الشيخ ذكر الله الشافعي:

- المسلمون يمثلون 75% من الشعب النيجيري

- الفاتيكان والغرب يدعمون أعمال التنصير

- النصارى يدفعون 10% من دخلهم لدعم الكنائس

- الصهاينة يستخدمون الأقليات لإثارة الفتن

- انفصال جنوب السودان يعزلنا عن الشمال المسلم

 

حوار: أحمد الجندي

شهد 1944م غرس البذور الأولى لدعوة الإخوان المسلمين في نيجيريا، حين التقى الشيخ آدم عبد الله الإلوري بالإمام الشهيد حسن البنا أثناء دراسته بالأزهر الشريف، وتعرَّف على جماعة الإخوان المسلمين، ونهل من معينها، وتتلمذ على يد مؤسسها رحمه الله.

 

وتوالت بعدها زيارات أعلام الدعوة إلى نيجيريا في الخمسينيات أثناء فترة محنة الجماعة؛ ليكملوا ما بدأه الإلوري، وفي الفترة من 1980 إلى 1985 بدأ تأسيس عمل إسلامي منظَّم بولايات نيجيريا، إلا أنه لم يكن هناك تنسيق بين كل المجموعات التي تعمل في نيجيريا، فكانت كل ولاية تعمل بشكل مستقل، حتى عام 1995م، الذي عرف التنسيق بين كل المجموعات العاملة في ولايات نيجيريا، باسم جماعة المجلس الإسلامي.

 

ومن أبرز الذين حملوا همَّ الإسلام والمسلمين في نيجيريا ووسط إفريقيا الشيخ ذكر الله الشافعي، مسئول جماعة المجلس الإسلامي بنيجيريا "الإخوان المسلمين"، والمسئول التربوي للتجمع الإسلامي في نيجيريا، والذي يشمل "المجلس الإسلامي، والتضامن الإسلامي، والتجديد الإسلامي".

 

تعرَّف الشافعي على دعوة الإخوان المسلمين عام 1984م، ويقيم حاليًّا بمدنية "لاجوس" العاصمة القديمة لنيجيريا التي تقع في الجنوب النيجيري.

 

خلال زيارته إلى القاهرة لحضور افتتاح المركز العام للإخوان المسلمين، التقي به (إخوان أون لاين) في هذا الحديث الصحفي:

دعوة الإخوان

* بدايةً.. متى بدأ العمل الإسلامي المنظم في نيجيريا؟

** قديمًا كان الإخوان المسلمون في نيجيريا يعملون بشكل منفصل في الولايات النيجيرية، كل مجموعة على حدة، وعندما جاء بعض الإخوة المصريين إلى نيجيريا عام 1995م نظَّموا العمل بشكل أكثر وبدءوا بالتنسيق بين هذه المجموعات ثم دمجها.

 

* ما أبرز المناطق التي يوجد بها الإخوان المسلمون في نيجيريا؟

** يوجد الإخوان في أغلب الولايات النيجيرية الـ36، وخاصةً الولايات الشمالية والجنوبية، أما الولايات الشرقية فالعمل الإسلامي بها ضعيف جدًّا؛ لأن الأكثرية فيها نصارى وأعداد المسلمين قليلة جدًا.

 

* ما النسبة الحقيقية للمسلمين في نيجيريا؟

** المسلمون يمثلون 75% من الشعب النيجيري، وهذه الإحصائية هي الصحيحة، أما من يقول إنهم 55% أو 60 % فهم يزيفون الحقائق.

 

ضعف الأغلبية

* لماذا إذن لم تفرز هذه الأكثرية رئيسًا مسلمًا للبلاد؟

** لأن تأثير المسلمين في نيجيريا ضعيف جدًّا نتيجة الفرقة والخلاف الموجود بينهم، ففي الانتخابات الرئاسية السابقة تقدَّم 3 مرشحين مسلمين، ومرشح نصراني، ولم تفلح جهودنا في توحيدهم والاجتماع على مرشح واحد، وهو ما أدى إلى تفتيت الأصوات وفوز المرشح النصراني.

 

وهذا لا يمنع وجود حالات تزوير متعددة في تلك الانتخابات وشراء للأصوات ودفع المال للفقراء للتصويت للنصارى، كما أن الدعاية الانتخابية النصرانية قوية، وتحرِّض الناس على عدم انتخاب المسلمين، من خلال رسائل الجوال التي تقول: "إذا كنت نصرانيًّا لا تنتخب مسلمًا"، هذا بالإضافة إلى أن الحكومة الفيدرالية هي التي تعيِّن المشرف على الانتخابات، ورغم أنه مسلمٌ فإنه تابعٌ للحكومة وينفِّذ أوامرها، كما أن مسلمي نيجيريا لا يتكلَّمون بصوت واحد، ودائمًا أصوات الأفراد لا تُسمع، وصوت المجموع مسموعٌ، ثم مشكلة ضعف الثقافة الإسلامية عند المسلمين، فإذا كان أحد المسلمين يتكلم لا تجده يتكلم نيابةً عن الإسلام؛ لأن أفكاره علمانية إلحادية فهو مسلم فقط بالاسم.

 

بالإضافة إلى انتشار الجهل والفقر، فالمسلمون ليس لديهم ثقافة العصر في التعليم، لكي يستطيعوا أن يصلوا إلى مناصب قيادية، كما أن اللغة الرسمية هي الإنجليزية، والكثير من المسلمين لا يعرفونها، فإذا لم تتحدث الإنجليزية فإن الحكومة لا تعتبرك مواطنًا.

 

والمسلمون في الدول العربية والإسلامية لم يساعدوا النيجيريين في أن يكون لهم صوت مسموع مثلما يفعل النصارى في الغرب، ومن المعروف أن الفاتيكان والدول الغربية يدعمون نصارى نيجيريا ويمولونهم، وآثار الاستعمار الإنجليزي لا تزال موجودةً حتى الآن في نيجيريا، وتبرز في استيلاء الأقلية على خيرات البلد والمناصب العليا.

 

* وهل هناك أسباب خارجية لهذا الضعف؟

** هناك مخططات كثيرة لأعداء الإسلام للتفريق بين المسلمين "بسياسة فرق تسد"؛ لأنهم يرون أن اتحاد المسلمين يشكِّل خطرًا عليهم، ويمنع استفادة المسلمين من قوتهم.

 

وقد أسهم تجاهل الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية للمسلمين في نيجيريا وتبعيتهم للغرب وتنفيذ أجندات الدول الغربية بشكل كبير في ضعف مسلمي البلاد، وأصبحت الأنظمة تخاف أن تمول المسلمين النيجيريين حتى لا تتهم بدعم الإرهاب.

 

وقد بذل الإخوان المسلمون في نيجيريا جهدًا كبيرًا لإنهاء تفرق المسلمين والعصبيات بين مسلمي الشمال والجنوب وتوحيد الرؤى، ونجحوا نسبيًّا في ذلك، إلا أننا ما زلنا نواجه أيضًا مشكلات انتشار الجهل والأمية بين المسلمين في نيجيريا.

 

تنصير

* أشرت إلى الفاتيكان.. فما دوره في نيجيريا؟

** يدعم الفاتيكان المنظمات التنصيرية في نيجيريا، والتي تلعب دورًا كبيرًا خاصةً في الولايات الجنوبية؛ لدرجة أن عدد الكنائس في لاجوس أكثر من المساجد، وتوجد منظمة "كان" التنصيرية، والتي تعدُّ أقوى كيان في نيجيريا؛ لدرجة أن الحكومة تسير وراءها حتى لو كان الرئيس مسلمًا، وتستغل الفقر الذي يعاني منه مسلمو نيجيريا لتنصيرهم.

 

كما أنها تعمل على إشعال الفتنة في البلاد دائمًا، فعندما حدثت مشكلة في الانتخابات السابقة شكَّلت الحكومة لجنةً رئيسها شخص مسلم اسمه "أحمد ليمو"، ولكن هذه المنظمة قادت النصارى إلى رفض هذه اللجنة، وهو ما قابله المسلمون بالتمسك باللجنة.

 

وترعى تلك المنظمات حملات تطرق البيوت، ويتحدثون مع الناس ويوزعون النشرات، وينظمون قوافل إغاثية للفقراء لاستغلال فقرهم وتنصيرهم، وقوافل طبية وعلاج العيون بالمجان في الأرياف والمدن، ويقدمون منحًا دراسيةً مجانيةً، كما أن لديهم مدارس خاصة ومستشفيات ينصرون من يلتحق بها، ولديهم جريدة خاصة بهم، وبرامج إذاعية وفي التلفاز، ويمتلكون مراكز إذاعية يستخدمونها في نشر أفكارهم والترويج للتنصير.

 

كما أن النصارى يمتلكون مؤسساتٍ تجاريةً كبيرةً، ومراكز البترول كلها مملوكة لهم، ويدفعون 10% من دخولهم إلى الكنائس ولصالح التنصير إلى جانب دعم الفاتيكان، والمؤسسات التنصيرية العالمية في أمريكا وأوروبا.

 

وقد تندهش إذا علمت أن الدستور النيجيري دستور بريطاني نصراني، فعندما خرج الاستعمار خرجت الأجسام فقط وبقيت القوانين النصرانية ولم تتغير حتى الآن؛ لدرجة أن العطلة الأسبوعية في نيجيريا يومي السبت والأحد.

 

* وماذا تعني بذلك؟

** أن عطلة النصارى الكاثوليك السبت، وبقية النصارى عطلتهم يوم الأحد، فيوم العطلة الرسمية لا يتوافق مع أغلبية سكان البلد من المسلمين، ولكن سيطرة النصارى أدت إلى تغولهم على حقوق المسلمين.

 

* كم عدد الديانات في نيجيريا؟

** هناك ديانات كثيرة، ولكن أشهرها "الإسلام، والنصرانية، والوثنية"، ومن هذه الثلاث تنحدر ملل ونحل أخرى كثيرة.

 

بؤرة الصهاينة

* هل هناك تدخلات صهيونية في الشأن النيجيري؟

** نعم، فالصهاينة لهم مؤسسات كثيرة في نيجيريا، ويمتلكون مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية التي اشتروها من الحكومة أو أعطيت لهم مجانًا، والرئيس النيجيري تابع لهم، ويستخدمون النصارى لإثارة الفتن داخل نيجيريا.

 

* هل أوضاع المسلمين في غرب ووسط إفريقيا مشابهة للوضع النيجيري؟

** الوضع في دول "غانا، كاميرون، ساحل العاج، توجو، تشاد، بنين " يكاد يكون مماثلاً للوضع في نيجيريا، حتى إن الوضع في نيجيريا يعدُّ أفضل من وضع المسلمين في بعض الدول، مثل "بنين، توجو، كاميرون"، فالمسلمون أكثرية ولكن النصارى أسكتوهم.

 

* هل أثر انفصال جنوب السودان في دول وسط إفريقيا؟

** لا شك أن انقسام أي بلد إسلامي لا بد أن يؤثر في دول جواره، خاصةً أنه كان هناك تعاون كبير بين السودان ودول وسط إفريقيا، ويقيم بالسودان حوالي 10 ملايين نيجيري، وشكَّل علماء إفريقيا لجنةً ذهبت للسودان قبل الاستفتاء على انفصال الجنوب؛ لمحاولة رأب الصدع وتوحيد السودانيين، ولكن الضغوط الأمريكية على السودان حالت دون نجاح الوفد في تحقيق المهمة.

 

بالإضافة إلى أن انفصال دولة جنوب السودان النصرانية يعزِّز من قوة النصارى في المنطقة، ويعزل دول الشمال العربي المسلم عن دول وسط إفريقيا ذات الأغلبية المسلمة، فضلاً عن سيطرة النصارى على خيرات الجنوب السوداني، وخاصةً البترول، وحرمان هذه الدول الفقيرة من أي مساعدات كان يمكن أن تصل إليها عبر السودان، وكذلك اتخاذ الكيان الصهيوني سفارةً في جنوب السودان وهذه مصيبة؛ لأنها ستكون مركزًا للصهيونية في إفريقيا، لضرب الإسلام في دول وسط إفريقيا.

 

واجب عربي إسلامي

 الصورة غير متاحة

 الشيخ ذكر الله الشافعي

 * ما الذي يطلبه النيجيرون من الدول العربية والإسلامية؟

** يحتاج النيجيرون إلى الدعم العربي الإسلامي، خاصةً في المجال التعليمي والتربوي، وتقديم المناهج التربوية باللغتين العربية والإنجليزية، والإكثار من البرامج التربوية الموجهة إلى نيجيريا، إلى جانب إعادة تفعيل الدور الإغاثي، الذي كانت تقدمه المؤسسات الخيرية العربية، مثل مؤسسات "الندوة، الحرمين، الإغاثة"، والتي توقفت عن العمل بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م، ولم يتبقَّ منها إلا مؤسسة الندوة التي تقدم خدماتٍ ضعيفةً إذا ما قورنت بوضعها في السابق، والمساهمة في بناء المدارس الإسلامية والمساجد، ومراكز رعاية الأيتام والأرامل وتحفيظ القرآن الكريم.

 

هذا بالإضافة إلى المساعدة في تأسيس مراكز إذاعيه إسلامية، ودور لطباعة الكتب الإسلامية؛ لأنه لا يوجد في نيجيريا طباعة كتب إسلامية، ومراكز إذاعية، ونحتاج إعادة تنشيط المنح الدراسية كما كانت سابقًا، وتوعية الشباب المسلم في نيجيريا سياسيًّا، ودعم العمل السياسي الإسلامي؛ لأن تأسيس حزب في نيجيريا يتكلَّف الكثير.