سامر شوا- غزة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تحية طيبة كريمة.. أنا شاب عمري 33 سنة، درست الماجستير والدكتوراه في دولة متقدمة، وقد سافرت وتعرفت على الكثير والكثير، وبعدها رجعت لغزة لفترة محددة لزيارة الأهل بعد 6 سنوات من الحصار وعدم تمكني من الزيارة، وعند نزولي كنت أخطط للسفر ثانية وكانت لي عدة خطط، منها الاستقرار الوظيفي ثم الزواج بمجرد استلام العمل والتوفيق من رب العباد.

 

المشكلة تكمن في أنني بمجرد وصولي غزة عرضتْ عليَّ أمي الزواج، وقد وافقت مع أنني لم أنزل للشارع ولم أحتك به ولو قليلاً؛ لكونه غياب ست سنوات، المهم  ذهبت أمي إلى بيت صاحب أبي الذي قد حكى لنا عن أخته وأعجبت الوالدة بالبنت مع أنني غير موافق، على الأقل لحين استلام عمل.

 

ذهبت لرؤية الفتاة وأعجبتني، مع أنني كنت تحت ظروف نفسية صعبة، وبحاجة إلى جو أكثر رفاهية، المهم قد خطبت الفتاة وحسب عاداتنا كتبت الكتاب بعدها على عجل وسرعة، وبعد ذلك ذهبت لبيت خطيبتي التي رأيتها مختلفة شكليًّا عما رأيتها مسبقًا بعدة مواصفات معينة، والبنت طبعًا مؤدبة وجميلة، جلست إليها عدة مرات، ولكنني بالفعل لم أحبها ولم أنجذب إليها أبدًا، حتى إنني أعطيت نفسي فرصًا كثيرة لأحبها أكثر حتى كرهت نفسي وكرهت رؤيتها وأيضًا الذهاب إليها، صليت واستخرت ربي وحاولت عدة مرات والمشكلة هي كما هي؛ حيث الجمود والملل والغلظة صفات تتصف بها.

 

المهم خرجت معها عدة مرات، ولكن للأسف دون جدوى؛ حيث الملل والجمود، وأيضًا هي من النوعية التي لا تضحك وتصنع جوًّا لطيفًا، ودائمًا الصمت عنوان جلستنا، حتى عندما أذهب إليها ثانيةً وثالثةً توجد مسافة كبيرة وصخرة بيننا، لا أحب حتى أن أقابلها وأتحدث إليها.

 

قلت قد يكون هناك عمل أو سحر فذهبت لرجل فاضل يعالج بالقرآن، ولم يكن أي شيء، بل الوضع على ما كان بخير وسلام.. حاولت وأعطيت نفسي فرصة 6 أشهر خطبة، وما زلت لا أحبها ولا أتقبلها أبدًا مع أنها تحبني، لكن أنا لا أريدها ولا أحبها ولا أريد أن أظلمها معي وحاولت اختلاق العديد من الأعذار للتهرب منها دون جدوى، مع أنني رجل علمي وأعشق القراءة والبحث ومرح وكريم جدًّا، وحاولت ولم أجد حلاًّ، وهي أيضًا تعرف أنني لا أحبها وأهلي الآن يعرفون بذلك، وقد صارحتهم بأنني أريد أن أطلقها وحصلت بيني وبين أهلي مناقشات طويلة، وقد تحدثت بصراحة أني لا أحبها.

 

المشكلة أنني غير موظف وأهلي يهددونني، إذا أردت الطلاق فادفع للفتاة حقها ما يقارب 4000 دينار أردني وأنا لا أمتلك وظيفة ولا دينارًا بسبب ظروف غزة والحصار والوضع الاقتصادي السيئ. ربما خطأي أنني قبلت منذ البداية. أهلي يقنعونني بالزواج منها على نية الخير وفي المستقبل تزوَّج عليها مع أنني رفضت كوني سأظلمها، وقالوا لي بأنك كبير في العمر وأشعرونني بأنني شيخ وكبير ودمروا نفسيتي ومعنوياتي كثيرًا لأنني بلغت 33 سنة وكذا وكذا وكذا، وحاولت الحديث معهم ولكنهم رفضوا وقالوا لي لن يخطب الفتاة أحد، كون عمرها 26 سنة وكذا وكذا، فقلت ربنا يرزقها بأحسن مني يسعدها ويكرمها وهذا رزق من عند رب العباد، وكل إنسان يأخذ نصيبه. حاولت تقبل الفتاة ولم أستطع ولا أريد ظلمها وحكيت للأهل... صدقوني الزواج لن يقرب ما لم يكن هناك حب وقبول. أرجوك أختي انصحيني.. والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.

 

أخوكم سامر.. ودمتم بخير.

 

تجيب عليه الداعية سمية رمضان:

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو أستغفره وأتوب إليه....

 

يسر الله أمرك وفك كربك بما لا تتوقعه بفضل ذي الفضل العظيم على عباده، موضوعك متكرر وليست الأول ولن تكون الأخير فيمن ارتبط ولم تكتمل خطوات زواجه، وعمومًا سنحلل الأمر سويًّا لعلنا نهتدي لحل يصل بالجميع لبر الأمان، فكما ذكرت الفتاة جميلة ومؤدبة وهذه لعمري صفات رائعة لفتح بيت تستقر فيه نفسيًّا طمأنينة على أولادك وشرفك، أهلها بالرغم من تقدمك لهم وأنت لا تعمل رحبوا بك ووافقوا على اقتران ابنتهم برجل لا يعمل، وهذا لعمري يدل على دماثة خلق لم أعهدها إلا في الكرماء، وهؤلاء هم من قاموا بتربية زوجتك التي ستربي لك أولادك، سيدي الفاضل وفي حقيقة الأمر لو نصبنا ميزانًا لزنة السلبيات والإيجابيات فهؤلاء لهم من الثقل الكثير، ثم تتحدث أنك رأيتها قبل العقد وأعجبتك ووافقت بدون أي ضغوط على الخطبة، وهذه خطوة تعيق الكثير من أمر الزواج، فأغلب الشباب والفتيات لا يستريحون في هذا اللقاء وهذه أيضًا إيجابية.

 

نأتي لظروفك الشخصية، فقد تعلمت في الخارج وقطعًا تأثرت بثقافة وعادات هذا الخارج، وما أشعرني ذلك أنك بعد العقد وعند رؤيتك لها غير محجبة، بدأت مشاعرك تتغير وهذا هو المحك، لقد كنت تتصور أن تراها هذه الشقراء التي اعتدت على رؤياها، تصورت أنها فتاة غلاف المجلات التي تراها تباع على اليمين والشمال، تصورت أنها ستكون شبهًا لنجمة هوليوود الفاتنة، أو حتى لأي فتاة على النت أو الفيديوهات، وهذه المقارنة ستؤدي إلى ظلمك لنفسك قبل عروسك وأهلك ومن هنا بدأ رد فعلك التلقائي وعدم تقبلها، في كل شيء، إنها غير متحررة في حديثها ووصفت ذلك بالجمود، أنها لا تشيع جوًّا من المرح وهي بعد لم تدخل إلى بيتك وتختلي بك وحدكما، وقد منعها حياؤها من إظهار كل ذلك كما هي عادة الفتيات الملتزمات، وهي مشكلة، أن الشاب يحصر كل شيء، فيما يريد في تلك اللحظة، ولا ينظر للأمر برمته أن تحافظ على بيته وتتفانى في خدمة دينها من خلال إسعاده وتربية أولاده، تربية يفخر بها، وفي أنها ستعيد ارتباطه ببلدته وأهله، وعاداتهم لكونها من نفس البلده، عمومًا لك أن تتحرك بقول الله سبحانه لمميزاتها الأخرى الواضحة الجلية (فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (النساء: من الآية 19).

 

وتحاول بعد أن تضع ميزانك وترى أي الكفتين هي الراجحة، ومن رسالتك لم أستشعر أنك حتى وصلت لكراهيتها، وتنظر إلى البيئة التي تربت فيها وكم كان لها تأثير على تصرفاتها معك، وإما أن تفارقها بالمعروف، وفي هذه الحالة لا تستمر في ظلمها، وتتركها كالمعلقة حتى تستطيع العمل، ومن ثم توفير حقها ودينها عليك، بل يجب أن تخبر والدها على الفور بما نويته، وتشرح له ظروفك، وتكتب الدين على ورق وعليه شهود ويمهلك حتى يتيسر أمر عملك وحصولك على المال، وللعلم عليك في رقبتك نصف المتفق عليه وذلك لقوله تعالى (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) (البقرة: من الآية 237).

 

ولعل هذه الأسرة الطيبة تعفيك من كل شيء ويكون لها مكسب واطمئن على الفتاه، فمثل هؤلاء الناس لا يضيمهم الرحمن أبدًا، بل سيرزقها الخالق قريبًا، من يعرف يقدرها، ويسعدها، يسر الله لك أمرك لما فيه خيري الدنيا والآخرة، وهون عليك وعليها، وأبدلكما خيرًا مما تفكر فيه.

 

ونصيحة لكل شاب مقبل على الزواج، لكل إيجابياته وسلبياته، فقدِّر الأمر برمته ولا تأخذ جزئية واحدة وتحبس نفسك معها، فهذا ما أوصلنا إلى تأخير الزواج والعنوسة للطرفين، وعليك أن توازن الأمور وتعلم حقوقك وواجباتك، وهل الفتاة بوضعها الكامل تستطيع أن تفتح بها بيتًا مسلمًا، صدقوني، الجمال ينسى بالعشرة ولا يبقى التعامل إلا مع الروح، وكأننا نراها، فاعمل لغد، وكثير من الجميلات لا يستطيع أزواجهن إكمال الحياة معهن، ويتكرر الزواج والطلاق، أتمنى لكل شبابنا حياة أسرية سعيدة.