أنا متزوجة منذ 15 عامًا، ورزقت بابن وبنت، وأحمد الله على ذلك. مشكلتي أني من أول يوم في زواجي لم أعرف طعم السعادة؛ فحياتي مع زوجي جحيم ومشكلات متكررة؛ فهو بخيل جدًّا، لا ينفق علينا إلا القليل جدًّا. طلبت الطلاق وبالفعل طُلِّقت لمدة سنتين، لكن ضغط أهلي عليَّ أرغمني على العودة إليه؛ وذلك بعد تعهُّده بحسن المعاملة والإنفاق من أجل أولادي. وحياتي لا تزال معه جحيمًا، ويهددني بأخذ أولادي مني في حالة الطلاق.

 

تجيب عليها الداعية سمية رمضان أحمد:

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه وحده نستعين، وبرحمته نستجير، وبكرمه نستزيد، ونبوء بنعمائه علينا التي لا تُعَد ولا تُحصَى.

أحبك الله يا محبة الرحمن، وأعانك على الخروج من شرنقة بخل زوجك التي تحيط بك من كل جانب، كما فهمت من رسالتك.

 

عزيزتي، بعد إنجاب الأطفال ليس الطلاق حلاًّ للمشكلات، بل الحوار والأخذ بالأسباب. وقد تحاورتما ومن الواضح أن تحاوركما لم يؤدِّ إلى نتيجة ترضيك؛ فحياتكِ- كما ذكرتِ في رسالتك- (لا تزال معه جحيمًا)، وليتك تسمحين لي أن نبدأ الحكاية من البداية؛ فهناك رواية تُروَى أن المؤمن ممكن أن يكون بخيلاً، مع شرط الوفاء بدفع الزكاة والنفقة على زوجه وأولاده بما يكفيهم في المأكل والمشرب والتقتير في الكماليات التي أصبح كثير منها ضرورياتٍ وأمرًا يسبب الحرج والإزعاج الشديد للأسرة المُقتِّر عليها الزوجُ، لكن الرجل لا يزال في إطار الدائرة الإيمانية. وهذا أمر هام لحل كثير من المشكلات، فسنعامله على أنه مسلم له واجبات الأخوة في الله، مع واجباته زوجًا لك.

 

وبالطبع، الطلب المتكرر منه ألا يكون شحيحًا من الجليِّ أنها أدت إلى أثر عكسي في نفسيتك وفي سعادتك، فلنأخذ بالأسباب؛ فهند بنت عتبة شكت لرسول الله صلى الله عليه وسلم- كما تروي الروايات- بخل زوجها أبي سفيان- والاثنان مسلمان بل وصحابيان- واستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأخذ من ماله بدون علمه ما يكفيها وأولادها، فأذن لها بذلك، على بشاعة هذا العمل من الناحية النفسية على الزوجة الأمينة في كل حياتها، ولم يأمرها بفراقه؛ فيمكنكِ الاستفادة من تلك الفتوى النبوية للمحافظة على كيان منزلك وعدم انهياره. وإن لم تستطيعي فعل ذلك- وهو حلال لك ومن حقوقك أنتِ والأولاد- فلنحاول الخروج للعمل لتلبية المتطلبات التي يمتنع الزوج عن تأديتها.

 

هذا يكون في نهاية المطاف للمحافظة على استقرار المنزل؛ إذ إني لا أحب هروب الزوج من مسئولياته وإلقاءها على زوجته، خاصةً المصروفات المفروضة عليه أصلاً، شرعًا وعرفًا، لكن من أجل أن يعيش الولدان بين أبوين يستحق الأمر كل تضحية. وإن لم يصلح هذا ولا ذاك، فلا تملكين إلا سلاح قيام الليل والدعاء لمن يسمع ويستطيع أن يغيِّر القلوب والعادات، ويقدر برحمته على هداية زوجك؛ فالبخل هذا بلاء حقيقي لأي شخص يصاب به؛ فهو كالحشرة القبيحة المؤذية الملتصقة بوجه بشر؛ كل الناس يرونها وهو لا يشعر أصلاً بوجودها.

 

أعانكِ المولى على إكمال مسيرة جهادك مع أولادك حتى بر الأمان. ولن يضيع الله عملك أبدًا، بل سيثيبك عليه؛ فهدفك الأسمى- وهو استقرار أولادك- يستحق كل التضحيات.