بقلم: صادق أمين

1- كن صاحب دعوة ولود

نعم أيها الداعية إلى الله.. أريدك أن تكون داعية ولودًا.. قد تكون أخي الداعية ممن يملك الكلمة المؤثرة، أو ممن يحرك القلوب المتحجرة، وممن يهز المنابر، وممن يلتف حوله المستمعون وقت الحديث.. وفي كلٍ خير.

ولكن.. الدعوة الولودة تحتاج إلى داعية صاحب هَمٍّ.. قادر على التوريث الدعوي.. إنه الداعية الذي كل همه أنْ يلدَ داعيةً مثله، يحمل رايته من بعده، ويواصل مسيرته.. يسير على طريقه ومنهجه.. فكن أخي الداعية ذاك الرجل الذي يحمل دعوة النور للعالمين.

فامتلك أخي الداعية مقومات التوريث.. وكن صاحب سجل للخلود.. وكن صاحب أثر، قال الله تعالى: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ﴾ (يس: 12).

فيا أيها الداعية إلى الله.. في الناس كثير من نجباء القوم ومن الرواحل وممن توفرت فيهم صفات الرجولة الحقة.. ابسط لهم يديك، وأغدق عليهم من علمك، وأكسبهم من خلقك وأدبك.. عش بهم في ظلال الدعوة الوارفة.. انهل لهم من معينها.. أشربهم مشاربها العذبة.. أفض عليهم من سلسبيلها الرقراق.. حتى يقوى عودهم.. حينئذ يخرجون إلى الكون دعاة وارثين.. وأبناء مطيعين لك ولدعوتك.. حاملين راية الحق المبين.. مساندين لجهدك.. مباركين لعملك.. فاتحين لدعوتك.. هذا هو نسب الأبناء عن الآباء في دعوتنا المباركة.. ولا تنسى أنَّ في العقم يتم.. فلا تقبل لدعوتك أن تكون يتيمة أو عقيمة.

2- وللصيد فنون

أيها الداعية.. إذا أردت أن تصيد، فالقلوب مهيئة، والنفوس قد نزلت الميدان، ومعركتنا معركة تربوية.. والكل يسابق للفوز.. وأنت تحمل أسمى غاية لأجمل دعوة.. كسب القلوب طريقنا.. والبسمة أول الطريق، وسهامها لا تخيب، فهي صدقة، ولكنها أيضًا تفتح مغاليق القلوب.. ويأتي بعدها سلام شديد.. تتجلى فيه حرارة الحب في الله، ويسري فيه نبض المحبة الإيمانية، ثم أتبع ذلك بأجمل الكلمات، وانتقِ أطايب الكلام المبشر بالخير.. "بشروا ولا تنفروا، يسروا ولا تعسروا"، وللوقفة في المدلهمات دور عظيم في تحقق الصيد ونجاحه.. فُكَّ أخي الداعية لصيدك ضائقة أصابته، عالج له أزمة، يسر له عسرًا نزل به، امش معه في حاجة مهمة له، اسع لخدمته بكل ما لديك من وقت وجهد وطاقة، أنت بذلك تملك قلبه رويدًا رويدًا.. ولا تنس أن تعلي من شأنه.. استشره في بعض أمورك.. احترم رأيه.. صوب قوله.. أبرز رجاحة عقله.. عرِّف به من هم في حضورك.. سلِّط عليه أضواء المعرفة.. افتح له بابًا للولوج منه إلى ميدانك الرحب.. ودعوتك الحبيبة.. حينئذٍ فقد وضعته في جيبك وملكت عليه قلبه.. وختامًا هنيئًا لك فقد وقع في شراك صيدك الدعوي، وانضم إلى قافلتك المباركة.

3- مكانة الديك في دعوتنا

أيها الداعية كن كالديك!! نعم..كن أيها الداعية إلى الله كالديك في دعوتك.. فهو يحتاج إليه الناس.. يسعى جاهدًا لهم يبشرهم في ظلمة الليل الدامس بقرب طلوع الفجر.. فكن ذاك المبشر.. ينادي في القوم في شدة حلكة السواد واجتماع الهموم على العباد وما أكثرها.. ينادي فيهم أن زوال الهموم والآلام قد اقترب.. فكن ذاك المفرج للهموم والباعث للأمل في النفوس.. فكم من غافلٍ ينتظر انتباهة على يديك.. وكم من نائمٍ ينتظر يقظةً من نومه بفضلك.. فلا تيأس أخي الداعية إذا هجم عليك ظلام الليل.. فاصبر كما صبر الديك حينما أُسدل عليه ستار الظلام، وانتظر حتى ترى بياض الفجر وهو آتٍ بإذن الله.. حينئذ أبشر وبشر الناس معك بأن الغمة قد زالت.. ونادي في النهار أيضًا.. بأنَّ الوقت غالٍ وثمين.. فلا تذهبه سدى.. بل طالب الناس بأن يغتنموا الأوقات الصالحات، وأن يستبقوا الخيرات قبل حلول الظلام.. لعلها ساعة الوداع لنهار الحياة.

4- وللدعوة هدهدها

أيها الداعية إلى الله..
هل لك من فتحٍ يفتح الله به عليك؟.. كن هدهدًا كهدهد سليمان.. امتلك زمام المبادرة.. بادر وكن إيجابيًا.. تحرك بدافع الذاتية.. أجعل همك في دعوتك.. تجاوز الحدود الضيقة التي تحبس نفسك بداخلها.. ميدانك رحب فسيح.. اسبح في الكون كله.. قف على الأبواب والطرقات.. الْحَظْ ما حولك.. ستجد مَن يحتاج إليك.. قالها لك الإمام المؤسس: "سيروا في الطرقات والشوارع مرةً في الوحل ومرةً في الطين، وسيفتح الله عليكم هذا الشعب.. كم من أمة وكم من منطقة وكم من حارة وكم من نفوس وكم من قلوب، تحتاج إلى هدهد سليمان.. يكون سببًا في هدايتها.. كن ذاك الهدهد.. انطلق.. سارع.. سابق.. بادر.. الميدان أمامك.. احمل الدعوة بين جنبيك.. والقلوب متفتحة لك.. والنفوس عطشى لما بين يديك.. فلا تتقاعس عن رؤية ما رأه الهدهد، كما فعل عفريت الجن والذي عنده علم من الكتاب... كن أنت صاحب الهم. الإيجابي.. المبادر.. اليقظ.. المتحرك.. المتفاعل.. الذاتي الحركة.. وأبشر بالخير.. نصر من الله وفتح قريب، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.