* مسئول مصري أكد لفولييت داغر أنه لن يبقى منا أحد في السجن.. ولكن!!

* البراءة التي حصلنا عليها سياسية ومثلها كباقي الأحكام في القضية

* (إخوان أون لاين) الأفضل في التغطية الإعلامية يليه (الدستور) و(البديل)

* سأطلب مقابلة الرئيس مبارك وأدعوه لتصحيح خطأ ما تم في العسكرية

* لم نشعر بطعم الإفراج وقلوبنا ما زالت داخل السجن مع الشاطر وإخوانه

* النظام اختارنا بالذات كرهائن يساوم بنا الإخوان على أمر لا نعلمه حتى الآن

* عندما فتشوا منزلي كانوا يبحثون عن النقود فقط، ولم يهتموا بأي أوراق 

* المحكمة لم يكن لديها دليل إدانة واحد ولذلك استمرت القضية 70 جلسة

* جلسة النطق بالحكم كانت مريبة ولم يحضرها سوى صحفيِّي الحكومة والأمن

 

حوار- أحمد عبد الفتاح

هو أحد العلماء الأفذاذ الذين أنجبتهم مصر، عندما اعتقل في القضية الأخيرة للإخوان المسلمين وجهت لمصر انتقادات كبيرة، وهددت اليونسكو بسحب أكبر مشروع بحثي عن مركزية الأرض أو ما يعرف بمشروع محمية الدببية، كان جزءًا من المسرحية الهزلية التي شهدتها صحراء الهايكستب فيما عرفت مجازًا بالمحكمة العسكرية، وجهت له النيابة العسكرية تهمًا غريبةً مثل غيره من قيادات ورموز الإخوان، ويرى البعض أن المحكمة رغم قسواتها كان لها جانب واحد مضيء وهو الكشف عن هؤلاء الرجال وما حققوه من إنجازات شهد بها العدو قبل الصديق، ومنهم الدكتور خالد عبد القادر عودة الذي حكمت المحكمة العسكرية لصالحه بالبراءة، التقينا به فور الإفراج عنه بساعات لإجراء حوار عما حدث ولماذا حدث، إلا أنه فضل أن يكون الحوار في موطنه أسيوط وقد كان حيث ذهبنا إليه نحمل الكثير من الأسئلة التي ننتظر الإجابة عليها، وصدقت توقعاتنا، حيث كشف الدكتور خالد عن أسرار عديدة في هذه المحكمة العجيبة، نستعرضها في السطور القادمة.

 

الصورة غير متاحة 

نص قرار المحكمة العسكرية

* بداية ما هو تعليقك على حكم البراءة بعد عام ونصف العام من السجن؟ وما رأيكم في باقي الأحكام التي صدرت بحق الإخوان؟

** أولاً: الأحكام جاءت على غير سير المحاكمة؛ فعلى مدار الـ70 جلسةً كان رئيس المحكمة وأعضاء اليمين واليسار وممثل النيابة العسكرية مقتنعين تمامًا أنه لا توجد جرائم على الإطلاق وليس هناك بينة أو تهم، فلم تتحقق أركان جرائم على الإطلاق؛ فلا يوجد شهود إثبات أو دلائل لأي شيء، ولا ما يفيد أو يؤكد أن واحدًا من المدعي عليهم ارتكب أي جرم، اللهم إلا كانت المحاكمة على الجريمة الأولى وهي الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، لكن باقي الجرائم لم تقم أركانها، وحتى الأحراز فهي لا تشكل جريمةً؛ لأنه لا تعد جريمةً أن تحرز شيئًا خاصًّا بك للإطلاع، فأي ورقة يمكن الحصول عليها من الإنترنت، ولقد كان فيما مضى يعدون تحريز أوراق تدعو لفكر معين جريمة لكن الآن هذا مستحيل.

 

والمحكمة من جهتها كان واضحًا لها تمامًا أنه لا توجد جرائم، وعلاوة على هذا كان هناك أكثر من 300 طعن من قبل هيئة الدفاع، سواء طعون بالتزوير أو ضد مواد حوكمنا بها، وطعون ضد مصادرة الأموال، وطعون ضد قرار رئيس الجمهورية بالإحالة، وتخطت المحكمة كل هذا، وبالرغم من أن رئيس المحكمة مع كل طعن كان يقول: إنه متفهم وأن الطعن واضح، بدليل أنه في وقت نظر القضية غيَّر قيد ووصف الاتهام وحذف تهم الإرهاب ورفع أسماء من تهم غسل الأموال وبناء على كل هذا كان الحكم مفاجئًا، خاصةً أنه قد تواتر إلينا من مصادر كثيرة أن الأحكام مخففة.

 

وبخصوص إخواننا المدعى عليهم والمقيمين خارج مصر والذين صدرت ضدهم أحكام لمدد خمس وعشر سنوات فهذه الأحكام بكل تأكيد أحكام سياسية وليست قضائيةً ومثلها مثل كل أحكام هذه القضية، ويكفي مثلاً أن نعلم أن كل من هم متهمون في هذه القضية من خارج مصر لم يخطروا أصلاً بموعد المحاكمة، بل الأكثر من ذلك أن المحكمة لا تملك عنوان فرد منهم، والدليل أننا عندما طلبنا من المحكمة أوراق إخطار هؤلاء في البلاد التي يقيمون فيها لم تطلعنا المحكمة على أي شيء، ونفس الأمر مع وزارة الخارجية التي من المفترض أن تكون هي من أخطرتهم بموعد المحاكمة كما ينص القانون فكيف لك أن تحاكم فردًا وأنت أصلاً لم تبلغه بموعد المحاكمة؟!.

 

أما عن سؤالك بخصوص إحساسي بالبراءة وإحساس زملائي الأربعة عشر الحاصلين على نفس الحكم فكان الغضب الشديد لزملائنا الذين تمت إدانتهم، بل لك أن تعلم أن الذين بكوا بعد صدور الأحكام هم مجموعة الـ15 الحاصلين على أحكام البراءة أما الثمانية عشرة الذين أدينوا فكانوا هم الصامدين وتلقوا الأحكام في صمود وشموخ نادرين، بل هم من حثونا على الصبر، نحن لم نشعر بطعم الإفراج وحتى وأنا معك هنا أشعر بأن قلبي لا زال داخل السجن فأنا هنا معك بجسدي فقط.

 

* ذكرت أنه تواتر إليكم بأن الأحكام مخففة وفي نفس الوقت تناقلت وسائل الإعلام أن الإخوان يعقدون صفقةً مع النظام للحصول على أحكام مخففة في العسكرية، وأن سبب عدم مشاركة الإخوان في إضراب 6 أبريل كان لهذا السبب، فما تعليقكم على كل هذا؟

** ليس هناك أي صحة لهذا الأمر نهائيًّا، ولا توجد أي صفقات بين النظام والإخوان نهائيًّا، كما أن الصلة منقطعة بين النظام والإخوان منذ أن فاز 88 عضوًا من الإخوان بعضوية البرلمان عام 2005.

 

أما المعلومات التي وردتنا في السجن فكانت معلومات تناقلها العديد من الناس ووصلت إلينا في السجن بأن الجميع سيخرج من السجن وأنه لن يحصل أحد منا على أحكام أكثر مما قضي في السجن بالفعل، وأن الأحكام تتراوح بين عام وعامين.

 

رهائن

* من كان مصدر هذه المعلومات؟

** كانت عبارة عن كلام أناس ومصادر ذهبت لعائلاتنا وهنأتهم بأننا جميعًا سنخرج قريبًا، وهو الكلام نفسه الذي وصل للدكتورة فولييت داغر رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان التي أرسلت إلينا قائلةً: إنها سمعت من مصدر مسئول أنه لن يبقي أحد من قيادات الإخوان أكثر مما أمضى في السجن، وهذا كله كان قبل الإضراب، ولكني أرى أن هناك شيئًا حدث خلال الفترة الأخيرة دفع النظام إلى التنكيل بالإخوان عن طريق هذه الأحكام.

 

* وفي رأيكم.. ما هو هذا الشيء؟

 الصورة غير متاحة

** أعتقد أن هذا الشيء هو الإضراب، فهم متصورون أن الإخوان موقفهم لم يكن واضحًا، ولكن يبقى كلامي هذا مجرد احتمال، فأنا لا أستطيع أن أجزم عن ماهية هذا الأمر، ومن الجائز أيضًا أن يكون الكلام الذي وصلنا داخل السجن بأحكام مخففة هو نوع من أنواع التمويه والمراوغة من النظام حتى لا يكون هناك أي تذمر من جهة الإخوان في الفترة الماضية السابقة للأحكام، خاصةً أنهم رأوا أن صوت الإخوان وصل للخارج، وأن منظمات حقوق الإنسان الدولية أرسلت مندوبين، هذا كله بالإضافة للقرار الأخير الصادر عن البرلمان الأوروبي عن حالة حقوق الإنسان في مصر.

 

وأعتقد أن هذا القرار للبرلمان الأوروبي له علاقة بالأمر؛ لأن علمنا بأن الأحكام ستكون مخففةً كان قبل صدور القرار بـ48 ساعةً، ولكن حدث شيء ما بين هذا التاريخ وبين تاريخ صدور الأحكام قلب الموازين، وأكرر أيضًا أنه من المحتمل أن يكون تسريب خبر الأحكام المخففة مجرد تمويه لدفعك إلى تخفيف الضغوط التي تمارسها إعلاميًّا وحقوقيًّا.

 

ومن الممكن أن يكون هناك احتمال ثالث وهو أن النظام يريد أن يُفعِل المادة التي استحدثت في قانون المحاكم العسكرية بإنشاء محكمة نقض أو استئناف عسكرية، وأنهم يريدون إظهار دور هذه المادة في هذه القضية ويريدون أن يخلقوا لهذه المحكمة دورًا عن طريق تخفيفها للأحكام في مرحلة النقض.

 

وأحب أن أوضح هنا أننا كنا ولا نزال رهائن لشيء ما يريده النظام من الإخوان، ونحن لا نعلمه ولم يتواصل النظام مع الإخوان ليعلمنا ما هو ذلك الشيء الذي يريدون مقايضتنا به ومساومتنا عليه، والدليل أنه تم القبض على الكثير من الإخوان بعدنا يشغلون مناصب عدة في الجماعة ولهم أهميتهم وتم إطلاق سراحهم جميعًا، وهذا ما يدفعني للقول: إن النظام اختار هذه المجموعة بالذات كرهائن يساوم بهم الإخوان على أمر ما لا نعلمه حتى الآن!.

 

* لو عدنا بالذاكرة للخلف وبالتحديد منذ عام ونصف العام عندما نشرت بعض وسائل الإعلام صور العرض الرياضي الخاص بطلاب جامعة الأزهر والذي تم اعتقال المهندس خيرت الشاطر على إثره ثم توالى اعتقال قيادات الإخوان وكنت أنت واحدًا منهم، هل شعرت وأنت تشاهد هذه الصور أن الأمر سيتطور إلى هذه الصورة؟

** إطلاقًا؛ فأنا أستاذ بجامعة أسيوط وتاريخي العملي معروف بالجامعة، ومتفرغ تمامًا للعلم منذ أكثر من 40 عامًا، وكنت وقتها منشغلاً بعملي مع الفريق الدولي الجيولوجي الذي أتشرف بتولي منصب مساعد رئيس له، وعندما حدث ما حدث بجامعة الأزهر لم يكن لي أي دخل به فأنا موجود في أسيوط والعرض بالقاهرة، بل إن السؤال: ما هو دخل قيادات الإخوان أصلاً بما حدث؟! فالطلاب عندما يقيمون أي نشاط خاص بهم كالتظاهرات والمعارض فهو أمر خاص بالطلاب وحدهم وليس بقيادات الجماعة، فهل يتصور النظام مثلاً أن طلاب الإخوان عبارة عن آلات مبرمجة يخرجون عند الضغط على زر ما ويتراجعون عند الضغط على آخر؟!.

 

وأنا قلت رأيي في العرض الرياضي في تحقيقات النيابة عندما سألني وكيل النيابة عن رأيي في العرض فقلت له: إن العرض كان سيئًا في وقت سيئ وأنه لم يكن له أي داعٍ، ولكن السؤال الأهم: ما هو دخل قيادات الإخوان لماذا يتهمون بسببه؟!.

 

فضيحة دولية

 الصورة غير متاحة

الشهيد عبد القادر عودة

* بالرجوع إلى الوراء عامًا وثلاثة أشهر عندما تم اعتقالكم من منزلكم بمحافظة أسيوط في الساعة الثانية صباحًا يوم 14 يناير سنة 2007، هل كنت تتوقع أن يكون نهاية الأمر هو محاكمة عسكرية يصدر عنها هذه الأحكام القاسية ضدكم؟ خصوصًا وأنها المرة الأولى التي يتم اعتقالكم فيها؟.

** لا؛ لم أكن أتوقع نهائيًّا، صحيح أنني أنتظر قدومهم من سنة 1954م وكان عمري حينها 10 سنوات وقت أن تم اعتقال والدي الشهيد عبد القادر عودة وخرجوا به ولم يعد إلينا مرةً ثانيةً، ومنذ ذلك الوقت وأنا في انتظارهم في كل لحظة، وكنت كلما طرق أحد الباب في وقت متأخر أتوقع أن يكونوا هم، وإذا تم استدعائي في الجامعة كنت أتوقع أنهم هم من يستدعونني لكي يعتقلوني، واستمر هذا الشعور معي بعد أن أصبحت معيدًا ثم أستاذًا وحتى الآن، وها هم قد أتوا بعد 53 عامًا في الثانية صباحًا، وعندما تم طرق الباب كنت متوقعًا أنهم هم.

 

ولكني لم أكن أتخيل أبدًا أن يتم الزج باسمي في هذه القضية الكبيرة، وخصوصًا أنني مع الفريق الدولي الذي أعمل معه منذ الصيف السابق للعرض الرياضي، وكنت بالنمسا ثم عملنا بجنوب مصر ولم أحضر لأسيوط سوى يوم واحد فقط لإحضار خرائط، وكان هذا هو يوم اعتقالي في 14 يناير 2007.

 

وأؤكد أنه لم يكن لدى النظام أي نوع من أنواع الحصافة، فهم يعلمون أنني أعمل مع فريق دولي وأننا نعمل في مشروع كبير من أجل مصر، ولكن بسبب تصرفهم هذا توقف العمل وسافر الفريق وكانت فضيحةً دوليةً لمصر!!.

 

* كيف تلقيت الخبر عندما تم إخبارك أن لديهم أمرًا باعتقالك؟

** لم أكن أعرف ما هو المفترض أن أفعله فليس لي خبرة في هذه الأمور وزوجتي كذلك، فقد وضعت لي ملابس بحقيبة صغيرة وتمت مصادرتها كلها في السجن؛ لأنها لم تكن مناسبةً للسجون.

 

وعندما فتشوا منزلي لاحظت أنهم يبحثون عن النقود، ولم يكن يبحثون عن أوراق معينة، خصوصًا أن مكتبي كله أوراق وأبحاث علمية ومراجع وهوامش كتابي عن التشريع الإسلامي، هذا بالإضافة لكل مكتبة والدي الشهيد، ولكنه كان يأخذ أي كتب عليها شعار الإخوان أو ملصقات تحمل الشعار أو اسم الإخوان المسلمين وحتى إمساكيات رمضان، وأقر أنهم كانوا مهذبين في التفتيش، وطلب منا النقود التي معنا وسألنا: هل توجد معكم نقود؟ قلنا: لا توجد نقود، وزوجتي كانت قد تلقت في هذا اليوم مكافأة تصحيح الامتحانات من الكلية وقاموا بمصادرتها، وهنا ظهرت أن النية كانت مبيتة من قبلهم بأن تكون القضية قضيةً ماليةً، وهو التوجه الذي انتهجته أجهزة الأمن مع هذه القضية بعد اعتقال المهندس خيرت ومجموعته أولاً وقبل أن يتم اعتقال المجموعة الثانية التي كنت أحد أفرادها.

 

* هل تعتقد أنه أسلوب جديد ومفاجئ أن تكون هناك قضية سياسية بصورة جنائية ومالية مثل هذه القضية؟

** لا؛ لم يكن الأمر غريبًا بل كان متوقعًا، وكانت هناك تأكيدات منذ فترة طويلة أن وزارة الداخلية تخطط لتلفيق قضايا جنائية ضد بعض السياسيين وعلى رأسهم الإخوان المسلمين منذ صيف 2006؛ ولأنه من الصعب الوقوف على أي تهمة جنائية للمنتمين إلى الإخوان كانت التهمة المالية هي الحل لهم، وكان تفكيرهم في تهمة مبهمة لا توجد لها أركان ولا يعرف أحد عنها شيئًا وهي تهمة غسل الأموال، حتى أن اللجنة المالية نفسها التي حققت في التهمة لم تكن تعرف عنها شيئًا!!.

 

ذخيرة!!

* متى استشعرت الخطر في هذه القضية؟

** لم أستشعر الخطر إلا في تجديد الحبس لي للمرة الثانية في نيابة أمن الدولة، ولكن قبل هذا لم أستشعر أي خطر سواء في مكتب أمن دولة بأسيوط أو أثناء ترحيلي للقاهرة أو حتى عندما تم عرضي على نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس، وكنت مؤمنًا أنه بعد عرضي أول مرة سيتم إخلاء سبيلي فورًا إلا أنه ومع تجديد حبسي للمرة الثانية استشعرت الخطر وأن هناك قضية كبيرة تُحَاك ضدنا، وشعرت هذا عندما علمت أنهم اقتحموا 11 مصنعًا وشركة أنا شريك فيها في أسيوط وتم تفتيشها والاستيلاء على أوراقها وغلق المقار الإدارية لها، وفي جلسة التجديد لاحظت أنه يقوم بتجميع الأحد عشر محضر تفتيش في محضر واحد، ووضع ما جاء بها على صورة أحراز كتب عليها: "المضبوطات التي ضبطت مع المتهم خالد عبد القادر عودة"، بالرغم من أن كل الأحراز وجدت بالمصانع وليس في بيتي أو مكتبي، وكان ضمن هذه الأحراز ذخيرة خاصة بالخفراء بمصنع الفتح وهو ما أدى إلى اتهامي بحيازة ذخيرة!!.

 

* إذن فلماذا تم الحكم عليكم بالبراءة بعد كل هذا التخطيط من جانبهم؟

** أتصور أن هذا النظام يملك مواهب فذَّة في مجال التخطيط السيِّئ، ولا دليل على ذلك أكبر من القوانين التي يصدرونها في مجلس الشعب لتكبيل الأمة؛ مثل: إلغاء الإشراف القضائي وتعديل الدستور، وكل هذا من أجل مصالحهم السياسية، فهم جهَّزوا التهمة، وجهَّزوا معها من سيتم الحكم عليهم بالبراءة؛ لمحاولة إقناع الكل أن المحكمة العسكرية محكمة عادلة، تحكم بالإدانة والبراءة، وهذا كله علمته من المهندس خيرت الشاطر وإخوانه وهو أنه في كل قضية عسكرية يتم الحكم ببراءة 25% من المتهمين.

 

والنظام عندما يبرِّئ شخصًا مثلي يحاول حينها أن يُوهم الجميع أن البقية مدانون، بالرغم من أن الكل أبرياء، وأن القضية مجرد تلفيق، والمذهل أن أسباب البراءة لنا هي أسباب الإدانة لهم، وهذا أمرٌ غريبٌ؛ لأن القضية واحدة، ولا يوجد أي دليل أو بيِّنة، سواءٌ لنا أو لهم، وأصبح تقرير الضابط عاطف الحسيني لهم دليل إدانة ولي دليل براءة!.

 

خبر الإحالة

* كيف علمتم بخبر إحالتكم للعسكرية؟ وكيف استقبلتم هذا الخبر خصوصًا أن لك ذكرياتٍ سيئةً مع المحاكم العسكرية؛ لأنها من حكمت بالإعدام على الوالد الشهيد عبد القادر عودة؟!

** بعد انتهاء عرضنا على النيابة حصلت المجموعة الأولى منا على حكم بالبراءة من محكمة الجنايات، وهو حكم تاريخي، وكنا مستعدين لكي نُعرَض على نفس المحكمة، ولكنْ صدر قرار اعتقال في نفس اليوم للشاطر وإخوانه، وكنا يومها بسجن المزرعة بعد عودة زملائنا من المحكمة، وكنا نستعد للنوم مساءً، ثم فوجئنا بصوت ينادي علينا من داخل الزنازين وكان صوت د. ضياء الدين فرحات، يقول: إنه شاهد في التلفزيون شريط الأخبار وهو مكتوبٌ عليه أن رئيس الجمهورية أصدر قرار الإحالة للعسكرية!.

 

كان كل شيء مدبَّرًا في هذه القضية من البداية وحتى النهاية، وخير دليل على هذا أنه تم الاتفاق فيما بينهم على ألا يظهر سوى شخص واحد فقط هو عاطف الحسيني، حتى ادَّعى أنه مَن قام بإجراء التحريات في 6 قارات في العالم منفردًا وفي زمن قدره شهر واحد فقط!.

 

عندما بكي القاضي

 الصورة غير متاحة

د. محمد علي بشر

* وبما أنها كانت المرة الأولى لك، التي تدخل فيها المحكمة العسكرية.. ماذا كان انطباعك وتصوراتك؟

** زملائي ممن لهم خبرة بالمحاكم العسكرية؛ مثل المهندس خيرت الشاطر والدكتور محمد علي بشر، حكوا لي عن أجواء المحاكم العسكرية، وكيف أنها محاكماتٌ هزليةٌ، وأن الأحكام فيها تصدر دون الاعتبار لأي تهمة؛ حتى إنك تجد عضو مكتب إرشاد يحصل على براءة وأشخاصًا عاديِّين يحصلون على 5 سنوات، وحكوا لي كيف أن رئيس المحكمة لا يقبل طعنًا أو دفعًا أو نقضًا، وهنا سلمت الأمر لله، وأيقنت أننا مقبلون على بقية لسيناريو التمثيلية وأنه لا أمل، ودخلت المحكمة وأنا متصور أنها مثل محكمة جمال سالم التي حكمت على أبي بالإعدام، ولكني فوجئت بتغيُّر كبير لم أكن أتخيله؛ ففوجئت باستقبال رائع من الشرطة العسكرية التي كانت تعلِّق الإخوان عام 54 في زمن حمزة البسيوني، وقد كانوا يقدمون لنا الشاي والبسكويت ويسلمون علينا ويتمنَّون لنا التوفيق، وفوجئت برئيس المحكمة يقول لنا في أول جلسة؛ حيث لم يكن هناك محامون بعد: "كل واحد يقول اللي في نفسه، أنا جاي أسمع لكم"، وذكَّرني بالمدرِّس الذي يدخل أول مرة الفصل ليتعرف على التلاميذ.

 

وحتى وقت تجديد الحبس لنا على يد المحكمة العسكرية المصغَّرة التي كانت تجدِّد لنا كانوا يعاملوننا معاملةً طيبةً جدًّا، وكان بعضهم يقول لنا: اصبروا، حتى إن أحد هؤلاء القضاة بكى عندما علم حكايتنا ولم نَرَه بعد ذلك في جلسات التجديد!!.

 

ولكن بعد كل هذا وبعد صدور مثل هذه الأحكام القاسية تأكَّد لنا أنهم كانوا يذبحوننا ولكن على نار هادئة وبنصلٍ باردٍ، والمحكمة من الناحية الإنسانية حاولت أن تمثِّل دور المتفهِّم والمتعاون، ولكن من الناحية القانونية لم تقبل دفعًا واحدًا من أكثر من 300 دفع، ولم يستمع رئيس المحكمة إليها أصلاً وصَمَّ أذنيه عنها!.

 

رأي الشاطر أصح

 الصورة غير متاحة

م. خيرت الشاطر

* ما هو الإحساس الذي تنامى لديكم مع طول الجلسات وتعاقبها؟

** مع سماع شهادة عاطف الحسيني وبيان مهازلها وتوالِي طلبات الدفاع والطعون بالتزوير، ومقابلة هذا من قِبَل المحكمة بالتجاهل تنامى إلينا الشعور بأن المحكمة تسير في اتجاه محدَّد لها سلفًا، وأن ما حدث في المحاكمات العسكرية السابقة سيطبَّق علينا، وكان المهندس خيرت أكثرنا ثقةً في ذلك، وحتى آخر جلسة كان يقول لا أحد يتفاءل، وأنا كنت أعترض عليه وأقول إن شاء الله سنخرج كلنا براءة، وكان هذا بسبب قلة خبرتي التي أقر بها اليوم، بل إن الشاطر قال لنا إنني وصلتني معلومات بأن الأحكام من 7: إلى 3 سنوات، وكان هذا مع بداية المحاكمة وحتى قبل شهر واحد من حجز القضية للحكم عندما بلغتنا أخبار جديدة بأن الأحكام مخفَّفة، إلا أنني أقرُّ أن الشاطر صدق، وأن توقعاته أصابت الحقيقة.

 

* في رأيك لماذا استغرقت القضية 70 جلسة إن كانت هي مدبَّرة كما تقولون؟

** أرى أن السبب وراء هذا العدد الكبير من الجلسات أن رئيس المحكمة والنيابة كانوا يبحثون عن أي دليل طوال هذه المدة وثق أنه لو كانت توجد أدلة لما احتاجت المحكمة إلى 70 جلسة؛ لأنها لو وجدت أدلة لكان الأمر انتهى في أقل من 10 جلسات.

 

* هل تسلَّل إليكم الأمل مع بداية مرافعات المحامين والتي كانت بشهادة الجميع مرافعاتٍ رائعةً ومتميزةً وأسقطت القضية من أساسها؟

** نحن كنا متفائلين أنه لا توجد قضية من الأساس، ولكنا كنا نعرف أن العقوبة سياسية، وكان هذا دائمًا هو رأي المهندس خيرت، وكان يتساءل: لماذا حوَّل رئيس الجمهورية القضية للمحكمة العسكرية إن كانت هناك أدلة كما يقولون؟ وأنه لو كانت هناك أدلة لما احتاجت الإحالة للمحكمة العسكرية.

 

من داخل السجن

* بعيدًا عن المحكمة ماذا كان شعوركم داخل السجن؟

** أولاً أحب أن أوضح أننا لم نعانِ بل أهلنا هم من عانوا ونحن داخل السجن وعلى العكس فنحن كنا سعداء داخل السجن لأنها فرصة لم تعوض ولم تتح لي من قبل، وأشكر كل من شارك في إتاحتها لي أن أصادق 32 من خيار الناس في مصر وأن أحيا معهم طوال عام ونصف العام وأن نعيش طوال هذه الفترة حياةً ربانيةً كاملةً وكانت أيامًا عظيمةً لأنها كانت في طاعة الله كلها.

 

كان يومنا بين صلاة وعمل فكان يومي مثلاً بين متابعة أعمالي من أبحاث علمية، واقرأ كل ما كتب عنا وبين صلاة وقيام ليل وصيام ورياضة جسمانية وكنا نأكل بعد صلاة المغرب حتى يأكل الصائم مع المفطر وكان أغلبنا صائمًا دائمًا لأننا كنا نتفاءل بالصيام ونحن مظلومون وكنا نتحدث في كل شيء ونرتب الدروس بل إننا كنا نتحدث بحرية لم نتحدث بها خارج السجن.

 

وأعتقد أنه بعد 63 سنةً هي سنوات عمري فإن العام والنصف الماضيين هي أفضل أيام حياتي وأحسب أن هذه الأيام سوف تكون حسن الخاتمة لحياتي وأنني سألقي الله بها.

 

 الصورة غير متاحة

د. عودة مع زوجته وزوجات أولاده وأحفاده

* قلت إن أهلك هم أكثر من عانوا في هذه القضية أكثر منك.. فما معنى ذلك؟

** بالطبع، فزوجتي وابني رضا عانيا كثيرًا في حضور الجلسات والزيارات؛ فابني رضا لم يفوِّتْ جلسةً واحدةً، وزوجتي كانت تقوم بإلقاء المحاضرات في جامعة أسيوط، ثم تسافر للقاهرة لحضور الجلسات، وبالرغم من كبر سنها إلا أنها حضرت معظم الجلسات، وعندما تغيَّبت عن إحدى الجلسات سأل عنها رئيس المحكمة وعن سبب تغيُّبها.

 

وبالإضافة لكل هذا كانوا يزورنني مرتين كل أسبوع ويلبُّون طلباتي بدقة، إلا أن أجمل ما في الزيارة هي زيارة حفيدي طه لي، وكنت أحتفظ له بـ"الشيبسي" الذي يحبه والعصائر التي يحبها قبل زيارته بأيام، ومن الطريف أنه بعد خروجي وعودتي لمنزلي كان هناك استقبالٌ حافل بالبراءة، وبعد أن جلست معه لعدة ساعات قال لي: "يله روح بيتك"، وكان يقصد السجن لأنه لم يكن يعلم أن المكان الذي كنت فيه هو السجن، وكان يظنه بيتي ولكني حاولت أن أفهمه الحقيقة قدر الإمكان.

 

جلسة الحكم

* الغموض والسرية كانا عنوان جلسة النطق بالحكم، ولم يعرف أحد، ولا وسائل الإعلام، ما حدث تحديدًا.. فهل من الممكن أن تروي لنا بالتفصيل ما حدث يومها؟

** في المرتين التي تم تأجيل الحكم فيهما لم نكن نخرج أصلاً من الحبس بطرة ولم نكن نحضر لمبنى المحكمة لسماع قرار التأجيل، بالرغم من أنه مثبت في الأوراق أننا كنا نحضر، ولكنهم كانوا يُخرجون السيارات فارغةً، وتذهب من طره حيث السجن إلى الهايكستب حيث المحكمة ثم تعود فارغةً، ولكن الأمر في المرة الثالثة اختلف؛ حيث أخبرتنا إدارة السجن أننا سنخرج، وحتى التاسعة صباحًا لم يخبرنا أحد أنه قد تم تأجيل الحكم، وكان في الجلستين السابقتين يخبروننا بالتأجيل قبل التاسعة ونتوقف حينها عن تبديل ملابسنا ولكن في هذه المرة ومع تأخر الخبر؛ استعددنا للخروج ثم أركبونا في السيارات في تمام العاشرة إلا ربع، ونحن في الطريق علم بعضنا في إحدى السيارات أن الأهالي يُعتدى عليهم في الهايكستب وهنا توقعنا أن الأحكام ستكون مشددةً.

 

دخلنا قاعة المحكمة في حدود الثانية عشرة، ولكننا فوجئنا بحشد كبير من البوليس الحربي جالس داخل القاعة وضباط أمن الدولة، ثم دخل أناس يحملون أوراقًا كان من الواضح أنهم صحفيون في بعض الصحف القومية ولم نجد أيًّا من أهالينا أو محامينا وكان ذلك مفاجأةً لنا.

 

وكان الحشد كبيرًا؛ لدرجة أن أغلب مقاعد المحكمة كانت ممتلئةً وبعد أن صلينا الظهر والعصر جمعًا وقصرًا وفي تمام الواحدة إلا ربع دخل رئيس المحكمة، وقال الكاتب: "محكمة"، ثم قرأ أسماءنا والتُّهَم الموجَّهة لنا كما جرت العادة في كل جلسة، ولكنه لم ينادِ على هيئة الدفاع الخاصة بنا، وقد حضرنا كلنا هذه الجلسة عدا الحاج حسن زلط المريض بالمستشفى.

 

وبعد أن قال الكاتب بعد الاطِّلاع على نص المادة 86 و86 مكرر شعرنا وقتها أن الأحكام مشدَّدة، خصوصًا أن هذه المواد بالذات كنا قد طعنَّا في دستوريتها، ثم أكمل سرد المواد التي من المفترض أننا عوقبنا بها، ثم قال حكمت المحكمة حضوريًّا ببراءة كل من: وسرد أسماء وأرقام كل المفرج عنهم ما عدا الحاج حسن زلط، ثم قال: غيابيًّا على حسن زلط بالبراءة، وأعتقد أنه اختار البدء بالبراءة خوفًا من علوِّ صوت الإخوة قبل أن يكمل نطق الحكم، وكان أول من حكم عليه بالبراءة هو محمد محمود حافظ ثم ياسر عبده ثم الدكتور سعودي ثم نطق اسمي، واستمر في سرد الأسماء والأرقام.

 

وكنا حريصين على التزام الصمت وقت نطق الأحكام حتى النهاية؛ لنعرف الأحكام جيدًا، ثم بعد أحكام البراءة، قال الكاتب: حكمت المحكمة على كل من: وسرد 13 اسمًا ولم يقل بعد أحكامهم ثم قال في النهاية بالسجن المشدَّد 3 سنوات ووقتها انتابنا القلق؛ لأنه لم يكن قد نطق بعد أسماء بعضنا وهو معناه أنهم سيحصلون على أحكام أكثر من 3 سنوات، ثم استكمل أسماء 3 حضوريًّا بالحبس 5 سنوات ثم 2 غيابيًّا 5 سنوات وعند هذه اللحظة بكى معظم من نطق اسمهم بالبراءة، وكنت أنا واحدًا منهم، حتى إن المهندس محمود مرسي علا نحيبه، وخاصةً عندما لم نسمع بعد اسم كل من المهندس خيرت الشاطر وحسن مالك، ثم فوجئنا به يقول إن كلاًّ من خيرت الشاطر وحسن مالك قد حُكِم عليهم بالحبس 7 سنوات، وهو الأمر الذي أذهلَنا، ثم سرد أسماء متهمي الخارج والحكم عليهم بالحبس 10 سنوات.

 

 الصورة غير متاحة

 حسن مالك

ثم استمر في الكلام وقال: الحكم بمصادرة، فالتزمنا الصمت مرةً أخرى لنستطيع سماع الحكم، أنصبة حسن مالك في شركتي مالك والأنوار ونصيب المهندس خيرت الشاطر من شركة حياة ونصيب محمد عبد العاطي من شركة حياة وحصة أحمد أشرف في دار التوزيع والنشر.

 

* ماذا حدث بعد ذلك؟

**

فور انتهائه من سرد الأحكام قال: رفعت الجلسة، وخرج مسرعًا من القاعة، ومن كانوا موجودين بالقاعة خرجوا جميعهم في لحظات معدودة، ووقتها كنا بدأنا في ترديد: "حسبنا الله ونعم الوكيل" لأكثر من 20 دقيقةً حتى تم وضعنا داخل سيارات الترحيلات، ولاحظنا أنه تم تصورينا لأول مرة ونحن خارجون من القاعة بواسطة أحد الضباط برداء مدني.

 

* ما هو الحديث الذي دار بينكم في رحلة العودة؟

** لم نتكلم في شيء.. لزمنا الصمت، والمحكوم عليهم بالبراءة كانوا يبكون، وكانوا يخجلون من النظر في عيون إخوانهم المحكوم عليهم، وحتى بعد وصولنا السجن لزمنا الصمت، وكنا في غاية التأثر، وكان من يصبِّرنا هم إخواننا المحكوم عليهم، والغريب أننا لم نجد واحدًا ممن حصلوا على أحكام بالإدانة مهتزًّا أو يبكي، وكان من حصلوا على أحكام إدانة هم أكثرنا إيمانًا وصلابةً وصمودًا وصبرًا وأقرب منا إلى الله وأفضل منا كثيرًا.

 

غرق الدلتا

* بعد هذا الظلم الذي أشرت إليه هل ما زلت مصرًّا على استكمال أبحاثك، خاصةً المتعلقة بغرق الدلتا وما يتعلق بالتغيرات المناخية أم أن ما حدث في السجن غيَّر من أفكارك واهتماماتك؟

** أولاً.. أحب أن أوضح أن موضوع التغيُّرات المناخية هو موضوع هام للغاية، حتى إنني وقت التحقيق معي في النيابة سألني رئيس النيابة: هل لديك أقوال أخرى؟ فقلت: نعم، فقال: ما هي؟ قلت: الدلتا سوف تغرق، فتعجَّب الرجل، ولكني أصررت أن أسجِّل هذا بالمحضر.. إنني أقوم بأبحاث تثبت أن الدلتا سوف تغرق بعد 20 عامًا، وأننا يجب أن نبدأ في مواجهة الخطر المحدق بنا، وكان الغرض من هذا هو أن أنبِّه الجميع، وعلى رأسهم النظام المصري، للخطر المحيط بنا، وسوف أخص (إخوان أون لاين) في الفترة القادمة بسلسلة من المقالات التي أتحدث فيها بالتفصيل حول هذا الأمر.

 

وبناءً على هذا سوف أستكمل أبحاثي في هذا المجال من أجل الشعب المصري؛ لأن الموضوع موضوع مصيري، بل إنني كتبت الحلول وطرحتها وطلبت أن نبدأ فيها من اليوم؛ لأنها سوف تستغرق وقتًا طويلاً، وأرجو من الله أن يستجيب لي النظام، وسأبعث بأبحاثي للرئيس مبارك، وأتمنى من الله أن يهتمَّ بها.

 

* معنى ذلك أنك تطالب بمشروع قومي من أجل حماية الدلتا.

** نعم أنا أطالب بذلك؛ لأنه إن لم يحدث ذلك ستكون الآثار وخيمة، ويكفي أن نعرف أن الدلتا تنتج أغلب غذاء مصر.

 

* وماذا عن خططك السياسية؟

** لا أعتقد أن عمري لا يزال يسمح لي بممارسة السياسة، وأتمنى من الله أن أوجِّه كل جهدي في البحوث العلمية.

 

* ما هو تقييمك لدور المنظمات الحقوقية في القضية والدور الذي لعبته؟

** أعتقد أن المنظمات الحقوقية المصرية والدولية قامت بدور ممتاز في القضية ولم تقصر، وأنا أوجه لهم الشكر بالنيابة عن كل إخواني في القضية، كما أوجِّه الشكر لكل من رفض المحاكم العسكرية وكل الكُتاب الذين كتبوا رافضين لها.

 

* وماذا عن تقييمك لدور الإعلام في القضية؟

** (إخوان أون لاين) و(الدستور) بالتأكيد أفضل من قام بنقل أحداث القضية بحق كان موقع (إخوان أون لاين)، ثم تأتي في المرتبة الثانية جريدة (الدستور) وبعدها جريدة (البديل)، أما بالنسبة لوسائل الإعلام الحكومية فكانت تغطيتهم نوعًا من أنواع التحريض العلني السافر، وفيما يتعلق بالصحافة المستقلة فالقضية أثبتت أنه لا توجد صحف مستقلة في مصر سوى (الدستور) و(البديل) إلى حد ما، أما غيرها من الصحف فهي موجهة لخدمة النظام بشكل أو بآخر.

 

* ما هي الرسائل التي تريد أن تبعث بها في نهاية هذا الحوار؟

** رسالتي الأولى لإخواني خلف القضبان، وهي أنني لن يهدأ لي بال إلا إذا خرجوا من السجن وقلبي معهم حتى لو كان جسدي في الخارج، وسأحاول بكل ما أستطيع إخراجهم من السجن، وسأعمل بكل ما أوتيت من قوة، وسأطالب بمقابلة رئيس الجمهورية وطلب تصحيح ما فعلته المحكمة العسكرية، ولن أطلب منه عفوًا رئاسيًّا، ولكن تصحيح ما اقترفته المحكمة العسكرية.

 

ورسالتي الثانية للمفرج عنهم: أهنئهم وأهنئ عائلاتهم، وأناشدهم أن لا يقطعوا الصلة بإخوانهم في داخل السجن، وأن يفعلوا ما يستطيعون من أجل إخوانهم بالداخل.

 

أما رسالتي الثالثة للإخوان عامة فأقول لهم: إنهم أعظم فئة في مصر متماسكة على الحق، وتماسكهم للنهاية هو الأمل الوحيد لتقدم هذه الأمة وكفايتها ونهضتها.

 

وفي النهاية رسالتي لشعب مصر: أناشده أن يتكاتف خلف الإخوان حتى لو اختلف معهم فكريًّا من أجل مصلحة مصر، وأقترح أن يكون مشروعنا القومي جميعًا هو مواجهة التغيرات المناخية غرق الدلتا ومشكلة غلاء الغذاء.