هل الزواج نصيب ومقدر أم أن الإنسان مخير فيه، وإذا كان مقدرًا؛ فكيف نفسِّر أن الشخص يعرض عليه عدة اختيارات، وهو يختار ما يناسبه؟.. وسؤالي الآخر: ما أفضل الدعاء بالزواج الصالح؟

 

يجيب عن السؤال فضيلة الشيخ/ سعد الدسوقي- من علماء الأزهر الشريف:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد..

كل ما يجري في حياة الإنسان من أحداث وتصرفات؛ فهو داخل في علم الله عزَّ وجلَّ، أي أن الله يعلم بهذا الذي سيحدث للإنسان سلفًا، وهذا معنى قولنا: كل شيء بقضاء وقدر، كما قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)﴾ (القمر).

 

وهذه الحقيقة لا علاقة لها بسعي الإنسان وتدبيره، فالإنسان مكلف بتدبير شئون نفسه من كسب رزق ودراسة علم وزواج وبناء أسرة، ولا يختلف الزواج عن غيره من الأمور، فكما أن الله يعلم الزواج الذي قدر لفلانة من الناس، كذلك يعلم الرزق الذي سيكسبه الإنسان والنجاح أو الفشل الذي سيواجهه.. إلى آخر ما هنالك من تصرفات وأعمال وأحداث.

 

إذًا فلا معنى للحديث الشائع بين النساء من أن كل فتاة لها زوج خاص بموجب القسمة والنصيب، إذًا الزوج والزواج شأنهما كسائر الأمور الأخرى، خاضعان لقضاء الله وعلمه، أي بعلم سابق من الله وإرادة نافذة منه.

 

وهذا الاعتقاد لا يستوجب ترك الأسباب والاستسلام للمفاجآت الغيبية؛ فالربح والخسارة في الأعمال التجارية خاضعان للقسمة والنصيب؛ ولكن هذا لا يستوجب ترك النشاط والاهتمام بملاحقة الأسباب، بل يحرم عليه أن يترك شيئًا من ذلك؛ ولو كان النجاح في الدراسة خاضع للقسمة والنصيب؛ ولكنه لا يبرر كسل الطالب وإعراضه عن الاجتهاد واتخاذ الأسباب، كذلك الزوجة التي تسعى للاقتران بها والعكس، ولكن ذلك لا يبرر أن يقعد الشاب وينتظر الزوجة المقسومة له تطرق عليه بابه.

 

ولا مانع أيتها الأخت الكريمة من دعائك لله عزَّ وجلَّ أن يرزقك الزوج الصالح الذي يعينك على أمر دينك ودنياك، بل هو أمر مطلوب، وإذا طرق بابك فاستخيري الله بعد الموافقة بالشروط التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم في الاختيار "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه....".

 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والله أعلم.