متزوجة منذ 6 سنوات ورزقني الله بثلاثة أولاد وسافرت مع زوجي إلى إحدى الدول العربية منذ 4 سنوات، شعرت هناك بالوحدة والملل، فضلاً عن أني عصبية رغم أنني اجتماعية، فمرضت هناك ونزلت إلى مصر وذهبت للأطباء فأعطوني مهدئات، فمشكلتي أن زوجي مصرٌ على سفري ولا يقبل أن أعيش بمفردي مع أولادي في مصر، وأنا لا أريد السفر مرة أخرى، فما الحل؟


تجيب عليها الداعية: سمية رمضان أحمد


بسم الله الرحمن الرحيم وبه وحده الاستعانة ومنه وحده الفضل والكرم يشملنا برحمته ويغدق علينا بكرمه فله الحمد حمدًا يليق به سبحانه دائم بدوامه الحي الباقي وبعد..


عزيزتي: من نعم الله عليك، زواجك، وإنجابك ثلاثة من الأطفال، وزوجك حريص على لم شمل أسرته، فهي نعم لا تحصى واسألي من حرم إحداها، تذكرين أنك سافرت لمدة أربع سنوات وتسبب ذلك في تعب نفسي لك دفعك للذهاب للأطباء وتناول المهدئات، وتصوري أن الشيطان قد وجد فيك ضالته، ووسوس لك بتضخيم الأمور، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، فالزوجة المحبة لزوجها والله تكتفي به عن الأهل، وحتى الوالدين، فهو يملأ حياتها، وإن افتقدته تشعر أنها فقدت كل شيء، مهما أحاط بها من أهل وأصدقاء، وأتذكر أختًا في مثل حالتك، قد سافرت مع زوجها خارج البلاد، فكانت تقسم لي أنها ولشهور عديدة كان لا يفتح عليها بيتها إلا زوجها، وكم كانت سعيدة بأولادها وزوجها ولم تشعر على الإطلاق بأي حرمان من فقد الأهل، وكانت تتعجب وتسأل: هل هذا شعور عادي؟، فكنت أبتسم لها وأقول: لقد رزقك الله حب زوجك فهنيئًا لك.


ولننظر من قرب لحالتك، تقولين إنك اجتماعية، وهذه صفة جيدة إن تم استغلالها بما يحب الله ويرضى، وأعلم أن الدول العربية في كل أحيائها مدارس لتعليم الأمور الشرعية، وهناك مدارس لحفظ القرآن الكريم، فليتك تلتحقين بإحدى تلك المدارس، فتجدين فيها الصحبة إن شاء الله الصالحة، وتجدين وقتك يُستغل في أروع ما في الدنيا، هذه واحدة، أما العصبية فهي صفة ليست مستحبة ويمكنك السيطرة عليها تمامًا، بالتسبيح وكثرته مع زيادة النوافل وكثرة السجود، فهو الشافي لما تعانين منه، وستجدين راحة وهدوءًا وسكينة في حفظ كتاب الله، ومتعة وتغييرًا كاملاً في أفكارك وأفعالك وأنت تطبقينه، لذلك أسرعي للسفر مع زوجك الكريم، واسألي الله أن يجمع بينك وبينه بالمودة والرحمة وأن يرزقك حبه، كما أنه ليس لك الحق أبدًا، أن تحرمي أبًا من أولاده، لأسباب يمكنك أن تتغلبي عليها وتعالجيها، ثم كيف تظلمين نفسك بحرمانها من سكن الزوج وقد وهبك الله إياه، أختاه لا تتردي لحظة واحدة في اللحاق بزوجك، مع أولادك وسترين خيرًا كثيرًا، فالأطفال الذين تتم تربيتهم بعيدًا عن الأب يعانون كثيرًا، كما أن الأمهات يعانين عندما يكبرن، والأب تنتهي حياته ولم يتمتع بأجمل ما فيها: الزوجة والأبناء.


ونصيحتي لكل زوجين بعيدين عن بعضهما بسبب السفر أن كل شيء يهون في الدنيا إلا تشتت الأسرة، وأسأله سبحانه من فضله أن يجمع شتات الأسر، ولا يحرم أولادًا من أبيهم وهو حي، ولا زوجة من زوجها وهو حي، ولا زوجًا من أسرته وهم أحياء.