كتب الكاتب الصحفي (ديفيد هيرست) مقالا ذكر فيه أن إحدى الدل العربية تضع جماعة الإخوان المسلمين على رأس قائمة أعدائها، بينما تضع إيران في الترتيب الثالث في هذه القائمة، ولولا أن الواقع يصدق هذا الكلام لما أعرناه اهتماما، وأيضا لو كان هذا ممن لا يعرف حقيقة جماعة الإخوان وإسهامهم الكبير في تقدم الوطن العربي؛ لما التفتنا إليه، ولكن أن يصدر ذلك من دولة عربية، وأن يمتد العداء للإيذاء، وألا يقف عند حدود جماعة الإخوان، بل يصل للشعب المصري أو غالبيته التي تتوق للحصول على حريتها وكرامتها وتتطلع للقضاء على الفساد والاستبداد، وتحقيق العدل والعدالة الاجتماعية، وتسعى للتقدم والنهوض بمصر التي هي قاطرة العالم العربي، يتقدم بتقدمها ويرتفع برفعتها؛ فهذا هو ما آذانا أشد الأذى وأحزننا غاية الحزن.

 

وقلنا: لعل الوشاة من أجهزة المخابرات –وما أكثرها- ألقوا في روعهم ما أثار الخوف منا، فجعلهم يتخذون موقف العداء، وكان الأولى دينا وعقلا أن يسمعوا منا ويتعرفوا علينا ويتبينوا حقيقتنا، قبل أن يصيبونا بجهالة بناء على نبإ فاسق أو فاسقين.

 

ومن ثم أصبح من الواجب علينا أن نعيد نعريف أنفسنا لمن لم يعرفنا، ونؤكد لمن يعرفنا أننا على مبادئنا ثابتون.

 

- جماعة الإخوان المسلمين جماعة من عموم المسلمين، وهي تؤمن بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهاجا للحياة كلها، يقيم حضارة يحتاجها العالم تجمع بين الروح والمادة، وتوازن بين الفرد والمجتمع، وتساوي بين البشر في الكرامة الإنسانية، ينبغي أن يسود بينهم العدل والسلام والتعاون لترقية الحياة في جميع المجالات، وتنهج نهج الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله وإلى ما تؤمن به بالحكمة والموعظة الحسنة، وتربي أفرادها على مبادئ الإسلام وقيمه وأخلاقه، لتكوين الفرد المسلم الصالح ذي الضمير الحي الذي يفعل الخير والمعروف ابتغاء وجه الله، ويجتنب الشر والمنكر استشعارا لرقابته واتقاء لسخطه.

 

وفي ذات الوقت تحرص على الإفادة من كل جديد نافع في كل مجالات الفكر والعلم والسياسة والاقتصاد والتقنية وغيرها، أيا كان مصدره، باعتبار أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.

 

- وتدعو إلى قيم الحرية الفردية والاجتماعية، وقيم الديمقراطية وآلياتها، وحقوق الإنسان، باعتبارها كلها ثمرات نضجت في مجتمع الإسلام قبل أن يهتدي إليها الناس في العصر الحديث.

 

- وتتمسك بالاستقلال السياسي ضد التبعية للدول الاستعمارية، وتؤمن بأن هذا الاستقلال لا يتحقق –بعد عون الله عز وجل- إلا بالاعتماد على النفس في مختلف المجالات، ثم التعاون مع الدول الشقيقة ، ومع الدول الحرة.

 

- وتؤمن بوحدة الأمتين العربية والإسلامية، وتدعو إلى تحقيقها بالرضا والتدرج، وبصيغة تناسب العصر، وتحافظ على الخصوصية الوطنية لكل شعوبها.

 

- وتؤمن أن هذه الأمة لها رسالة كلفها الله تعالى بتوصيلها للناس كافة بأسلوب البلاغ بالتي هي أحسن، وأسلوب العمل وتحقيق النموذج القدوة، ومن ثم يجب عليها تحصيل العلوم والبراعة فيها وتطبيقها لتحقيق التقدم المادي، إضافة لتحقيق القيم الإسلامية في الحرية والأخلاق والتكافل والعدل.

 

- والجماعة لا تتدخل في شؤون أي دولة، وأعضاؤها الذين يعيشون في دول أخرى يحترمون قوانين هذه الدول ويخلصون لها العمل، وإسهامهم في بناء النهضة في العديد من الدول العربية أمر مشهود.

 

- والجماعة تغرس في أفرادها الفهم الوسطي الذي لا غلو فيه ولا تفريط، والذي يمثل الأزهر الشريف منارته العلمية، وتتصدى لفكر من يكفرون المسلمين، وكانت أول من رفض هذا الفكر عند ولادته، ولها جهدها العلمي والفقهي في هذا المجال، الذي حمى أجيالا كثيرة من الشباب -ولا يزال- من الانزلاق في هذا المنزلق الخطير.

 

- وترتب على هذا: تحريم الدماء، وصيانة حق الحياة، والحفاظ على الأمن العام والخاص، من منطلق ديني قرره القرآن الكريم والسنة المطهرة، وبالتالي فدعوة الإخوان المسلمين دعوة سلمية خالصة، قائمة على الإقناع والحجة والبرهان، ومن ثم فهي تمقت العنف والإرهاب، لأن الدعوة التي تريد أن تصل إلى القلوب وتقنع العقول يستحيل أن تتذرع بالعنف والإكراه، لذلك كانت جماعة الإخوان المسلمين صمام أمان ضد انجراف الشباب إلى هذه الهوة التي لا تجلب إلا الخراب والدمار، والتي تسفك الدماء وتزهق الأرواح.

 

والواقع يؤكد ذلك، ففي مصر قام الإخوان بالترشح في الانتخابات المختلفة، ابتداء من اتحادات الطلاب، حتى رئاسة الجمهوية، وفازوا في معظمها وبأغلبية محسوسة، الأمر الذي يؤكد سلمية منهجهم وثقة الناس فيهم، حتى قال أحد الكتاب الأجانب: إنهم -أي الإخوان – أولى الناس بالفوز بجائزة الديمقراطية في عام 2013.

 

- كما أن لهم جهدا مشهودا في المجال الاجتماعي في محاربة الفقر والجهل والمرض، فقد أنشأوا آلاف المؤسسات والجمعيات الخيرية في طول البلاد وعرضها؛ لدعم الفقراء والمحتاجين بكل وسائل الدعم وتوفير الحياة الكريمة لهم، وكذلك أنشأوا مؤسسات تعليمية يقبل عليها الناس إقبالا شديدا لثقتهم في ارتفاع مستواها التعليمي، إضافة إلى المستوى الأخلاقي، وكذلك مستشفيات ومستوصفات وقوافل طبية قد تكون مجانية أو بمقابل رمزي، تخفف آلام المرضى، وتعالج أدواءهم، كل ذلك حسبة لله تعالى الذي أمرنا بقوله ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، واستجابة لأمر الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه حيث قال: «أحبُّ الناسِ إلى الله أنفعُهم للناس».

 

هذه هي جماعة الإخوان المسلمين التي لا تعرف غير الإحسان، ولا تقابل إساءة الأشقاء بإساءة، وإنما تمتثل لأمر الله تعالى ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.

 

ونفوض أمرنا إلى الله إن الله بصير بالعباد، والله أكبر، ولله الحمد.