شهدت الأسابيع الأخيرة عددًا من الأحداث المصنوعة لشغل الرأي العام المصري عن قضاياه الرئيسية وأخذه بعيدًا في اتجاه التغييب والعبث بعقله الجمعي.


وتزامنت الأفلام الهابطة التي قام ببطولتها عدد من خدم الانقلاب في أذرعه الإعلامية والأكاديمية، مثل الدكتور سالم عبدالجليل، وهو الشيخ الانقلابي الخادم ببلاط العسكر الذي فاجأ الرأي العام المصري بأن المسيحيين كفار والحقيقة أنها ليست مفاجأة أبدًا؛ لأن أتباع كل دين بالضرورة لا يؤمنون بغيره من الأديان؛ أي أنهم كافرون بغيره، وهي قضية محل اتفاق بين علماء الدين المسلمين ورجال الدين المسيحي؛ ما يعني أنه لا جديد في كلام عبدالجليل؛ الذي بدا متعسفًا ومدفوعًا من جهة تعطيه الأوامر والتعليمات؛ لكي يحدث الضجة المطلوبة، وتتنافس فضائيات الانقلاب في إحداث أكبر قدر من الصخب والضوضاء للتغطية على جرائم وفضائح وكوارث ترتكبها عصابة العسكر في حق البلاد والعباد، وتخشى من انتباه الجماهير إليها، فتعمل على جذبه بعيدًا عنها بإثارة قضايا تافهة وتكبيرها والنفخ فيها.

الأمر نفسه فعله المدعو يوسف زيدان عندما أساء إلى البطل صلاح الدين الأيوبي محرر القدس من الصليبيين، وهاجم رموزًا تاريخية، معروفٌ عنها الجهاد والدفاع عن البلاد ضد الغزاة، ولم ينتبه وهو يتحدث إلى الذراع الانقلابي عمرو أديب فقال غافلاً: "هه خليها تطلع مانشيت بكرة في الجرايد"؛ مما فضحه مبكرًا قبل أن يقوم من مجلسه مع مضيفه المحترف فن تنفيذ المطلوب حسب الأوامر والتعليمات، وفق ستراتيجية عصابة العسكر في إلهاء الشعب المغلوب على أمره.

والثابت أن أفلام التغييب والإلهاء ليست جديدة على أذناب العسكر ولاعقي البيادة؛ فالسوابق كثيرة؛ ذلك أن هذه الواقعة ليست الأولى للمذكور زيدان؛ فقد سبق أن زعم أن المسجد الأقصى الحقيقي المذكور في القرآن الكريم موجود في الطائف لا في القدس، وأن المسجد الأقصى الحالي لم يكن موجودًا، ومن أقامه هو الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وأغرق في التضليل قائلاً: "إن المعركة بيننا وبين اليهود في الجزء الديني هي معركة سياسية فقط ومفتعلة"، وكانت هذه خدمة ينافق بها زيدان قائد الانقلاب لإرضاء أخواله الصهاينة.


ولن ينسى أحد فتوى ياسر برهامي بشأن جواز ترك الرجل زوجته للاغتصاب من أجل النجاة بحياته؛ في دعوة سافرة للدياثة والخنوع، ولا شك أن مثل هذه الفتاوى تأتي بالأمر المباشر من العصابة الحاكمة، ضمن استراتيجة الإلهاء التي تواضعت عليها بطانة الطغاة والمستبدين.


وبالطبع فإن هناك رصيدًا لا ينفد من الخدم العاملين في أفلام إلهاء الجماهير؛ فهناك أمثال ميزو وإسلام بحيري ومظهر شاهين وغيرهم، يتم استدعاؤهم وقت اللزوم للقيام بواجب الخدمة في تضليل الشعب وإبعاده عن قضاياه الحقيقية.
ويبقى طرح السؤال: هل تنجح أفلام الانقلاب في تغييب عقول الجماهير عن قضاياها الحقيقية؟


والجواب هنا يكون بالنظر إلى الوجوه الشاحبة والأجساد الهزيلة التي تنطق بمرارة العيش وضياع الكرامة ولا يلتفت أصحابها إلى فرقعات أمثال عبدالجليل وزيدان وبرهامي ومن على شاكلتهم.