بقلم: صادق أمين

مَن منا لم يشعر بالغضب، أو يتملكه في لحظة من اللحظات، ولكن السؤال: كيف نتعامل معه، ويكون أسيرًا لنا ولا نكون نحن أسرى له؟

تعريفه: يقول الجرحاني: الغضب: تغير يحصل عند فوران دم القلب ليحصل عنه التشفي في الصدر)، وقال الراغب: (هو ثوران دم القلب إرادة الانتقام).. وعلى هذا فالغضب يمكن أن يكون إيجابيًا، ولكن معظم الغضب سلبي.

أنواع الغضب

الأول- النوع المحمود:

هو ما كان للقيم والمبادئ المشتقة من كتاب الله وسنته، وهو دليل على قوة الإيمان والانتصار للحق؛ حيث أقرَّه النبي- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"؛ لأن هذا النوع من الغضب هو الذي يدفع صاحبه بعد ما يرى ما يُغضب الله إلى إنكار المنكر وتغييره.

النوع الثاني- المذموم:

وينقسم هذا النوع إلى قسمين:

1- الطبيعي: وهو ما يحدث دومًا، وسرعان ما يختفي وسببه ما يرى الإنسان مما لا يُعجبه من الأقوال والأفعال التي تتكرر أمامه في اليوم عشرات المرات.

2- غير طبيعي: وهو الهياج الذي يطول ويدمر، وينتج عنه الكثير من الخسائر، هذان القسمان من الغضب هما اللذان نهى عنهما الإسلام، وحذَّر منهما، ووعد بثواب كبير لمن تركهما؛ لما يسببان من خسائر كثيرة للمسلم، وما يؤدي به إلى ضعف يتنافى مع التوجه إلى القوة التي دعا إليها الإسلام.

وهو الغضب الذي عناه الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءه مَن يطلب الوصية فقال له: "لا تغضب".

أسباب الغضب

1- الضجر من الرأي المخالف:

خاصةً إذا لم يكن في أمر من أمور الدين أو ما يسوغ فيه الخلاف، وسبب ذلك عدم التعود منذ الصغر على احترام الرأي الآخر والتنشئة الخاطئة للوالدين بسلوكهما للتسلط المركزية، وإلغاء الرأي الآخر.

2- كثرة الضغوط:

سواء الخاصة بتكاليف وأعباء البيت والأبناء والزوجة، أو ما يتعلق بالعمل والواجبات الملقاة عليه، خاصةً إذا كان يعمل تحت ضغط مدير متسلط أو شديد المراقبة لموظفيه.

3- الشعور بالضغط:

خاصةً أمام مَن يظلمه، أو مَن لا يقدر على ردِّ ظلمه، مما يؤدي إلى الشعور بعدم الفائدة، أو الشعور بالإحباط والهيجان في وجه مَن له قدرة عليهم.

4- نسيان حقيقة البلاء وأسبابه:

فعندما ينسى الإنسان أنَّ البلاء حق على ابن آدم، وعندما ينسى غايات البلاء التي ذكرها الله في كتابه الكريم من التمحيص والتنبيه على الأخطاء أو صرف ما هو أكبر وغيرها من الأمور فإنه يغضب عند البلاء، ويظن أنه وحده مَن يُبتلى، ويحتجُّ على ذلك بصورة الغضب.

5- نسيان الأجر والتكفير عن الذنوب:

فما من بلاء إلا ويكون سببًا في رفع الدرجات، والتكفير عن السيئات، كما جاء عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم-: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يُشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه".

6- ضعف الإيمان بالقدر:

ابتعاد الإنسان عن أصول وحقائق الإيمان كالإيمان بالقضاء والقدر من أكبر الأسباب التي تدفعه إلى الغضب؛ ذلك لأن المؤمن بالقضاء والقدر، يستسلم عند نزول البلاء، ويتذكر أنه مُقدَّر من ربه فلا يزيد على قول: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، وتسكن نفسه ولا يضطرب، انطلاقًا من قوله تعالى: "الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" (البقرة: 156).

أضرار الغضب

للغضب أضرار كثيرة صحية ومعنوية:

أ- الصحية: ضغط الدم، والقرحة، وبعض أمراض القلب، والكثير من الأمراض الجلدية، والكثير من الأمراض النفسية.

ب- المعنوية:

1-  تقليل المقدرة على التفاعل بإيجابية مع الحياة، فالغضب يوقع الإنسان في الكثير من الاحتكاكات مع الآخرين أو مع نفسهن فيضيع الكثير من الأوقات عن الاستفادة الحقيقية من الوقت والبناء.

2- يعمى الإنسان عن حب الأمور الإيجابية أو رؤيتها؛ لأنه يصبح يرى بهواه، أو بما يُملي عليه غضبه وتعصبه.

3-  يُضيِّع على الإنسانِ الكثيرَ من الفرص.

4- يفقده التحكم في نفسه، وفي الآخرين.

5- يهدم له الكثير من الإنجازات، فالناسُ عندما يرونه غاضبًا يتفوه بما لا يليق ويفعل ما لا يليق أثناء الغضب، وينسون جميع إنجازاته ولا يتذكرون إلا صورته وهو غاضب.

6- يوقع الإنسان في الكثير من المشكلات.

7- يسهل على خصومه الانتصار عليه.

8- سبب رئيس للكثير من الجرائم والمشكلات الاجتماعية كضرب الزوجات والأبناء والطلاق وغيرها.