها وأمنها, وتعتمد على تغذية تلك الأجهزة الأمنية بالوحشية لمواجهة وقمع شعوبها, مضيفًا: "إلا أن تفاوت الوحشية ملحوظ في ليبيا عنه في كلٍّ من مصر وتونس؛ وذلك لطبيعة الكتلة السكنية الليبية والنظام القبلي والبعد الجغرافي الذي يفصل مدن ليبيا عن بعضها بمسافات كبيرة, بالإضافة إلى طول فترة الحكم فى ليبيا التي امتدت لأربعة عقود".

 

وأشار إلى أن ما يحدث في ليبيا هو جرائم ضدّ الإنسانية يتطلب معها محاكمة هؤلاء القتلة الذين استحلوا دماء المواطنين، واستعانوا بالمرتزقة الذين لم يتوانوا عن استخدام الأسلحة الفتّاكة ضدّ الشعب الليبي؛ حيث اعتبرها القذافي سجالاً بالدم، وهو ما أعلنه نجله بالأمس حينما هدد بإراقة المزيد من الدماء, متوقعًا سقوط المزيد من الضحايا بأرقام قياسية, نتيجة المعارك الطاحنة بين أنصار ومرتزقة القذافي والشعب الليبي.

 

وأكدّ د. محمد جمال حشمت, عضو البرلمان الشعبي, قٌرب سقوط "صنم" ليبيا وطاغيتها بعد انهيار نظامه, خاصةً بعد انضمام عناصر من الشرطة والجيش إلى الثوار, مشدّدًا على أن النظام الليبي المبتدع لا بدّ أن ينتهي, كما يجب محاكمة الطاغية ونظامه وأعوانه على المجازر التي ارتكبها في حقّ الشعب الليبي.

 

وأضاف د. حشمت أن القذافي لا يعلم أن دماء الشهداء التي سالت على أيدي المرتزقة لا يمكن معها وقف الإرادة الشعبية, بل تزيدها قوةً ورغبةً في إزاحة النظم الديكتاتورية عن كاهلها, بالإضافة إلى الرغبة والعزم على محاكمتها نتيجة ما أقدمت عليه في حقّ شعوبها.

 

وأرجع أسباب توحُّش النظام الليبي في تعامله مع الشعب إلى سببين رئيسين أولهما: "سبب شخصي يعود إلى رعب وخوف القذافي من أن يقوم الشعب الليبي بمحاسبته ومحاكمته على إهداره لثروات البلاد, بصفته المتصرف والمتحكم في ثروات ليبيا والتي أضاع منها المليارات, بالإضافة إلى قمعه الحركات الإسلامية على مدار حكمه".

 

أما السبب الآخر فيقول د. حشمت، إنه يعود إلى اعتقاد القذافي أنه الحاكم المتفرد بآرائه, وما يردده من كونه ملك ملوك إفريقيا الذي لا يحتمل أن يقف شعبه في وجهه, بالإضافة إلى اعتقاده أنه من المستحيل أن يحدث معه مثل ما حدث في مصر وتونس, لذلك فقد استخدم العنف مباشرةً مع الشعب الليبي لوأد الثورة منذ بدايتها.