رسالة من: أ.د. محمد بديع- المرشد العام للإخوان المسلمين

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد..

 

فيقول الله تعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) (الحج: 27).

الحج الركن الخامس في الإسلام وهو يذكرنا بيوم الدين؛ حيث يخلع المسلم الدنيا من على جسده، ويطهره بالاغتسال، ويطهر القلب بالتوبة والاستغفار، ويلف الجسم بثوب أبيض كالأكفان، ويعلن في تبتل وخشوع وخضوع التوحيد الخالص، والإقرار التام بأن النعمة كل النعمة من الله تعالى؛ ومن ثَمَّ فإن الحمد كل الحمد لله وذلك في تلبية الحجيج بصوت مرتفع: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك".

 

الحج والتلبية قديم قدم التاريخ:

إن الحج رحلة تصل المسلم بأعماق التاريخ، وتربطه بالنداء الأول لأبيه إبراهيم عليه السلام، وهذه التلبية يتوارثها الناس منذ أبي البشر آدم عليه السلام، فقد رُوِيَ أنه أول من لبَّى ومن بعده لبَّى جميع الأنبياء والمرسلين ومن اتبعهم من عباد الله الصالحين، إلى أن بعث الله إبراهيم عليه السلام، وكان البيت قد اندثر، فأمره الله عز وجل برفع البيت وتطهيره (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (البقرة: 125).

 

وبعد أن فرغ من بناء البيت، قيل له: "أذِّن في الناس بالحج، قال: يا رب! وما يبلغ صوتي؟ قال: أذن وعليَّ الإبلاغ. فصعد إبراهيم خليل الله جبل أبي قبيس، وصاح: يا أيها الناس! إن الله قد أمركم بحج هذا البيت ليثيبكم به الجنة، ويجيركم من عذاب النار، فحجوا، فأجابه من كان في أصلاب الرجال وأرحام النساء، منادين ربهم من عالم الذر: لبيك اللهم لبيك!، فمن أجاب يومئذ حج على قدر الإجابة، إن أجاب مرة فمرة، وإن أجاب مرتين فمرتين، وجرت التلبية على ذلك"، على نسق الحنيفية السمحة، وبقيت من بعده آثار تلك التلبية متوارثة، فقد كانت العرب إذا لبت وهللت قالت: "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك... إلا شريك هو لك.. تملكه وما ملك" يحرفون التلبية ويلبسون بها الشرك بالله.. تعالى الله عما يقولون عُلوًّا كبيرًا.

 

ثم كانت بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وبحجه أكمل الله الدين، وأتمَّ علينا النعمة: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3).

 

إن لبيك لله لبيك معناها "إجابةَ محبٍّ لدعوة حبيبه؛ ولهذا كان للتلبية قبول عند الله، وكلما أكثرَ العبدُ منها كان أحبَّ إلى ربه؛ ومن ثَمَّ فهو لا يملك نفسه فيظل يهتف: "لبيك لبيك" حتى ينقطع نَفَسُه.

 

البيت الحرام هداية وأمنًا للناس أجمعين:

إن الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله للناس أجمعين، وكل ما فيه خير للعالمين، وما أجمل هذا الدين حين يعلن أن النبي صلى الله عليه وسلم رحمة الله عز وجل للعالمين: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107). وعن بيت الله الحرام يقول الله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) (الحج: 96). يُخْبر الله تَعَالَى أَنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضع لِلنَّاسِ، أَيْ: لِعُمُومِ النَّاسِ، لِعِبَادَتِهِمْ ونُسُكهم، يَطُوفون بِهِ ويُصلُّون إِلَيْهِ ويَعتكِفُون عِنْدَهُ.

 

وهُدى للعالمين وليس هدى للمسلمين فقط، وهذه الهداية لا تتحقق إلا إذا كان البيت موضعاً للطاعات، وقِبْلَةً للخلق، في الصلوات، وموضِعاً للحجِّ.

 

أما شرف انتماء أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام فقد حاول اليهود والنصارى ضمه إليهم تشرفًا به، فرد الله تعالى عليهم بقوله الفصل، وبشرف انتمائنا نحن لأبينا إبراهيم فهو الأب الذي سمانا المسلمين.. الاسم الذي به نعرف بين كل الناس.

 

وحين يتحدث القرآن الكريم عما اختص الله به البيت من الأمن قال تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا) (البقرة: 125). بل إن الكعبة قيام الناس وقوام العالم: (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ) (المائدة: 97). لقد جعل الله بيته الحرام قياماً للناس، فهو عمود العالم الذي عليه بناؤه، وإن سعادة العالم وأمنه واستقراره لن يتحقق إلا إذا ظللته شريعة الإسلام الذي تكفل الله بحفظها؛ لتفيء إليها البشرية كلما أنهكتها الحروب والاحتلال والسيطرة على مقدرات الشعوب ونهبها، كما أنه رحمة للشعوب من طغيان الحكام واستبدادهم، وهو سبيلهم الوحيد لتحقيق العدل والمساواة والكرامة والعزة والعدالة الاجتماعية.

 

الرباط القرآني والتاريخي بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى:

إن المسجد الحرام قرين المسجد الأقصى، لا ينفك أحدهما عن الآخر، وإذا ذكر المسجد الحرام ذكر الأقصى، قال الله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) (الإسراء: 1). ووصف الله البيت الحرام بأنه: (مُبارَكًا) ووصف المسجد الأقصى بقوله: (بَارَكْنَا حَوْلَهُ) كما أن بناء المسجد الأقصى تم بعد بناء البيت الحرام، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ قَالَ: "الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ". قُلْتُ: ثُمَّ أَيَّ؟ قَالَ: "الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى". قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: "أَرْبَعُونَ عَامًا، ثُمَّ الْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ، فَحَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ".

 

وجاء المسجد الأقصى تاليًا للمسجد الحرام في المساجد التي تُشَدُّ إليه الرحال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلاَّ لِثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِد الْحَرَامِ، والمسْجِدِ الأقْصَى، ومَسْجِدِي هَذَا".

 

إن المسجد الأقصى في حياة الأمة الإسلامية ليس مجرد ذكريات من التاريخ يمحوها الزمن برياحه العاتية، أو ينساه المسلمون بطول الاحتلال، ولكن القدس والمسجد الأقصى محفوران في أعماق المسلمين، وحبه وتقديسه يسري في شرايين المؤمنين، وعقيدة تملأ القلوب، ولا تقبل المساومة عليها، وتهون في سبيلها كل التضحيات بالنفس والمال، ووالله إنها لأحب إلينا من نفوسنا التي بين جنبينا، وفي سبيلها لن يبخل أي مسلم بروحه فداء لها.

 

أهمية المسجد الأقصى:

أيها العالم أجمع: اعلموا أن المسجد الأقصى يستمد أهميته عندنا من ثوابت عديدة، منها:

 

أولاً: هو القبلة الأولى للمسلمين، وظل الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون يتجهون إليه بعد الهجرة ما يقرب من ستة عشر شهراً حتى نزل قوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام) (البقرة: 144).

 

ثانيًّا: المسجد الأقصى بوابة السماء، فكان إليه مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنه كان معراجه إلى السماوات العُلى.

 

ثالثًا: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وإمامته للأنبياء، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتيت ليلة أُسْرِيَ بي بدابة فوق الحمار ودون البغل، خطوها عند منتهى طرفها.. كانت تسخر للأنبياء قبلي، فركبته معي جبريل فسرت، فقال: انزل فصَلِّ. ففعلت.. فقال: أتدري أين صليت؟ صليت بطيبة وإليها المهجر إن شاء الله. ثم قال: انزل فصَلِّ. ففعلت فقال: أتدري أين صليت؟ صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى، ثم قال: انزل فصَلِّ. فصليت فقال أتدري أين صليت؟ صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى. ثم دخلت بيت المقدس فجمع لي الأنبياء عليهم السلام، فقدمني جبريل فصليت بهم".

 

رابعًا: المسجد الأقصى من المساجد الثلاثة التي تُشَدُّ إليها الرحال. وهذا يعطي الحق لكل مسلم على ظهر الأرض بأن يشدّ إليه الرحال، ويحج إليه، كما يشد الرحال إلى المسجد الحرام والمسجد النبوي، وإن هذا ليوجب على المسلمين أن تكون هذه المنطقة في حماية ورعاية المسلمين، وفي حوزتهم حتى يكون طريق المسجد الأقصى آمنة، ومفتوحة أمامهم، يشدون الرحال إليه، ولا يصدهم عنه أحد.. وإذا كان لهؤلاء في تلك الديار مقدسات يعظمونها ويحجون إليها، فإن الإسلام يحترمها، ويحافظ عليها؛ فإن الإسلام هو الدين الوحيد الذي تعيش في كنفه بقية الأديان دون إكراه لها على غير ما تعتقد؛ لأنه يُقِرّ بها، ويسمح لأصحابها بأداء شعائرهم.

 

خامسًا: القدس وفلسطين أرض وبلاد إسلامية فتحها المسلمون الأوائل، والقدس خاصة قد تسلم مفاتيحها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصلى فيها، وائتمنه كل القساوسة والرهبان على كنيسة القيامة، وضرب من آيات التسامح ما سجلته كتب التاريخ، حيث إنه رفض أن يصلي في كنيسة القيامة، خوفًا من أن يأتي يوم يقول المسلمون: "إن عمر الفاروق صلى هنا"، فيقتطعون من الكنيسة مسجدًا لهم، فخرج عمر من كنيسة القيامة وصلى خارجها.

 

وبقيت تلك البلاد في حوزة المسلمين حتى عصرنا هذا، ولم تكد تخرج من تحت سيطرتهم إلا بضع عشرات من السنين على فترات متباعدة، ثم لم يلبث أن يستردها المسلمون ويرتاح ويسعد جميع أهل هذه البلاد بعدل وسماحة الإسلام.

 

لكل ما سبق فإن إجماع علماء المسلمين على أن القدس إسلامية وملك لجميع المسلمين، ولا يملك أحد الصلاحية في التنازل عن شيء منها، وأن الجهاد فرض على جميع المسلمين لاستردادها، يستوي في ذلك المسلم العربي وغير العربي، فالجميع مطالب بصيانة مقدساته، وفي مقدمتها أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم ومعراجه.

 

ولا ينسى العالم ولا الصهاينة بشكل خاص موقف السلطان عبد الحميد رحمه الله من أنه لا هو ولا غيره من الملوك أو السلاطين أو الأمراء يملك التنازل أو بيع شبر من أرض فلسطين ولو بكنوز الدنيا؛ لأنها وقف إسلامي عالمي.

 

أيها العالم أجمع..

أيها المسلمون في كل مكان..

أيها الصهاينة الغاصبون والمعتدون على مقدساتنا..

 

إن كل قطرة دم أريقت بيد الصهاينة على أرض فلسطين الحبيبة، سوف يقتصّ الله تعالى منهم بسببها مهما تطاول الزمن، أو مرت عليها السنون: دم مذبحة دير ياسين، ومذبحة الحرم الإبراهيمي، وقانا في جنوب لبنان، ودماء أسرى سيناء، والدماء على هضبة الجولان، وفي غزة والضفة، فما من شبر على أرض فلسطين إلا وقد رُوِيَ بدماء الشهداء، وإن هذه الدماء لا تضيع عند الله عز وجل: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ)  (إبراهيم: 42). وإذا أملى الله لهم حينا من الدهر، لكنهم لن يفلتوا من يد القدرة، بعد أن يطف الصاع، كما فُعِل بأسلافهم من قبل..

 

(وإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ العَذَابِ) (الأعراف : 167).

 

الشرائع تقرر دفع الظلم والتخلص من المحتل:

أيها المسلمون: لقد أذن الله لعباده المؤمنين بأن يدفعوا عن أنفسهم الظلم ويرفعوا الضيم، ووعد بنصرهم: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج: 39 -40).

 

لقد آن الأوان للأمة الإسلامية أن تجتمع على قلب رجل واحد من أجل القدس وفلسطين بعد أن طغى اليهود في البلاد وأكثروا في العالم الفساد، وأراقوا دماء العباد، وداسوا الحرمات والمقدسات، ودنسوا بأفعالهم حتى مقدساتهم هم، وزادوا في طغيانهم بأن جعلوا من المسجد الأقصى مُصلّى لليهود، ويريدون أن يقتسموه مع المسلمين، فإن قبلنا ذلك كانت الخطوة التالية بهدمه وبناء الهيكل عليه، ومكرهم هذا إلى بوار، وسيرتد إلى نحرهم ويخلص الله الأرض من رجسهم وفسادهم.. فأين هذا الإجرام من محافظة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على مكانة المسجد الأقصى الحبيب.

 

وليعلم المسلمون وليستيقن المؤمنون أن استرداد المقدسات وصون الأعراض والدماء من أيدي يهود لن يتم عبر أروقة الأمم المتحدة، ولا عبر المفاوضات.. فالصهاينة لا يعرفون غير أسلوب القوة، ولا يرجعون عن غيهم، إلا إذا أُخِذُوا على أيديهم، ولن يكون ذلك إلا بجهاد مقدس، وتضحيات غالية وكل صور المقاومة.. ويوم أن يستيقنوا من أننا سنسلك هذا السبيل، ونرفع علم الجهاد في سبيل الله، وسنتقدم إلى ميدان الجهاد، إن ذلك سوف يكفّ أيديهم ويمنع طغيانهم.. ولذلك قال ربنا عز وجل أن إعداد صور القوة "قوة الإيمان، وقوة الوحدة، ثم قوة الساعد والسلاح" هو الردع (وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ومِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وعَدُوَّكُمْ وآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) (الأنفال: 60).

 

أيها المسلمون: كونوا على يقين في وعد الله عز وجل مهما كانت العقبات، وتأكدوا من وعيد الله تعالى مهما كان إجرام وطغيان أعداء هذا الدين مهما كانت الشدائد، واعلموا أن بزوغ الفجر وإشراقة الشمس آتية، والأمل في الله سبحانه وتأييده لنا ونصره قريب، ولننشد معًا هذه الأبيات:

 

ستشرق الشمس لا تجـزع لغيبتها              ويبزغ الفجر فوق السهل والنجد

وترجع القدس تزهو في مآذنــها                وعد الإله الكريم المنعـم الصمد

 

فكما أن سنن الله تعالى في الفجر بعد الليل سنة كونية لا تتبدل، فللَّه سنن في التدافع وتبادل السلطة وإيتاء الملك ونزع الملك (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وتَنـزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران: 26)، (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (يوسف: 21).

 

والله أكبر ولله الحمد.

القاهرة في: 25 من ذي القعدة 1433هـ، الموافق 11 من أكتوبر 2012م