أما إبراهيم فهو الصحفي الروائي القاص الأديب المذيع السياسي الفقيه المناضل الثوري المفكر المنظِّر صاحب حمالات البنطال: إبراهيم عيسى، مع الاعتذار لفخامته على ما ذكرناه وما نسيناه من صفات وألقاب ومهن وتعريفات.. إلخ إلخ إلخ.

 

وأما الموضوع فهو الصورة التي نشرها في الصفحة الأولى من تحريره، ويظهر فيها الفريق سامي عنان وهو يهمُّ بالجلوس بعد مصافحة الدكتور محمد مرسي؛ ولكنها تعطي انطباعًا بأنه ينحني احترامًا أو تملُّقًا، وهو ما أراده السيد عيسى من وراء نشر الصورة، وأيضًا هذا هو السبب وراء انتشارها بسرعة البرق عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 

غير أن ثورية السيد إبراهيم لم تكن مستعدةً بعد لتحمُّل التخبيط في المجلس العسكري الذي يحرِّض عليه ليل نهار مرتديًا زيَّ فرسان العصور الواسطى والبحيرة وإسنا!.

 

كما أنه لا يضمن من يأتي له بعفو مجلسي أو عسكري، كما كان يضمن ويتمتع من قبل بالعفو الرئاسي المباركي.

 

فماذا يفعل ابن عيسى؟

هل يرعوي ولا ينشر الصورة وفيها من التلميح والغمز واللمز ما يغني عن آلاف التحريضات والافتكاسات التي يسوّدها عمال على بطال؟!

 

كلا وألف كلا.. فلدى سيادته أسلوب التذاكي والفهلوة، كما أن هناك الإخوان!... نعم الإخوان الذين لا تظهر شجاعة الكتاب إلا عليهم، فظن عيسى أنه أصاب عين الذكاء حين نشر الصورة لا يريد حقيقتها بل ما ترمي إليه من معان سلبية، وفوقها عنوان (إخوان العسكري)، ولو كان شجاعًا ثوريًّا مناضلاً لما لجأ إلى هذه الحيلة الساذجة مهنيًّا، فالصورة عكس العنوان أو العنوان عكس ما يريد أن يستنطقه من الصورة فمنطقها (عسكري الإخوان).

 

لو فعل هذا صحفي آخر لكان حقًّا ذكيَّا وصاحب حيلة مهنية، ولكن العجيب أن يفعل ذلك من ينتقد جبن الإخوان وتقاعسهم وصفقاتهم وتملقهم للعسكر.. إلخ؛ إن منظره مضحك للغاية وهو مرعوب من أن ينطق كلمة ضد العسكري في الوقت الذي يدعي الشجاعة منقطعة النظير.

 

ومثل ما سبق؛ بكاؤه هو ومن على شاكلته على فكر الإخوان والسلفيين الظلامي الإقصائي، بينما هم يمارسون كل أنواع الإقصاء والاستئصال مع من لا يروقهم؛ لدرجة تجعله يخصص ما يقرب من صفحتين لأولى مرافعات المدعين بالحق المدني في قضية المخلوع وأنجاله وأنداله، ويعرض ملخصًا لجميع المرافعات، ولكنه يعمى أو يصم عن مرافعة محمد طوسون؛ لا لشيء إلا لأنه إخواني، فيستحق لديه ألا يذكر اسمه!.

 

هذه الشجاعة منقطعة النظير والند والشبيه تظهر فقط عند اتهام الإخوان كواجب وطني قومي دولي مخابراتي إستراتيجي أو "آجي أنا إن لم تيجي أنت)!.

 

كما افتتح آخر جريدته الصفراء بكذبة الموسم والمواسم القادمة بلقاء فضيلة المرشد العام للإخوان بالمخلوع، والمؤكد- عندي على وجه اليقين- أن هذا الصحفي قد حضر هذا اللقاء حقيقةً ولكنه نسي أن يذكر لحضرات القراء أنه كان بشخصه وكامل قواه الصحفية شاهدًا على هذا اللقاء في المركز الطبي بالعباسية "الخانكة سابقًا".. "المارستان أسبقًا"!.

 

ولا يتعجب أحد منكم أيها الإخوة والأخوات، القراء منكم والقارئات؛ فإن ما حققه نجاح الإخوان وحزبهم "الحرية والعدالة" في الانتخابات حدث رغم توقعه وتكراره منذ ثمانينيات القرن الماضي، إلا أنه حدث جدير بأن ينعش اقتصاد المصحات النفسية ومستشفيات الأمراض العصبية والعقلية، وهل هناك من دليل ناصع وساطع كالشمس في الظهيرة من عمل وجد واجتهاد من حصل على ثلاثة أو أربعة مقاعد في مجلس الشعب ليكوِّن تحالفًا يضمن به الأغلبية ليواجه به الإخوان وتحالفهم واستعلائهم؟!

 

ومن حظ "المارستان" أن جميع الصحف تحتفي بهذا التحالف الرهيب وتبشر به ملايين المصريين الذين صوَّتوا للحرية والعدالة نكايةً في الإخوان المسلمين، فإذا بهم يفاجئوا بأن الإخوان قفزوا على "الميزان" كما قفزوا من قبل على الثورة وركبوها، تمامًا كما قفزوا إلى السجون وأعواد المشانق في عهد عبد الناصر والسادات والمخلوع!.

 

حقا هنيئًا لكِ أيتها السرايا الصفراء فنسلك يملأ علينا فضائيات وجرائد أيضًا صفراء!.