من نحن؟

 

جماعة من المسلمين، ندعو ونطالب بتحكيم شرع الله، والعيش في ظلال الإسلام، كما نزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكما دعا إليه السلف الصالح، وعملوا به وله، عقيدة راسخة تملأ القلوب، وفهمًا صحيحًا يملأ العقول والأذهان، وشريعة تضبط الجوارح والسلوك والسياسات. أسلوبهم في الدعوة إلى الله التزموا فيه قول ربهم سبحانه: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ (النحل:125). الحوار عندهم أسلوب حضاري، وسبيل الإقناع والاقتناع الذي يعتمد الحجة، والمنطق، والبينة، والدليل.

 

 

يبين ذلك الإمام المؤسس الشهيد حسن البنا، رحمه الله تعالى في خطابه:

أيها الإخوان المسلمون .. أيها الناس أجمعون

نتقدم بدعوتنا نحن الإخوان المسلمين.. هادئة، ولكنها أقوى من الزوابع العاصفة.. متواضعة، ولكنها أعز من الشمّ الرواسي.. محدودة، ولكنها أوسع من حدود هذه الأقطار الأرضية جميعًا.. خالية من المظاهر الزائفة والبهرج الكاذب، ولكنها محفوفة بجلال الحق، وروعة الوحي، ورعاية الله.. مجردة من المطامع والأهواء والغايات الشخصية والمنافع الفردية، ولكنها تورث المؤمنين بها والصادقين في العمل لها السيادة في الدنيا والجنة في الآخرة.

 

طبيعة فكرتنا

أيها الإخوان المسلمون … بل أيها الناس أجمعون

لسنا حزبًا سياسيًا وإن كانت السياسة على قواعد الإسلام من صميم فكرتنا..

ولسنا جمعية خيرية إصلاحية، وإن كان عمل الخير والإصلاح من أعظم مقاصدنا..

ولسنا فرقًا رياضية، وإن كانت الرياضة البدنية والروحية من أهم وسائلنا..

لسنا شيئًا من هذه التشكيلات، فإنها جميعًا تبررها غاية موضعية محدودة لمدة معدودة، وقد لا يوحي بتأليفها إلا مجرد الرغبة في تأليف هيئة، والتحلي بالألقاب الإدارية.

ولكننا أيها الناس: فكرة وعقيدة، ونظام ومنهاج، لا يحدده موضع ولا يقيده جنس، ولا يقف دونه حاجز جغرافي، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها ذلك لأنه نظام رب العالمين، ومنهاج رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم.

نحن أيها الناس – ولا فخر – أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحملة رايته من بعده، ورافعو لوائه كما رفعوه، وناشرو لوائه كما نشروه، وحافظوا قرآنه كما حفظوه، والمبشرون بدعوته كما بشروا، ورحمة الله للعالمين ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾(ص: 188)، ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (الأنعام:153)، (من رسالة الإخوان المسلمون تحت راية القرآن" للإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله).

مبادئ الإخوان المسلمين

منذ أكثر من ألف وأربعمائةعام، نادى محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- في بطن مكة، وعلى رأس الصفا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (الأعراف:158). فكانت تلك الدعوة الجامعة حدًا فاصلاً في الكون كله، من ماض مظلم، ومستقبل باهر مشرق، وحاضر ذاخر سعيد، إعلانًا واضحًا مبينًا لنظام جديد، شارعه هو الله العليم الخبير، ومبلغه هو محمد البشير النذير (عليه الصلاة والسلام)، وكتابه ودستوره هو القرآن الواضح المنير، وجنده هم السلف الصالح، هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، إنه صبغة الله.. ومن أحسن من الله صبغة؟! ﴿مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ*صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ﴾ (الشورى:52،53).

والقرآن هو الجامع لأصول الإصلاح على كافة الساحات، إنه الجامع للمبادئ التي يميزها المجتمع في طريقه نحو الأمن والأمان والتقدم والريادة، وقد جمع الله للأمة في هذا القرآن تبيان كل شيء، والأسس والمبادئ التي تمثل المرجعية والضوابط ومصدر الطاقات.

ثمة مبادئ جاءت في كتاب الله وسنة نبيِّه -عليه الصلاة والسلام- يلتزم بها الإنسان المسلم، والبيت المسلم، والمجتمع المسلم، والدولة الإسلامية، والأمة الإسلامية، وهي:

- الربانية، فكل توجهات الفرد أو المجتمع أو الدولة، وكل الأعمال والسلوكيات والنظريات والسياسات تلتزم ما يرضي الله، وتعمل ما يأمر به، وتجتنب ما يغضبه.

- التسامي بالنفس الإنسانية عما يغضب الله، والارتفاع فوق الدنايا، والسعي للوصول إلى مستوى التجرد.

- الإيمان بالبعث والحساب والجزاء والعقاب.

- الاعتزاز برابطة الأخوة بين الناس والنهوض بحقوقها.

- الاهتمام بدور المرأة والرجل، كشريكين في أساسيات بناء المجتمع، الذي يلتزم التكامل والمساواة، والتأكيد على مهمة كل منهما في بناء وتقدم المجتمع.

- الحرية والملكية والمشاركة، وحق الحياة والعمل والأمن حق لكل مواطن، في ظل العدل والمساواة والقانون العادل.

- القيم والمثل من ضمانات الاستقرار، والشدة في محاربة العبث والفساد والإفساد.

- وحدة الأمة حقيقة يجب السعي لتأكيدها.

- الجهاد سبيل الأمة.

- الأمة التي تحرص على رضا الرب في السلوك والتصرف، وفي السياسة والتوجه، ويعتز أفرادها برابطة الأخوة التي تجمع بينهم وتوحد صلتهم، وتحرص على أن تعيش حرة غير مكبلة أو مهمشة، تؤكد من خلال فهمها، ووعيها وحرصها على هذه المبادئ.. على صعيد الفهم وعلى صعيد العمل:

1- الأمة مصدر السلطات

2- والعدل هو غاية الحكم فيها على مستواها وعلى مستوى العالم.

3- وتؤكد على الشورى في كافة أمورها، فلا مجال لدكتاتورية، ولا مجال لانفراد فرد بالسلطة، ولكن الاعتزاز بالحرية والدفاع عنها وتأكيدها حق لكل الناس منحه الله لها.

كما أن ثمة مبادئ تضمن صحة مسارها الاقتصادي منها:

- ألا يكون لها امتداد في أيدي الأغنياء دون الفقراء

- ومنها تحريم الربا

- وتحريم الاكتناز

- وتحريم الاحتكار

- واحترام الملكية، التي تخدم حق المجتمع، وتلتزم شرع الله.

منهج الإخوان المسلمين

مناهج الإخوان المسلمين.. منسجمة مع طبيعة الدعوة، فالإخوان المسلمون جماعة من المسلمين تسعى منذ قيامها لتجديد الإسلام وتحقيق أهدافها على المستوى المحلي والعالمي، مع مراعاة المعاصرة التي تعني استيعاب ثقافة وعلم العصر، والحفاظ على الأصالة والهوية.

وأهداف الجماعة تقتضي ثقافة تؤهل لتحقيق هذه الأهداف. فالإسلامية المعاصرة والتأصيل المكافئ من أجل تحقيق الأهداف هما ركنان أساسيان في قضية المناهج. فإنضاج الشخصية المسلمة أمر لا يتحقق دون توفير ثقافة إسلامية متكاملة تعتمد الأصول والثوابت، وتراعي المعاصرة، وتحرص على تأكيد الهوية.

كما تتميز مناهج الجماعة بالحرص على توفير مناعة للإنسان المسلم تحول بينه وبين الزلل أو الافتتان، أو أن تخدعه فكرة قريبة أو يجذبه تفكير غير سوي. من أجل ذلك كان من المهم أن يؤكد الإخوان المسلمون على القرآن والسنة نبعًا لمنهجهم؛ سعيًا لتكوين الإرادة القوية لدى الإنسان المسلم والوفاء الثابت الذي لا يعدو عليه تلون أو غدر، والتضحية التي لا يحول دونها طمع أو بخل.. والمعرفة بالمبادئ التي تفرق بين الأصيل والدخيل.. والصحيح والمزيف، وقبل كل ذلك الإيمان الذي يعصم من الخطأ، ويبعد عن الزلل، ويوفر التجرد والزهد، ويولد العطاء و البذل.

وفي هذا المجال يبرز دور التعليم ومؤسساته، ودور الثقافة ومصادرها ومؤسساتها، ودور الإعلام بكافة وسائله.

أيضًا تراعي الجماعة في منهجها أن تضع وتوفر للإنسان المسلم الميزان الذي يزن به كل ما حوله، وكل ما يحدث ويطرأ على الساحة، ومواقف القوى المختلفة وتوجهاتها، أي أن تعطي الإنسان المسلم المنظار الإسلامي الفعال الذي يرى به الأشياء والأمور. والقرآن والسنة هما بصيرة الإنسان المسلم يبصر بها قلبه، وتبصر بها عيناه فيكون وزنه وحكمه على الأمور والأشياء دقيقًا، وهذا هو أيضًا شأن الدولة بمؤسساتها التي تنهض على أساس الإسلام، وتلتزم شرع الله، وتسعى لتحقيق غاياتها.

والتصور العام للعلوم في الإسلام يجب أن يتمثل في المناهج، فهناك من العلوم ما هو مفروض فرض عين، وهناك الثوابت، وهناك التخصص، وهناك المتجدد، وهناك العلوم المحرمة والعلوم المكروهة.

ويُلاحظ في حق الإنسان المسلم ما يُفترض عليه من علوم لابد أن يلم بها ويعرف ضوابطها، كما يلاحظ أن في التخصص في العلوم ما يجعله فرض عين على كل المتخصصين.

ولكل مرحلة من مراحل حياة الإنسان المسلم منهجها الذي يناسبها، كما أن لكل مرحلة من مراحل عمل ونشاط الإنسان منهجها الذي يلبي احتياجاتها ويوفر لها الرؤية السلمية.

كما تتميز المناهج التي التزمها الإخوان المسلمون في التربية بتوحيد الفهم، والالتقاء على رؤية؛ حتى لا يكون للإسلام صوره المتعدة في نفوس الناس نتيجة غياب المنهج الصحيح.. ومن ثم يأتي تعميم المناهج الإسلامية العلمية والعملية طريقًا عمليًا في دعوة الإخوان المسلمين. وإن نقل الإنسان من اللإسلامية إلى الإسلامية، ومن غير الملتزم إلى الإسلامية الواعية الفاهمة الملتزمة هو عمل شامل ولكنه ضروري، ومن ثم يستلزم مناهج تكافئ وتحقق النقلة المطلوبة.

ولا يترك المنهج الإسلامي ثغرة ينفذ منها ضلال أو بلبلة لعقل الإنسان المسلم أو قلبه، ومن ثم فهو منهج حريص على سد الثغرات ومنافذ الفتنة والتشكيك. وفي نفس الوقت تهيئ الإنسان المسلم لمواجهة الوافد والتعامل معه وهو على أرض صلبة يدعمه الفهم الصحيح والوعي الناضج.

والالتزام بالمنهج الإسلامي يبرز خصائص ينفرد بها الإنسان المسلم وتنفرد بها الجماعة المسلمة. ولكل مرحلة من المراحل خصائصها، كما أن لها شعاراتها. وإن كان للجماعة شعارات تظل تؤهلها لكل المراحل والفترات كما تعبر عن مناهجها، وفي نفس الوقت تعبر عن مسيرة الجماعة وسبلها ووسائلها وغاياتها وأهدافها، ويأتي على رأسها شعار الجماعة التي مازالت ترفعه وترددها حتى اليوم، وهو الذي تهتف به، بالله ربها غاية، وبالرسول زعيمًا وإمامًا، وبالجهاد سبيلاً.

والمنهج الذي اتبعته الجماعة يؤكد على النظام والترتيب، والتزام المسيرة، وممارسة النقد البناء، واحترام الرأي الآخر، كما يتوفر في هذا المنهج الاستعداد للتجديد والتطوير، والاعتراف بالتدرج، وعدم التفريط.

ومنهج الإخوان المسلمين في الإصلاح الاجتماعي وفي التربية تبرز فيه معالم مهمة أساسية تمثل أساسياته ومرتكزاته، ومن أهمها:

1 – الربانية.

2 – التسامي بالنفس الإنسانية.

3 – تقرير عقيدة الجزاء والثواب.

4 – إعلان الأخوة الإنسانية.

5 – الرجل والمرأة شريكان في بناء المجتمع، ومن ثم فيجب التركيز والتأكيد على مهمة كلٍ منهما.

6 - التوازن بين حاجة الروح وحاجة الجسد.

7 – تأمين المجتمع بتقرير حق الحياة والأمن والحرية والتمللك والعمل والصحة وإبداء الرأي.

8 – التأكيد على الوحدة، ونبذ التفرق، والسعي لإزالة الخلافات والمشاحنات.

وهذا المنهج يدعو إلى التفاؤل متمثلاً قول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا﴾ (آل عمران: 139)، ويحضُّ على الحياة، وعلى القوة، وعلى العمل والإنتاج، ويؤكد على العزة.. عزة المسلم يستمدها من عزة ربه سبحانه وتعالى: ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (المنافقون: 8).

كما يؤكد على الريادة والخيرية ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ (آل عمران: 110)، وفي حضه على الحياء: يعتبره الرسول – صلى الله عليه وسلم - نصف الإيمان.

أما في حضه على القوة فتؤكد عليه آيات الحق تبارك وتعالى في القرآن الكريم ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ (الأنفال: 60)، ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ﴾ (النساء:74).

خصائص الدعوة

1- دعوة سلفية: لأنهم يدعون إلى العودة بالإسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

2- وطريقة سنية: لأنهم يحملون أنفسهم على العمل بالسنة المطهرة في كل شيء ، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً.

3- وحقيقة صوفية: لأنهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس، ونقاء القلب، والمواظبة على العمل، والإعراض عن الخلق، والحب في الله والارتباط على الخير.

4- وهيئة سياسية: لأنهم يطالبون بإصلاح الحكم في الداخل، وتعديل النظر في صلة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم في الخارج، وتربية الشعب على العزة والكرامة والحرص على وحدته وهويته.

5- وجماعة رياضية: لأنهم يعنون بجسومهم، ويعلمون أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لبدنك عليك حقًا".

6- ورابطة علمية ثقافية: لأن الإسلام يجعل طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.

7- وشركة اقتصادية: لأن الإسلام يعني بتدبير المال وكسبه من وجهه المشروع، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: "نعم المال الصالح للعبد الصالح" ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب العبد المحترف".

8- وفكرة اجتماعية: لأنهم يعنون بأدواء المجتمع الإسلامي ويحاولون الوصول إلى طرق علاجها وشفاء الأمة منها.

وقد امتازت جماعة الإخوان المسلمين عن سواها من الدعوات بما يلي:

1- البعد عن مواطن الخلاف الفقهي: لأن الإخوان يرون أن الاختلاف في الفرعيات أمر ضروري، لا بد منه، إذ أن أصول الإسلام آيات وأحاديث وأعمال تختلف في فهمها وتصورها العقول والأفهام، وليس العيب في الخلاف ولكن في التعصب للرأي.

2- البعد عن هيمنة الكبراء والأعيان: فهي دعوة مجردة عن المصالح والأهواء ولذلك لا يقبل عليها هؤلاء بحكم مصالحهم ورغبتهم في استغلال كل شيء لتحقيقها، إلا القليل من هؤلاء.

3- البعد عن الهيئات والأحزاب: فالإخوان يرفضون التعصب الحزبي الذي يدعو إلى التنافر والتنافس على المغانم والمواقع، وإنما تقيم علاقاتها مع الجميع على قاعدة العمل والبناء والتعاون فيما يتفق عليه.

4- التدرج في الخطوات: فالدعوة تسير بخطى واضحة في مراحل محددة من تعريف وتكوين وتنفيذ، وهذه قد تسير جنبًا إلى جنب حتى تتحقق الغاية المرجوة.

5- إيثار الناحية العملية الإنتاجية على الدعاية والإعلانات: فالإخوان يحرصون على إخلاص العمل والتفاني فيه، وهم يوازنون بين ذلك وبين إذاعة الخير والأمر به والمسارعة إلى إعلانه ليتعدى نفسه إلى سواه، ويدرك الإخوان أن التهريج والدعاية المبالغ فيها يترك أثرًا سيئًا ويضلل.

6- إقبال الشباب على الدعوة: وهي إحدى خصائص هذه الجماعة المباركة، حيث يتسارع انتشارها بين هذه الطبقة. أما أهم ما تمتاز به جماعة الإخوان المسلمين فهي كونها دعوة ربانية يتقرب الناس بها إلى ربهم فشعارها ( الله غايتنا ) وهدفها تحقيق العبودية الخالصة لله. ودعوة الإخوان دعوة عالمية، لأن الإسلام موجّه للناس كافة والناس تربطهم أخوة إنسانية، فالإسلام لا يؤمن بالعنصرية الجنسية، ولا يقر عصبية الأجناس والألوان، ولكن يدعو إلى الأخوة العادلة الرحيمة بين بني الإنسان.

أهداف الإخوان المسلمين

حدد الإمام البنا الأهداف التي تسعى الجماعة إلى تحقيقها بإيجاز فقال:

"نحن نريد الفرد المسلم، والبيت المسلم، والشعب المسلم، والحكومة المسلمة، والدولة التي تقود الدول الإسلامية، وتضم شتات المسلمين وبلادهم المغصوبة، ثم تحمل علم الجهاد ولواء الدعوة إلى الله تعالى حتى يسعد العالم بتعاليم الإسلام.

وركّز الإمام الشهيد على هدفين حيث قال: "أذكر دائمًا أن لكم هدفين أساسيين:

1 – أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي، وذلك حق طبيعي لكل إنسان لا ينكره إلا ظالم جائر أو مستبد.

2 – أن يقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعي، وتعلن مبادئه القديمة، وتبلغ دعوته الحكيمة إلى الناس، وما لم تقم هذه الدولة فإن المسلمين جميعًا آثمون مسئولون بين يدي الله العلي الكبير عن تقصيرهم في إقامتها وقعودهم عن إيجادها.

وحدد الإمام الأهداف المرحلية التي تصل بالمسلمين أو يصل المسلمون من خلال تحقيقها لهذين الهدفين الكبيرين على هذا النحو الدقيق والواضح:

1 – تكوين الإنسان المسلم قوي الجسم، متين الخلق، مثقف الفكر، القادر على الكسب والعمل، سليم العقيدة، صحيح العبادة، القادر على مجاهدة النفس، الحريص على الوقت، المنظم في شئونه، النافع لغيره ولمجتمعه ولوطنه.

2 – البيت المسلم: المحافظ على آداب وخلق إسلامه في كافة مظاهر الحياة المنزلية والمجتمعية. وحين يحسن تكوين الإنسان المسلم عقائديًا، وتربويًا، وثقافيًا.. سيُحسن اختيار الزوجة، وتوقيفها على حقها وواجباتها والمشاركة معها في حسن تربية الأبناء، وحسن التعامل مع الآخرين، والعمل لما فيه صالح المجتمع والأمة.

وحين تتكون الأسرة المسلمة.. سيتحقق وجود المجتمع المسلم الذي تنتشر في أرجائه وعلى ساحته دعوة الخير ومحاربة الرذائل والمنكرات، ويتم تشجيع الفضائل ويتم العمل والإنتاج.. والأمانة والعطاء.. والإيثار.

والوصول إلى المجتمع المسلم.. سيوصِّل إلى اختيار الحكومة المسلمة.. التي تلتزم شرع الله.. وترعى الله في الشعب، وترعى وتحافظ على حقوقه، وتلتزم القانون في تأكيد حق الإنسان في الحرية والأمن والعمل والانتقال، والتعبير عن الرأي، ومزاولة حقه في المشاركة واتخاذ القرار.

والحكومة المسلمة، التي سيفرزها المجتمع المسلم، تؤدي مهمتها كخادم للأمة، وأجير عندها، عاملة على مصالحها، وهذه الحكومة يلتزم أعضاؤها إسلامهم وتعاليمه يؤدون الفرائض.. وتستعين بغير المسلمين من أنحاء المجتمع؛ من أجل تحقيق نفع الأمة وخيرها.

وقيام حكومة إسلامية يختارها مجتمع مسلم في حرية تامة.. والتزام هذه الحكومة بشرع الله عز وجل سيؤدي إلى وجود الدولة الإسلامية النواة.. الدولة التي تقود الدول الإسلامية، وتضم الشتات، وتستعيد المجد، وترد على المسلمين أرضهم المسلوبة.

وقيادة الدولة الإسلامية من خلال دولة قائدة تتوفر لها صفات وإمكانات ومقومات القيادة ليست مطلبًا بل عملاً راشدًا ومسئولية ضخمة.. تجعل وحدة الأمة الإسلامية أمرًا ليس بالبعيد، خاصة ومجموع الفوائد السياسية والاقتصادية والعسكرية- التي ستتحقق للمسلمين بل العالم كله- لا تُعد.

وقيام الدولة الإسلامية الواحدة أو الولايات الإسلامية المتحدة.. تعيد الكيان الدولي للأمة.. وتؤكد درورها الحضاري ودورها في تحقيق السلام والأمن الحرية في العالم، وتحول دون محاولات الهيمنة من قِبل قوى أخرى.

ويقول الإمام "إن المسلمين جميعًا آثمون مسئولون بين يدي الله العلي الحكيم عن تقصيرهم في إقامتها وقعودهم عن إيجادها، ومن الظلم للإنسانية في عالمنا المعاصر، أن تقوم فيه دول على ساحة العالم الإسلامي تهتف بالمبادئ الظالمة، وتنادي بالدعوات الغاشمة، وتصادر حقوق الإنسان.. ولا يكون هناك من يعمل لتقوم دولة الحق والعدل والسلام والأمن والحرية.

أما الهدف الذي ستضطلع به الدولة الإسلامية الواحدة فهو: نشر الإسلام في العالم، والدعوة إلى قيمه ومثله وفضائله، وتأكيد قيم الحرية والعدل والمساواة، وإخلاص الوجهة لله عز وجل.. وما أثقل التبعات وما أعظم المهمات يراها الناس خيالاً، ويراها الإنسان المسلم حقيقة؛ فهو لا يعرف اليأس.. ولا يقعد عن مواصلة السير والعمل والعطاء لبلوغ الغاية؛ إرضاءً لله سبحانه وتعالى".

نحن أمام حقائق تفرض نفسها:

- أننا أمة لا عز لها ولا مجد إلا بهذا الإسلام عقيدة وفهمًا وعملاً.

- أن الإسلام وحده هو الحل لكافة مشاكل الأمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية والخارجية.

- أنه بالإسلام سيكون لكل عامل عمل، ولكل طالب محتاج راتب، ولكل فلاح أرض، ولكل مواطن سكن وزوجة، ومستوى من العيش يليق بالإنسان.

- أن مشكلات احتلال الأرض لن تنتهي إلا من خلال رفع علم الإسلام وإعلان الجهاد.

- أن الوحدة العربية لن تتم إلا بالإسلام، وأن توحيد وتحقيق وحدة المسلمين لن يتم إلا بالإسلام. وأن تغيير الميزان لصالح المسلمين أمر ليس بالمستحيل حين يكون هناك التزام بالإسلام.

- وأن العمل لإقامة الحكومة الإسلامية فريضة. وأن التجمع على أساس الإسلام فريضة. وأن كل تجمع لإقصاء الإسلام لا يجوز، ومن ثم فهو مرفوض في فهم وعرف الإنسان المسلم.

- وأن إقامة الدولة الإسلامية أكثر إمكانًا من غيرها.. فإذا كان أهل الباطل، والذين يعبدون الجماد أو الإنسان أو الحيوان يسعون لتغيير كل شيء- وهم على باطل- فكيف يستبعد المسلم إقامة دولة الإسلام على أرض الإسلام؟

- أن الإسلام يعطي لكل مواطن- له صفة المواطنة على الأرض الإسلامية- حقه في العبادة والحرية والأمن والعمل وحرية إبداء الرأي والانتقال..

- وأن التطبيق الإسلامي وحده هو الذي يجمع للأمة أعلى درجات القوة ماديًا ومعنويًا، وأعلى درجات الإنتاج والعطاء، وأعلى درجات التوزيع العادل للثروة، وأعلى مستويات الشفافية.

وسائل الإخوان المسلمين

الكلام عن الأهداف عند الإخوان المسلمين يرتبط بالوسائل التي تعين وتمهد الطريق وصولاً لتحقيق تلك الأهداف.

الإنسان المسلم

إذا كان تكوين الإنسان المسلم يمثل هدفًا أساسيًا من أهداف الإخوان المسلمين، والإنسان المسلم هو رجل وامرأة، وطفل وطفلة، وشاب وفتاة، فالوسائل لتكوين هذا الإنسان المتميز في عقيدته وإيمانه وفهمه وعمله وعطائه تجتمع في:

- المربي الذي ينهض بعملية التربية والتكوين.

- المنهج المأمول والمطلوب.

- البيئة التي يجب أن يتوفر فيها المناخ والإمكانات.

وتعطي جماعة الإخوان المسلمين أهمية كبيرة للتربية؛ فهي السبيل لتأصيل الفهم، وتصحيح وضبط العمل والفعل، وبيان الحلال والحرام، وأيضًا بيان الواجبات وضرورة النهوض بها؛ وصولاً للأجر والثواب عند الله عز وجل. كما أنها في الوقت نفسه تمثل السبيل لتأكيد وترشيح معاني ومعالم الأخوة والثقة والترابط؛ لأن معينها هو القرآن والسنة. وأي خلل في واحد من الثلاثة يترتب عليه خلل، ولاشك في تخريج الشخصية المسلمة والجهة التي يقوم بمهمة العطاء، والمتابعة في مجال التربية يجب أن يتمثل فيها الفهم الصحيح لدورها، ويتوفر عندها الجهد اللازم للقيام بمهمتها.

وتُقاس وتقوم التربية الصحيحة المثمرة بقدر ما يستنير عقل الإنسان وقلبه بالعلم والذكر والعمل والعطاء، فهي مقاييس للنضج الذي ينبغي أن يكون من علاماته وولائه وِرْد الإنسان المسلم اليومي، واعتكافه السنوي، وقيام الليل، وحرصه على الخلق الرفيع، وتجرده للمصلحة العامة، وإنكاره للذات، وتفوقه في العلم والمعرفة، وحرصه على آداء دوره في أسرته ومجتمعه، وفي بيته وعمله.

وبالطبع هناك اهتمام وحرص على حفظ القرآن والأحاديث، والربط بين الحفظ والعمل والتدين الذي يحظى باهتمام بالغ لدى الإخوان المسلمين، وتلتزم منهجًا نبعه القرآن والسنة، وتعطي اهتمامها بتنشئة وصقل الشباب والكبار والأطفال في إطار تنظيم وترتيب، يصاحبها تقديم للعمل التربوي؛ حرصًا على بلوغ الهدف المنشود والمرسوم.

البيت المسلم

وإذا كان البيت المسلم هو الهدف الثاني من بين الأهداف التي تسعى الجماعة لتحقيقها، فإن الوسائل المؤدية إلى تحقيقه وتجسيمه على أرض الواقع تعطيها الجماعة الأهمية ما يتحقق الوصول إلى ذلك الهدف، ومن ذلك:

1 – إعطاء الإنسان المسلم الاهتمام المطلوب لبيته سواء كان زوجًا أو زوجة أو أبناء.

2 – إعطاء العمل النسائي حقه من خلال الكتاب والرسالة واللقاء والحلقة النسائية، وفي إطار تكوين عالٍ للإنسانة المسلمة.

3 – اختيار الزوجة الصالحة والزوج الصالح.

4 – ربط الأبناء بالأنشطة والفاعليات المثمرة.

5 – إنشاء وتكوين الأجهزة التي ترعى شئون الأسرة على كافة المستويات، وتفصيل دور الإنسانة المسلمة في العمل والعطاء والبناء.

6 – تنقية جو البيت من المخالفات، في إطار المعرفة الصحيحة للضوابط والضمانات التي جاءت في الكتاب والسنة.

7 – الكتاب النسائي والحلقة المسجدية "المكتبة النسائية".

8 – بحث إزالة العقبات التي تحول دون تكون البيت المسلم.. مادية وغير مادية.

المجتمع أو الشعب المسلم

من الصعب وجود أو إيجاد تطبيق إسلامي على مستوى الحكم والحكومة إلا من خلال شعب يحركه الإيمان، ويعرف أهدافه وغاياته من خلال فهمه لكتاب ربه وسنة رسوله وعمله بمقتضاهما، فالحكومة الإسلامية لا تقوم على فراغ، ولكن على أساس من الإيمان، وأساس من الفهم الصحيح يؤكده عمل وبذل وعطاء؛ سعيًا لمثوبة وأجر من عند مَن أنزل الإسلام على رسوله – صلى الله عليه وسلم – ليبلغه للناس فيرسخ في القلوب إيمانًا، وفي العقول والأذهان فهمًا، وعلى الجوارح وعلى التصرفات والسلوك والسياسات عملاً وتطبيقًا.

ثَمة أمر في غاية الأهمية أشار إليه الإمام البنا.. يؤكد على رؤياه للأمر من كافة زواياه وعلى كافة مستوياته إذ يقول: "لابد من فترة تنتشر فيها المبادئ ويتعلمها ويعمل بها الشعب. وحتى يؤثر المصلحة العامة والغاية العظيمة على المصالح الذاتية والغايات الصغيرة".

ثم يقول: "ليست الوسيلة هي القوة، فالدعوة الحق إنما تخاطب الأورواح أولاً وتناجي القلوب وتطرق مغاليق النفوس، ومحال أن تثبت بالعصا أو أن تصل إليها على أسنَّة الرماح، ولكن الوسيلة في تركيز كل دعوة وثباتها في القلوب والأفهام لتكون واقعًا عمليًا على الساحة.

ويأتي وجود المجتمع المسلم أو الشعب المسلم عن طريق التعريف والتكوين. وقد ركز الرسول الكريم – عليه الصلاة والسلام – دعوته في نفوس الرعيل الأول من أصحابه.. حين دعاهم إلى الإيمان والعمل، وجمع قلوبهم على الحب والإخاء، فاجتمعت قوة العقيدة إلى قوة الوحدة، وهكذا سار الدعاة على نهج نبيهم – عليه الصلاة والسلام – فقد نادوا بالفكرة ووضحوها ودعوا الناس إليها؛ ليؤمنوا بها ويعملوا على تحقيقها ويجتمعوا عليها حتى ازدادت فكرتهم بهم ظهورًا وانتشارًا حتى بلغت مداها، وتلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلاً".

إن الطريق لإيجاد الشعب المسلم هو التعريف بالإسلام والجماعة، والتكوين على خلق وقيم الإسلام وفضائله وآدابه وسلوكياته، من خلال الحلقات العامة، وعبر وسائل الإعلام، ومن خلال الكتاب والرسالة والحوار والدعوة الفردية.. على ضرورة ارتكاز التربية على تأصيل وتأسيس قيم التضحية والعطاء.

الحكومة الإسلامية

سبل الوصول للحكومة الإسلامية:

رفع الإخوان شعارًا التزموا به من خلال فهمهم للإسلام وعملهم له والتزامهم بقيمه. جاء ذلك كما حدده الإمام الشهيد في قوله: "الإخوان المسلمون لا يطلبون الحكم لأنفسهم، فإن وُجد من الأمة من يستعد لحمل هذا العبء وآداء هذه الأمانة والحكم بمنهج إسلامي قرآني فهم جنوده وأنصاره". فالإخوان ليسوا طلاب حكم أو دنيا، والحكم عندهم ليس بغاية، ولكنه وسيلة وأمانة وعبء وحمل ثقيل". وهو يضيف: "أن الإخوان أعقل وأحزم من أن يتقدموا لمهمة الحكم ونفوس الأمة على هذا الحال، فلابد من فترة تنتشر فيها المبادئ ويعرف فيها الشعب كيف يؤثر المصلحة العامة، وكيف ينهض بدوره"، ومعنى ذلك أن الشعب المسلم هو وسيلة الوصول إلى الحكومة المسلمة، وأن الشعب هو صاحب الحق في اختيار حكومته، والانحياز إلى من يريد.

الدولة الإسلامية

الهف الخامس والمتمثل في الدولة الإسلامية التي تقود الدول الإسلامية إلى الوحدة، وتضم شتات المسلمين، وترد أرضهم السليبة، والوسيلة لإقامتها تتمثل في العمل المنسق الموحد منذ البداية، ومن ثم كانت الدعوة الواحدة والتنظيم الواحد والتخطيط المشترك والتربية الواحدة المنبثقة من كتاب الله وسنة نبيه؛ توحيدًا وتنظيمًا وترتيبًا للصفوف، وتنسيقًا بين الساحات، والتقاء على الهدف والغاية.. على اعتماد الوسائل المعتمدة للوصول إلى هذه الدولة النواة.

الدولة الإسلامية الواحدة

الهدف السادس وهو إقامة الدولة الإسلامية الواحدة.. أو دولة الولايات الإسلامية المتحدة، التي تضم أقطار المسلمين.. دولة واحدة تخضع لقيادة واحدة، تكون مهمتها التأكيد على التزام شرع الله والعمل به، والاضطلاع برسالته، وتعزيز الوجود الإسلامي على الساحة العالمية. والوسيلة إليها تتمثل في السير في المقدمات الصحيحة التي تفرز القواعد السليمة الصالحة، ومنها يكون الانطلاق الإسلامي في كل الأقطار لتصب في النهاية في تحقيق هذا الهدف الكبير.

الدولة الإسلامية العالمية

أما الهدف السابع ويتمثل في السعي لإقامة الدولة الإسلامية العالمية.. التي تؤكد على حق كل إنسان في أي مكان، في الحرية، والأمن، وإبداء الرأي، والعبادة، والوصول إلى قيام الدولة الإسلامية الواحدة.. يؤدي كوسيلة مضمونة إلى تحقيق هذا الهدف الكبير، وليس ذلك بحلم بل هو حقيقة بشَّر بها الرسول – صلى الله عليه وسلم -.

وإذا كانت الدولة الإسلامية تنهض على الإيمان أساسًا لها ومبعثًا لحركتها، وكطاقة تمدها بالقوة والقدرة على المضي في الطريق والسعي للهدف، فهي أيضًا تعتمد العلم أساسًا وسبيلاً لتحقيق التقدم والمنعة والأمن للأمة، والحصار العلمي والتكنولوجي الذي تفرضه أمريكا بوجه خاص على العالم العربي والمسلمين يوضح لنا مدى أهمية العلم في توفير كافة أنماط السلاح الحديث، الذي يحمي ويحول دون العدوان.. ويواجه محاولات وسياسات السيطرة والهيمنة. كما أنه يبين مدى تقصير حكوماتنا العربية والإسلامية.. حين خضعت لهذا الحصار والتزمته في حين لم يلتزم به أعداؤها، ومن ثم صار ميزان القوى في صالحهم، وعلى حساب العرب والمسلمين.

لقد جعل الإسلام العلم فريضة.. وحث المسلمين على طلبه والسعي إليه مهما كان موطنه، فقال عليه الصلاة والسلام: "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"، وكما قيل "اطلبوا العلم ولو في الصين".

وابن تيمية يقول في شأن العلم - وله سند ولا شك من شرع الله الذي جعل العلم فريضة، وحثَّ علي طلبه والسعي إليه،: "إذا بزّ غير المسلمين المسلمين في علم أو فن.. فكل المسلمين آثمون".