نشرت صحيفة "بوليكو" الإسبانية تقريرًا حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في مصر، محاولةً الجمع فيما بينها، وإيضاح تأثير كل منهم في الآخر، وكيف يقف كل ذلك ضد مطالبات الشعب المصري بالتغيير في 25 يناير 2011.
وقال التقرير: إن أبرز التهديدات التي تحاصر مصر الآن هي الإصلاحات الاقتصادية التي يتبنَّاها قائد الانقلاب العسكري في مصر السفاح عبدالفتاح السيسي؛ ما جعل الأمر صعبًا للغاية، وزاد من معاناته وفسخ تعاقد الدولة مع البسطاء الذين لا يملكون سوى الدعم أو التخطيط الجيد الذى يوفر لهم سلعًا رخيصة ووظيفة جيدة، لكن الأوضاع الحالية وما يفعله الجنرالات بالبلاد يُهدد استقرار مصر بشكل مخيف، حسب تعبيرها.
وأضافت الصحيفة أن الاحتجاجات التي اندلعت في مختلف أنحاء البلاد، خلال الأسبوع الماضي، تعكس مدى غضب الشعب ومعارضته لبرنامج الإصلاح الاقتصادي؛ حيث إن الإعلان عن الحدّ من حصص الخبز المدعم، يؤثر سلبًا في سكان المناطق المهمّشة في مصر.
ولفتت الصحيفة إلى أن حوالي 70 مليون مصري لهم الحق في الحصول على حصص الخبز، فكل عائلة مصرية لديها بطاقة تمكنها من الحصول على 5 أرغفة لكل فرد من أفرادها، يوميًّا.
ويتم ذلك وفقًا لأسعار تتكفل الدولة بسداد نسبة مهمة منها للخبازين.
لكن الحكومة تقول إنه ثبت مؤخرًا أن الخبازين يبيعون الخبز في السوق السوداء وبكميات كبيرة، بدلاً من توزيعها على مستحقيها.
وأوضحت الصحيفة، وفقًا لمجموعة من خبراء الاقتصاد، أن الدولة لا يمكنها الحفاظ على مستوى الدعم المعمول به حتى الآن، وستكون السنة الحالية حاسمة وصعبة بالنسبة لمصر؛ نظرًا لأن الرابط الهش الضامن للاستقرار البلاد أصبح مهددًا بالانكسار، وذلك يعزى إلى التقليص من حصص الخبز المدعم.
وذكرت الصحيفة أن نسق الاحتجاجات في تزايد ملحوظ؛ نظرًا للعديد من الأسباب الأخرى، لعل أهمها ارتفاع الأسعار، فعلى سبيل المثال، بلغ سعر الكيلو جرام الواحد من اللحم، قبل بضعة أشهر، العشرات من الجنيهات، ومؤخرًا شهد سعر اللحم ارتفاعًا مفاجئًا ليصل سعر الكيلو جرام الواحد إلى مائة جنيه.
وأوردت الصحيفة أنه في الوقت الراهن، تعد الطبقة الفقيرة من أكثر الفئات تضررًا بسبب تحرير العملة في مصر.
وذكّرت الصحيفة أن قرار الحد من الدعم، الذي صدر سنة 1977، قد تسبب في اندلاع موجات كبيرة من الاحتجاجات التي أودت بحياة العشرات من المصريين.
وعلى خلفية ذلك، اضطرت الحكومة - في نهاية المطاف - إلى إعادة النظر في الإصلاحات التي قامت بها لاستعادة الاستقرار والهدوء في البلاد.
ومن المتوقع أن يتكرر السيناريو نفسه هذه المرة؛ نظرًا للوضع الحالي الذي تمر به البلاد.
وأوردت الصحيفة أن التضخم المالي قد أصبح يثير القلق، فالأرقام الأخيرة لشهر فبراير تشير إلى أن معدل التضخم المالي السنوي لمصر قد بلغ حوالي 31.7%.
وكانت حكومة الانقلاب قد حررت الجنيه، وقلَّصت الدعم على المحروقات في شهر نوفمبر؛ لتتمكن من الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي تبلغ قيمته 12 مليار دولار.
وذكرت الصحيفة أن الإصلاحات الاقتصادية في البلاد كانت بطلب من صندوق النقد الدولي، ولم يكن لدى قائد الانقلاب في هذه الحالة مجال للمناورة؛ نظرًا لأن المشكلات السياسية مع المملكة العربية السعودية قد بلغت أوجها، فضلاً عن ذلك، لم تعد القاهرة قادرة على طلب المزيد من المساعدات من البلدان النفطية.
وأشارت الصحيفة إلى أن قيمة الجنيه قد انخفضت بأكثر من 50% مقابل الدولار، منذ نوفمبر.
ومن المرجح أن تكون لذلك عواقب وخيمة، خاصة إذا لم تتمكن الحكومة من السيطرة على موجة السخط الاجتماعي.
وتجدر الإشارة إلى أن التضخم المالي الذي تعاني منه البلاد في الوقت الحالي هو الأعلى من نوعه منذ أزمة سنتي 1986 و1987.
وتحدثت الصحيفة عن غلاء أسعار المواد الغذائية في الآونة الأخيرة، التي ارتفعت بنسبة 41.7% مقارنة بالعام الماضي، كما هو الشأن بالنسبة لأسعار الدجاج التي ارتفعت بنسبة 34.6%.
وإن دل ذلك على شيء فهو يدل على أن وضع حكومة الانقلاب سيزداد تأزمًا؛ ما لم تتمكن من السيطرة على الوضع الاقتصادي في أقرب وقت ممكن.
وقالت الصحيفة: إن نفوذ مصر السياسي ضروري للحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط، وهو ما يجعل مكانتها في المنطقة مختلفة عن بقية الدول العربية الأخرى، ولكنَّ تدهور الأوضاع في البلاد وهشاشة اقتصادها سوف يهدد استقرارها الداخلي.