يستعد المصريون للمظاهرات الحاشدة غدًا الجمعة في مليونية بميدان التحرير والميادين الكبرى بمحافظات الجمهورية تحت شعار " شعب مصر إيد واحدة لإسقاط بلحة"، وأعلنت أحزاب وكيانات ثورية أنها استعدت لدخول ميدان التحرير فجر غد أو بعد صلاة الجمعة.

وأكدت أن الثوار لن يغادروا الميدان حتى إسقاط قائد الانقلاب الدموي عبدالفتاح السيسي والقبض عليه وعلى كل أفراد أسرته وزوجته انتصار ومحاكمتهم.

ورغم مواصلة ميليشيات الانقلاب حملة اعتقالات سبتمبر والتي تجاوزت أكثر من 2000 شخص حتى الآن، وطالت أكاديميين ونشطاء وحقوقيين وصحفيين ومحامين ورموزًا سياسية، بل وطالت أطفالاً ونساء، إلا أن الشعب المصري قرر دخول الميدان وإسقاط النظام الانقلابي، ولن تمنعه أية إجراءات أو اعتداءات من نظام الانقلاب الدموي الذي باع مصر ودمر مستقبل الأجيال القادمة.

ودشّن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صباح اليوم الخميس عدة وسوم تطالب برحيل الخائن عبدالفتاح السيسي، ومن أبرز الوسوم التي سجلت الأعلى تداولا في مصر، وسم "إنت انتهيت يا سيسي" و"جمعة الغضب".

كانت منظمة العفو الدولية قد دشنت تغريدة حول الأوضاع في مصر ومظاهرات الجمعة، جاء فيها: "يجب على العالم ألا يقف مكتوف الأيدي. السيسي يسخر من حقوق المصريين في الاحتجاج السلمي وحرية التعبير.. يتعين على السلطات المصرية إطلاق سراح جميع المعتقلين على الفور والسماح بمزيد من الاحتجاجات للمضي قدمًا".

الرئيس الأمريكي

من جانبها دعت مجموعة العمل الخاصة بمصر التي تضم عددًا من خبراء الشأن المصري في مراكز الأبحاث الأمريكية المسئولين الأمريكيين إلى التأكيد بوضوح على دعم الولايات المتحدة للاحتجاجات السلمية في مصر.

وانتقدت المجموعة - في بيان مشترك لهم اليوم الخميس - سلطات العسكر التي تواصل اعتقال الأحرار والنشطاء.

كما استنكرت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال لقائه عبدالفتاح السيسي، مؤكدة أن هذه التصريحات تعطي السيسي ضوءًا أخضر لاستخدام القوة ضد المتظاهرين، وتسمح له بالانخراط في حملة أوسع من القمع.

وطالبت مجموعة العمل المسئولين الأمريكيين بأن يوضحوا أن الولايات المتحدة لا تزال تؤيد المبادئ المتعلقة بالمظاهرات في مصر، تمامًا كما فعلت مؤخرًا بشأن الاحتجاجات في روسيا، وهونج كونج، وإيران، والسودان.

وشدّدت على أن "للمصريين الحق في الاحتجاج بسلام، وممارسة هذا الحق دون خوف من عنف الدولة أو الانتقام"، داعين الجيش والشرطة في مصر للتحلي بضبط النفس، وأن يتجنبوا الصراع، وأن يظلوا ملتزمين بحماية الشعب.

وطالبت مجموعة العمل بإطلاق سراح جميع المعتقلين فورا، وإسقاط أي تهم موجهة إليهم.

غرفة عمليات

في سياق متصل كشف محمود جمال، الباحث بالشأن العسكري في المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن أن "وزارة الدفاع بحكومة الانقلاب شكلت، يوم الجمعة الماضي، غرفة عمليات داخل الأمانة العامة للوزارة لمتابعة تطورات الأوضاع على الأرض لحظة بلحظة.

وأكد أن الغرفة يترأسها كبار قادة المجلس العسكري الحالي وبعض القادة السابقين، على رأسهم وزير الدفاع الأسبق المشير محمد حسين طنطاوي.

وأضاف جمال أن انعقاد غرفة العمليات داخل الجيش يكون في الظروف بالغة الحساسية، على غرار ما حدث في الأيام الأولى لثورة يناير، وهو ما يؤكد أن تطور الأوضاع الراهنة أمر خطير جدًّا على استمرار بقاء السيسي.

وتابع: "المرحلة الحالية يمكن وصفها بأنها مرحلة جس النبض والتفاوض بين طرفين مهمين داخل القوات المسلحة؛ الأول داعم بقوة للسيسي، والثاني يرفض استمراره ويعارض سياساته، ولا يمكن الجزم الآن مدى قوة طرف على حساب الآخر".

وأوضح أن الطرف المعارض للسيسي داخل الجيش موقفه يزداد قوة بعد نزول المتظاهرين إلى الشارع، وموقف السيسي الآن يتراجع.

واستطرد: "تبقي أهداف الطرف المعارض هي الحاكمة، التي قد تفرض نفسها على الأوضاع، مؤكدًا أن مجريات الأمور الآن تتجه بشكل إيجابي للتغيير داخل مصر.

وشدّد جمال - وهو مسئول ملف العلاقات المدنية العسكرية بالمعهد المصري للدراسات - على أن وضع السيسي في كل الأحوال أصبح صعبًا ومتأزمًا داخل المؤسسة العسكرية وخارجها، وأن مصر بعد مظاهرات 20 سبتمبر ليست كمصر التي كانت قبلها.

شخصيات معارضة

وأعلنت شخصيات مصرية معارضة بالخارج تضامنها مع مطالب الشعب المصري، ودعمها للتظاهر يوم الجمعة في مليونية المطالبة برحيل قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي.

وقالت في بيان مشترك، وقع عليه 26 شخصية معارضة يمثلون "مجموعة الحوار الوطني"، الداعية لاصطفاف جميع القوى والأحزاب والتيارات الوطنية: إن هذا البيان يأتي "انطلاقا من مسئوليتنا الوطنية، واحتراما لنداء أهلنا في مصر، ودعما لحراكهم ومطلبهم العادل والعاجل بتنحية السيسي، وتأكيدا لحق الشعب المصري في تقرير مصيره لينال حريته وتحرير إرادته، وحماية ثرواته".

وأضاف البيان: "إننا إذ نجدّد الثقة في شعبنا، وشبابه، وإرادته الصلبة، لينال حقوقه، فإننا نثق أيضا بأن الشرفاء في كل مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية سينحازون لشعبهم وأهلهم باعتبارهم جزءا أصيلا من هذا الشعب يتألمون لألمه ويفرحون لفرحه، ويضحون من أجله".

وأدان بشدة "عمليات الاعتقال التعسفي، والقتل خارج نطاق القانون، وإرهاب الشعب المصري الحر الذي خرج يطالب بحقوقه الأساسية في العيش، والحريّة، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية".

وتابع البيان: "ننبه إلى خطورة التصريح الصادم الذي طرحه السيسي في الأمم المتحدة حول احترام مبدأ الملكية الوطنية للحلول، وهو ما يعني تنصله وأجهزته الأمنية من كل المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر، والتي تحمي الحريات، وحقوق الإنسان، واحترام إرادة الشعوب".

وقّع على البيان كل من: أيمن نور، وطارق الزمر، وماجدة رفاعة، وسامية هاريس، ومايسة عبداللطيف، ومصطفى الدسوقي، وأسماء شكر، وعبدالموجود الدرديري، ومنى عمران، وماجدة محفوظ، وعلي العوضي، وأكرم بقطر وصفي الدين حامد، وحمدي سليمان النوبي، وفريد الزيات، وإسلام الغمري، وإيهاب لطيف، وأسامة رشدي، ووفيق مصطفى، ومحمد إسماعيل، ووليد مصطفى، ومحمد كمال عقدة، وسوسن غريب، ومحمد شوبير، ومحمود فتحي، وأمين محمود.

حزب الاستقلال

ودعا حزب الاستقلال الشعب المصري إلى الاحتشاد في كافة الميادين غدًا الجمعة، والمشاركة فيما سماها "الانتفاضة الشعبية السلمية ضد نظام كامب ديفيد الذي يمثله "عبد الفتاح السيسي وعصابته".

وأعلن الحزب، في بيان له، دعمه الكامل "الحراك الجماهيري والمظاهرات السلمية ضد نظام السيسي، واستمرار الدفاع عن حقوق الشعب، والرفض رفضا قاطعا لجميع صور القهر والاعتقالات غير القانونية، التي يسعى من خلالها النظام الحاكم لتأمين بقائه في السلطة".

وقال: "يواصل نظام السيسي التنكيل بحزب الاستقلال، فلم يكتف باعتقال ومطاردة العشرات من أعضاء وقيادات الحزب منذ الانقلاب العسكري وحتى الآن، وعلى رأسهم رئيس الحزب ورئيس تحرير جريدة الشعب مجدي أحمد حسين، والمُعتقل منذ أكثر من 5 سنوات. لم يكتف بكل ذلك، ولكنه يحاول تصفية الحزب، من خلال اعتقال من بقي خارج السجن من قيادات ورموز الحزب".

وأشار إلى "قيام الأجهزة أمن الانقلاب بهجمة شرسة، فجر أول أمس الثلاثاء، بمداهمة منازل أعضاء الحزب في القاهرة والمحافظات، واعتقال أكثر من 20 من قيادات وكوادر الحزب، وعلى رأسهم الأمين العام للحزب مجدي قرقر، والأمين العام المفوض أحمد الخولي، والأمين العام المساعد نجلاء القليوبي".

كما نوّه إلى "اعتقال أمين التنظيم بحزب الاستقلال محمد الأمير، وأمين العمال بالحزب محمد مراد، والأمين المساعد بلجنة الفكر والدعوة الشيخ إبراهيم خضر، بالإضافة إلى مطاردة العديد من أعضاء الحزب الذين لم يكونوا موجودين في منازلهم وقت اقتحامها".

وأضاف: "ما أشبه الليلة بالبارحة، فاعتقالات سبتمبر 2019 التي قامت بها شرطة عبد الفتاح السيسي تجاه المئات من شباب وقيادات الحركة الوطنية المصرية، وفي قلبها حزب الاستقلال، أشبه باعتقالات سبتمبر 1981، والتي قام بها الراحل أنور السادات ضد رموز الحركة الوطنية المصرية آنذاك".

وشدّد حزب الاستقلال على استعداده لتقديم "المزيد من التضحيات في سبيل تحرير مصر ورفعتها"، مؤكدا أن "نظام السيسي هو استمرار لنظام كامب ديفيد، وأن الحل لتحرير مصر من التبعية للحلف الأمريكي الصهيوني، هو إسقاط هذا النظام عن طريق العصيان المدني الشامل والثورة الشعبية السلمية".

العيش والحرية

ودعا حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) كل القوى السياسية الديمقراطية المنظمة، وجميع المنظمات المهنية والنقابية الديمقراطية إلى البناء على حالة السخط العامة، التي عبّرت عن نفسها أبلغ تعبير بمظاهرات الجمعة الماضية، ببرنامج عمل يضع على قمة أولوياته الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين.

وطالب الحزب ذو التوجه اليساري - في بيان له - برفع كافة القيود التشريعية والأمنية المفروضة على منافذ الإعلام الرسمي والخاص والمستقل، وعلى حركة الأحزاب والاتحادات العمالية والطلابية والنقابات المهنية، والمراجعة الفورية لسياسات النهب والإفقار والاستدانة ودور المؤسسة العسكرية فيها، وإسقاط التعديلات الدستورية الأخيرة.

وأشار إلى أن "هذا البرنامج المرتجى هو البداية فقط لطريق طويل من النضال لا يعلم مداه ولا نهايته إلا الشعب، والشعب فقط هو صاحب الحق الوحيد والحصري في تقرير مستقبل هذا الوطن"، مضيفا: "وليكن الأمل لا الخوف خيارنا".

وحيّا حزب العيش والحرية "أي حراك جماهيري يطالب بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وينادي بنهاية سلطة القمع والاستبداد والإفقار التي تمادت في إخراس أي صوت معارض أو ناقد أو حتى مهني، ودأبت على تصفية أي تنظيم مدني ديمقراطي مستقل، وانتهجت سياسات اقتصادية شديدة الفجاجة".

وقال: "نرى أن الطريق ما زال طويلاً ومليئًا بالتحديات في ظل ضعف التنظيمات النقابية والسياسية الديمقراطية التي تلقت ضربات كبيرة في الأعوام الماضية، فدعم النضالات الشعبية لانتزاع أي مكسب مهما بدًا بسيطًا يتطلب العمل فورًا على إحياء تنظيماتنا السياسية والنقابية والديمقراطية القادرة على تحويل الهتاف إلى برنامج عمل ومعارك نوعية مستمرة.

واعتبر أن 20 سبتمبر تاريخ يفتح من جديد الطريق للمصريين لاستكمال النضال بعد أن "اختلت حسابات السلطة. وربما يكون فرصة جديدة لهذا الوطن لاستدعاء ميراث النضال الشعبي الطويل وأحلام الحرية والمساواة التي خفتت ولم تغب".

"الاشتراكيين الثوريين"

وطالبت حركة الاشتراكيين الثوريين الشعب المصري بالاحتشاد في الميادين لإسقاط نظام الانقلاب واعتبرت مظاهرات 20 سبتمبر بداية لانهيار جدار الخوف واليأس، وبداية لن يعمقها ويحميها سوى جماهير يقظة ومستعدة لخوض الصراع حتى النهاية ضد الديكتاتورية.

وقالت الحركة - في بيان لها - إن "الجماهير تعلمت ألا تثور من أجل أن يجني غيرها ثمار ثورتها وتضحياتها، فأي تغيير لا يُخرِج العسكر من السلطة، ويحقق الحرية والعدالة للشعب ليس سوى سطو جديد على تضحيات الجماهير، لم يعد بالإمكان تركه يحدث".

وأضافت: "أيًّا كان ما ستسفر عنه التظاهرات، أيًّا كان من يقف أو حتى لا يقف وراءها، فالأكيد أن صفحة الرعب الذي يسيطر على القلوب قد طُويت، وأصبح من قبيل المؤكد لدى الجميع الآن أن جدار الخوف الذي شيده النظام طوال السنوات الماضية آخذ في التشقق وعلى وشك الانهيار، مؤكدة أن رحيل السيسي لم يعد حلمًا بعيد المنال، بل أقرب من أي وقت مضى".

وتابعت: "بالرغم من أي نتائج يحملها قرار التظاهر، وما قد يحمله قرار كهذا على صاحبه، إلا أن شجاعة النساء والرجال، ممن أعادوا الأمل الملايين ممن أصابهم اليأس بعد هزيمة ثورة يناير، تستحق التحية كما تستحق التأمل، فلا أحد يعلم بكل تأكيد إلى أين ستقودنا شجاعة بلا قيادة ولا تنظيم، لكننا نعلم على الأقل أن الشعب أقوى بكثير مما كان يبدو عليه سابقا".

وقالت حركة الاشتراكيين الثوريين: "على مدى ست سنوات مضت منذ صعد السيسي إلى قمة السلطة على خلفية قضائه على الثورة بعد انقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي، عمد فيها الجنرال إلى ارتكاب أكبر قدر ممكن من جرائم القتل والتعذيب والإخفاء القسري مستخدما في البداية شعبية مصنوعة استطاع أن يجنيها من بث الخوف من خطر الإخوان تارة ومن مؤامرات خارجية تارة أخرى".

واستطردت الحركة: "ما حدث فقط خلال الأيام القليلة الماضية هو قدر من الاستفزاز لا يطاق من تسرب معلومات عن تورطه وأسرته في فساد منهجي بتوجيه الموارد العامة لبناء قصور رئاسية في الوقت الذي لا يزال يتمسك فيه بخطاب يطالب الناس بالمزيد من الصبر على الغلاء وعلى التقشف والإفقار".