• لا يزال النظام الذي سقطت شرعيته بالمسيرات والمظاهرات المليونية في القاهرة ومعظم عواصم المحافظات لا يزال يتحدي الناس، ويعاند إرادتهم فبدلاً من أن يرحل الرئيس ليتهيأ المناخ لانتقال سلمي للسلطة يخرج في مشهد مستفز في اجتماع مع بعض معاونيه، ومنهم ذوو الوجوه الكريهة للشعب، ليثبت أن الأمر لا يزال بيده، وأنه يمارس السلطة ويباشر الحكم، الأمر الذي من شأنه أن يدفع المتظاهرين الثائرين إلى تصعيد جديد.

 

• ومن مشاهد الاستفزاز أيضًا أن تنشر الصحف الحكومية على لسانه أنه يقدم العزاء لأسر الشهداء في استخفاف شديد بعقول الناس، إذًا فمن الذي قتلهم؟ أليس مسئولاً بشخصه عن كل شهيد وجريح ومعتقل ومعذب ومفقود منهم، أليس رئيس السلطة التنفيذية التي تأتمر بأمره وتتباهى بتنفيذ توجيهاته؟

 

• ثم نسمع أنه شكل لجنة قانونية لاقتراح تعديلات دستورية- في الدستور الذي أفسده- ومع احترامنا لأعضاء هذه اللجنة، فإننا نرى أنها لجنة غير شرعية لأنها مكونة بقرار من رئيس فاقد للشرعية.

 

• ونحن لا نزال نرى في القرارات التي يصدرها هذا الرئيس غير الشرعي محاولة مستميتة للالتفاف على إرادة الجماهير، وكسب الوقت للتشبث بالسلطة وإبقاء النظام، وإلا فهل يكفي إقالة بعض مسئولي الحزب الوطني، وهم الذين أفسدوا الحياة السياسية والاقتصادية، وهم الذين زوروا انتخابات المجالس النيابية والمحلية تزويرًا فاضحًا شاهده وشهد به الجميع في الداخل والخارج ثم خرجوا يتباهون بالنصر، وقد مرغوا سمعة مصر في الرغام، وقهروا إرادة شعبها الصبور، ألا يستحق كل من اقترف هذا الجرم المحاكمة والإدانة؟ ثم ألم يقرهم الرئيس على ذلك؟ وهل يكفي تقديم بضعة أشخاص ككبش فداء للفاسدين والمفسدين، فأين الآلاف الآخرون ولماذا يتم التستر عليهم؟ إن كل ملفات الفساد لا بد أن تفتح فالشعب هو صاحب السيادة وصاحب السلطة، وصاحب الثروة وصاحب الحق في العلم والمعرفة.

 

• إن الأموال المنهوبة والتي ظهر طرف منها تكفي لسداد ديون مصر كلها، وتكفي لإقامة دعائم اقتصاد قوي يكفل للناس عملاً لكل عاطل وأجرًا كريمًا لكل عامل وكفالة عزيزة لكل عاجز، وتنهض بالوطن وتحرره من الفقر والمساعدات الأجنبية، وما يتبعها من ذلة وتبعية، ولذلك فالشعب لن يسكت عن حقوقه المنهوبة حتى تعود إليه، ولا عن الناهبين حتى يقتص منهم.

 

• إن الإفراج عن المسجونين السياسيين والمعتقلين وخصوصًا المعتقلين بسبب التظاهرات الأخيرة محك حقيقي للجدية والمصداقية.

 

• ليس من الكرامة أن يبقى رئيس جاثمًا فوق صدور شعبه رغم طوفان المقت والكراهية الذي يكنه هذا الشعب لهذا الرئيس، لذلك فكل من يزعم حرصه على كرامة الرئيس عليه أن يسعى لرحيله حفاظًا على مصالح الشعب والوطن.

 

• أما آن لإعلاميي السلطة أن يثوبوا إلى رشدهم ويوقظوا ضمائرهم وينحازوا إلى أهلهم ويثبتوا ولاءهم لأمتهم ووطنهم ويلتزموا بأمانة الكلمة واستقامة القصد بعيدًا عن توجيهات النظام وإملاءاته؟

 

• إن شعبنا قد شب عن الطوق وعادت إليه الروح والوعي ولن تخدعه الإجراءات المحدودة التي يجريها المسئولون، ولن يفقده صبره وإصراره على تحقيق مطالبه مهما كانت التضحيات.

 

﴿وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: من الآية 21).

 

الإخوان المسلمون

القاهرة في: 5 من ربيع الأول 1432هـ= 8 من فبراير 2011م