أكد د. محمد عمارة المفكر الإسلامي وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن الإمام الشهيد حسن البنا هو صاحب أعظم مشروع إصلاحي في العصر الحديث فى كل مناحي الحياة، خاصةً في جانب العدالة الاجتماعية بين طبقات المجتمع.

 

ولفت د. عمارة- خلال ندوة حقوق الإنسان في الإسلام التي نظَّمتها لجنة الحريات بنقابة الصحفيين مساء أمس- إلى مشاريع البنا في الإصلاح الزراعي وسبل تطبيق أنظمة الاقتصاد الإسلامي في المعاملات، مؤكدًا أن البنا سبق النداءات والدعاوى الشيوعية للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي أيضًا.

 

وأوضح أن غياب حكومة الحزب الوطني عن العمل الجدي لإدارة أمواله في سبيل تحسين المستوى الشعبي ليس غريبًا، معللاً ذلك بأن الأنظمة العربية وحكومة الحزب الوطني خاصة حصلت على شرعيتها من الخارج وليس من الشعب والأمة؛ لذا فهي غير مهتمة بأحوال شعوبها.

 

وأكد أن القلق والخوف هما ما يدفعان الحكومة إلى فرض حصار وسجن كبير على الحركات السياسية والاجتماعية داخل بلادها؛ لمنعها من ممارسة أية أنشطة ولو إنسانية، وتمنع حتى لا يكون للمواطن حق السيادة على نفسه.

 

وطالب بتكاتف الشعوب العربية والإسلامية؛ للضغط على الأنظمة والحكومات بتحرير إرادتهم، وخلع رداء التبعية للأجندة الغربية الصهيوأمريكية، وكسر قضبان السجن، وفك الحصار لتحرير الوطن.

 

وأضاف: لا يمكن أن يكون هناك مواطن حر داخل وطن سجين ومكبل بالأغلال، وأوضح أن الحرية لا تقف عند حرية المواطن، بل يجب تحرير الوطن ككل، مطالبًا الجيل الحالي بالدفاع عن أوطانه؛ حتى لا يكون جيلاً للعار يشهد تهويد القدس وتخريب الأقصى.

 

وناشد الحكومة تطبيق شورى المؤسسات الملزمة على أصولها، وقال: الشورى إحدى الفرائض والواجبات الرئيسية في حماية وحفظ حقوق الإنسان؛ لأنها تحقق مشاركة الشعب في صناعة القرار على قواعد العدل والأمانة والصدق والاحترام.

 

وأشار إلى أنه في عهد النبي أنشأ المسلمون مجالس نيابية، منها مجلس شورى مكون من 70 صحابيًّا وهيئة دستورية تتكون من المهاجرين، و10 نقباء قامت عليهم الدولة الإسلامية، وهم وزراء الدولة حديثًا.

 

وأوضح أن المواثيق والقوانين الدولية التي أعدَّها الغرب لحماية حقوق الإنسان موجودة لدى المسلمين قبل 14 قرنًا، لكنَّ الإسلام تميَّز بفلسفة متفردة في المحافظة على حقوق الإنسان، فجعلها فرائض لا يجوز لأصحاب الحقوق التنازل عنها بأية حال من الأحوال، سواءٌ باختيارهم أو رغمًا عنهم.

 

ولفت إلى أن حق الحياة في الغرب ليس له ضابط للمحافظة عليه، فقد يتنازل المواطن الغربي عن نفسه فينتحر، بينما في الإسلام حق الحياة وحفظ النفس من المهلكات ضرورة وفريضة وواجب، لا يجوز التنازل عنه، موضحًا أن طلب العلم فريضة أيضًا لا يجوز التنازل عنه.

 

وأضاف أن المشاركة في حقوق الناس ومشكلاتهم وآلامهم في محاولة للتخفيف عنهم ودفع المكروه فريضة وواجب لا يجوز التنازل عنه، مستشهدًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم".

 

وأكد أن الحرية للإنسان أصل وواجب وفريضة لا يتنازل عنها مهما كانت الأسباب، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)﴾ (النساء).

 

وشدَّد على أن فلسفة الحقوق في الإسلام تمنع التعرُّض بأي شكل من الأشكال للقسوة، مشيرًا إلى الخلل في الأنظمة الغربية في تطبيق مواثيقها وقوانينها لحماية الحقوق مع تفريقها بين الأبيض والأسود، وما أعطته لنفسها من الحق في إبادة الشعوب الأخرى والاعتداء عليها دون أسباب، بينما لا يحق الاعتداء على أفرادها البيض فقط بأيّ شكل من الأشكال.

 

وأوضح أن الإسلام الدين الوحيد الذي لم يعرف العنصرية؛ لأنه دعا إلى أن الناس سواسية كأسنان المشط، واستشهد بقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد شراء سيدنا أبي بكر الصديق سيدنا بلالاً بن رباح من رق أمية بن خلف وعتقه: "سيدنا أعتق سيدنا"، مشيرًا إلى أن الحكمة من تشريع كفارة تحرير رقبة مقابل القتل الخطأ هي منح حياة لآخر بإخراجه من الرقِّ والعبودية.

 

وأكد أن أقوال المستشرقين بأن الدين الإسلامي انتشر بحدِّ السيف خطأ وغير صحيح، فالإسلام طوال قرونه لم يسمح سوى بالحرب المشروعة التي تمثلت في الدفاع عن النفس والأرض والمال أو سرايا نشر الإسلام، مشيرًا إلى خطوات الإسلام في منع الرق تدريجيًّا بإلزام سيده بعدم تكليفه ما لا يطيق وعدم إيذائه نهائيًّا؛ حتى أصبح الرقُّ مكلفًا وعبئًا ماليًّا على السيد ما تبعه تحرير الرقيق جميعًا في ظل الإسلام.