مَن شرفَ بالخدمة في قواتنا المسلحة أو قرأ في التاريخ العسكري يعرف أهمية "التمهيد النيراني" الذي تقوم به المدفعية الثقيلة لإفساح الطريق أمام قوات المشاة لتطهير أرض المعركة من الأعداء، ومن أمثلته ما قام به أكثر من 2000 مدفع دكت قلاع بارليف الحصينة قبيل عبور القناة في حرب أكتوبر.

 

ولمن يحتاج إلى توضيح أكثر نذكره بما تعايشه هذه الأيام أكبر قوة شعبية منظمة معادية للدكتاتورية والفساد والتي خرجت من الثورة العظيمة منتصرة بفضل الله تعالى ثم بفضل الالتفاف الشعبي حول مشروعها ورجالها، فإذا بها تتعرض لهجوم مضاد كاسح يسبقه تمهيد نيراني إعلامي لا مثيل له تمهيدًا لعودة الجنرال الذي سيحرق الأخضر واليابس.

 

ومن صور هذا التمهيد النيراني تلك الحملة الشرسة على اللجنة التأسيسية والتي انضم إليها كل من شيخ الأزهر (عضو لجنة سياسات جمال مبارك سابقًا)، والكنيسة (التي أعلنت تفضيلها لترشيح جمال مبارك ثم طالبت رعاياها بعدم التظاهر في التحرير)، والمحكمة الدستورية (التي عين أعضاءها ورئيسها ونائبته المخلوع مبارك)، واليساريين مدعي الثورية (الذين طالما عُينوا في حظيرة الثقافة أو شورى صفوت الشريف ومجالس إدارات صحفه)، والليبراليين مدعي الديمقراطية (الذين طالما فُتحت أمامهم أبواب خزائن المعونات الخارجية للمتاجرة بحقوق الإنسان والحيوان).

 

ومن صوره أيضًا تلك الحملة الشرسة على منافس الجنرال الأبرز المهندس خيرت الشاطر المرشح لرئاسة الجمهورية والذي قضى في سجون مبارك أكثر من عشر سنوات فلما خرج ظل يحمل هم مصر، ويعمل في صمت مع 500 خبير على مشروع نهضتها، ويسافر ويقابل ويدرس ويعد، بعيدًا عن أضواء الشهرة (عكس المقيمين الدائمين في الفضائيات)؛ فإذا بكبير اليساريين مدعي الثورية يرفع قضية على ذلك المواطن المصري النبيل الذي سجنته محكمة عسكرية ظلمًا، ليحرمه من أبسط حقوقه ألا وهو رد اعتباره، وإذا بالليبرالي القادم من بلاد العم سام يرفض ترشحه لأنه رد سجون.

 

ومن صور التمهيد النيراني الاستغاثة بالمجلس العسكري والنداءات المتتالية المنادية له بالتدخل والبقاء من كل من هيكل والغزالي حرب والبرادعي وممدوح حمزة مرورًا بـ 137 عدوًا للشعب وقعوا على بيان مشبوه.

 

ومن صور التمهيد النيراني تلك الحملة الإعلامية المدعومة بمعلومات مسربة من جهات رسمية مصرية وأجنبية لا على حازم أبو إسماعيل وحده وإنما لتشويه وشيطنة التيار الذي ينتمي إليه بصفة عامة.

 

وقد سبق هذا التمهيد النيراني تنفيذ بعض الأعمال التخريبية خلف خطوط الثبات المصرية، ومنها: معاقبة شباب الألتراس رفاق الإخوان في معارك التحرير بذبحهم وتكسير عظامهم في إستاد بورسعيد، وإسقاط البريق والهيبة والأمل في المؤسستين الوحيدتين المنتخبتين (الشعب والشورى)، وتكفير الشعب بالثورة من خلال أزمات مفتعلة كالبنزين والسولار والبوتاجاز والخبز والنقل العام وفقدان الأمن، واستدراج بعض الشباب الثائر كي يُبحَّ صوتهم وهم يهتفون ضد القوى الوطنية فلا يرفعون الصوت ضد العدو الحقيقي.

 

ويكمن الحل في نظري في سرعة اتخاذ عدة تدابير منها:

- توحيد رأس حربة الشعب المصري من المدافعين عن الحرية والكرامة وأعني بهم الإسلاميين خلف مرشح واحد.

 

- مد اليد لشباب الألتراس الأبطال وتفهم مشاكلهم ومطالبهم، وتوعيتهم بما يدبر للوطن وأهله الأحرار.

 

- التواصل والحوار مع الشباب الوطني الثائر في الائتلافات والحركات الشبابية وتوضيح الرؤى للتعاون فيما هو متفق عليه من ضرورة إنقاذ الثورة من الخطط الجهنمية للفلول، مع تأجيل القضايا الخلافية لما بعد الانتخابات الرئاسية.

 

- سرعة التواصل مع جماهير الشعب من خلال حملات إعلامية كثيفة والاتصال المباشر لتوضيح الرؤية وتجميع الصفوف.